البيانات الختاميةمميز

البيان الختامي للدورة العادية الرابعة والثلاثين

البيان الختامي للدورة العادية الرابعة والثلاثين

للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث

المنعقدة بمدينة إسطنبول/ تركيا

 في الفترة من 27 ربيع الآخر. 1 جمادى الأولى 1445ه الموافق 11-15 نوفمبر تشرين الثاني 2023م 

تحت عنوان: “المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ومنهجه في التأصيل والتنزيل”

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أمّا بعد:

فقد انعقدت بتيسير الله وتوفيقه الدّورة العادية الرابعة والثلاثون للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث المنعقدة بمدينة إسطنبول/ تركيا، في الفترة من 27 ربيع الآخر. 1 جمادى الأولى 1445ه الموافق 11-15 نوفمبر تشرين الثاني 2023م  تحت عنوان: “المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ومنهجه في التأصيل والتنزيل” برئاسة سماحة الأستاذ الدكتور/ صهيب حسن عبد الغفار  رئيس المجلس، وبحضور أغلبية أعضائه، وعدد من أعضاء الدائرة البحثية، والضيوف، والمراقبين.

 وقد كان مقرراً أن ينظم المجلس احتفالية كبرى بمناسبة مرور ربع قرن على تأسيسه، ولكن الأمانة العامة للمجلس قررت إلغاء الاحتفالية تضامناً مع أهلنا وإخواننا في غزة الذين يعيشون تحت القصف والقتل للنساء والأطفال والمدنيين منذ أكثر من سبعة أسابيع، واقتصر اللقاء الافتتاحي للدورة على تكريم الإمام المؤسس، والسادة العلماء الراحلين من أعضاء المجلس، والذي حضره عدد من العلماء والمفتين على رأسهم: الأستاذ الدكتور علي إرباش رئيس الشؤون الدينية التركية، والأستاذ الدكتور/ عبدالرحمن حاجقلي رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية التركية، والأستاذ عبدالله بن منصور رئيس مجلس مسلمي أوروبا، وقد افتتحت الدورة بآيات من الذكر الحكيم، ثم تفضل الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/حسين حلاوة بإلقاء كلمةٍ ترحيبية بالضيوف وأعضاء المجلس، وشرح سبب إلغاء الاحتفالية وأن خطاب المجلس ورسالته تقوم على الموازنة بين انتماءين للمسلمين الأوروبيين، انتمائهم لأمتهم المسلمة تفاعلاً مع قضاياها نصرةً وإغاثةً، كقضية فلسطين قبلتهم الأولى ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم، وانتمائهم لأوطانهم الأوروبية حراسةً للقيم الإنسانية العادلة وقياماً بالمواطنة الصالحة في إطار النظم والقوانين العامة للبلاد، وأشار فضيلته إلى حرص المجلس على جعل هذه الدورة شعاراً للوفاء والعرفان للراحلين من العلماء أعضاء المجلس الذين أسسوا ودعَموا المجلس ليبلغ ما بلغ من أثر وفاعلية على الساحة الأوروبية، ثم ختم كلمته بالشكر الجزيل لتركيا على ما قدمته من تسهيلات لإقامة هذه الدورة.

 ثم ألقى سماحة الأستاذ الدكتور/ صهيب حسن رئيس المجلس كلمةً بيَّن فيها دور المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وأثره وأهميته  للمسلمين في الغرب، كما وضَّح اتساع رسالته ورسوخها عاماً بعد عام، وثمَّن جهود أعضائه وحرصهم على الحضور الفاعل رغم التحديات والعقبات قائلاً: “كانت نبتة في أرض عاصمة الضباب (لندن) وأصبحت الآن دوحة غنَّاء تنير سماء أوروبا كلها”.

ثم وجَّه فضيلته رسالةً إلى العلماء والدعاة في الغرب معدِّداً الجوانب التي يمكن أن يسهموا فيها كالإفتاء، والتوجيه الديني، والتحكيم والإصلاح الأسري، والإسهام في بناء المساجد وتعميرها، والعمل الخيري والإغاثي.    

ثم ألقى الأستاذ الدكتور علي إرباش رئيس الشؤون الدينية التركية كلمةً بيَّن فيها العلاقة الوثيقة بين المجلس ورئاسة الشؤون الدينية التركية والعمل الدائم المشترك بين المؤسستين لتوحيد كلمة المسلمين وحل مشاكلهم الفقهية وفق المنهج الوسطي المعتدل، ومن المشروعات التي أشار إليها: مشروع التقويم الهجري الموحَّد وحل إشكالية الاختلاف في تحديد بداية شهر رمضان والأعياد الدينية للمسلمين في الغرب، ومشروع مواقيت الصلاة الموحدة لمعالجة تعدد الإمساكيات ونُظم حساب مواقيت الصلاة في الغرب، والمشروع الجديد هو مدونة الأسرة.

ثم ألقى الأستاذ الدكتور/ أحمد جاب الله نائب رئيس المجلس كلمةً شرح فيها مسيرة المجلس خلال ربع قرن وأهم الخصائص والسمات التي تميز بها وهي:

  • التخصص الفقهي الإفتائي، المكمل لجهود المؤسسات الاسلامية العاملة في المجال الدعوي والاجتماعي والتربوي والإنساني.
  • التجرد عن الأغراض السياسية الخاصة والاستقلالية عن الدول والهيئات.
  • معالجة القضايا الواقعية والنوازل الحاصلة للمسلمين في أوروبا من خلال دورات متخصصة وفتاويه وتوصياته.
  • الانفتاح الفقهي على المذاهب الفقهية المعتبرة والاستفادة من جهود المجامع والهيئات الإفتائية.
  • اعتبار البعد الأوروبي في النظر الفقهي والإفتائي.
  • التعامل مع جميع مسلمي أوروبا بقطع النظر عن أصولهم العرقية واتجاهاتهم الفقهية.
  • الاستفادة من الخبراء وأهل الرأي في المجالات المختلفة: الطبي، الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي.
  • الموازنة والجمع بين الاجتهادين: الانتقائي والإنشائي.
  • العناية بالجانب التنزيلي للفتاوى.
  • المنهج المقارن مع القوانين الأوروبية.
  • العناية بترجمة النتاج العلمي للمجلس فقد ترجمت الفتاوى والقرارات إلى اللغات الآتية: الإنجليزية، والإسبانية، والبرتغالية، والإيطالية، والألبانية، وقيد المراجعة اللغات: الفرنسية، والألمانية، والتركية، والروسية.
  • الموازنة بين فقه الترخيص الشرعي القائم على الأدلة الجزئية، وفقه التأسيس القائم على الأصول الكلية.
  • الانفتاح على الساحة الدعوية في أوروبا من خلال: لجان الفتوى القطرية – دورات الأئمة.
  • التواصل مع مؤسسات المجتمع الأوروبي.
  • الاستمرارية والانتظام في العمل، المحافظة على الدورة السنوية حتى في فترة الكوفيد عبر تقنية التواصل الشبكي .
  • العناية بالتوريث المستقبلي. (مشروع الدائرة البحثية).

ثم ألقى الأستاذ الدكتور/ عصام البشير كلمةً حول موضوع الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس والتي ثَّمن فيها نتاج المجلس العلمي مشيراً إلى أن تراث المجلس الفقهي ساهم في ترسيخ الوجود الإسلامي في الغرب، ومكَّن المسلم الأوروبي من الموازنة بين العيش بدينه ومقتضيات المواطنة وواجباتها، كما حصَّن الوجود الإسلامي في الغرب من مخاطر الغلو والتشدد، والإفراط والتسيُّب، وأحدث المجلس خلال مسيرة العطاء تلك حراكاً فقهياً كبيراً دعّم بصورة مباشرة وغير مباشرة حركة الاجتهاد الفقهي المعاصر، والتجديد الفقهي المنشود.

 كما نوَّه فضليته إلى الرسائل الجامعية المتخصصة التي نوقشت حول منهج المجلس ومدى اتساقه مع أصوله وانسجام فروعه معها، وأنه بعد انقضاء هذه الفترة الطويلة من عمر المجلس وبعد هذا الإنتاج العلمي المبارك وعلى أعتاب مرحلة زمنية جديدة يقوم المجلس في هذه الدورة بمراجعات منهجية لأصوله وقواعده التي بنى اجتهاداته عليها؛ ليثبتها ويرسخها، ويبينها ويرفع اللبس عنها، أو ينقدها ويصححها.

 ثم عرض فضيلته محاور الدورة على النحو الآتي:

  1. التمذهب: كيف تعامل المجلس مع المذهبية والتمذهب، وما هي ملامح منهجه في الإفادة من المذاهب الأربعة دون الجمود عليها؟ وهل أفاد المسلمون في أوروبا من تنقل المجلس بين المذاهب، وكيف نوازن بين ضرورة المذهبية للاجتهاد والملكة، وبين تجاوز المجلس لها للاجتهاد المصلحي، وما هي معايير التلفيق بين الأقوال التي اعتمدها المجلس، وكيف تحوط المجلس من الوقوع في التلفيق المذموم أصولياً؟
  2. التيسير: إذا كان المجلس قد تبني منهج التيسير في الفتوى فما هي ضوابط هذا التيسير؟ وكيف يجيب المجلس عما وجه إلى منهجه من أنه يؤدي إلى تمييع الدين وتسطيحه؟ وأنَّ حفظ الدين على مسلمي أوروبا يناسبه التحوط والتشدد أكثر من التيسير؟ وهل وازن المجلس حقاً بين التشدد في الثوابت والقطعيات والتيسير في الفروع والجزئيات؟
  3. الاجتهاد المآلي: إلى أي مدى راعى المجلس في قراراته واجتهاداته المآلات والذرائع سداً وفتحا؟ وكيف يُقيم هذه المآلات بعد مرور ربع قرن على إنتاجه العلمي؟
  4. بين الترخيص والتأسيس: هل قام منهج المجلس أو الأقليات على الرخص والاستثناءات الممثلة في فقه الضرورة؟ أم على تأسيس الفتوى على معطيات وأسس منهجية علمية تراعي النص والواقع؟ وهل يناسب فقه الضرورات مبدأ التوطين وترسيخ الحضور الإسلامي في أوروبا، وهل يسعى المجلس في العقد الجديد إلى الانتقال من الترخيص إلى التأسيس؟
  5. مراجعة لا تراجع: هل راجع المجلس ما صدر عنه أو قيَّمه، وهل تراجع عن بعض فتاويه، وهل يلزم من المراجعة لبعض الفتاوي التراجع عن بعض الأصول التي قام عليها منهج المجلس؟
  6. بين الانتقائي والإنشائي: ركَّز المجلس منذ نشأته على الجمع بين الاجتهادين الإنشائي والانتقائي، فلماذا توسع في الاجتهاد الانتقائي من بين الأقوال والمذاهب وقلَّل من الاجتهاد الإنشائي الإبداعي؟ وكيف السبيل إلى الموازنة؟
  7. قراءة نقدية لمنهج المجلس: ما هو النقد المنهجي الذي يمكن أن يوجه للمجلس، وكيف نتعامل معه؟

ثم ألقى الأستاذ الدكتور عبدالرحمن حاجقلي رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية التركية كلمة شدَّد فيها على ضرورة رعاية خصوصية الواقع الأوروبي في الفتوى وأثر تغير الواقع في الفتوى بياناً وتنزيلاً.

ثم ألقى الأستاذ الدكتور/علي القره داغي عضو المجلس كلمةً باسم أعضاء المجلس، قدم فيها الشكر لأمانة المجلس وإدارته والعاملين فيه على جهودهم الكبيرة التي يبذلونها من أجل إنجاح أعمال ومسيرة هذا المجلس المبارك، وشكر أعضاء المجلس على احتساب عملهم وسعيهم الدائم لدعم مسيرة المجلس العلمية خلال عقدين ونصف من الزمان.

ثم ألقى الأستاذ عبدالله بن منصور رئيس مجلس مسلمي أوروبا كلمةً وضح فيها المتغيرات الكثيرة التي طرأت على الوجود الإسلامي في الغرب والتي ضاعفت من قيمة وأهمية ورسالة المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وأن المجلس يحظى بثقة أغلبية المؤسسات الإسلامية في أوروبا، ويعتبر مرجعية إفتائية لهم.

ثم تقدم رئيس المجلس وأمينه العام لتكريم الراحلين من أعضاء المجلس وقد بدأ التكريم بالإمام المؤسس العلامة الدكتور/ يوسف القرضاوي رحمه الله، وقد تسلم درع التكريم عن أسرته ولده الأستاذ/ عبدالرحمن القرضاوي والذي ألقى كلمة مؤثرة أبكت الحضور؛ حيث قرأ جزءاً من وصية والده والتي أوصى فيها المسلمين في الغرب بالاستمساك بدينهم والحفاظ على هويتهم ووحدة كلمتهم، كما أوصى بالحفاظ على المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث قائلاً:” أوصي باستمرار العناية بالمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، الذي كان تجربةً ناجحة في خدمة الأقلية الإسلامية في أوروبا، والذي أصدر من الفتاوى والدراسات ما انتفع به المسلمون، ولا سيما الأقليات في أوربا والغرب عامة، وغيرها” .

ثم تتابع تكريم بقية الأعضاء الراحلين من علماء المجلس وشيوخه وهم:

المستشار الشيخ/ فيصل مولوي رحمه الله نائب رئيس المجلس.

الشيخ الدكتور/ عبدالستار أبو غدة رحمه الله عضو المجلس.

الشيخ الدكتور/ محمد الهواري رحمه الله عضو المجلس.

الشيخ الدكتور/ أحمد علي الإمام  رحمه الله عضو المجلس.

الشيخ الدكتور/ حسين حامد حسان رحمه الله عضو المجلس.

الشيخ الدكتور/ طه جابر العلواني رحمه الله عضو المجلس.

فضيلة الشيخ/ محمد سعيد الباذنجكي رحمه الله أول أمين عام للمجلس.

فضيلة الشيخ/ حسن قره بلوط رحمه الله عضو المجلس.

    ثم توالت أعمال المجلس حيث خصص جلسته الأولى في اليوم الأول لقضاياه الإدارية، واستعرض تقرير الأمانة العامة، وتقارير اللجان الفرعية، واتخذ جملة من القرارات والتوصيات في إطار تجويد عمل المجلس وتطوير رسالته، ثم عرضت اللجنة المكلفة بتقييم أداء المجلس خلال الفترة الماضية تقريرها المفصل الذي انتهت فيه إلى تقديم رؤية مستقبلية تسهم في تحقيق الوظيفة العلمية البحثية الإفتائية للمجلس، وانتهى المجلس إلى تشكيل لجنة لصياغة الخطة الاستراتيجية والتشغيلية للمرحلة القادمة.   

  ثم أُجريت الانتخابات بتطبيق لائحة المجلس ونظامه الداخلي وكانت نتائجها كالتالي:

الشيخ الدكتور/ صهيب حسن. رئيس المجلس.

الشيخ الدكتور/ أحمد جاب الله. نائب الرئيس.

الشيخ الدكتور/ خالد حنفي. نائب الرئيس.

الشيخ الدكتور/ حسين حلاوة. الأمين العام للمجلس.

فضيلة الشيخ/أمين الحزمي. الأمين العام المساعد للمجلس.

الشيخ الدكتور/ مصطفى داداش. الأمين العام المساعد للمجلس.

ثم تتابعت أعمال المجلس العلمية بمشاركة عدد من أعضاء الدائرة البحثية والضيوف والمراقبين واستعرض جملة البحوث المتعلقة بموضوع الدورة والتى تناولت ما يلي:

  1.  الاجتهاد المآلي والمقاصدي. دراسة تأصيلية تنزيلية د/ علي القره داغي
  2.  اجتهادات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث من فقه الأقليات إلى فقه التوطين د/جاسر عودة
  3. التمذهب وما يتصل به في إطار المجتمع الأوروبي د/ صهيب حسن
  4.  المراجعات بمدركات الشرع المختلفة وقواعد الاجتهاد المعتبرة. دراسة تنزيلية في فقه الأقليات . د/ عصام البشير
  5. التيسير في الفتوى وضوابطه. د/ محمد أكرم الندوي
  6. ملاحظات حول منهج المجلس في التيسير في الفتوى د/ خالد حنفي
  7.  تقييم حول استراتيجية الفتوى للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث من جهة حماية الهوية الإسلامية. د/ أكرم كلش
  8.  بعض الملاحظات النقدية لمنهج المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث د/ مصطفى داداش

كما شارك بعض الباحثين “أعضاء الدائرة البحثية” ، والضيوف بعدد من البحوث وهي كما يلي: 

  1.  فقه الاستشراف في واقع قاري وعالمي مضطرب وسريع التغير. الشيخ صباح الدين يشاري.
  2.  الفقه الانتقائي وأثره في فتاوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث د/حفيظة ربيع
  3. الأجوبة على الأقوال والادعاءات المعادية للإسلام. د/فاتح محمد أيدين
  4.  منهج المجلس في التيسير في الفتوى وضوابطه . حماد الرحمن فهيم
  5.  منهج المجلس في التلفيق . زكريا احسيني. ياسين كواش
  6.  تعقيبات على القرارات والفتاوى الصادرة عن المجلس. مريم كوفاليفا

وتمت مناقشات مستفيضة لمضامين هذه البحوث، أعقبها مناقشة لعدد من الفتاوى، وقد تمخضت أعمال الدروة عن مجموعة من القرارات والفتاوى والتوصيات. وفيما يلي ذكر القرارات والفتاوى والتوصيات المتعلقة بموضوع هذه الدورة:

أولًا: القرارات

قرار (1/34)

الاجتهاد المآلي والمقاصدي

 أولاً: يجب ربط الاجتهاد بفقه الميزان الذي يساعد كثيراً على فهم الكتاب والسنة، ورعاية مراتب الأدلة وقوتها وموازينها، حيث إن من المنهجية الدقيقة إعطاء كل مصدر رتبته ووزنه، وكذلك إعطاء الأوزان المناسبة لما هو مجمع عليه، أو مختلف فيه، وما هو من الثوابت، أو من المتغيرات، وما هو من المقاصد أو الوسائل، وما هو من المبادئ والقواعد العامة، أو من الجزئيات.

ثانياً: يجب المحافظة والالتزام على استقلالية الاجتهاد دون تأثير خارجي، وهذا يقتضي النية الخالصة لله تعالى، والتجرد الكامل، والابتعاد عن التقليد، والتأثر بسلطة الحاكم، ورأي العامة، أو بشهوات الأنفس وأهوائها.

ثالثاً: تعميم دائرة الفقه لتشمل فقه الأولويات، وفقه الموازنات، والأوزان، وفقه الواقع، ومعرفة فقه المراحل، وفقه السنن، سنن الله الحاكمة في الكون والأنفس.

رابعاً: ربط الاجتهاد الفقهي بالعلوم الإنسانية، وبخاصة العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية، بل العلوم ذات الصلة بالموضوع مثل الطب، والاقتصاد، والتقنية، والسياسة، فلا يستقيم للفقيه رأيه حول موضوع اجتماعي أو نفسي، أو تربوي، أو غيره إلاّ إذا كان لديه إلمام بهذه الجوانب، أو أن يستعين بالمختصين فيها.

خامساً: إن مراعاة المآلات في الشريعة مبدأ قطعيّ ، وليس مجرد دليل جزئي ، ولذلك فإن علماء الأصول والفقه متفقون على الاعتداد بجميع المآلات التي وردت فيها نصوص ثابتة – وهي كثيرة – وكذلك الحال إذا ظهرت النيّة والقصد إلى المآلات المحظورة شرعاً لقوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).

قرار (2/34)

التيسير في الفتوى وضوابطه

  • من معالم الاجتهاد والإفتاء لفقه المسلمين في الغرب التشديد في الأصول والكليات والتيسير في الفروع والجزئيات؛ لأن التخفيف والتيسير ورفع الحرج منهج قرآني نبوي قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ ‌الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185] ، وقال: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ ‌حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6] ، وقال: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ ‌يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28] ، وذلك في سياق آيات الأحكام، والسنة النبوية تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفضل التيسير على التعسير، والتخفيف على التشديد، والتبشير على التنفير؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت :”ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه” البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: “يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. ” رواه البخاري ومسلم. ومنهج التيسير في الفتوى الذي اختاره المجلس للمسلمين في الغرب هو الذي يمكن المسلم من العيش بدينه وحفظ هويته، كما يحقق التوازن بين واجبات التدين ومقتضيات المواطنة. 
  •  ويجب أن يقدَّم التيسير كسمة لهذا الدين التي يتميز بها عن الديانات الأخرى، ويؤكد أن التيسير ليس إلغاءً للواجبات أو تغييرا لها، وإنما هو وسيلة لتأكيد الواجبات وتقريبها إلى العباد بإصلاح ما يلابسها من الأثقال والأغلال وتمكين إرادتهم من أدائها والقيام بها على أحسن وجه وأتم صورة، وإنه يعزز الإخلاص القلبي، والإرادة العقلية، والاستعداد الجسماني، وهذه أمور يتحسن بها أداء الواجب، ويزداد العبد شكرا لمولاه على رحمته به وتمكينه من إطاعته بيسر وسهولة، والشكر من أعظم أركان العبودية، ومما يؤسف له أن نشأ في عصرنا هذا من يرى التعسير والتشديد في الفتوى ورعاً وتقوى، ويرى التيسير والتخفيف ضعفًا في الدين وقلة في اليقين، مع أن هذا التشديد هو التنطع المنهي عنه.
  • ومما يساعد المفتي في التيسير على الناس النظر إلى وضع المسلمين اليوم، فقد كثرت عليهم الفتن والشدائد، ولم يعد القيام بالعبادة وأمور الطاعة سهلا، فإذا رغّبهم التيسير في حفاظهم على الدين وشجعهم عليه تشجيعا تعين على المفتي التيسير لا التعسير، والتخفيف لا التشديد، وتحتم عليه أن يكون رفيقا بالناس غير معنف عليهم، وموسعا لهم غير مضيق عليهم.

قرار (3/34)

الاجتهاد والتمذهب في السياق الأوروبي

القرون الثلاثة الأولى هي نموذج الاقتداء والـاتباع والتأسي؛ لكونها موصوفة بخير القرون على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتبرز فيها معالم الحياة الاجتماعية من ناحية الاستفتاء والإفتاء.

ونظراً إلى ظهور المذاهب الفقهية في العصور المتأخرة وفي ضوء التجارب التي مرت بها الأمة المسلمة في جميع أدوارها يمكن بيان الموقف من التمذهب وصلته بالاجتهاد في السياق الأوروبي فيما يلي:

  • تعتبر المذاهب الفقهية ثروة فقهية عظيمة لا يتم التفقه إلا بدراستها والتعمق في أصولها وفروعها، وقد أثرت الفقه لكونها تمثل منهجا للتعلم المنضبط، ومنهج المجلس يقوم على الاختيار والإفادة من جميع المذاهب الفقهية المعتبرة، ويختار منها ما صحَّ دليله وكان عوناً للمسلم الأوروبي على العيش بدينه في ظل تضاعف التحديات وتعدد الخصوصيات.
  • نبذَ أئمة المذاهب الفقهية الأربعة العصبية لأقوالهم، وعلى التابعين من بعدهم الاقتداء بهم بترك التعصب للمذاهب، والتحلي بأدب الاختلاف وتجسيده عمليا في السياق الأوروبي، واتخاذ الفروع سبيلا للاجتماع على الأصول والتعاون عليها.
  • العامي إذا جهل مسألة من مسائل الدين، عليه أن يسأل عالماً موثوقاً في دينه لقول الله تعالى: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (النحل/43). .
  • من واجب العالم أن يجيب السائل بما ترجح لديه على أساس من الأدلة الشرعية المعروفة عند الفقهاء والمحدثين.
  • وبما أن العامي لا مذهب له، بل مذهبه مذهب من أفتاه؛ فلذلك وجب على المسؤول عند الرد على السائل أن ينشد الحق والصواب سواءً وجد عند إمامه أو عند غيره من الأئمة المتبوعين؛ فإن الحق أحق ان يتبع.
  • يجب على المفتي رعاية المذهب السائد في بلد المستفتي، وأن يتفقه فيه إن كان غير مذهبه؛ فإنَّ الخروج على المذهب المعمول به في قطر من الأقطار أو تجمع من التجمعات المسلمة يحدث البلبلة والاضطراب لدى العوام، ويفتح باب الفرقة والعصبية خاصة إذا كانت المؤسسة الدينية في البلد تقوم على المذهبية.
  • هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق العلماء والفقهاء أن يرشدوا عامة الناس في أمور الدين على أساس من التيسير وبمراعاة التوازن بين المصالح والمفاسد، وتحمل الاختلاف في الفروع، وإبداء الاحترام تجاه المخالفين لهم في آراءهم، فإنهم قدوة للناس عامة، وبإمكانهم التخفيف من حدة التعصب المذهبي إذا كانوا معتدلين في سلوكهم ، منصفين في حق مخالفيهم خطابهم خطاب رفق ومودة لا خطاب عنف وكراهية.
  • التراث الفقهي الذي خلفه أسلافنا على مدى الدهور تراث علمي غزير، يجب أن يستفاد منه لحل جميع المشاكل والنوازل التي تواجها الأمة في العصر الحاضر والعلماء العاملين المتقنين حظ وافر من هذا العلم، وهم المعنيون في قوله تعالى: ” وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ (النساء/83)، ويأتي هذا القرار مؤكدا لما جاء في فتوى المجلس برقم (1/19) مفصلا بالأدلة فيرجع إليه في ذلك.

قرار (4/34)

مقومات الاجتهاد والإفتاء لفقه الحضور الإسلامي في الغرب  

الاجتهاد والإفتاء لفقه الحضور الإسلامي في الغرب يجب أن يستبطن ويستحضر بصورة دائمة ما يلي:

  1. الحفاظ على تدين المسلم وهويته؛ لأن التحدي الأكبر الذي يواجه المسلم الأوروبي اليوم هو تحدي الحفاظ على الدين والهوية، ومع تراجع الالتزام الديني في الأجيال الجديدة لابد أن تؤدي الفتوى دورها في ردِّ المسلمين إلى دينهم، وتيسير حياتهم الدينية مع تعدد التحديات وظهور الخصوصيات، ما صح الدليل واعتُبر الاجتهاد.
  2. التعريف بالإسلام ومحو الصور المغلوطة عنه؛ لتعدد أسباب تشويه صورة الإسلام في الغرب، والاجتهاد والفتوى يجب أن ترد وتصحح هذه المفاهيم، بضبط سلوك المسلم الأوروبي، واستنادها إلى الأدلة البينة الواضحة، وظهور الجانب التربوي والدعوي فيها.
  3. توطين الإسلام وترسيخ العيش المشترك؛ فالفتوى يجب أن تكون داعمة للمسلم الأوروبي في اتخاذ أوروبا وطنا له، يحبه وينتمي إليه، ويدافع عنه، دون إخلال بثوابت دينه وقطعياته، أو فرائضه وواجباته.
  4. الموازنة بين الانتماء للأمة المسلمة والتفاعل مع قضاياها، والانتماء للأمة الأوروبية وحراسة قيمها؛ فتوطين الإسلام في الغرب لا يعني قطع المسلم عن أمته وقضاياه، وانتماء المسلم لأمته المسلمة ودينه الإسلام لا يعني القطيعة بينه وبين وطنه الأوروبي أو الخروج على نظامه وقوانينه، وهو ما سار عليه المجلس في كل ما صدر عنه من فتاوى وقرارات.

قرار (5/34)

المراجعات للاجتهاد والفتوى

  1. المراجعات يقصد بها: عملية الفحص العميق، والتقييم المنصف، عن طريق منهج فعَّال، ونظام رصدٍ شفَّاف، وهي في مجال الافتاء يُراد بها: عودة المفتي عن رأيه الاجتهادي في مسألة بعد ما تبين له موجب رجوعه، والمراجعة بهذا المعنى تمثل مسلكاً من مسالك التجديد في الدين، يتحقق من خلالها إرساء مبدأ التقييم، والتقويم الموضوعي للكسوب والإخفاقات الإفتائية والعلمية.
  2. المجلس يقرُّ مبدأ المراجعة المستمرة لفتاويه التي صدرت عنه بناء على إدامة النظر في النصوص الشرعية وإعادة النظر في الواقع، وهذا يصون الفتوى من افتئات النظر ويحمي مصالح المسلمين الغربيين ويحقق معنى الشهادة على الأمم.
  3. تقوم المراجعات على مجموعة من الضوابط والموجهات منها: اعتبار المآلات والذرائع، وترجيح الأيسر على الأحوط، ومراعاة جانب الرّخص، ومراعاة المقاصد، ومراعاة المصالح، ومراعاة المرحلة والواقع، ومراعاة سعة الفقه وتنوّع مدارسه، ومراعاة فقه البدائل، وتجنب الخلط بين الإفتاء والقضاء ووظيفتي المفتي والداعية، والمؤسّسيّة في الفتوى، واستيعاب الواقع المتجدّد.
  4. ومن مجالات المراجعات في السياق الأوروبي ما يلي: مراجعات في حفظ الوجود الإسلامي، ترسيخاً لحفظ الدين والهوية، وفقه الاندماج، وفقه استقرار المسلمين في المجتمعات الأوروبية، ومراجعات في قضايا الفطرة، وفقه التعامل مع الإٍساءة للمقدسات، ومسار الإعلام الشبكي المعاصر، ومجال الفنون بأنواعها.
  5. يتطلب فقه المراجعات ملكة أصولية وفقهية راسخة، وحرية فكرية منضطبة، وحركة اجتهادية تجديدية، وجهداً فردياً ومجمعياً، وبه تصان مصلحة الجماعة المسلمة في الغرب، ويتحقق مقصد الشهادة على الناس، والبيان الحضاري العالمي للإسلام.

قرار (6/34)

 الفقه الاستشرافي

  لابد من إحياء الفقه الاستشرافي خاصة في دائرة الاجتهاد لفقه الحضور الإسلامي في الغرب؛ ففقه التوقع لا يقل خطراً وأهمية عن فقه الواقع، وهذا الفقه يجب أن يُبنى على الدراسات العلمية الاستشرافية، وعلى بصرٍ واضح بالتاريخ والاجتماع والسياسة والعلوم المكملة والضابطة لاستشرافٍ وتوقعٍ مؤسس على الحقائق العلمية لا على مجرد الحدس والتخمين.       

قرار (6/34)

الاجتهاد الانتقائي

يقوم فقه الحضور الإسلامي في الغرب على الجمع بين الاجتهادين: الإنشائي الإبداعي، والانتقائي الترجيحي، والأول يعتمد الأصول الكلية والكليات التشريعية، والثاني يعتمد الاختيار والترجيح من أقوال فقهاء الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب المعروفين بالاجتهاد والذين تلقت الأمة فقههم بالقبول والعمل، وانتقاء وترجيح قول فقهي بالمخالفة لقول الجمهور لا يتم إلا بعد دراسة مستفيضة لأدلته، والتيقن من عدم شذوذ القول نسبةً أو دليلاً، وغلبة الظن بتحقيقه لمصلحة عامة أو خاصة، أو درئه لمفسدة عامة أو خاصة، وكونه أوفق للسياق الأوروبي وأقرب لتحقيق مقاصد الوجود الإسلامي في الغرب.

قرار (7/34)

التلفيق في فقه الحضور الإسلامي في الغرب

 التعريف الأدق للتلفيق هو:” الجمع بين المذاهب الفقهية المختلفة في أجزاء الحكم الواحد بكيفية لم يقل بها أيٌّ من تلك المذاهب” وقد اتفق الفقهاء على منعه، وهذا لم يعمل به المجلس مطلقاً وليس من منهجه الأخذ به، ولا يقول به فقيه فضلا عن مجمع علمي، أما التلفيق بمعناه الشائع وهو: الانتقال من مذهب إلى آخر، وعدم التزام مذهب واحد في المسائل كلها، فقد عملت به المجامع الفقهية المعاصرة، وقد وقع فيه خلاف معتبر وأجازه علماء كبار من أمثال القرافي وابن تيمية وغيرهما، ومنهج المجلس يقوم على الاختيار والترجيح بين الأقوال الفقهية المعتبرة وترجيح الأنسب منها للواقع الأوروبي بشرط اعتبار الرأي فقها ودليلاً وعدم شذوذه، والاستيثاق من مقصده ومآله.   

ثانياً: الفتاوى

 فتوى (1/34)

حكم الأضحية بخِرافٍ غير معينة قبل ذبحها

 السؤال: نود معرفة حكم الشرع في الأضحية التي تتم في بلد أوروبي بهذه الصورة: يشتري الجزار مجموعة من الأضاحي من الفلاح، ونحن نأتي إليه قبل العيد ونشتري منه بحساب الكيلو بكذا (مذبوحاً) ولكن دون تحديد الخروف، أو العجل وإنما يتحدد ذلك بعد الذبح، أي أن الذبائح تم شراء مجموعها للأضاحي دون تعيين، والتعيين لأصحابها يتم بعد شراء المضحين لها. علماً بأنهم يقولون: إن هذه الأنعام إنما قُصد بها الأضحية وأنها تذبح بعد الصلاة وأنهم يراعون فيها المواصفات الشرعية.

الجواب: الأضحية نسكٌ وقربةٌ لله تعالى؛ قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا ‌مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وبما أنها قربة مخصوصة فلا بدَّ أن تتحقق فيها الشروط التي اعتبرها الشرع؛ من تعيينها وسنها المجزئ وسلامتها من العيوب ووقت ذبحها الشرعي، وفي الحالة المذكورة في السؤال لابد من التأكيد والتنبيه على تعيين الأضحية قبل ذبحها للشخص الذي يُضحى عنه،  وأن تشترى بكامل أجزائها حية، ولا بأس أن تُرَّقم برقم يدل على صاحبها، ويستحب عند ذبحها أن يذكر اسم الموكل (المضحي)؛ لحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عندما يضحي (اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن محمد وآل محمد) رواه الترمذي والطبراني في الكبير. فإن لم يذكر اسم صاحبها وكانت معينة له قبل الذبح أجزأ ذلك، أما أن يختار الأضحية بعد ذبحها بناء على وزن اللحم فإن هذا لا يجزىء .

فتوى (2/34)

وجوب نفقة الأولاد على الأب

السؤال: اختلفت مع زوجتي بعد طلاقها هل تجب علىَّ نفقة أولادي، أم تجب عليها بحكم أنها تعمل ولها دخل يكفي احتياجات الأولاد الذين يعيشون معها وفي حضانتها؟ وهل يختلف الحكم إذا كانوا في حضانتي والأم لديها القدرة المالية للإنفاق عليهم، أو ألزمتها المحكمة بنفقتهم؟ 

الجواب: إن الشارع الحكيم أوجب نفقه الولد على أبيه إذا كان قادرًا عليها، وهو مسؤول عن نفقته ولا يشاركه فيها أحد من أمٌّ أو غيره؛ ودليل وجوبها عليه قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة، 233). وتستمر هذه النفقة إلى أن يكبر الولد ويقدر على الكسب وأن تتزوج البنت.  وهذا الحق يسمى حق الحضانة أو ولاية التربية، وتكون نفقة الولد في مدة الحضانة على أبيه سواء كان عند الأم أم انتقل حق الحضانة بسب من الأسباب إليه، لذلك لا يجوز للأب أن يطلب من مطلَّقته أن تنفق على ولده وإن وأوجبتها المحكمة عليها أو أشركتها فيها ما دام قادراً.

فتوى (3/34)

استثمار التعويض المالي للقاصر في بنك تقليدي

السؤال: نحن أسرة مقيمة في إحدى الدول الأوروبية، حصلنا على تعويض مالي كبير جراء تعرض ابنتنا القاصر لخطأ طبي، والذي أصبحت بسببه شبه عاجزة  كلياً جسديا و عقليا عجزاً سيرافقها طيلة حياتها، وقد عرض البنك على أبويها مؤخراً استثمار جزءا كبيرا من المبلغ في سندات الدولة مقابل فائدة ثابتة لمدة 15 سنة.

والسؤال هل العائد الشهري من هذا الاستثمار يعد ربا ؟، علماً بأن الدخل الشهري للأسرة ضعيف         ( الزوج في إجازة مرضية وراتبه أدنى من راتب من يعمل، والزوجة تُعطى منحة شهرية بسيطة). والبلدية تساعدنا  لكن تمارس علينا ضغوطاً، وأمام كل هذه الحيثيات نرى أن هذا العائد الشهري يمكن أن يخفف عنا بعض هذه الضغوط المالية، و يحسِّن نوعا ما المستوى المعيشي للأسرة ، لكن في نفس الوقت لا نريد أن نخالف الشرع. 

ملاحظة: مبلغ التعويض لا يمكن للوالدين التصرف فيه لا كلياً ولا جزئياً إلا من خلال هذا النوع من المعاملات و التي تتم عن طريق البنك، أما المبالغ البسيطة فتتطلب إيداع طلب لمحكمة الأسرة فتعطى بعده موافقتها.  

الجواب: السؤال يتضمن عدة أسئلة :

  • إن قيمة التعويض عن ابنتكم القاصرة بسبب الخطأ الطبي مشروعة؛ لأنها داخلة في الدية، ووصلتكم بطريق قانوني مشروع، فلا حرج فيها شرعا.
  • أما وضع هذا المبلغ ونحوه، واستثماره في سندات الدولة مقابل فائدة لمدة 15 عاما، فهذا محرم شرعا؛ لأن السندات هي سندات دين بفائدة، داخلة في الربا المحرم باتفاق.
  • إذا كان القانون السائد في البلد لا يسمح باستثمار هذا المبلغ إلا في السندات المحرمة، أو في حسابات البنك المحرمة، ففي هذه الحالة تتحقق ضرورة الحفاظ على أموال القاصرة، بالإضافة إلى الإلزام القانوني، وفي هذه الحالة لا مانع من استثمارها فيما ذكر، بشرط صرف الفوائد في وجوه الخير، ولكن في حالة ما إذا كانت البنت القاصرة بحاجة إلى مبلغ من المال للعلاج أو التعليم، ولم تجد لها مالا آخر، فلا مانع من أن تستفيد منها بقدر الضرورة، أو الحاجة الملحة.

فتوى (4/34)

العمل في تداول العقود الآجلة

السؤال: أنا أريد العمل في مجال التداول وبالأخص تداول العقود الآجلة للذهب والفضة والنفط، وتداول الفوركس، وعن طريق الصدفة اكتشفت أن العمل في هذا المجال حرام، ولما تعمقت أكثر في دراسة الموضوع وجدت اختلافا كبيرا في الفتاوى بين محرم ومبيح، وقد وقعت في تشتت  وحيرة ولا أريد الكسب الحرام، وفي نفس الوقت متحمس وراغب في العمل في هذا لمجال، وأقضي وقتاً كبيراً في تعلم وإتقان هذا المجال، لهذا أريد منكم فتوى واضحة في هذا العمل، وحكم تداولCFD  لأنها لا تدمج بالبورصة، أو وضع البروكا الذي يقدم حساباً إسلامياً أو من دون حساب إسلامي؟ .  

الجواب: إن تداول الذهب والفضة والعملات الورقية لا يجوز شرعاً إلا إذا تحقق القبض الحقيقي وعلى ذلك إجماع الفقهاء، وقد أقرت المجامع الفقهية أن القيد المصرفي يحِلُّ محلَّ القبض اليدوي، وبناء على ذلك فإن تداول العقود الآجلة للذهب والفضة غير جائز، أما تداول العقد الوارد على النفط ونحوه من السلع فلا مانع منه شرعا إذا توافرت أركانه وشروطه، وبشرط أن لا يكون متضمناً تأجيل الثمن والمثمن، وحينئذ يدخل في عقود المستقبليات التي صدرت بحرمتها قرارات من المجامع الفقهية، وأما الفوركس على عقود الذهب والفضة، والعملات، فمحرم باتفاق المجامع الفقهية لعدة أسباب، وأما التداول عن طريق منصة (CFD)، فهو تداول عقود الفرق عن طريق المضاربة والمشتقات، حيث لا يمتلك المتعامل الأصل الأساسي؛ لذلك فهو تداول محرم لا تتوفر فيه الشروط والضوابط الشرعية.

فتوى (5/34)

حكم العمل في شركة مختلطة

السؤال: أنا متزوج وخريج محاسبة، وقد انتقلت إلى كندا قبل سنة وأثناء بحثني عن عمل تواصلت معي شركة كندية وقالوا لي سندربك حتى تحصل على رخصة معتمدة  كمستشار مال، ثم اكتشفت فيما بعد أن الترخيص يدخل فيه التأمين على الحياة، والعمل، بالإضافة إلى إدارة محافظ استثمارية للأفراد، وقد بدأت العمل بالفعل معهم، ولكني متردد خوفاً من الناحية الشرعي، فهل التأمين على الحياة بدون أرباح مردودة والعمل فيه مع هذه الشركة حلال أم حرام؟

الجواب: المسلم يحرص على إطابة مطعمه ومشربه، ويتحرى الحلال الطيب في دخله وعمله وما يطعم به أولاده، كما يتجنب الشبهات استبراءً لدينه وعرضه؛ حتى يبارك الله تعالى له في ماله وأولاده، ويكون مستجاب الدعوة، والتأمين على الحياة لم تجزه المجامع الفقهية، وبخاصة التأمين بصوره السائدة في الغرب، والذي يظهر من السؤال أنك تعمل في شركة مختلطة تعمل في الأمور المباحة العامة، وفيها جزء محرم من أعمالها، ولذلك لا نستطيع الجزم بحرمة عملك، وقد تكون فيه شبهة، وبخاصة فإن الأعمال الخالية تماماً من المحرمات والشبهات في الدول غير الإسلامية ليست كثيرة، ولهذا ننصحك أن تتابع البحث عن عمل واضح الحل مع استمرارك في هذا العمل حتى يفتح الله عليك بغيره.

فتوى (6/34)

قرض الدراسة من بنك تقليدي

السؤال: أنا اعمل في إحدى الدول الاوروبية منذ 5 سنوات، وتملكت بيتاً والحمد لله عن طريق القرض الربوي، وضعي الاقتصادي لم يكن جيداً لمدة ثمانية أشهر حتى منَّ الله علي بوظيفة جيدة جدا، والسؤال: ابني 18 عاما، سيذهب للجامعة في العام المقبل إن شاء الله ،فلو بدأت دفع مصاريف جامعته وسكنه ومصاريفه بدون قرض الدراسة سأظل بدون أي مدخرات أو أموال للطوارئ، هل أدفع ما معي من مدخرات أم يجوز التقديم على القرض؟.

الجواب: الإعانة التي تقدم من قبل الحكومة للطلبة الجامعيين هي من ضمن واجبات الحكومة التي تساهم في إدارة منشآت حكومية بطريق  الضرائب، ومن الملاحظ أن الدراسات العليا في العديد من الدول الأوروبية هي بالمجان، ولكنها لا تزال مكلفة، فلذلك لا حرج في الاستعانة بما تقدمه الدولة، لأنه على الرغم من كونه دينا على الطالب ويطالب بدفعه بعد التخرج شريطة أن يحصل على وظيفة مناسبة تؤهله لرد هذا المبلغ إلا أن صفة التبرع وعدم الإلزام واضحة فيه، وينظر في فتوى المجلس حول القروض الطلابية[1].

فتوى (7/34)

تجميد البُييضات من أجل استعمالها عند تعذر الحمل

السؤال: امرأة غير متزوجة تأخر زواجها تسأل عن حكم تجميد البييضات لكي تستعملها إذا تعذر حملها بشكل طبيعي من زوجها ، فهل يجوز لها ذلك وما هي الضوابط الشرعية والأخلاقية إن كان جائزاً؟

الجواب: ينصح المجلس ويشجع الشباب المسلم من الرجال والنساء بالزواج المبكر؛ وذلك لإحصانهم وإعفافهم وحفظهم من الفواحش، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بذلك فقال: فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن الفرج …) متفق عليه.

وأما تجميد البييضات فإن المجلس لا ينصح به قبل الزواج إلا إذا طرأ على المرأة طارئ كبعض الحالات المرضية التي يؤدي علاجها إلى إتلاف البُييضات عند المرأة أو الحيوانات المنوية عند الرجل، فإنه في مثل هذه الحالات يجوز تجميد البييضات أو الحيوانات المنوية إلى أن يتيسر للمرأة أو الرجل الزواج حتى لا يحرموا من إنجاب الأولاد وذلك مع مراعاة القيود التالية:

  1. ألا يتخذ ذلك ذريعة لتعمد تأخير الزواج.
  2. أن تُتخذ كل التدابير والإجراءات القانونية اللازمة مع الجهة الحافظة حتى لا يقع التلاعب في البييضات أو الحيوانات المنوية كالهبة أو البيع لأطراف أخرى .
  3. إذا حصل طارئ وتبين بعد الزواج أن رحم المرأة لا يقبل الحمل لسبب من الأسباب فإنه لا يجوز زرع هذه البييضات في رحم امرأة أخرى حتى وإن لُقِّحت بماء زوجها.
  4. أن يحرص كل طرف ممن فعل ذلك من الرجال والنساء إن لم تعد له حاجة لهذه الحيوانات المنوية أو البييضات أن يتلفها ولا يتركها بحالٍ للجهة الحافظة للتصرف فيها .

الفتوى (8/34)

إعطاء دواء لتخفيف الآلام لكنه قد يؤدي للموت

السؤال: أنا طبيب أعمل في دولة أوروبية وقد حدث شيء في قسم الدم والسرطان آلمني كثيراً وأردت أن أعرف حكم الشرع فيه، وهو أن مرضى السرطان في المرحلة الأخيرة من مرضهم يتولد لديهم شعور شديد بالاختناق، ويكون مصحوباً بآلام شديدة يصعب تحملها، ونحن نعطيهم في مثل هذه الحالات دواء المورفين لتخفيف الأعراض لا للعلاج، ولكن إذا قمنا بإعطاء جرعات كثيرة منه يغلب على ظن الطبيب أنها يمكن أن تكون قاتلة للمريض؛ لأنها جرعات عالية، وعقار المورفين يشل المراكز العصبية المسؤولة عن التنفس، فهل يجوز إعطاء مريض السرطان مخدرات لتخفيف الآلام مع غلبة الظن أنها قد تؤدي إلى الوفاة؟

الجواب: يحوز للطبيب أن يعطي جرعة من المورفين لمريض السرطان لتخفف عنه الآلام إذا غلب على ظنه أن هذه الجرعة لا تؤدي إلى إنهاء حياته، أما إذا شك أو غلب على ظنه أنها ستؤدي إلى وفاته فلا يجوز له شرعا إعطاءه هذا الدواء؛ لأنه تدخل في إنهاء حياة المريض حتى وإن كان بطلب منه أو من عائلته، لأنه فيه تعمد وتعد على النفس التي خلقها الله تعالى القائل في كتابه الكريم:  ﴿وَلَا ‌تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29] . فالمريض أيا كان مرضه، و كيف كانت حالته المرضية يحرم الاعتداء عليه بالقتل، والطبيب الذي يفعل ذلك يكون قاتلاً متعمدا .وهذا الذي يسمونه بـــ: القتل الرحيم .وللمجلس فتوى سابقة في ذلك[2] . .فليرجع إليها.

فتوى (9/34)

تعقيم الزوج لئلا تحمل زوجته لمرضها

 السؤال: زوجتي تعاني من الفتق في بطنها منذ ما يزيد على عشرة أعوام، وقد أجرت عملية جراحية لعلاجه، لكن الفتق ازداد اتساعاً مما تطلب اجراء عملية جراحية تانية، زيادة على كونها مريضة بفقر الدم، وسؤالي: هل يجوز لي أنا زوجها أن أعمل عملية لمنع الحمل؟

الجواب: يظهر أن السؤال عن تعقيم الزوج بحيث لا ينجب مرة أخرى لمرض الزوجة وعدم قدرتها على الإنجاب أو منع الحمل بوسيلة طبية آمنة، وتعقيم الرجل يعني جعله عقيما لا يُولَد له، وذلك بربط الحبل المنوي، أو أخذ دواء يعطل وظيفة الرجل في التناسل. 

والأصل في التعقيم للرجل الحرمة سواء كان له ذرية أم لا؛ لأنه مضاد لحكمة الله في خلق الذكر والأنثى، وقد حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم الاختصاء كما في صحيح البخاري أن أبا هريرة سأله قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي رَجُلٌ شَابٌّ، وأَنَا أخَافُ علَى نَفْسِي العَنَتَ، ولَا أجِدُ ما أتَزَوَّجُ به النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلتُ مِثْلَ ذلكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلتُ مِثْلَ ذلكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلتُ مِثْلَ ذلكَ، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبَا هُرَيْرَةَ، جَفَّ القَلَمُ بما أنْتَ لَاقٍ، فَاخْتَصِ علَى ذلكَ أوْ ذَرْ.

وعليه فالتعقيم للزوج لا يجوز شرعاً، ويمكن للزوجة أن تلجأ إلى استئصال الرحم إذا تعذرت الوسائل الأخرى، أو يقوم الزوج بالتعقيم المؤقَّت الذي لا يقطع الإنجاب أبداً. 

فتوى (10/34)

حكم عرض وتسويق صور الموتى

السؤال: أعيش في إحدى الدول الأوروبية، وأقوم ببحث حول آراء الفرق الإسلامية في عرض وتسويق صور وأفلام الموتى سواء كانت عادية أو مرعبة، كصور جثث غير مكتملة أو مقطعة، فهل يجوز ذلك شرعاً؟

الجواب: كرَّم الله تعالى الإنسان حياً وميتاً قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ‌كَرَّمْنَا ‌بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وكلُّ ما فيه امتهان لكرامة الإنسان لا يجوز شرعاً، ويدخل فيه عرض صور الموتى سواء أكانت صوراً عادية أو صوراً مرعبة من أجل التسويق، إلا إذا كانت هناك حاجة تتعلق بمهنة كالطب أو بغرض التفتيش قي واقعة مشبوهة ونحوهما، مع التأكيد على رعاية النظم والقوانين في كل ذلك.  

فتوى (11/34)

هيئة لباس المرأة في أوروبا 

السؤال: أنا أعيش في إحدى الدول الأوروبية وأريد أن أعرف هل يسمح شرعاً للأخوات المسلمات بارتداء ملابس عليها نقوش، كسترة براقة منقطة، وهل يتعين التوافق مع معايير الملابس في البلد التي أعيش فيها، أم يمكن مخالفته، فهل يقبل أن ترتدي أخت مسلمة ملابس عليها أنماط (على سبيل المثال إذا كنت أرتدي كنزة فضفاضة زرقاء داكنة مع نقاط سوداء) هذا بالطبع ليس جذابا أو مبهرجا؟

الجواب: يجب على المرأة شرعا أن تستر كامل بدنها ما عدا الوجه والكفين، وحتى يحقق اللباس الشرعي للمرأة مقاصده لابد من تحقق شروط فيه أهمها: أن يكون واسعاً فضفاضاً لا يصف، وأن لا يكون رقيقاً يشف، وأن لا يكون مزخرفاً ومزيناً بحيث يستدعي أنظار الرجال، لعموم قول الله تعالى: ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور/31 ، وهذا الشرط يختلف باختلاف الأعراف والبيئات، وعليه فما ذكر في السؤال لا يقع تحت دائرة المحرم شرعاً.

ثالثاً: التوصيات

  1. يوصي المجلس عموم المسلمين في الغرب أن يبذلوا جهدهم للحفاظ على هويتهم الإسلامية أفراداً وأسراً ومجتمعات ملتزمين بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، وسبيل حفظ هويتهم بالالتزام بتوحيد كلمتهم ونبذ الفرقة والاختلاف تمسكا بقوله تعالى: ﴿‌وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].       
  2. يؤكد المجلس على ضرورة الاعتناء بفقه المواطنة وواجباتها، الذي ينطلق من أن المسلمين في أوروبا وفي الغرب عمومًا جزء أصيل من مجتمعاتهم، وأن العرف في بلاد أوروبا معتبر ما لم يخالف الثوابت الشرعية، وأنه لا تناقض بين هوياتهم في بلاد أوروبا وهويتهم الإسلامية.
  3. يوصي المجلس المفتين والأئمة والدعاة في الغرب بالتيسير في الفتوى والتبشير في الدعوى، وتقديم الاجتهاد الجماعي على الفردي، ورفع المستوى المعرفي للمسلمين في الغرب بالإسلام، وأن يكونوا قدوة صالحة ليتحقق بهم البلاغ المبين.
  4. يوصي المجلس طلبة العلم بدراسة المنظومة المقاصدية في الإسلام، وأن يتخذوا من هذا العلم سبيلًا إلى فقه الأولويات، وفقه الموازنات، وفقه الواقع، وفقه المراحل، وفقه السنن، وفقه الظواهر الاجتماعية والكونية.
  5. يجب العمل على رصد الشبهات والأسئلة التي تثار حول الإسلام في الغرب والجواب عنها وفق منهجية علمية محكمة، بمشاركة الخبراء وأهل الاختصاص وترجمتها إلى اللغات الأوروبية، والتعامل مع الهيئات العاملة في رد الشبهات والجواب على الأسئلة التشكيكية.  
  6. على المفتين والدعاة أن يحرصوا على إبقاء الناس في دائرة الإسلام ولا يخرجوهم منه بأدنى شبهة كما هو منهج المجلس، وأن يبذلوا جهدهم لمنع تشويه صورة الإسلام، وأن يجعلوا وحدة المسلمين والتعاون فيما بينهم أولوية أولى.
  7. يؤكد المجلس ما صدر في بيانه حول غزة، ويدين ويستنكر قتل الأطفال والنساء والمدنيين في حرب الإبادة التي لم تتوقف، والتهجير القسري للمدنيين، وهذا يتنافى مع الشرائع السماوية، والقوانين الدولية، والفطرة الإنسانية، والأخلاق المرعية.
  8. يدعو المجلس إلى الوقف الفوري للعدوان الآثم، وفتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية، كما يدعو لقيام تحالف إنساني حقوقي عالمي لإقامة العدل ومنع الظلم، ويناشد الحكومات الغربية بتغيير مواقفها الداعمة للظلم والرافضة لإيقاف الحرب وقتل النساء والأطفال.
  9. يثمّن المجلس المواقف الشعبية والسياسية الأوروبية الرافضة للعدوان على المدنيين والأبرياء، ويطالب الحكومات الأوروبية بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية، ويدعو المسلمين الأوروبيين إلى مناصرة إخوانهم ودعمهم والتعريف بقضيتهم العادلة في إطار القوانين والنظم الأوروبية، ويشدِّد على ضرورة إسهام المسلمين الغربيين في حراسة القيم الإنسانية المشتركة كالحرية، والعدل، وحقوق الإنسان، وإغاثة الملهوفين.
  10. يوصي المجلس عموم الأئمة الأوربيين أن يقوموا بواجبهم في البيان والتفاعل مع قضايا أمتهم وقضية فلسطين العادلة، وأن يوازنوا بحكمة بين الالتزام بالقوانين والنظم الأوروبية، وبين إنكار المنكر، ورفض الظلم، ونصرة المظلوم، وإرشاد المسلمين، وتوجيه مشاعرهم بما يحقق حفظ السلم الاجتماعي، وحماية المؤسسات الإسلامية في الغرب.  

ويذكّر المجلس عموم المسلمين في أوروبا بما سبق أن أوصى به من:

  1. أن يراعوا الحقوق كلها، وأن يعطوا الصورة الطيبة والقدوة الحسنة من خلال أقوالهم وتصرفاتهم وسلوكهم.
  2. أن يلتزموا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه فقهاء الإسلام، من وجوب الوفاء بمقتضيات المواطنة أو عقد الإقامة، والالتزام بالقانون والنظام العام في البلاد التي يعيشون فيها.
  3. أن يمتنعوا مطلقا عن كل سلوك أو خطاب يدخل في دائرة العنف بكل صوره ومظاهره، وأن يكون أسلوبهم الرفق والرحمة والحكمة في التعامل مع الناس جميعًا كما يأمرهم الإسلام، وأن ينكروا على كل من حاد عن هذا الطريق الإسلامي السوي.
  4. وأن يعتصموا بحبل الله جميعًا، ويلتزموا الأخوّة، والسماحة، والوسطية، والتعاون على البر والتقوى، ورعاية الحوار الهادئ والأساليب السليمة في معالجة قضايا الخلاف، بعيدًا عن مناهج التشدد ومسالك التطرف التي تشوه صورة الإسلام، وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين عامة، وإلى الأقليات المسلمة خاصة، فيتلقفها بعض الناس للتشنيع عليه والتخويف منه ومن أهله واستعداء الأمم عليهم، وقد قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ]النحل:  125[.

ختام الدورة:

خُتمت الدورة بشكر الأمانة العامة والأعضاء والضيوف والمراقبين على الحضور والجهد المبذول لإنجاح الدورة وإتمامها، والحمد لله رب العالمين.

[1]  قرار 4/18 ، حكم القروض الطلابية في أوروبا.

[2]  قرار 37 (3/11) قتل المرحمة Euthanasia.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق