البيانات الختاميةمميز

البيان الختاميّ للدّورة الحادية والثّلاثين فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا بين مقاصده الشّرعيّة وأصوله الفقهيّة

البيان الختاميّ

للدّورة الحادية والثّلاثين للمجلس الأوروبيّ للإفتاء والبحوث

في الفترة  20- 24 ربيع الآخر 1442هـ الموافق 05 – 09 ديسمبر2020م

وموضوعها:

(فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا، بين مقاصده الشّرعيّة، وأصوله الفقهيّة)

 

عبر تقنية التّواصل الشّبكيّ

 


    الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد، وعلى إخوانه من النّبيّين والمرسلين، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدّين. أمّا بعد:

    فقد انعقدت – بتيسير الله وتوفيقه – الدّورة الحادية والثّلاثون للمجلس الأوروبيّ للإفتاء والبحوث، في الفترة من: 20- 24 ربيع الآخر 1442هـ الموافق 05 – 09 ديسمبر2020م، تحت عنوان: (فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا، بين مقاصده الشّرعيّة، وأصوله الفقهيّة) برئاسة سماحة الشّيخ ( صهيب حسن عبد الغفّار ) القائم بأعمال رئيس المجلس، وبحضور أغلبيّة أعضائه، وعدد من الضيوف والمراقبين.

وقد افتتحت أعمال الدّورة بكلمة ترحيبيّة ألقاها فضيلة الشّيخ ( حسين حلاوة ) الأمين العامّ للمجلس، أبان فيها عن أهميّة هذه الدّورة، وشكر فضيلته السّادة العلماء – أعضاء المجلس – على حضورهم الفاعل رغم كثرة أشغالهم وأعمالهم؛ كما رحّب بالضّيوف والمراقبين، وذكر طرفًا من مناقب وآثار العالمين الجليلين – عضويّ المجلس – اللّذين وافتهما المنيّة هذا العام؛ وهما فضيلة الشّيخ الدّكتور ( حسين حامد حسان )، وفضيلة الشّيخ الدّكتور ( عبد الستار أبو غدة ) رحمهما الله تعالى رحمةً واسعةً وتقبّلهما في الصّالحين وعوّض الأمّة عنهما خيرًا، فقد كان لهما أبلغ الأثر في بناء دور المجلس على السّاحة الأوروبيّة وترسيخه،

كما كانا من أعمدة الاقتصاد الإسلاميّ وفقه المعاملات الماليّة على مستوى المجلس والعالم؛ جزاهما الله خير الجزاء وأوفاه، وتقبّل عملهما بقبول حسن؛ آمين.

    كما تقدّم فضيلة الأمين العامّ بالعزاء لأسرتيهما ولأعضاء المجلس؛ ثم واسى فضيلة الشّيخ الدّكتور ( أحمد جابالله ) – نائب رئيس المجلس – في شقيقه الّذي لقي ربّه قبل انعقاد الدّورة بأيّام؛ رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً، وتقبّله في الصّالحين، وأنزل على أهله الصّبر والسّكينة، وعوّضهم خيرًا.

   ثمّ تناول الكلمة فضيلة الشّيخ “صهيب حسن” القائم بأعمال رئيس المجلس الّتي رحّب فيها بالسّادة العلماء – أعضاء المجلس – ودعا إلى أخذ العبرة من محنة فيروس كورونا وما أحدثته من تغييرات في العالم وحياة النّاس؛ فقد تسابق العالم إلى أخذ التّدابير وإنفاق المليارات لحفظ كليّة من الكليّات الخمس للشّريعة وهي: حفظ النّفس، والعبرة من ذلك أن يعمل النّاس على حفظ دينهم والتزام أحكامه ومجاهدة أنفسهم لمرضاة ربّهم.

    كما أثنى فضيلته على الجهود الجبّارة الّتي بذلها الباحثون والعلماء للوصول إلى لقاح ودواء ناجعين لحفظ الأنفس ومنع انتشار الوباء، وبداية عودة الحياة لطبيعتها مجدّدًا، وثمّن غاليًا وجود علماء مسلمين أوروبّيّين – رجالًا ونساءً – في صدارة المكتشفين للقاحات آمنة للوقاية من فيروس كورونا، ودعا الشّباب المسلم إلى الاقتداء بهم في التّعلّم والبحث ونفع البشريّة بالعلم؛ فخير النّاس أنفعهم للنّاس – كما في الحديث الشّريف – وعدّ أنّ هذه النماذج تجسّد بوضوح قيم المواطنة الصّالحة والاندماج الإيجابيّ المنشود اللّذين طالما نظّر ودعا لهما المجلس الأوروبيّ للإفتاء والبحوث.

    وختم كلمته بالتّنبيه على ضرورة الجمع بين الأخذ بأسباب الوقاية والحماية من الفيروس، والتّضرّع إلى الله تعالى بالدّعاء أن يعجّل برفع البلاء والوباء عن البشريّة جمعاء.

    ثمّ قدّم فضيلة الدّكتور (خالد حنفي) الأمين العامّ المساعد للمجلس تعريفًا بالدّورة وجدول أعمالها، وأشار إلى أهميّة الدّورة في إظهار منهجيّة المجلس المؤسّسة لفقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا، والجامعة بين الكليّات والجزئيّات، والأصول والفروع، والتّأصيل والتّطبيق، والموازنة بين الالتزام بحدود الشّرع ورعاية ظروف وخصوصيّات المسلمين في أوروبا.

كما نبّه على ضرورة استبطان مقاصد الحضور الإسلاميّ في أوروبا في عمليّة الاجتهاد والفتوى واستحضارها، وتنزيل الأحكام وتحقيق المناطات، والنّظر إلى الواقع وتحدّياته وإشكالاته بعين، واستشراف المستقبل وتوقّعه بعين أخرى؛ لنبلغ بذلك الصّورة المثلى للاجتهاد الفقهيّ الأوروبيّ المنشود، ونوفّق لتحقيق معنى الكشف والبلاغ والبيان عن مراد الله على أوفق الصّور وأحسنها.  

وأوضح فضيلته أنّ الأمانة العامّة حرصت في هذه الدّورة على الجمع بين التّأصيل والتّنزيل، حيث استكتبت بعض الفقهاء الاقتصاديين من أعضاء المجلس في مسألة القروض الاستثماريّة لمسلمي أوروبا؛ كما كلّفت الأمانة العامّة للمجلس ثلاثة من أعضاء المجلس بالتّعقيب على هذه البحوث؛ إثراءً للنّقاش حولها، وتعميقًا للنّظر في مضامينها، وأكّد فضيلته أنّ المجلس قد بحث هذه المسألة في الدّورة الثّامنة والعشرين، ثمّ أجّل اتّخاذ قرار فيها لمزيد من الدّراسة والبحث، وأنّه في هذه الدّورة لن يتعجّل قرارًا بشـأنها بقدر ما يسعى إلى إنضاج البحث فيها وبنائه على أسس شرعيّة وواقعيّة منضبطة، ترفع الحرج عن النّاس دون أن تخرج بهم عن أصول الشّرع وقواعده.

كما ناقش المجلس عددًا من البحوث الّتي قدّمت في إطار موضوع هذه الدّورة؛ وهي على النّحو الآتي:

  • منطلقات التّكييف الفقهيّ للحضور الإسلاميّ في أوروبا. الدكتور/ أحمد جاب الله
  • درجات الحكم التّكليفيّ وأثرها في فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا. الدكتور/خالد حنفي
  • قواعد فقهية يمكن توظيفها في النّظر الفقهيّ الإفتائيّ لمسلمي أوروبا. الدكتور/ أنيس قرقاح
  • التّعامل مع المنظومة القانونيّة الأوروبيّة وأثره في الإفتاء لمسلمي أوروبا. الدكتور/ صهيب حسن
  • حكم عقود القروض الاستثماريّة لمسلمي أوروبا بين الإباحة والتّحريم ، والحاجة والضّرورة – دراسة فقهيّة تأصيليّة مقاصديّة. الدكتور/ علي القره داغي.
  • القروض الاستثماريّة لمسلمي أوروبا في ضوء أصول ومقاصد فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا. الدكتور/ عجيل النشمي
  • عرض لبحثي: القواعد الحاكمة لفقه المعاملات، ومقاصد الشّريعة المتعلّقة بالمال، للإمام العلّامة يوسف القرضاويّ. الدكتور/ جاسر عودة.
  • القروض الاستثماريّة من المصارف التّقليديّة – دراسة فقهيّة على واقع المسلمين في أوروبا. الشيخ أمين الحزمي.
  • التّحديات السّياسيّة والاقتصاديّة لمسلمي أوروبا. رؤية استشرافيّة. الأستاذ/ إبراهيم الزّيّات.
  • العملات الرّقميّة الإلكترونية بين الحلّ والتّحريم ، بين الواقع والمشهود. دراسة فقهيّة اقتصاديّة مع بيان البدائل المقبولة شرعًا. الدكتور/ علي القره داغي.
  • دفع الزّكاة لوقف خيريّ. الدكتور/ جاسر عودة.

وجرت مناقشات مستفيضة لمضامين هذه البحوث، تمخضت عن مجموعة من القرارات والفتاوى والتّوصيات على النّحو الآتي:

أوّلًا: القرارات:

قرار 1/31

منطلقات التّكييف الفقهيّ للحضور الإسلاميّ في أوروبا

 

    إنّ ممارسة الاجتهاد والفتوى لقضايا الحضور الإسلاميّ في أوروبا تقتضي تحرير المعاني والمفاهيم الّتي تساعد على الوصول إلى تكييف فقهيّ يمثّل إطارًا عامًّا للنّظر الفقهيّ، ومعالم توجيهيّةً هاديةً لكلّ من يتصدّى لهذه الوظيفة.

    والمقصود بالتّكييف الفقهيّ لقضيّة من القضايا هو: تحصيل التّصور الصّحيح عن هذه القضيّة الّتي يراد بحثها، والحكم عليها في ميزان النّظر الشّرعيّ، وهو ما عبّرت عنه القاعدة الشّرعيّة المشهورة “الحكم على الشّيء فرع عن تصوّره”؛ وهي قاعدة منطقيّة اعتمدها الفقهاء والأصوليون، وإنّ التّكييف الفقهيّ للحضور الإسلاميّ في أوروبا يتطلّب النّظر في محاور ثلاثة:

الأوّل: الوقوف على خصائص الحضور الإسلاميّ في أوروبا وما يتميّز به؛ وإنّ من أهمّ ما يجب اعتباره في هذا المجال هو أنّ هذا الحضور يتّصف بأنّه حديث زمنيًّا، ومتنوّع اجتماعيًّا، كما أنّه مختلف من حيث مستوى التّديّن.

الثّاني: النّظر إلى الظّروف الاجتماعيّة المؤثّرة في التّكييف الفقهيّ للحضور الإسلاميّ في أوروبا، بعدّها تمثّل البيئة الاجتماعيّة الّتي ينتمي إليها هذا الحضور؛ وإنّ من أهمّ ما يجب النّظر إليه في هذا المجال طبيعة العلاقة مع الدّين في المجتمعات الأوروبيّة في ظلّ أنظمة علمانيّة تفصل بين الشّأن الدّينيّ والشّأن المدنيّ؛ وما يستصحب ذلك من الإشكالات المطروحة بخصوص الإسلام والمسلمين، على الرّغم من التزام المسلمين بقاعدة الفصل المذكورة.

الثّالث: استصحاب المنطلقات الدّينيّة للتّكييف الفقهيّ للحضور الإسلاميّ في أوروبا؛ ومن أهمّ هذه المنطلقات: البعد الكونيّ للرّسالة الإسلاميّة، القيم الأخلاقيّة الإنسانيّة، الانتماء إلى المجتمع وحبّ الوطن بعدّه مبدأً ثابتًا، والوفاء بالعقود ومن أوكدها عقد المواطنة.

    وإنّ النّظر إلى المحاور الثّلاثة السّابقة من خلال دراسات اجتماعيّة وبحوث شرعيّة يفضي بنا إلى استخلاص مقتضيات لهذا التّكييف الفقهيّ، ممّا يجب أن يكون له أثره في منهج الاجتهاد والفتوى في قضايا المسلمين في أوروبا؛ وإنّ من أهمّ هذه المقتضيات:

1 ـ تحقيق الموازنة بين مصالح المسلمين في أوروبا، بعدّهم جزءًا لا يتجزّأ من مجتمعات قائمة على التّعدّد والتّنوّع الدّينيّ في إطار مواطنة فاعلة، وعلاقتهم بالأمّة الإسلاميّة من حيث الارتباط الدّينيّ، على نحو العلاقة الّتي تجمع كلّ مجموعة دينيّة بمن يشترك معها في المعتقد الدّينيّ.

2ـ اعتماد منهجيّة شرعيّة في الاجتهاد والفتوى في قضايا المسلمين في أوروبا تؤكّد الأخذ بالأولويّات والكليّات، وتراعي المآلات.

3 ـ الموازنة الدّقيقة بين مستلزمات الحفاظ على الهويّة الدّينيّة للمسلمين، وتكريس الاندماج الإيجابيّ في المجتمع والمشاركة في جميع مناحي الحياة.

4 ـ استحضار مسؤوليّة المسلمين في التّعريف بدينهم لتحقيق التّعارف المتبادل، وتوطيد أواصر العيش المشترك في ظلّ التّعدّديّة الدّينيّة الّتي تتمّيز بها المجتمعات الأوروبيّة، وما تقتضيه من الحوار والتّعاون.

5 ـ العناية بالمقاربة التّواصليّة مع المجتمع، وكذلك بالمقاربة القانونيّة في حماية الحريّة الدّينيّة للمسلمين، في إطار القوانين الجارية.


 

قرار 2/31

القواعد الفقهيّة وفقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا

 

من ركائز فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا: القواعد الفقهيّة الكليّة؛ إلحاقًا وتخريجًا للفروع والمسائل الجديدة، وضبطًا للاجتهاد والإفتاء بما ينسجم مع المنهجيّة الفقهيّة في استخراج الأحكام، وترسيخًا للملكة الفقهيّة بالدّربة والوصل بين الأصول والفروع، وقياس صحّة الاجتهاد، واستكمال بناء القواعد والضّوابط الفقهيّة بما يحقّق التّجديد الفقهيّ المأمول.

والقواعد الفقهيّة ضروريّة لفقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا من جهة أنّها توازن بين الاستفادة من جميع المذاهب الفقهيّة والثّروة الفروعيّة الهائلة للفقه الإسلاميّ، والاجتهاد خارج إطار هذه المذاهب أو الانتقاء منها بما يحقّق مصالح الوجود الإسلاميّ في أوروبا، ويمكّن المسلم الأوروبيّ من العيش بدينه والقيام بواجباته كمواطن صالح في المجتمع.

ومن أهمّ القواعد الكليّة المؤثّرة في فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا: الأمور بمقاصدها، والعادة محكّمة، والمشقّة تجلب التّيسير، والضّرورات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها، والحاجة عامّة كانت أو خاصّةً تنزل منزلة الضّرورة.


 

قرار 3/31

التّعامل مع المنظومة القانونيّة الأوروبيّة وأثره في الإفتاء لمسلمي أوروبا

 

  • الفتوى هي بيان حكم الشّرع في حكم من الأحكام الشّرعيّة التّكليفيّة، وهي بذلك تعدّ من الأمور الخاصّة بالمجتمعات المسلمة، وقد تكون فرديّةً، وقد تكون جماعيّةً، ومن خصائصها: عدم الإلزام.
  • للمستفتي المسلم الحقّ في العمل بموجب هذه الفتوى، ما لم يخلّ بالأمن العامّ، أو القانون المحليّ.
  • إذا كان هناك تعارض بين الحكم الشّرعيّ والقانون؛ ينظر إذا كان هناك مخرج قانونيّ فليصر إليه؛ كإرشاد السّائل إلى كتابة الوصيّة بخصوص توزيع تركته حسب الشّريعة.
  • وإذا لم يكن هناك مخرج قانونيّ فللسائل أو المستفتي أن يأخذ بالرّخصة، وهي الالتزام بالقانون، إذا سدّت أمامه الطّرق للعمل بمقتضى الأحكام الشّرعيّة، أمّا إذا كان هناك مجال للوصول إلى حقّه في الالتزام بالرّأي الشّرعيّ؛ فعليه أن يسلك الطّرق الّتي يتيحها القانون، ومنها حقّ المرافعة إلى المحكمة المحليّة أو المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان؛ وذلك بناءً على المادّة رقم (9) من ميثاق حقوق الإنسان الأوروبيّ بخصوص حريّة الفكر والتّعليم والدّين.

 

قرار 4/31

القروض الاستثماريّة لمسلمي أوروبا

 

ناقش المجلس موضوع ” القروض الاستثماريّة لمسلمي أوروبا في ضوء أصول ومقاصد فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا”.

وقد قدّم في هذا الموضوع خمسة أبحاث، وسمعت التّعقيبات المعدّة سلفًا عليها، ثم جرى النّقاش الموسّع حولها، وانتهى المجلس إلى الآتي :

أوّلًا: اتّفقت الأبحاث والتّعقيبات والنقاش على أنّ تنزيل الأحكام على هذا الموضوع – كما هو الشّأن في غيره –  يلتزم فيه الثّوابت الشّرعيّة، وهي في هذا الموضوع حرمة الرّبا بنوعيه: ربا النّسيئة وربا الفضل.

ثانيًا: لا فرق في الحرمة بين ربا الاستهلاك وربا الاستثمار، لا للدّول ولا للأفراد .

ثالثًا: اختلف الرّأي في تنزيل أحكام الرّبا على القروض الاستثماريّة في الواقع الأوربيّ، وعليه قرّر المجلس تأجيل القرار في هذا الشّأن لحين عقد ندوة فقهيّة اقتصاديّة، على أن يستكتب أعضاء المجلس للكتابة في الموضوع، مع مراعاة مدى إمكان تنزيل الأحكام بالحلّ أو الحرمة في هذا الموضوع على واقع المسلمين في أوربا، بعد دراسة الخيارات والبدائل القانونيّة الممكنة للتّمويل كافّة ، مع دراسة ميدانيّة لتجارب التّمويل الّذي تتيحه المصارف الإسلاميّة الموجودة في أوروبا.


قرار 5/31

درجات الحكم التّكليفيّ وأثرها في فقه الحضور الإسلاميّ في أوروبا

 

ناقش المجلس البحث المقدّم في المسألة، وقرّر تأجيل اتّخاذ قرار فيها لمزيد من الدّراسة والبحث.


قرار 6/31

التّعامل بالبيتكوين

 

ناقش المجلس البحث المقدّم في المسألة، وقرّر تأجيل اتّخاذ قرار فيها  لمزيد من الدّراسة والبحث.


قرار 7/31

دفع الزّكاة لوقف خيريّ

ناقش المجلس البحث المقدّم في المسألة، وقرّر تأجيل اتّخاذ قرار فيها  لمزيد من الدّراسة والبحث.

 


 

ثانيًا : الفتاوى:

 

فتوى 1/31

دفع الزّكاة للأبناء

 

السّؤال: امرأة لها أموال بلغت النّصاب، وتخرج عنها الزّكاة، تسأل: هل تستطيع إخراج زكاة مالها إلى ابنها البالغ الّذي يعيش خارج منزلها ولا تنفق هي عليه في شؤون حياته؟

السّؤال يتكرّر أيضًا من طرف الرّجال: هل يستطيع الرّجل إعطاء زكاة ماله إلى أحد أبنائه البالغين الّذي يعيش مستقلًّا عن أبويه؟

الجواب: اتّفق الفقهاء على أنّ الزّكاة تعطى لمن لا تجب النّفقة عليه، كما اتّفقوا على أولويّة إعطائها للأقارب الّذين لا يجب الإنفاق عليهم؛ لأنّها زكاة وصلة رحم، واختلفوا في دفعها للأقارب من الأصول والفروع ممّن لا تجب النّفقة عليهم، فذهب بعضهم إلى المنع وهو ما نرجّحه؛ لأنّه لو أعطاهم الزّكاة لصار كأنّه أعطاها لنفسه، فيكون ذلك سببًا في توفير ماله، وعليه فلا يجوز دفع الزّكاة للأبناء البالغين المستقلّين بحياتهم، ولكن يمكن تسديد ديونهم لأنّه يجوز للأب إعطاء زكاته لأبنائه لغير وصف الفقر.


فتوى 2/31

حول نصاب الزّكاة وزكاة المدّخرات

 

السّؤال: كثير من المواقع تحدّد نصاب الزّكاة في الأوراق الماليّة بالرّجوع إلى قيمة الذّهب والفضّة وهذا المعروف؛ ولكنّها تقول باعتماد قيمة الفضّة لأنّها أرخص، فتكون قيمة النّصاب بها أقلّ، وهذا أنفع للفقير. هل هذا الرّأي معمول به ؟

إذا نظرنا إلى الذّهب نجد تسعيرة الغرام في السّوق العالميّة ب 34 يورو وعليه  85غ تكون ب حوالي 3000 يورو. أمّا بالفضّة فالأمر يختلف جدًّا، إذ إنّ قيمة الغرام تساوي 0,44 يورو فقط وعليه يكون النّصاب : 595غ * 0,44 = 260 يورو وهذا بعيد جدًّا عن الأوّل، فلماذا لا تأخذون بهذا الرّأي في المجلس؟

أمر ثان يتعلّق بالزّكاة:كثير من الناس- ولست منهم- يدّخرون أموالهم، بل ويستثمرونها عن طريق التّأمين على الحياة  (assurance vie) وما شابهه؛ فلم لا تدخل هذه المدّخرات في النّصاب وهي – على الأقلّ في رأس المال والجزء المضاف عليه شهريًّا – ممّا تمّ ملكه ويمكن لصاحبه استرجاعه متى شاء من شركة التّأمين؟.

 الجواب: أوّلًا: اتّفقت المجامع والنّدوات الفقهيّة المتخصّصة على أنّ نصاب الزّكاة في عصرنا الحاضر يقدّر بما يعادل عشرين دينارًا ذهبيًّا أي: (عشرون مثقالًا من الذّهب، وأنّه يقدّر بخمسة وثمانين جرامًا من الذّهب الخالص)، ومن ثمّ يقوّم هذا المقدار حسب عملة كلّ بلد.

والسّبب في هذا التّوجّه الجماعيّ إلى الاعتماد في النّصاب على الذّهب دون الفضّة، أنّ الفضّة هبطت قيمتها في عصرنا الحاليّ إلى حد لا يتحقّق معه اعتبار النّصاب بالفضّة حدًّا فاصلًا بين الفقير والغنيّ، الّذي هو مقصد الشّارع من النّصاب، فقد كانت قيمة النّصاب (200درهم) في عصر الرّسول – صلى الله عليه وسلم – تعادل عشرين دينارًا؛حيث كان الدّينار يعادل عشرة دراهم تقريبًا؛ فلذلك كان هنالك الخيار بين الأمرين، أمّا في عصرنا الحاضر فقد زاد الفرق بين النّصابين؛ فرعايةً لمقاصد الشّريعة في تحديد الغنيّ والفقير اتّجهت الاجتهادات المعاصرة نحو تقدير نصاب الّزكاة بالذّهب، كما أنّ بعض كبار الفقهاء صرّحوا بأنّ الذّهب هو الأصل.

ثانيًا: أمّا الأموال المدّخرة والمودعة في حسابات البنوك أو المستثمرة في غيرها فتجب الزّكاة في أصولها وأرباحها الصّافية بنسبة 2.5 إذا بلغت النّصاب بعد الحوائج الأصليّة والدّيون، وهو ما يعادل 85 جرامًا من الذّهب، وبناءً عليه: فإنّ الأموال المستثمرة غير الأقساط التّأمينيّة عن طريق التّأمين التّقليديّ للحياة- فمع كون هذا الاستثمار غير جائز شرعًا- لكنّها تجب الزّكاة فيها وفي أرباحها بنسبة 2.5 إذا بلغت النّصاب.


فتوى 3/31

الوصيّة بتقسيم الترّكة بما يخالف الشّرع

 

السّؤال: إذا أوصى الميّت بتقسيم تركته بما يخالف الشّرع، فهل يجوز أن تقسم بعد موته بناءً على وصيته أم أنّه

لا بدّ من تقسيمها وفق الشّرع؟

الجواب: من المعلوم قطعًا أنّ أحكام المواريث بيّنها الله – عزّ  وجلّ – في كتابه العزيز، وحدّد أنصبة مستحقّيها ببيان واضح لا يقبل تأويلًا، ولا يحتمل تغييرًا، وعليه فإنّه يجب على المؤمن أن يعتقد أنّ قسمة الله تعالى عدل لا شكّ فيها، والتّركة بعد موت صاحبها إنّما يجري فيها حكم الله تعالى وقسمته، لا يزاد عن ذلك ولا ينقص، وعليه فلا تصحّ مثل هذه الوصية لأنّها مخالفة للشّرع، لكن إن اتّفق الورثة جميعًا فيما بينهم بعد موت المورّث على أن يقتسموا التركة بالتّساوي أو بما يتراضون به جميعًا فلا مانع من هذا شريطة أن لا يكون هناك قاصر؛ لأنّ هذا المال أصبح ملكًا لهم ويجوز أن يتنازل بعضهم لبعض عن شيء من هذه التّركة، وننبّه هنا على أنّه يجوز للمسلم أن يوصي بثلث ماله أو أقلّ منه لغير الوارث سواءً كان شخصًا أو جهةً خيريّةً.


فتوى 4/31

تقدير دية القتل الخطأ

 

السّؤال: قتل شخص بالسّيارة خطأً، فهل تجب عليه الدّية ؟ مع العلم أنّ السّيارة مؤّمن عليها وشركة التّأمين تدفع مبلغًا من المال لعائلة المقتول، وهل يختلف الحكم لو كان الخطأ الّذي أدى إلى الوفاة من المقتول؟.

الجواب: أوّلًا: تجب الدّية في كلّ قتل خطأ بنصّ القرآن الكريم، قال تعالى: ” وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلّا خطأً ومن قتل مؤمنًا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهله إلّا أن يصّدّقوا فإن كان من قوم عدوّ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبةً من اللّه وكان اللّه عليمًا حكيمًا” [النساء:92]

وقد انعقد الإجماع على أنّ الواجب في القتل الخطأ أمران، أحدهما: الدّية على عاقلة القاتل وهو واحد منهم، وتصرف على ورثة المقتول شرعًا. والواجب الثّاني: الكفّارة على القاتل، وهي صيام شهرين متتابعين، ومن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكينًا، ويمكن تعديل ذلك بالنّقود.

وقد دلّت الآية على حثّ أهل المقتول خطأً على العفو والتّسامح والتّصرّف بالدّية كلّها أو بعضها، وهذا ما ندعو إليه ونحثّ عليه اليوم من أجل مزيد من التّعاون والتّسامح والتّضامن والتّكافل.

ثانيًا: أنّ المبلغ الّذي دفعته شركة التّأمين لأهل المقتول إن كان يعادل قيمة الدّية أو يزيد فقد برّأت ذمّة القاتل، ولا يبقى واجب آخر على أهله؛ أمّا إذا كان أقلّ من ذلك فيجب أن يستكمل من قبل أهل القاتل وعصبته؛  وذلك لأن مفهوم العاقلة الّتي تدفع الدّية واسع عند الفقهاء، حيث عدّ الحنفيّة وجماعة من التابعين أنّ عاقلة القاتل هم أهل ديوانه أو أهل مهنته، وقد ثبت أنّ سيدنا عمر –رضي الله عنه- قد جعل عاقلة القاتل على أهل ديوانه؛ وبناءً على ذلك فإنّ ما تدفعه شركات التّأمين لأهل المقتول بمثابة ما تدفعه العاقلة. [1]

وقيمة الدّية في أوروبا تقدّر بـــــ 40000 أربعين ألف يورو تقريبًا، وذلك مبنيّ على النّظرة الشّموليّة إلى الأصول الخمسة المقرّرة في الدّيّات مع ملاحظة النّسبة التّعادليّة.

ثالثًا: إذا ثبت أنّ المقتول أخطأ في الحادث لكنّ القاتل تسبّب في قتله خطأً فلن يتغيّر الحكم السّابق؛ ولكن إذا كان المقتول هو المتسبّب فعلًا في وقوع الحادثة، وثبت ذلك بحجّة شرعيّة أو قانونيّة، ولم يكن لشخص آخر أيّ سبب في قتله خطأً فحينئذ لا تجب الدّية؛ لأنّها إنّما تلزم، إذا ثبتت نسبة القتل إلى القاتل خطأً.


فتوى 5/31

تجميد الأجنّة

 

السّؤال: تزوّجت منذ ستّ سنوات وليس لديّ أطفال، ونرغب في إجراء عمليّة طفل الأنبوب، ولكن في السّويد تجمّد الأجنّة تحسّبًا لفشل المحاولة الأولى أو للرّغبة في طفل أنبوب جديد بعد مدّة، فهي تجمّد لمدّة خمس سنوات، والهدف من التّجميد تخفيف الألم على الأمّ في استخراج البويضات النّاضجة؛ وتجميد الأجنّة حتى نجاح العمليّة شرط في السّويد، ولا أعلم ما يحصل للبويضات المجمّدة بعد ذلك؛ فما حكم الشّرع في ذلك؟

الجواب:  أوّلًا: صدر قرار من مجمع الفقه الإسلاميّ الدّوليّ رقمه (55(6/6) بوجوب الاقتصار على المطلوب للزّرع في كلّ مدّة، واتّخاذ الاحتياطات الكفيلة بالحيلولة دون استعمال البويضة الملقّحة في حمل غير مشروع.

ثانيًا: المطلوب شرعًا كقاعدة عامّة: “عدم ترك الأجنّة إلّا بمقدار الضّرورة” .

ثالثًا: في الحالة المذكورة في السّؤال لتأخير الأجنّة المجمّدة لمدّة خمس سنوات فلا مانع من ذلك بالشّروط الآتية:

  • أن تسعى صاحبة الأجنّة للتّخلّص من هذه الأجنّة عند الانتهاء من حاجتها إليها.
  • أن تأخذ كلّ الاحتياطات والإجراءات الإداريّة والقانونيّة للحيلولة دون استعمال البويضة الملقّحة في حمل غير مشروع.
  • أن لا تستعملها لنفسها إذا مات زوجها.

 

فتوى 6/31

حكم استعمال زيت القنّب في علاج بعض الحالات المرضيّة

 

السّؤال: هل يجوز استعمال زيت القنّب؟ وهو: مادة  مأخوذة من زهور الحشيش لعلاج بعض الحالات كالتوحّد والخرف، وقد لوحظ أنّه يفيد بشكل ملحوظ دون آثار جانبيّة، مقارنةً بعلاجات أخرى؛ علمًا أنّ هذا الزّيت مستخرج من نبات القنّب، ويزرع بشكل قانونيّ في بعض البلدان إلا أنّ فيه مادّةً مسكرةً.

الجواب: إذا ثبتت فائدته كدواء، ولم يوجد بديل أنقى منه يقوم مقامه فاستعماله في المداواة جائز، بإذن من طبيب حاذق. قال الشّربينيّ الشّافعيّ: “أمّا التّرياق المعجون بها (يعني الخمر)، ونحوه ممّا تستهلك فيه ، فيجوز التّداوي به عند فقد ما يقوم مقامه … ولو كان التّداوي بذلك لتعجيل شفاء.”


 

فتوى 7/31

زراعة عظام في اللّثة مستخرجة من حيوان بقريّ لا تعلم تذكيته

السّؤال: أحتاج إلى زرع أسنان، وقد نصحني الطّبيب باستعمال عظام البقر، فتزرع هذه العظام في لثتي ،ولا سبيل لي للتأكّد من أنّ هذه العظام استخرجت من حيوان مذكّى أو من ميتة؟

الجواب: لو كنت على يقين من أنّ العظام مستفادة من ميتة، وتعذّر وجود بديل يقوم مقامها لمعالجة مشكلتك الصّحيّة، فإنّه لا مانع من أن تستعمل هذه العظام؛ لأنّه استعمال بقصد التّداوي، والقول الرّاجح أنّ عظام الميتة طاهرة، وهو مذهب الحنفيّة وقول في مذهب أحمد، ورجّحه ابن تيميّة وغيره، وهي أولى بالجواز في حال الشّكّ وعدم اليقين.


فتوى 8/31

التّعامل بالتّسويق الشّبكيّ أو الهرميّ ونحوهما

 

 السّؤال: بدأنا – نحن مجموعة من الشّباب والفتيات في أوروبا – بالعمل التّجاريّ مع شركة معروفة عالميًا في مجال المكمّلات الغذائيّة المفيدة للصّحة ونحوها، وهدفنا زيادة المدخول الشّخصيّ بالتّجارة الحلال، ومساعدة أكبر عدد ممكن من الأشخاص للوصول للاستقرار الماليّ، ورغم حصولنا على فتوى بالجواز من علماء في العالم الإسلاميّ إلّا أنّنا نريد رأيًا واضحًا من المجلس الأوروبيّ للإفتاء والبحوث؛ لأنّنا نعيش في أوروبا، ونريد أن نأخذ فتوانا من مرجعيّة فقهيّة أوروبيّة.

 وهذا ملخّص عن طبيعة العمل والتّعامل في هذه الشّركة وصفة الاستفادة الماليّة منها: الشّركة هي شركة رائدة في مجال المكمّلات الغذائيّة الّتي لها آثار علاجيّة، وأيضًا في مجال مستحضرات التّجميل والعناية الشّخصية، فتقوم على مبدأ البيع المباشر بطريقة التّجارة التّقليديّة، وأيضًا التّجارة الإلكترونيّة، وتمتلك هذه الشّركة فروعًا في أكثر من 60 دولةً تبيع فيها منتجاتها من خلال موزّعين منتسبين لهذه الشّركة، بينهم وبين الشّركة عقد تسويق بالعمولة، حيث يشمل هذا العقد عدّة بنود.

أوّلها: أنّ الموزّع يأخذ البضاعة من الشّركة بثمن الجملة ويبيع البضاعة بثمن التّجزئة، ويكسب الفارق بين السّعرين ويكون من 20 إلى 40 من المئة.

ثانيًا: بإمكان هذا الموزّع أن يبيع السّلع عن طريق التّسويق عبر المواقع أو عن طريق البيع المباشر للأشخاص أو العملاء.

ثالثًا: بإمكان الموزّع إعطاء صفحة التّوزيع إلى موزّعين آخرين من خلال شيء يسمّى (رقم العضوية) فكلّ موزّع يحمل رقم عضويّة معرّف، ومن خلال الشرّكة يستطيع الموزّع أن يكون هو المدرّب لموزّعين آخرين، بحيث يعلّمهم كيفيّة البيع، ومقابل ذلك يحصل على نسب أقلّ على مبيعاتهم تكون ثلاثةً في المئة أو خمسةً من المئة، وهم يحصلون على نسب من 20 إلى 40 من المئة، وهذه النّسب الّتي يحصل عليها تكون متناقلةً عبر الأجيال بالتّناقص فتصل إلى الجيل رقم 12 فقط ، علماً بأنّ الدّخل يكون فقط على المبيعات، ولا يوجد أيّ علاقة لالتحاق الأشخاص أو عدد الأشخاص بالدّخل، مثلاً، لو ضمّ شخص100 موزّع، لم يحصل على أيّ عملات، لكن لو ضمّ موزّع واحد، وعمل مبيعات بقيمة 400 دولار مثلاً سيحصل على نسبة من هذه المبيعات.

رابعًا: بإمكان الموزّع في حال زيادة حجم المبيعات عن مئة ألف دولار أن يفتح محلّات تجاريّة ويوزّع البضاعة من خلالها للعملاء وأيضًا للموزعين.

خامسًا: يوجد العديد من الهدايا المشروطة لتحقيق حدّ معيّن، مثلًا خلال 6 شهور إذا كان حجم المبيعات 50000 دولار فسوف تحصل على تذكرة سفر و رحلة سياحيّة مجانيّة.

ونحيطكم علمًا بأن العديد من المنتجات متوفّرة في العديد من الأسواق التّجاريّة الإلكترونيّة والتّقليديّة مثل أمازون وعلي بابا، والأسعار الّتي يبيع بها الموزّعون هي أسعار تنافسيّة مقارنةً بأيّ شركة لديها المنتجات نفسها، والجودة نفسها، ونستطيع إعطاء العديد من الأمثلة على ذلك، وأيضًا نحيطكم علمًا بأنّ أكثر من 85  % من المبيعات تكون لزبائن وعملاء، وحوالي 15 من المئة تكون من خلال الموزّعين، أمّا نحن فإنّ مقصد عملنا هو كسب المال من خلال توسيع نطاق الموزّعين الّذين يعملون من خلالنا، حيث عملنا لهم نظامًا تدريبيًّا يعطيهم فرص عمل في المبيعات، ونحن نحصل على عمولات من حجم المبيعات التي يحقّقونها، وإذا لم يبيعوا فلن يخسروا شيئًا، ونحن درّبناهم بالمجان.

الجواب: بناءً على المعلومات المؤكدة حول التسويق الهرمي والشبكي فإن المجلس يفتي بما يلي:

أولاً: التسويق الشبكي: عرّفه علماء الإقتصاد بأنّه أسلوب بيع شبكي، يسمح لمن يشترك فيه أن ينشئ شبكة خاصة به، يستطيع من خلالها ضم العديد من العملاء المشتركين الجدد، وبيعهم الخدمة والمنتج مقابل عمولة يحصل عليها عن كل مشترك جديد عن طريقه، وله طرق كثيرة.

وقد اختلف في حكمه المعاصرون، والذي يظهر رجحانه هو القول بالحظر والتحريم، وهذا ما عليه بعض المجامع الفقهية، ودور الإفتاء في العالم الإسلامي؛ لما فيه من الغرر والاحتيال، وأنه إهدار للموارد المالية والطاقات دون تحقيق التنمية البشرية، كما أنّه لا يقصد بذلك شراء السلعة لذاتها، بل لأجل العمولات المتعددة، فهو كما قال معظم الاقتصاديين: “ليس تجارة في السلع والخدمات، وإنما تجارة في العمولات”، بالإضافة إلى أنّ الغالب فيه الخسارة، والشراء لأجل العمولات؛ ولذلك لا تزيد نسبة البيع فيه على 18%. وأمّا شراء سلع هذه الشركات دون الاشتراك في التسويق الشبكي فهو جائز.

ثانيًا: وأمّا التسويق الهرمي، فقد منعته معظم القوانين الغربية والعربية؛ لما فيه من تحايل واضح؛ لذلك فهو محرم.

ثالثًا: يوصي المجلس الشباب المسلم بالانشغال بالتجارة التي تنفع البلاد والعباد، وبالإبداع في مجالات العلوم وغيرها.

 


فتوى 9/31

الوعد بالشراء وآثاره

 

السؤال: شخص أبرم عقد وعد بشراء محل تجاري لم يتم بناؤه بعد من مقاول عقاري، وهذا العقد جرى توثيقه إداريًّا، تم دفع جزء من الثمن والباقي يدفع بعد الإنتهاء من بناء المحل، فهل يجوز بيع هذا المحل قبل إتمام الصفقة؟ وهل يجوز بيع هذا المحل للبائع نفسه ـ المقاول ـ ؟ وهل يجوز استرداد المقاول لهذا المحل قبل إتمام البناء مع ربح يعطيه للشخص الراغب في الشراء، وإذا ارتكب خطأ شرعيًّا في أي مسألة من هذه المسائل كيف يكون إصلاحه؟ ما التعريف الشرعي للوعد بالبيع؟ وما الفرق بين الوعد بالبيع والبيع؟

الجواب: هذا التصرف والاتفاق قد يكون وعدًا بشراء محل تجاري مستقبلًا مع دفع مبلغ، وقد تتجه النية إلى عقد شراء وما قدم من مبلغ هو عربون من المشتري .

أما إنه كما قال وعد بشراء محل تجاري فهذا مجرد وعد لا يترتب عليه التزام قضاء، والوعد بالشراء ليس شراءً، ولكنه مجرد وعد بذلك، وقد يفهم منه بيع الحق المجرد ”  option” وهو محرم .

فالاتفاق بوعد على إبرام عقد بيع مستقبلًا لا يصح بيعًا ، وما دفع من مبلغ لا يعدّ عربونًا ؛ لأنه لم تذكر صيغة العربون، فالعربون هو ما يدفعه المشتري إلى البائع عند العقد بحيث يكون للمشتري خيار الفسخ خلال مدة محددة متفق عليها، فإذا تم العقد فيكون ما دفع جزء من الثمن، وإن لم يمض العقد فللبائع أن يتملك ما دفع ولا يعيده إلى المشتري، وعلى كلا الأمرين سواء الوعد أو عقد العربون فإن المشتري لا يصح منه البيع للغير، ولا للبائع نفسه حتى يتم تملك المحل؛ لأنّه إذا تصرف قبل ذلك فقد باع ما لم يملك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :”لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك ” وثبت من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه  قال: “نهى رسول الله ﷺ أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم”.

ومنه يظهر جواب السؤال الأخير حول : الفرق بين الوعد بالبيع والبيع، فالوعد بالبيع أو الشراء ليس بيعًا ولا شراءً، والوفاء به ديانة لا قضاء، والبيع يلزمه التملك فلا يصح قبل التملك .

إنما يصح هذا العقد إذا اتفق على أنه عقد بيع عربون وتطبق شروط بيع العربون المذكور أهمها في الجواب آنفًا، أو يكون ما ذكر من اتفاق مجرد وعد، ويبرم العقد حين يتم بناء المحل ويتم تسلم المحل وتسليم الثمن، وكذا ممكن أن يصحح العقد بإبرام عقد استصناع بشروطه ومن شروطه -التي نرجحها رغم الخلاف فيه – عدم جواز بيعه قبل تسلمه من الصانع حقيقةً أو حكمًا ( بأن يمكنه من قبضه ).


فتوى 10/31

التكييف الفقهي لصورة وسطاء بين الشركات

 

مقدمة: نعمل كوسطاء بين الشركات وأصحاب الأموال فنأتي بأموالهم ونضعها في شركة ما؛ كي توسع من نطاق عملها.

تكون نسبة الأرباح بحسب المال الذي جئنا به من قيمة الشركة الإجمالية. نأخذ نحن الوكلاء نسبة 50% من الأرباح الشهرية، والباقي يوزع على أصحاب الأموال.

لا علم لمن وكلونا على أموالهم بقيمة نسبتنا، وإنما يعلمون أننا نأخذ نسبة ما وهم راضون بذلك.

السؤال: ما تكييف المسألة؟ وهل علاقتنا بأصحاب الأموال علاقة وكالة؟ ثم ما علاقة أصحاب الأموال بالشركة: هل هم شركاء؟ وإذا كانوا كذلك فهل ينالهم إثم التأمين؟

الجواب: إذا كانت نسبة الأرباح التي يأخذها الوكلاء مجهولة لدى رب المال، صارت المعاملة فاسدة من أصلها عند الجمهور، ومن أجل تصحيح هذه المعاملة: يمكن تكييفها كمضاربة بين الأطراف الثلاثة، بحيث تعيّن نسبة الربح لكل واحد من الأطراف الثلاثة بمن فيهم الوسطاء إذا كان لهم أثر في عملية الربح، أمّا إذا لم تكن هناك مساهمة منهم في العمل ما عدا الوساطة التي قاموا بها، فمن الممكن تصحيح هذه المعاملة بعدّهم وكلاء أو بمنزلة الأجير المشترك.

وبناءً على رأي الجمهور، يكون من يأخذ المال من أصحاب الأموال (الوسطاء) بمنزلة الوكيل عنهم أو الأجير لهم، وفي الحالتين لابد من الاتفاق معهم على الأجرة التي يأخذونها في مقابل وكالتهم أو إجارتهم، ولا يستحق الوسطاء أن يشترطوا في أصل عقد المضاربة لأنفسهم لأنهم تبع لصاحب المال.

قال ابن قدامة الحنبلي: “وإذا أذن رب المال في دفع المال مضاربة، جاز ذلك، نص عليه أحمد، ولا نعلم فيه خلافًا، ويكون العامل الأول وكيلًا لرب المال في ذلك، فإذا دفعه إلى آخر ولم يشرط لنفسه شيئًا من الربح كان صحيحًا، وإن شرط لنفسه شيئًا من الربح لم يصح؛ لأنه ليس من جهته مال ولا عمل، والربح إنما  يستحق بواحد منهما” .

أمّا دخول عنصر التأمين في المعاملة فيختلف الحكم فيه بناءً على الاختيار من عدمه، وبناءً على المكان وقوانين البلد التي تعمل فيه هذه الشركات فلكل حالة حكمها، وإذا كان الأمر ملزمًا من قبل الدولة فلا ضير في الالتزام به.


ثالثاً: التوصيات

 

وقد ختم المجلس دورته بتأكيد جملة من التوصيات:

  1. الاستمرار في تعميق معاني الانتماء للوطن الأوروبي الذي ينتمي إليه المسلم، وما يقتضيه ذلك من الحرص على الصالح العام وتوطيد عوامل الاستقرار والأمن والعيش المشترك في المجتمع، والعمل على خدمة الأوطان في المجالات النافعة كافة.
  2. يجدد المجلس شكره ودعاءه الخالص للطواقم الطبية التي سهرت على رعاية المرضى في ظل محنة وباء كورونا وخدمتهم، ويحضّ على التسابق البحثي والعلمي لإيجاد لقاح مضاد لفيروس كورونا، ويبارك نجاح عدد من التجارب في هذا الصدد، والبدء بمباشرة التلقيح، ويدعو الله تعالى أن يحفظ البشرية من كلّ داء وشرّ.
  3. يوصي المجلس المسلمين بالاهتمام بالعلم وتشجيع أبنائهم ودعمهم لمواصلة تحصيلهم العلمي، كما يوصي الشباب بالحرص على بلوغ أعلى الدرجات العلمية في شتّى المجالات حتى يتمكّنوا من خدمة أوطانهم ونفع البشرية جمعاء بإبداعاتهم واكتشافاتهم.
  4. الاستمرار في الالتزام الدقيق بالإجراءات الوقائية من تفشي وباء كورونا التي تقرّها الجهات الصحية والرسمية المختصة في كلّ بلد، وعدم التساهل في ذلك سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات الإسلامية.
  5. عدم تصديق الشائعات أو الترويج لها فيما يتعلق بالوباء واللقاحات المضادة له، ويوصي المجلس باحترام العلم والتخصص والتزام ما تقرّره المؤسسات والمرجعيّات العلميّة المتخصّصة في هذا الصدد.
  6. الحرص على حماية العيش المشترك في المجتمع، ومن مقتضياته حماية التعددية الدينية والثقافية واحترام المقدسات في كل الأديان، وعدم الخلط بين الحق في ممارسة حرية الرأي، والسخرية والنيل من المعتقدات والمقدسات، والتعاون مع المؤسسات الدينية والحقوقية الأوروبية كافّة من أجل الاتفاق على ميثاق مجتمعي يدعو إلى عدم المساس بالمقدسات الدينيّة لكل الأديان.
  7. وفي مواجهة تصاعد خطاب الكراهية وتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا فإنّ المجلس يوصي عموم المسلمين بما يلي :

– التحلّي بالصبر، فهذه من صور الابتلاء التي لم تخل منها حياة الأنبياء والمصلحين عبر التاريخ.

– التحلّي بالحكمة في التعامل مع الأحداث، وبذل الجهد  في مواجهة الإساءات العنصرية وخطاب الكراهية عبر الأشكال القانونيّة والحقوقيّة وطرق الاحتجاج السلمي.

– محاربة كلّ أشكال العنف ولو جاء على صورة ردات الفعل، وعدم التسويغ له بحال، والتبرؤ من كلّ دعوات العنف والكراهية والتطرف.

– دوام الانفتاح والتواصل مع المجتمع وخصوصًا مع قادة الرأي من المفكّرين والسياسيّين والإعلاميّين لتوطيد عوامل العيش المشترك.

– الانفتاح على المجتمع في الأنشطة التي تنظّمها الهيئات الإسلاميّة؛ لإزالة حالة الجفوة والتباعد، وتبنّي بعض التجارب المفيدة في هذا المجال كتجربة الأيام المفتوحة للمساجد والمراكز الإسلاميّة أمام الجمهور الواسع.

– التعاون مع جميع المنصفين الذين يتبنّون خطابًا تجميعيًّا لأبناء المجتمع الواحد، والاهتمام في هذا المجال بالحوار الديني مع أتباع الديانات المختلفة لتحقيق التقارب والتعاون لخدمة المجتمع.

– التمسّك بالمؤسّسات الإسلاميّة الأوربيّة والالتزام بقراراتها وتوجيهاتها، وتثبيت مرجعيتها في التعامل مع الأزمات التي يمرّ بها الوجود الإسلامي في أوروبا.

– العناية بتأطير الشباب المسلم وتحصينه من الأفكار المتطرفة التي تنشر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيههم للانشغال ببرامج مفيدة يطلقون فيها طاقاتهم فيما ينفعهم ويخدم مجتمعاتهم.

وأخيراً.. يوصي المجلس عموم المسلمين في أوروبا بأن يجدّدوا صلتهم بربّهم سبحانه وتعالى، وأن يكثروا من التقرّب إليه بأنواع الطاعات المختلفة، وأن يكثروا من الدعاء والتضرع إليه برفع الوباء والبلاء ودفع الشرور عن أوطانهم وعن البشريّة كلّها، وأن يعمّ الخير والسلام ربوع الأرض.


ختام الدورة:

 

بعد انتهاء المداولات العلمية للمجلس فقد تقرّر أن يكون انعقاد الدورة القادمة بإذن الله تعالى في شهر ديسمبر لعام 2021م، في أحد الأقطار الأوروبية.

والمجلس في ختام دورته يتقدّم بخالص الشكر للأمانة العامة للمجلس وجميع من قام من الإخوة الكرام على العمل لإنجاح هذه الدورة.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،،،

 


 

([1])  يراجع الأصل للشيباني. تحقيق شفيق شحاته1954(4/955-666)، وفتح القدير (10/395)، وأحكام القرآن للجصاص (3/195)، وتفسير القرطبي (2/32) والمحلى لابن حزم(12/191-192

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق