الفتاوى

الزواج والعلاقة الزوجية

رقم الفتوي: 131630

تاريخ النشر: 24 فبراير,2020

الطلاق البدعي وطلاق الغضبان

الطلاق البدعي وطلاق الغضبان

السؤال

فتوى 152 (10/26) الطلاق البدعي وطلاق الغضبان   السؤال: ما هو حكم الطلاق البدعي، وطلاق الغضبان؟ حيث احتار الناس والمفتون عندنا في ذلك. الجواب: أولًا: حكم الطلاق البدعي. وهو الطلاق الذي خالف السنة في طريقة وقوعه، بأن يطلق الرجل زوجته في طُهْر جامعها فيه، أو يطلقها في حالة الحيض أو النفاس. وهو غير جائز باتفاق العلماء. وهذا الطلاق وإن كان غير جائز فإن جمهور العلماء يقولون بوقوعه، ويستحبون للزوج أن يراجع زوجته بعد ذلك، وبعضهم يوجب عليه أن يراجعها، كما هو مذهب الإمام مالك ورواية عن الإمام أحمد؛ وذلك لحديث ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها([1]). وظاهر الأمر الوجوب في نظر أكثر العلماء. وقال طائفة من العلماء: لا يقع؛ لأنه طلاق لم يشرعه الله تعالى، ولا أَذِنَ فيه، فليس من شرعه تعالى، فكيف يقال بنفوذه وصحته؟ وقد جاء في الحديث الصحيح: “مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ”([2])، وهذا ما ذهب إليه بعض السلف وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم. وحيث إن المسألة اجتهادية، فإن الذي نرجحه هو الرأي الثاني، وهو عدم وقوع الطلاق البدعي؛ لأنه هو الذي يتفق مع مقاصد الشريعة في تحقيق السكن والاستقرار، والمحافظة على تماسك الأسرة، وذلك من أهم المقاصد الخاصة بهذا الشأن. ثانيًا: حكم …

الإجابة

فتوى 152 (10/26)

الطلاق البدعي وطلاق الغضبان

 

السؤال: ما هو حكم الطلاق البدعي، وطلاق الغضبان؟ حيث احتار الناس والمفتون عندنا في ذلك.

الجواب:

أولًا: حكم الطلاق البدعي.

وهو الطلاق الذي خالف السنة في طريقة وقوعه، بأن يطلق الرجل زوجته في طُهْر جامعها فيه، أو يطلقها في حالة الحيض أو النفاس. وهو غير جائز باتفاق العلماء.

وهذا الطلاق وإن كان غير جائز فإن جمهور العلماء يقولون بوقوعه، ويستحبون للزوج أن يراجع زوجته بعد ذلك، وبعضهم يوجب عليه أن يراجعها، كما هو مذهب الإمام مالك ورواية عن الإمام أحمد؛ وذلك لحديث ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها([1]).

وظاهر الأمر الوجوب في نظر أكثر العلماء.

وقال طائفة من العلماء: لا يقع؛ لأنه طلاق لم يشرعه الله تعالى، ولا أَذِنَ فيه، فليس من شرعه تعالى، فكيف يقال بنفوذه وصحته؟ وقد جاء في الحديث الصحيح: “مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ”([2])، وهذا ما ذهب إليه بعض السلف وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم.

وحيث إن المسألة اجتهادية، فإن الذي نرجحه هو الرأي الثاني، وهو عدم وقوع الطلاق البدعي؛ لأنه هو الذي يتفق مع مقاصد الشريعة في تحقيق السكن والاستقرار، والمحافظة على تماسك الأسرة، وذلك من أهم المقاصد الخاصة بهذا الشأن.

ثانيًا: حكم طلاق الغضبان([3]).

وهذه المسألة خلافية، وهي على التفصيل التالي:

1 – أن الغضبان الذي لا يُرَى عليه أثر غضبه فلا يتغير عليه عقله، وأنه يعلم ما يقصده ويقوله، فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه وصحة تصرفاته.

2 – أن الغضب الذي يبلغ إلى نهايته، بحيث ينغلق على صاحبه القصد الحقيقي والإرادة فلا يعلم ما يقول، فهذا لا يقع طلاقه؛ لأنه معذور شرعًا، وعليه يدل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ”([4]).

3 – الغضبان المتوسط غضبه بين الحالتين السابقتين، فهذا هو محل خلاف، والذي يظهر رجحانه هو عدم وقوع طلاقه؛ لأنه داخل في الحديث السابق، ولأن الطلاق تصرف إرادي تترتب عليه آثار خطيرة وكبيرة، فيجب أن يتوافر فيه القصد بصورة واضحة، وأن لا يشوبه إكراه أو غضب، كما أن جماعة من الفقهاء، ومنهم طاوس اليماني وإسماعيل بن إسحاق القاضي من كبار علماء المالكية، قالوا بعدم انعقاد يمين الغاضب، استدلالًا بقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225].

ومقياس الغضب المؤثر، على ما ذكره بعض الفقهاء، كابن عابدين، هو أن يفقد اتزانه في الكلام والتصرف، بحيث يقول ويفعل ما ليس من شأنه وعادته في حال الهدوء والرضا. وزاد ابن القيم بأن يندم على ما فرط فيه إذا زال الغضب. وندمه بعد زوال الغضب دليل على أنه لم يكن يقصد الطلاق.

وينصح المجلس بالرجوع إلى أهل العلم لديكم من الأئمة والعلماء؛ لعرض المسألة من أجل تحديد نوع الغضب وحكمه في ضوء ما سبق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])    متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 5258)؛ ومسلم (رقم: 1471). وانظر: ابن عابدين (3/233)؛ والدسوقي (2/361 – 362)؛ الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (3/225).

([2])    متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 2697)؛ ومسلم (رقم: 1718)، من حديث عائشة.

([3])    وانظر أيضًا: فتوى 84 (8/13)، وقرار 57 (2/15).

([4])    أخرجه أحمد (رقم: 26360)؛ وأبو داود (رقم: 2193)؛ وابن ماجة (رقم: 2046)؛ والحاكم (رقم: 2802، 2803)، من حديث عائشة، وصححه الحاكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق