البحوث

الزواج من الكتابية في أوروبا

الزواج من الكتابية في أوروبا

 

المشرف:

الدكتور زكريا المصري

الطالب:

مصطفي ملا أوغلو

 

1ـ أولاً: من الناحية الشرعية:

 ـ الرجوع إلي الكتب الفقهية في أبواب الأحوال الشخصية والعلاقات الأسرية ، ثم الرجوع إلي كتب التفسير المعنية بالأحكام الشرعية  مثل (القرطبي ـ الجصاص ـ ابن العربي ـ الألوسي) وأراء العلماء في المسائل المختلفة مع الأدلة المعتمدة بعد تمحيصها والترجيح بينها.

ـ تنزيل هذه الأحكام الشرعية علي الأوضاع في الدول الأوربية لمعرفة مدي إمكانية الزواج من الكتابية في أوربا.

ـ الأثار والمشاكل.

ـ وهل هي فتوي أم حكم

ـ فإذا كانت فتوي فهي تتعلق بالأشحاص

ـ أما إذا كانت عامة فتكون للجميع

ـ متي يجوز ومتي لا يجوز؟

 الفصل الأول
(( الخلق والزواج))

إن الزوجية قاعدة عامة منتشرة في كل شئ وأصل كل شئ حتي الحيوانات والجمادات،و من حيث طبيعة الأشياء فإن التزاوج سبب وجودها ، ومن أمثلة ذلك الأشعاع الكهربائ فهو التزاوج بين السالب والموجب، بل إن خلق الأنسان نفسه هو أيضا قائم علي هذه القاعدة في الكون ، وهذا العالم كله ناتج من هذه الزوجية، والآية الكريمة تثبت هذا وتؤكده فيقول سبحانه وتعالي في كتابه الكريم

(( ياأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا وإتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))  (1).

ومثلاً آخراً من القران حيث يقول الله عزوجل: (( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)) (2)

وأحيانا يُعَمِم في القرآن الكريم إنتشار الزوجية في الأرض لبناء مساكنها وقراها ومزارعها وإنشاء المدن والمجتمعات والحضارات، حيث يقول سبحانه وتعالي:(( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثا وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاقم إن الله عليم خبير)) (3).

ومن ناحية أخري يعبر القران عن حكمة الزوجية ( الحكم الظاهرة ،والباطنة)، وذلك في قوله تعالي: (( ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون)) (4).

 [1]

 

الخلق من نفس واحدة:  يقول سبحانه وتعالي: (( ياأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً وإتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً)) (1)

[2]  وفي آية أخري ، يقول جل وعلي: (( وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الأيات لقوم يفقهون)) (2)

 وسيبقي الأنسان بقرعية أو زوجية الذكر والأتثي يتقلب في رحاب هذه الدنيا ، يملاء أطرافها ويستغل خيراتها حتي يتم قضاء الله ويرث الأرض ومن عليها.

ولا شك أن هذه الظاهرة الزوجية ثمرة ما خلق الله تعالي في فطرة الذكر والأنثي من ميل ورغبة أحدهما للأخر ليستكمل ذاته ويستمر وجوده للمدي الذي قدرة له الله.

يقول المولي عزوجل في كتابه العزيز: (( وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (3)

 ظاهرة الزوجية في أكثر من موضع من القران قد كررها الله سبحانه وتعالي في أكثر من موضع وأوردها كقاعدة وعظم خلقها وبينها كأصل في الكون حيث قال في كتابه الكريم (( فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)) (4)

ويقول أيضاً: (( ألم يك نطفة من مني يمني ثم كان علقة فخلق فسوي فجعل منه الزوجين الذكر والأنثي)) (5)

 ويقول الله عزوجل: (( والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الثلك والأنعام ما تركبون)) (1) [3]

وقال عزوجل: (( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لايعلمون))(2)

مما تقدم من الأيات القرانية يظهر أهمية وضع الأصول التنظمية التي تحمي هذا التواصل الفطري وترسيخه علي القواعد التشرعية، ليحفظ حق كلا من المرأة والرجل تجاه الأخر، وتحديد الواجبات من كلاهما للأخر، كي تصان كرامته وحرمته، وتقي أنسابهما من الدخيل، وتحيط مجتمعهما الصغير.

بالمهابة والتقدير والوقار(2)

الزواج في الإسلام:

إن أول زوجين بلا شك هما أدم وحواء، فلقد خلقهما الله تعالي وأوجد فيهما الطباع التي تيسر تقاربهما وتواصلهما،وقبل هبوطهما إلي الأرض هيأ الله سبحانه وتعالي لهما الأجواء المناخية المناسبة  والأوضاع الطبعية التي تكفل لهما ولذريتهما من بعدهما وسائل ومقومات الحياة وظروفها الأمنة إلي حد كبير.

وبهبوطهما إلي الأرض تكون أول عائلة أوزواج أوأسرة علي وجه الأرض ، وهذه كانت أول لبنة في إقامة المجتمع الأنساني، وهذه طبيعة الخلق والكون قدؤه الله سبحانه وتعالي ، وهذا هو قانون وجود الكون وضرورة الحياة.

ولهذا إهتم الأسلام من بدء البعثة المحمدية بوضع القوانين والأصول التي لاتتغير، لتأسيس الحياة الإنسانية الصالحة والزوجيةالصالحة، وبالتالي المجتمع الصالح.

فلقد إهتم الأسلام بلأسرة علي إختلاف أركانها وكان له نظرة إلي الزواج كمدخل إلي رفع قواعد الحياة المصغرة وبنائها بناء قوياً منيعاً.

فالزواج ليس لنيل الوطر الجنسي وإشباع حاجة الغريزة الجنسية لدي الرجل والمرأة فحسب بل هو أيضا وقبل كل شئ عقد وميثاق بينهما، يكفل نسلا مشرعا ومعروفا وينظم صور المشاركة بينهما للتعاون في إدارة شؤون الأسرة وقضاء حاجتها وتحقيق متطلباتها ومعالجة ما يكتنفها من أجواء نفسية ووجدانية، ويمدها بمزيد من التواد والتراحم والبر والحب ، بعيدا من الطمع بالمال والحرص علي الجمال والحسب والجاه(1).

والنبي (صلي الله عليه وسلم) قال في هذا الموضوع:

(( لاتنكحوا النساء لحسنهن فعسي حسنهن أن يردهن ولا تنكحوهن لأموالهن فعسي أموالهن أن تطغيهن وأنكحوهن علي الدين، ولأمة سوداء حزماء ذات دين أفضل))(2)

وقال أيضا (صلي الله عليه وسلم) (( تنكح المرأة لأربع خصال لدينها ومالها وجمالها وحسبها ونسبها فأظفر بذات الدين تربت يداك)(3).

[4]

الإسلام يحث الإنسان  علي الزواج

قال الله تعالي: (( ومن أياتة أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون)) (1)، وفي الآية الأخري: (( وهن لباس لكم وأنتم لباس لهن))(2)

وقال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): ((يامعشر الشباب من استطاعمنكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))(3).

ومع حث الإسلام علي الزواج يحث في نفس الوقت إختيار الزوج والزوجة الصالحان، ويكفينا قول النبي(صلي الله عليه وسلم) ((الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة))(4)

ثم يصف صلي الله عليه وسلم المرأة الصالحة في الحديث الآخر الذي يقول فيه: (( المرأة الصالحة التي ، إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك))(5)

ولاشك أن الزوج الصالح والزوجة الصالحة هما العنصران الأساسيان في تأسيس المجتمع الصالح  القوي ولأنشاء أجيال صالحة.

المحرمات من النساء

لقد وضع الأسلام القواعد والأصول اللأزمة لتأسيس الأسرة السليمة كما سبق ذكرها، ومن هذه القوانين ـ المخرمات في الأسلام ـ حيث يقول ربنا سبحانه وتعالي: (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخوتكم وعماتكم وخالأتكم ووبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نساءكم وربائبكم اللأتي في حجوركم من نساءكم اللأتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن اللخ كان عفوا رحيماً، والمخصانات من النساء ))(6)

 الإسلام والأنكحة المحرمة في نظره

1 ـ الزواج المؤقت: هو أن يقول الرجل للمرأة تزوجتك حتي نهاية…… ويحدد المدة.

ولكن الزواج المؤقت ليس في مصلحة المرأة ولا في مصلحة الرجل ، وحيث أن النكاح يقتضي رباط مبارك بكلمات الله ورضاه فإن النبي (صلي الله عليه وسلم ) قال (( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله)) وكذلك يقتضي النكاح حسن المعاشرة لهن حيث أمر الله بأمر حازم (( وعاشرهن بالمعروف)).

ومن أجل ذلك اتجهت عناية الأسلام إلي تأبيد الزواج وتحريم توقيته بزمن  لأنه بذلك يهدم المقاصد العامة التي شرع لها الزواج ، ويعرض الحياة الأنسانية إلي أخطار اجتماعية وصحية لايعلم اثارها إلا الله

2 ـ زواج المتعة: هذا وإن زواج المتعة مثل المؤقت باطل لدي جمهور علماء المسلمين وفقهائهم وه غير منعقد ولا يترتب عليه أي حكم من أحمام الزوجية.

ولم يقل بذلك إلا فئة من المسلمين هم الشيعة الامامية معتمدين عل قوله تعالي (( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما ستمتعتم به منهن فأتوهن أجوراهن فريضة)) (1)

ودليل الجمهور وردهم من الكتاب وهو قوله تعالي:(( والذين هم لفرجهم حافظون إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون)) (2)

لقد أباح الله في هذه الأية الكريمة وغيرها بنكاح المرأة بطريقتين إثنين:

1 ـ الزواج المعروف عرفا وشرعا

2 ـ ملك اليمين

ولم يذكر المتعة ولا الزواج المؤقت

[5]

وفي الحديث : عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: (( نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية))

وروي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان قائما بين الركن والمقام وهو يقول : إني قد أذنت لكم في المتعة فمن كان عنده شئ فليفارقه ولا تأخذوا مما أتيتموهن شيئا فإن الله قد حرمها إلي يوم القيامة، هذا وقد انعقد الأجماع علي ذلك من الأمة بأسرها))

المحرمات من النساء

والمحرمات من النساء قسمين:  1ـ المحرمات تحريما مؤقتا        2ـ والمحرمات تأبيداً

 1 ـ أما المحرمات مؤقتاً فهن:

ـ الأختان من النسب أو الرضاعة فيحرم الجمع الجمع بينهما في عقد واحد لقوله تعالي (( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا قال :(( لايجمع بين المراة وعمتها ولا بين الورأة وخالتها)) *

ـ المرأة التي تزيد عن أربع : لايجوز الجمع بين أكثر من أربع نسوة. وذلك لأن رسول الله صلي الله عليه وسلمقال لتفيلان الثقفي عندما أسلم وكان عنده عشرة نسوة أن يختر منهن أربعا وفارق سائرهن))

ـ المرأة المتزوجة ما دامت في عصمة زوجها:

[6]

2 ـ المحرمات من النساء تحريماً تأبيدياً هن أربع:

  ـ المحرمات من النسب يقول تعالي (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت …))

ـ المحرمات بالرضاع  لقوله تعالي (( وأمهاتكم اللأي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة))

ويقول صلي الله عليه وسلم (( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))

المحرمات بالمصاهرة  وهن أمهات نساء الزوج وحلائل الأباء و ذلك لقوله تعالي (( ولا تنكحوا ما نكح أبائكم من النساء إلا ما قد سلف))

ـ  حلائل الأبناء  لقوله تعالي (( و حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم))

ـ الربائب وهن ابناء نساء الزوج اللاتي دخل بهن يقول تعالي (( وربائبكم اللائي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلاجناح عليكم))

4 ـ المراءة الملاعنه:  وهي التي قذفها زوجها بالزني ولم يكن لها شهداء فإنه يطبق عليها قوله تعالي (( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهن شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين))1

وكل هذه المحرمات ذكرت جميعا في هذه الآية الكريمة: (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم و أخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللائ أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم الائ في حجوركم من نسائكم اللائ دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان عفوا رحيماز والمحصنات من النساء)) 2

[7]
حكم نكاح المسلمين من غير المسلمين

لقد تكلمنا فيما سبق عن الزواج في الأسلام بشكل عام وقد كان ذلك مقدمة للموضوع الأساسي وهو الزواج من غير المسلمين وحكم الشرع فيه في المقدمة نذكر بعض الأيات القرانية التي وردت لبيان حكم نكاح المسلم من غير المسلم.

 ـ (( يأيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلاترجعهن إلي الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن وأتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا أتيتمهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم خبير))1

ـ (( ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشرطة ولو أعجبتكم . ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلي النار والله يدعوا إلي الجنة والمغفرة بإذنه))2

 ـ (( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم))3

من هذه الآيات نفهم إباحة الزواج من الكتابيات، ولكي نفهم الموضوع بشكله الفقهي، نبداء في معرفة معني الأية الخامسة من سورة المائدة التي تتحدث عن طعام أهل الكتاب والزواج من نسائهن.

* يقول الألوسي في تفسير روح المعاني في تفسير القران العظيم، في قوله تعالي: (( والمحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم)) وإن كن حربيات كما في الظاهر))4

 ولكن روي عن ابن عباس رضي الله عنهما لايجوز نكاح الحربيات وخص الأية بالزميات  واحتج بقوله تعالي (( لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله)) ولأن النكاح مقتضي للمودة لقوله تعالي (( خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل بينكم مودة ورحمة))

(( وفي القرطبي في الرواية الأخري عن ابن عباس أن هذا علي العهد دون دار الحرب فيكون خاصاً)) 5

[8]

وقد قال الجصاص وهذا عندنا يدل علي الكراهية وأصحابنا يكرهون مناكحة أهل الحرب.

وذهب الأمامية إلي أنه لايجوز عقد نكاح الدوام علي الكتابيات لقوله تعالي (( ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن)) ولقوله تعالي ((ولاتمسكوا بعصم الكوافر))، وأولوا هذه الأية بأن المراد من المحصنات من الذين أتوا الكتاب اللاتي أسلمن منهن.

والمراد من المحصنات من المؤمنات اللاتي كن في الأصل مؤمنات وذلك أن قوما كانوا يتحرجون من العقد علي من أسلمت عن كفر فبين الله سبحانه وتعالي أنه لاحرج في ذلك.

وإلي تفسير المحصنات ممن أسلمن ذهب ابن عمر رضي الله عنه أيضا، ولا يخفي أنه خلاف ظاهر.

وأخرج عبد الزاق وابن المنذر عن جابر ابن عبد الله أنه سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال : تزوجناهن زمن الفتح ونحن لانكاد نجد المسلمات كثير فلما رجعنا طلقناهن.

وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه سئل أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال ما له ولأهل الكتاب وقد أكثر الله تعالي المسلمات فإن كان لابد فاعلا فليعمد إليها حصانا غير مسافحة فقال الرجل والمسافحة؟ قال هي التي إذا ألمح الرجل إليها بعينه اتبعته ((إذا أتيتموهن أجورهن)) أي مهورهن وهي عوض الأستمتاع بهن كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.

ويجوز أن يراد بالإيتاء أي التعهد والالتزام مجاناً ولعله أقرب من الأول(1)

( محصنين): أي أعفاء بالنكاح

(غير مسافحين): أي غير مجاهرين بالزنا

(ولا متخذي أخدان): يقصد به الصداقة الغير شرعية

(الخدن): الصديق يقع على الذكر والأنثي.(2)

[9]

حكم نكاح المشركات والكتابيات

ذكر الإمام القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القران سبعة مسائل في قوله تعالي (( ولاتنكحوا المشركات حتي يؤمن )) نذكرها بإختصار.

المسألة الأولي: قراءة الجمهور بفتح التاء ـ كأن المعني أن المتزوج بها أنكحها من نفسه ، والنكاح أصله الجماع.

المسألة الثانية: بين أن مناكحة المشركين لاتصح.

المسألة الثالثة: اختلف العلماء في تأويل هذه الأية فقالت طائفة حرم الله نكاح المشركات في سورة البقرة ثم نسخ من العموم نساء أهل الكتاب في سورة المائدة.

وروي هذا القول عن ابن عباس وبه قال مالك ابن أنس، وسفيان ابن سعيد الثوري،وعبد الرحمن أبن عمر الأوزاعي.

وقال قتادة وسعيد أبن جبير لفظ الأية العموم في كل كافرةوالمراد بها الخصوص في أهل الكتاب وبينت الخصوص أية المائدة ولم يتناول العموم قط الكتابيات. وهذا أحد أقوال الشافعي

وعلي القول الأول (( يتناولهن العموم ثم نسخت أية المائدة بعض العموم)) مذهب الأمام مالك رحمه الله.

 وقال إسحاق ابن إبراهيم الحربي: “ذهب قوم فجعلوا الأية التي في سورة البقرة هي الناسخة والتي في سورة المائدة هي المنسوخة،فحرموا نكاح كل مشركة أو كتابية أو غير كتابية”.

قال النحاس: رواية عن نافع ، أن عبد الله أبن عمر كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال: حرم الله المشركات علي المؤمنين ولا أعرف شيئا من الأشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها المسيح، قال النحاس هذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم الحجة بهم.

فقد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب جماعة من الصحابة والتابعين ، منهم  عثمان وطلحة وابن عباسوجابر وحزيفة. ومن التابعين سعيد ابن المسيب وسعيد أبن جبير والحسن ومجاهد وطاووس وعكرمة والشعبي والضحاك وفقهاء الأمصار عليه.

 والذي يمنع أن تكون الآية من سورة البقرة ناسخة للآية في سورة المائدة ، أن البقرة من أول ما نزل في المدينة والمائدة من آخر ما نزل، وإنما الآخر ينسخ الأول.

وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان رجلاً متوقفاً، فلما سمع التحليل في آية والتحريم في الأخري ولم يبلغه النسخ توقف ولم يؤخذ عنه ذكر النسخ وإنما تؤول وليس الناسخ والمنسوخ بالتأويل.

وذكر ابن عطية: وقال ابن عباس في بعض ما روي عنه: إن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات.

وكل من علي غير الإسلام حرام، فعلي هذا هي ناسخة للآية التي في المائدة وينظر إلي قول ابن عمر في الموطأ :”و لا أعلم مشركة أعظم من أن تقول المرأة ربي عيسي”.

وروي عن عمر أنه فرق بين طلحة ابن عبيد وحذيفة ابن اليمان وبين كتابيتين وقالا: نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال لو جازا طلاقكما لجاز نكاحكما ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة.

قال ابن عطية :هذا ليس إسناد جيد، واسند عنه أن عمر أراد التفريق بينهما فقال له حذيفة أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين فقال لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن، وروي عن ابن  عباس نحو هذا .

وذكر ابن المنذر جواز نكاح الكتابيات عن عمر ابن الخطاب ،ومن ذكر سابقاً من الصحابة والتابعين في قول النحاس.

وقال بعض العلماء : وأما الآيتان فلا تعارض بينهما فإن ظاهر لفظ الشرك لايتناول أهل الكتاب لقوله تعالي: (( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب و لا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم))1، وقال تعالي (( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ))2، فرق بينهم في اللفظ، وظاهر العطف يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، وأيضاً فاسم الشرط عموم وليس بنص، وقوله تعالي (( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب))3

بعد قوله (( والمحصنات من المؤمنات)) نص إذا فلا تعارض بين المحتمل وبين غير المحتمل.

[10]

المسألة الرابعة: وأما النكاح من أهل الكتاب في دار الحرب فلا يحل ، فقد سئل ابن عباس عن ذلك فقال لايحل وتلا قوله تعالي (( قاتلوا الذين لايؤمنون بالله واليوم الأخر)) 1

قال المحدث: حدث بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه. وكره مالك تزوج الحربيات لعلة ترك الولد في دار الحرب.

المسألة الخامسة : قوله تعالي(( وأمة مؤمنة خير من مشركة))  إخبار بأن المؤمنة المملوكة خير من المشركة وإن كانت ذات الحسب والمال((ولو أعجبتكم)) في الحسن وغير ذلك، وهذا قول الطبري وغيره (2)

 المسألةالسادسة: واختلف العلماء في نكاح إماء أهل الكتاب ، فقال مالك لا يجوز نكاح الأمة الكتابية، وقال أشهب في كتاب محمد فيمن أسلم وتحته أمة كتابية أنه لايفرق بينهما.

وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز نكاح إماء أهل الكتاب. قال ابن العربي : درسنا الشيخ أبو بكر الشاس بمدينة السلام ، قال إحتج أصحاب أبي حنيفة علي جواز نكاح الأمة الكتابية بقوله تعالي (( ولأمة مؤمنة خير من مشركة)) ووجه الدليل من الأية أن الله سبحانه تعالي خاير بين نكاح الأمة والمشركة فلو لم يكن جائز لما خاير الله بينهما، لأن المخايرة إنما هي بين الجائزين لابين جائز وممتنع…

المسألة السابعة: واختلفوا في نكاح نساء المجوس، فمنع مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وإسحاق ذلك. وقال ابن حنبل لا يعجبني. وروي أن حذيفة ابن اليمان تزوج مجوسية وأن عمر قال له طلقها. وقال ابن القصار: قال بعض أصحابنا يجب علي أحد القولين أن لهم كتابا أن تجوز مناكحتهم.

وروي ابن وهب عن مالك أن الأمة المجوسية ، لايجوز أن توطأ بملك اليمين. وكذلك الوثنيات وغيرهن من الكافرات، وعلي هذا جماعة العلماء، إلا ما روي يحي ابن أيوب عن ابن جرير عن عطاء وعمرو ابن دينار أنهما سئلا عن نكاح الإماء المجوسيات فقالا لا بأس بذلك ، وتألوا قوله تعالي (( ولا تنكحوا المشركات)) هذا عندهم علي عقد نكاح  لا علي أمة مشتراة بملك اليمين.

قال النحاس هذا قول شاذ، وإحتجاجهم بقوله تعالي (( ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن)) فقط لأنهم حملوا النكاح علي العقد(( ولا تنكحوا المشركات )) حرم كل نكاح يقع علي المشركات من نكاح ووطء.

وقال عمر ابن عبد البر: قال الأوزاعي ، سألت الزهري عن الرجل يشتري المجوسية أيطؤها فقال إذا شهدت أن لا إله إلا الله وطئها. وعن يونس عن شهاب : قال لا يحل له أن يطئها حتي تسلم[11]

وجملة القول كما يلي:

1 ـ من لايبيح نكاح الكتابيات، وهم يعتبرون الكتابية مثل المشركة، أي لايفرقون بين المتابية والمشركة مثل عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما.

2 ـ الأكثرية من الفقهاء والمفسرين يقولون بإباحة نكاح الكتابية وذلك من ظاهر الآية.

3 ـ القول الثالث : وإن كان قد أحل الله نكاح الكتابية ( اليهودية والنصرانية ) ولكنه أمر مستثقل ومذموم، وفي الحقيقة  أن الأن واقع المسلمين المتزوجين من الكتابيات خاصة في أوربا يعيشون النتيجة الفعلية لهذا الأمر من مشاكل دينية وثقافية وإجتماعية كما سمعنا ونسمع من بعض هؤلاء.

ولعل هذا أمر أباحه الله عند الضرورة لعباده المسلمين والضرورات تبيح المحذورات ،مع العلم أن الضرورة تقدر بقدرها.

المشكلات والصعوبات التي تعيشها الأسرة عند زواج المسلم من غير المسلمة

من المشاكل التي تنتج عن مثل هذا الزواج:

أولاً: اختلاف العقلية بين الترفين تسبب سوء الفهم بين الزوج والزوجة، علي سبيل المثال قضية الزي الإسلامي فالنساء الأوربيات ليس عندهن حساسية ارتداء هذا الزي والزوج المسلم لا يريدها أن ترتدي حجاباً ولمن علي الأقل يطلب منها أن تراعي بعضاً من الأمور الأخلاقية.

وتصرفاتهن مع الرجال الآخرين مثلاً لا يوجد عندهن حدود جادة كما عند المسلمين وهذا يضيق المسلم الغيور علي دينه، وعندما يتدخل ولو قليلاً تعترض الزوجة وتقول ليس من حقك أن تتدخل في تصرفاتي الشخصية وتبداء المشكلة، ولا شك أن هناك استثناءات كثيرة فمن هن من يراعين الأمور الأخلاقية ويسعين لإرضاء الزوج.

ثانيا: اختلاف العرف والعادات فمثلاً هي تري من حقها الاحتفال بعيد رأس السنة علي الطريقة المعتادة في أوربا من رقص وشرب للخمر وكذلك في عيد الميلاد، وما أشبه ذلك والمسلم لا يمانع من الاحتفال بذلك ولكن يعترض علي الأختلاط مع الرجال وشرب الخمر والرقص معهم ومن هنا تبداء المشكلة.

ثالثاً: الأولاد وتربيتهم تسبب مشكلة كبري فهو يريد تربية الأولاد علي الإسلام وهي تريد منهج آخر في التربية ومن هنا تبداء المشكلة.

رابعاً: التشويه الأعلامي ضد الأسلام حيث التأثير الكبير علي الأوربيين وهذا بالطبع له تأثير علي هذه العلاقة الزوجية.

خامساً: الأقارب وهذه المسألة يمكن أن تري من الجانبين ، جانب الزوج وجانب الزوجة ـ أقرباء الزوج المسلم لايستطيعون أن يقبلوا بسهولة إمرأة مسلمة بعاداتها اللاأخلاقية فما بالك بغير المسلمة.

ـ أقرباء الزوجة الغير مسلمة ،  فنتيجة التأثر بالتشويه الأعلامي عن الأسلام والمسلمين لايقبلون هذا الزوج بسهولة ويسعون للتفريق بين الزوجين.

سادساً: إنعدام القدوة من الزوج المسلم أمام زوجته الغير مسلمة  الذي بدوره يؤدي  إلي عدم إحترام الزوجة لأمر الدين وكذلك أسرتها وهذه المشكلة  ليست بالأمر الهين لأن بالقدوة الحسنة فتح المسلمين قلوب العباد والبلاد كما هو الحال في أندونيسيا, فعندما يلتزم المسلم بدينه، يغير بذلك الصورة السيئة التي تكونت لديهم من الإعلام المسموم وينشأ بينهم إحترم متبادل لدين وأخلاق وعادات كلا الطرفين و قد يؤثر ذلك تأثيرا إجابيا علي الزوجة وعلي أقربائها الذي أدي في كثير من الأحيلن إلي إسلام الزوجة وبعض الأقرباء أو كلهم.

واستخلاصاً من هذه المشاكل التي ذكرت آنفاً، نري توافقاً مع رأي العلماء الذين يقولون مع أن نكاح الكتابيات حلال إلا أنه مستثقل ومذموم ففيه مشقات ومشكلات وعوائق لتأسيس أسرة سعيدة والله أعلم.

حكم نكاح المشركات

ذكرنا حكم نكاح الكتابيات ورأينا أنها مع بعض الصعوبات والمشكلات المحظورات ولكنها حلال بظاهر الأية ومعناها.

والأن سنذكر حكم نكاح الكشركات والمقصود من المشركات هنا اللتي ليست من أهي الكتاب.

من خلال بحثنا في خكم الزواج بغير المسلمات رأينا أن جمهور العلماء ر يجزون الزواج بالتي لا تنتمي إلي دين سماوي أو التي ليس لها كتاب ، وذلك لقوله تعالي (( ولا تنكحوا المشركات )) وبهذا حرم الله عزوجل كل نكاح يقع علي المشركات من نكاح ووطء.

وعلي هذا تأويل جماعة العلماء في قوله تعالي (( ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن )) أنهن الوثنيات والمجوسيات، لان الله تعالي قد أحل الكتابيات بصريح الأية  وفرق المشركات من الكتابيات.

حكم نكاح المسلمات من المشركين

هذا حرام بصريح الأية الكريمة في قوله تعالي: (( ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا)) 1

ولقد أجمعت الأمة علي أن المشرك لا يطأ المؤمنة بأي وجه من الوجوه لما في ذلك من الغضاضة علي الأسلام(2) ، والأية الكريمة صريحة في ذلك، وليست في حاجة إلي تأويل.

[12]

توصياتنا إلي المتزوجين بغير المسلمات

1 ـ قبل كل شئ علي الزوج المسلم أن لاينسي أنه مسلم وأنه يمثل دين الأسلام تجاه زوجته الغير مسلمة وتجاه أقرباءها الغير مسلمين.

2 ـ أن يعاشر زوجته مسلمة كانت أو غير مسلمة بالحسني فيراعي حقوقها ويخسن إليها ولا يحقرها

امتثالا لقوله صلي الله عليه وسلم ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))الحديث

3 ـ أن يحترم أقرباء زوجته ويحسن إليهم ويعتبرهم أقرباء له.

4 ـ أن يعتبر نفسه مسؤلا عن تعاليم الأسلام وأخلاقه تجاه نفسه وتجاه الأخرين.

5 ـ أن يكون قدوة حسنه فيستطيع بذلك تبليغ الدعوة إلي زوجته وأقرباءها ومن حوله من خلق الله.

6 ـ ذكر الشيخ حسن خالد في كتابه (( الزواج بغير المسلمين) بعد أن أوفي الموضوع بحثا ، نصيحة بليغة ، ولقد وجدت من عظيم الفائدة ذكرها كما كتبها الشيخ الجليل، وهذا نصها:

(( هذا وإن الإباحة المطلقة المشهورة لدي عامة فقهاء المسلمين بالزواج من نساء أهل الكتاب ((اليهود والنصاري)) كما هو مقتضي نص الآية الكريمة ، لم تترك دونما تنبيه وتوجيه إلي أن يفضل بل يطلب من كل مسلم يريد  أن يقدم علي مثل هذا الزواج لظروف خاصة يبه أن يكون متين العقيدو نلما بأحكام شريعته متجملا بتطبيقها وممارسة أحكامها وشرائعها. وإلا فإنهم يذهبون إلي الحكم بكراهة هذا الزواج كراهة تحريمية . لأن زواج المسلم من كتابية وهو مزعزع العقيدة جاهل بأحكام الشريعة زائغ عن سواء الحق يكون سببا لضياعه وضياع ذريته من بعده ومرمقهم من الإسلام كما يمرق السهم من الرامية.

وفي هذه الحالة سقضلون له الزواج من المسلمة المتدينة ،وذلك أخذا من قوله صلي الله عليه وسلم (( فأظفر بذات الدين تربت يداك)) ،ولأن فيه ضمان صخة عقيدته وسلامة دينه ونجاة أسرته وحسن نشأة أولاده في ظل الإسلام.

علي أن الزواج من المسلمات المؤمنات وتفضيلهن علي سواهن من أهل الملل الأخري دعما لأعتبارهن وحفظا لهن من البوار والإنحراف وصونا للمجتمع الإسلامي من أن يعتريه التفكك أو يداخله الفساد. كما أن فيه تأهيلاً لهذا المجتمع ليكون أكثر قدرة علي العطاء و التكاثر والنمو وأجدر علي التماسك والصمود في وجه التحديات المختلفة ليبقي محمي الكيان قوي البنيان مصون الكرامة موفور المهابة والعزة )) الشيخ حسن خالد في كتابه ( الزواج بغير المسلمات)

من هم أهل الكتاب..؟؟

ذهب الجمهور من السلف والخلف إلي أن المراد من لفظ أهل الكتاب  اليهود والنصاري ولا يدخل فيهم المجوس ولا الصابئون علي القول الأرجح.

يقول ابن قدامة ( فأهل الكتاب اليهود والنصاري ومن دان بدينهم كالسامرة فإنهم  يدينون بالتوراة ويعملون بشريعة موسي عليه السلام، وفرق النصاري من اليعقوبية والنسطورية والملكية والفرنجية والروم والأرمن وغيرهم ممن دان بالأنجيل وإنتسب إلي عيسي عليه السلام وعمل بشريعته فكلهم من أهل الكتاب. ومن غير هؤلاء من الكفار فليس من أهل الكتاب. بدليل قوله تعالي (( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب علي طائفتين من قبلنا)).

واختلف أهل العلم في الصابئين،  فروي عن أحمد أنهم من جنس النصاري، وقال في موضع أخر : بلغني أنهم يسبتون فهؤلاء إذا اسبتوا فهم من اليهود، وروي عن عمر أنه قال : هم يسبتون، وقال مجاهد : هم بين اليهود والنصاري، وقال السدي والربيع هم من أهل الكتاب، وتوقف في أمرهم الإمام الشافعي.

 والصحيح أنه ينظر في أمرهم فإن كانوا يوافقون أحداً من أهل الكتابين في نبيهم ودينهم فهم منهم، وإن خالفوهم فليسوا منهم، أي أهل الكتاب، فيروي عنهم أنهم يقولون : إن الفلك ناطق و إن الكواكب السبعة آلهة فإن كانوا كذلك فهم من الوثنيين.

وأما الذين لهم شبة كتاب فهم المجوس، فإنه يروي أنه كان لهم كتاب فرفع فصار لهم بذلك شبه أوجبت حقن دمائهم ولم ينص في إباحة نكاح نسائهم ولا أكل ذبائحهم ودليل ذلك قول أكثر أهل العلم(1)و في فتاوي قاضحان (( وتؤخذ الجزية من الصابئة عند أبي حنيفة)) (2)

ويقول “العيني” والكتابي: (( هو الذي يؤمن بنبي ويقر بكتاب ويعني به اليهود والنصاري، ومن أمن بزبور داود وصحف إبراهيم وشيت عليه السلام))

ثم ينقل إجماع الأئمة الأربعة وفقهاء الأمصار والصحابة علي تحريم الزواج من المجوسيات.

ويقول في المبسوط : لا يجوز نكاحها لأنها ليست من أهل الكتاب(3)

[13]

ومن علماء هذا العصر الشيخ رشيد صاحب المنار توسع في فهم لفظ أهل الكتاب وجعلها شاملة للمجوس والصابئ والبوذي والبرهمي والكونغوشيوس الصيني ووثني اليابان والهندوس لأنه يري أنهم جميعاً يؤمنون بنبوة بعض الأنبياء والمرسلين ويعتقدون بنزول الوحي وباليوم الآخر والحساب والعقاب والجنة والنار مثلهم كمثل أهل الكتاب من اليهود والنصاري(1)، ولكن الاتجاه الغالب لدي جمهور الفقهاء هو أن المراد من لفظ أهل الكتاب (اليهود والنصاري) ومن عداهم كالصابئة والمجوس فمختلف فيهم بين إلحاقهم بأهل الكتاب وإتباعهم بهم أو غير ذلك والأصح أنهم ليسوا من أهل الكتاب(2)

[14]

1ـ سورة النساء الأية 10

2ـ سورة الذاريات الأية

3ـ سورة الخجرات الأية 13

4 ـ سورة الروم الأية 21

1 ـ سورة النساء الأية 10

2 ـ سورة الأنعام الأية 98

3 ـ سورة الروم الأية 21

4 ـ سورة الشوري الأية11

5 ـ سورة القيامة 37 ـ 39

1 ـ سورة الزخرف الأية (12)

2 ـ سورة يس الأية (36)

3 ـ الشيخ حسن خالد: الزواج بغير المسلمين

1 ـ الشيخ  حسن خالد: الزواج بغير المسلمين

2 ـ الجامع الصغير للأمام السيوطي

3 ـ المصدر السابق

1 ـ سورة الروم الأية 21

2 ـ سورة البقرة الأية 187

3 ـ متفق عليه

4 ـ رواه مسلم

5 ـ فتح القدير

6 ـ سورة النساء الأيات 23 ـ 24

1 ـ سورة النساء الأية 24

2 ـ سورة المؤمنين من 6 ـ7

* متفق عليه

1 ـ سورة النور الأية  6       2 ـ سورة النساء الأيات 23 ـ 24

1 ـ سورة الممتحنة الأية 10       2 ـ سورة البقرة الأية : 221      3 ـ سورة المائدة الأية  :5        4 ـ تفسير الألوسي : روح المعاني

5 ـ تفسير القرطبي : الجامع لأحكام القران

1 ـ الأوسي : روح المعاني                2 ـ المصدر السابق

1 ـ سورة البقرة  الأية  105            2 ـ سورة البينة الأية  1        3 ـ سورة المائدة الأية 5

          [11]

      1 ـ سورة التوبة الأية 29   2 ـ الجامع لأحكام القران الكريمللقرطبي

1 ـ سورة البقرة الأية 221       2 ـ الجامع لأحكام القران للقرطبي

1 ـ المغني لابن قدامة    2 ـ شرح فتح القدير : لابن الهمام        3 ـ البناية: شرح الهداية للعيني ـ الزواج بغير المسلين : حسن خالد

1 ـ المبدع شرح المقنع ـ الشيخ حسن خالد    2 ـ تفسير المنار       3 ـ الزواج بغير المسلمين : الشيخ حسن خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق