الفتاوى

الصلاة

رقم الفتوي: 4010

تاريخ النشر: 6 نوفمبر,2018

صلاة الغائب على من تمت الصلاة عليه حاضرا

السؤال

فتاوى الدورة الثانية دبلن – أيرلندا 19-21 جمادى الآخرة 1419هـ، الموافق لـ 9-11 أكتوبر 1998م فتوى 21 (1/2) صلاة الغائب على من تمت الصلاة عليه حاضراً السؤال: كثيرًا ما يحدث عندنا أن ينقل إلينا خبر وفاة شخص ما في أحد الأقطار الإسلامية فيطلب منا أن نصلي عليه صلاة الغائب، وذلك ابتغاء للأجر، وقد تكرر هذا الأمر كثيرًا، فاعترض علينا بعض الإخوة بعدم جواز هذه الصلاة، وذلك لأن المتوفى قد صُلي عليه في بلده، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه صلى على ميت صلاتين، وبناءً على ذلك يكون عملنا من قبيل الابتداع في دين الله تعالى. فسؤالنا هو: هل يجوز لنا أن نصلي صلاة الغائب على شخص قد صليت عليه صلاة الجنازة في بلده؟ الجواب: لا خلاف بين أهل العلم أن الأصل في صلاة الجنازة أن تكون على ميت حاضر، وأن توضع بين يدي الإمام والمصلين معه، كما ثبت ذلك في السنة القولية والفعلية والتقريرية. فأما الصلاة عليه وهو غائب فقد ثبتت أحاديث صحاح مشهورة متفق عليها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي حين مات بأرض الحبشة، فنعاه إلى المسلمين وقال: “قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه”، قال جابر بن عبدالله: فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف. …

الإجابة

فتاوى الدورة الثانية

دبلن – أيرلندا

19-21 جمادى الآخرة 1419هـ، الموافق لـ 9-11 أكتوبر 1998م

فتوى 21 (1/2)

صلاة الغائب على من تمت الصلاة عليه حاضراً

السؤال: كثيرًا ما يحدث عندنا أن ينقل إلينا خبر وفاة شخص ما في أحد الأقطار الإسلامية فيطلب منا أن نصلي عليه صلاة الغائب، وذلك ابتغاء للأجر، وقد تكرر هذا الأمر كثيرًا، فاعترض علينا بعض الإخوة بعدم جواز هذه الصلاة، وذلك لأن المتوفى قد صُلي عليه في بلده، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه صلى على ميت صلاتين، وبناءً على ذلك يكون عملنا من قبيل الابتداع في دين الله تعالى.

فسؤالنا هو: هل يجوز لنا أن نصلي صلاة الغائب على شخص قد صليت عليه صلاة الجنازة في بلده؟

الجواب: لا خلاف بين أهل العلم أن الأصل في صلاة الجنازة أن تكون على ميت حاضر، وأن توضع بين يدي الإمام والمصلين معه، كما ثبت ذلك في السنة القولية والفعلية والتقريرية.

فأما الصلاة عليه وهو غائب فقد ثبتت أحاديث صحاح مشهورة متفق عليها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي حين مات بأرض الحبشة، فنعاه إلى المسلمين وقال: “قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه”، قال جابر بن عبدالله: فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف. وفي رواية قال: “إن أخًا لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه”([1]).

والصلاة على الميت دعاء ورحمة، ينتفع بها الغائب كما ينتفع بها الحاضر، وهذا معنى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وهو غائب، وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة.

ولا يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي لأنه لم يصل عليه أحد، فإنه لم يأت في الأحاديث أنه لم يصل عليه أحد، بل عللت الصلاة عليه بكونه رجلًا صالحًا، ولم تعلل بكونه لم يصل عليه أحد.

كذلك الصلاة على من صُلّي عليه مشروعة أيضًا، كما ثبت عن يزيد بن ثابت أخي زيدٍ قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: فلانة فعرفها. فقال: “ألا آذنتموني بها؟”، قالوا: يا رسول الله كنت قائلًا([2]) صائمًا، فكرهنا أن نؤذيك. فقال: “لا تفعلوا، لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه رحمة”، ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، وكبر عليها أربعًا([3]).

فرسول الله صلى الله عليه وسلم كرر الصلاة على ميت بعد دفنه بعد أن صلى عليه أصحابه.

فخلاصة الذي نراه جواز الصلاة على الغائب ما لم يتخذ عادة، واتخاذه عادة غير مشروع فإن الأمة لم تعرف الصلاة على كل ميت غائب، إنما كانوا يفعلون ذلك لمن كان له اعتبار خاص عند المسلمين، كالنجاشي لما له من نصرة المسلمين الذي هاجروا إليه للحبشة، وكالمرأة السوداء التي كانت تنظف مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لما لها من المعروف للمسلمين([4]).

ونذكر إخواننا بأن هذه المسألة من مسائل الخلاف، فلا ينكر فيها على المخالف ولا يصح وصفها بالبدعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])     متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1257، 3664)، والرواية الأولى له؛ ومسلم (رقم: 952)، والرواية الأخرى له، من حديث جابر بن عبدالله.

([2])     من القيلولة، وهي: الاستراحة نصف النهار.

([3])     أخرجه النسائي (رقم: 2022)؛ وابن ماجة (رقم: 1528)، من حديث يزيد بن ثابت أخي زيد بن ثابت.

([4])     كما في حديث أبي هريرة: أن امرأة سوداء كانت تقمُّ المسجد، أو شابًا، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات، قال: “أفلا كنتم آذنتموني؟”، قال: فكأنهم صغَّروا أمرها، أو أمره، فقال: “دلوني على قبره”، فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: “إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم” متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 446، 448، 1272)؛ ومسلم (رقم: 956).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق