

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد، فقد مضى على تأسيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أزيد من ربع قرن أنتج خلالها تراثاً فقهياً ثرياً أسهم في ترسيخ الوجود الإسلامي في أوروبا، ومكَّن المسلم الأوروبي من الموازنة بين العيش بدينه ومقتضيات المواطنة وواجباتها، كما حصَّن الوجود الإسلامي في الغرب من مخاطر الغلو والتشدد، والإفراط والتسيب، وأحدث المجلس خلال مسيرة العطاء تلك حراكاً فقهياً كبيراً دعّم بصورة مباشرة وغير مباشرة حركة الاجتهاد الفقهي المعاصر، والتجديد الفقهي المنشود.
وبعد انقضاء هذه الفترة الطويلة من عمر المجلس وبعد هذا الإنتاج العلمي المبارك وعلى أعتاب مرحلة زمنية جديدة يقوم المجلس في هذه الدورة بمراجعات منهجية لأصوله وقواعده التي بنى اجتهاداته عليها؛ ليثبتها ويرسخها، ويبينها ويرفع اللبس عنها، أو ينقدها ويصححها.
كما يقوم المجلس في هذه الدورة بتقييم نتاجه العلمي ومراجعة ما حققه من أهداف رسمها لنفسه عند تأسيسه، وهل نجح المجلس في بناء مرجعية فقهية وإفتائية للمسلمين في أوروبا، وهل استطاع تقليل الخلاف بين المسلمين في قضايا الفروع والجزئيات وجمعهم على الأصول والكليات؟