البحوث

قضايا طبية تخص مسلمي أوروبا

 

قضايا طبية تخص مسلمي أوروبا

 

“دراسة فقهية مزودة بالقرارات الجماعية”

بقلم:

أ.د. علي محيي الدين القره داغي

 

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

ونائب رئيس المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث

 


الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد ، وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين …. وبعد

فإن المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث قد طلب مني كتابة بحث حول ( قضايا طبية فيما يخص مسلمي أوروبا ) وسأتناول في البحث بالتأصيل الفقهي ، والبعد المقاصدي ما يأتي :

  • التداوي عند طبيب غير مسلم وضوابطه ، أو عند غير جنسه .
  • الجراحات التجميلية.
  • الوشم وسواه من الزينة الشائعة في العرف الأوربي، كوضع القرط في أماكن مختلفة من الجسم.
  • التلقيح الصناعي: أحكامه وضوابطه.
  • الإجهاض: صوره في أوروبا وأحكامه الفقهية

والله تعالى أسأل أن يكسو عملنا ثوب الاخلاص ، وأن يلهمنا الصواب ، ويعصمنا من الزلل والخلل في العقيدة والقول والعمل ، إنه حسبنا ومولانا ، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير .

 

                                                                    كتبه الفقير إلى ربه

                                                                 علي محيي الدين القره داغي

                                                                الدوحة 30 رجب 1435هـ – 29 مايو 2014م

 


    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد ، وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين …. وبعد،،،

فإن المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث قد طلب مني كتابة بحث حول ( قضايا طبية فيما يخص مسلمي أوروبا ) وسأتناول في البحث بالتأصيل الفقهي ، والبعد المقاصدي ما يأتي :

  • التداوي عند طبيب غير مسلم وضوابطه ، أو عند غير جنسه .
  • الجراحات التجميلية.
  • الوشم وسواه من الزينة الشائعة في العرف الأوربي، كوضع القرط في أماكن مختلفة من الجسم.
  • التلقيح الصناعي: أحكامه وضوابطه.
  • الإجهاض: صوره في أوروبا وأحكامه الفقهية

والله تعالى أسأل أن يكسو عملنا ثوب الاخلاص ، وأن يلهمنا الصواب ، ويعصمنا من الزلل والخلل في العقيدة والقول والعمل ، إنه حسبنا ومولانا ، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير .

                                                 كتبه الفقير إلى ربه

                                                  علي محيي الدين القره داغي

                                                      الدوحة 30 رجب 1435هـ – 29 مايو 2014م


 

التعريف بالتداوي العلاج :

  التداوي لغة مصدر : تداوى المريض تداوياً أي تناول الدواء ، وأما داوى فهو متعد فيقال : داوى الطبيب المريض مداواة ودِواء أي عالجه[1] .

وأما العلاج فهو مصدر : عالج الطبيب المريض يعالج معالجة وعلاجاً ، أي داواه[2] .

فعلى ضوء ذلك فالتداوي هو من جانب المريض ويقصد به : تناوله الدواء ، أو قيامه بإجراء الفحوصات والعمليات الدراحية ، أو الطبيعية او النفسية لأجل البرء من المرض بإذن الله تعالى .

وأما المداواه والعلاج فهما من جانب الطبيب ، لأنهما من الأفعال المتعدية (حسب المصطلح الصرفي) وحينئذٍ يكون معناهما: قيام الطبيب بإعطاء الدواء ، أو إجراء العمليات أو نحو ذلك مما يؤدي إلى الشفاء بإذن الله تعالى .

حكم التداوي :

  اختلف الفقهاء في حكم التداوي بالنسبة للمريض ، هل هو واجب فيكون المريض الذي يترك التداوي آثماً يستحق الذم والعقوبة من عند الله تعالى ؟ أو أنه مندوب فيكون على تداويه ثواب ، ولا يكون على تركه اثم ولا عقاب ؟ أو انه مباح ليس فيه ثواب ولا اثم ، أو انه محرم فيكون آثماً إذا تداوى ؟ أو انه مكروه بحيث إذا فعل يستحق العتاب وإن لم يستحق العقاب ؟

للجواب عن ذلك نقول: إن الفقهاء الكرام رضي الله عنهم قد اختلفوا في هذه المسألة على عدة أقوال نذكر أهمها، وهي:

القول الأول : ان التداوي مباح ، وهذا رأي جمهور الفقهاء السابقين لكنهم اختلفوا فيما بينهم ، فمنهم من قال : ان التداوي أفضل ، ومنهم من قال : ان تركه أفضل[3] ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (… كان كثير من أهل الفضل والمعرفة يفضل تركه تفضلاً واختياراً …. وهذا هو المنصوص عن أحمد وان كان من أصحابه من يوجبه ، ومنهم من يستحبه ويرجحه)[4] .

 ولكن هذا القول فيه تكلف ، لأن الرسول صلى الله عليه أمر بالتداوي ، وتداوى ، وهو سيد الخلق والمتوكلين فكيف يكون تركه أفضل ؟

القول الثاني : ان التداوي مستحب ، وهذا رأي الشافعية وجماعة من علماء السلف والخلف ، وهو قول الحنفية وجمهور المالكية[5] .

القول الثالث : وهو أن التداوي واجب ما دام ذلك ممكناً ، وهذا رأي جماعة من أصحاب الشافعي ، وبعض الحنابلة ، وقيده بعضهم بأن يوجد ظن بأن التداوي ينفع[6] ، وقيده الحنفية بأن يكون الدواء المستعمل مقطوعاً بالشفاء منه كالماء المزيل لضرر العطش ، والغذاء المزيل لضرر الجوع[7] .

  وهناك قول رابع لبعض غلاة الصوفية بأن التداوي محرم ، وهو قول لا ينبغي ذكره إلاّ للرد عليه ، ولذلك لم يذكره بعض المحققين ، وأطلقوا الاتفاق على الجواز ، قال العلامة الحموي : (اتفق العلماء على جواز التداوي ، واختلفوا : هل فعله أفضل أم تركه ؟ )[8] .

  والذين قالوا : انه مكروه (أو محرم على فرض وجود قول به) بنوا ذلك على انه يتعارض مع التوكل ، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف الذين يدخلون الجنة بغير حساب : (وهم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون)[9] .

 فهذا الحديث يجاب عنه بعدة وجوه :

أحدهما : أن هذا الحديث لم يذكر ( ولا يتداوَوْن ) ، وعليه يبقى حكم التداوي على أصله .

ثانيهما : أن المراد بقوله : ( لا يكتوون ، ولا يسترقون ) الاكتواء غير المشروع ، والرقية المحرمان بذاتهما ونوعيتهما ، بدليل أنه ذكر معمهما الطير ، وهو محرم .

ثالثها : أن الذم المفهوم من الحديث محمول على الاعتقاد بتأثير الاكتواء ، والرقية بذاتهما كما كانت عقيدة الجاهليين .

رابعها :  أن صياغة الحديث تدل بوضوح على نيل التلك الدرجة ، أو عدمه يدور حول التوكل ، وبما أن التوكل أمر عقيدي داخلي لا يتعارض قطعاً – مع الأخذ بالأسباب ، ومنها التداوي – فإن الحديث الشريف يشمل المتوكل حقاً الآخذ بالأسباب ، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سيد المتوكلين قد أخذ بالأسباب ، وأمر بها ، وأمر بالتداوي ، وتداوى هو أيضاً ، كما في الأحاديث الصحيحة .

  وبما روى عن أبي بكر رضى الله عنه أنه قيل له : ألا ندعو لك الطبيب ؟ قال : قد رآني ، فقال : إني فعّال لما أريد[10].

  وقيل لأبي الدرداء في مرضه : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي ، قيل : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي ، قيل : أفلا ندعو لك طبيباً ؟ قال : الطبيب أمرضني[11] .

ولا تدل هذه الآيار على المنع ، كما أنها لا تقوى على معارضة النصوص الصريحة .

  حكي أن جماعة من الصالحين دخلوا على شيخ منهم يعودونه في مرضه ، فقال بعض من حضر : ألا ندعو لك طبيباً ؟ فسكت ، ثم أعيد الكلام عليه ، فقال:

إن الطبيب بطبه ودوائـــه             لا يستطيع دفاع أمر قُـــدّرا

ما للطبيب يموت بالداء الذي            قد كان يبرئ قبله مستظهرا

هلك المداوي والمداوى والذي             جلب الدوا وابتاعه ومن اشترى

وقد روى عن جماعة من السلف أنهم تركوا التداوي .

وسئل الإمام أبو عبدالله أحمد بن حنبل عن الرجل يتعالج ؟ فقال : العلاج رخصة ، وتركه أعلى درجة منه .

 وللإجابة عن ذلك نقول : إنه لا حجة في هذه الأقوال كلها بعد ثبوت الأمر بالعلاج وفعله وإقراره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلوه تعالى : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) [12] .

  يقول الإمام الحموي رداً على هؤلاء : (إن التوكل لا ينافي التسبب ، لأن التوكل اعتماد القلب على الله عز وجل ، وذلك لا ينافي الأسباب ، وغالب التسبب لا يكون إلاّ مع التوكل ، فإن المعالج إذا كان عالماً بالطب يعمل ما ينبغي عمله ، ثم يكل الأمر إلى الله تعالى ، ويتوكل عليه في نجاحه ، ويتضرع إليه في إتمام عمله ، فيكون بمنزلة الفلاّح يحرث الأرض ويدع فيها البذر ، ويتحين الوقت ، ثم يتضرع إلى خالقه سبحانه في بلوغ الغاية ، ودفع العاهات ، وإنزال القطر ، وكذلك يفعل المداوي ، يسقي الدواء ، ويدبر المريض بكل ما تصل القوة إليه ، ويستعمل بعد ذلك التوكل على الله سبحانه ، ويتضرع إليه في حصول العافية ودفع المرض ، ولو كان التوكل وحده كافياً ، لما قال الله عز وجل : (يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ)[13] ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي (أعقلها وتوكل)[14] وقال صلى الله عليه وسلم : (أغلقوا الأبواب)[15] .

  فمن ظن أن التوكل هو ترك الأسباب ، فما عرف التوكل ولو كان كما ظن ما اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ، فلو قال قائل : أُغلق بأبي وأتوكل ، كان مخالفاً للعقل والشرع .

وأما من ترك التداوي كما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وغيره من السلف ، فالجواب بأمور:

أحدها : أن يكون تداوى ثم أمسك .

الثاني : أن ما قاله لا ينافي التداوي ، وإنما أخرجه مخرج التسليم للقدر .

الثالث : أن يكون كوشف بقرب أجله .

الرابع : أن يكون مشغولاً بذكر عاقبته عن حاله .

الخامس : أن تكون العلة مزمنة ، والدواء الموصوف له موهوم النفع ، وعلى هذه الأشياء يحمل حال كل من ترك التداوي ، وأخصّ ما حملوا عليه أنهم تركوا مداواة الأدواء الغامضة الموهومة ، وعليه يحمل كلام الإمام أحمد بن حنبل ، لإنه ليس في مقتضى الحال ترك الأسباب إلى المصالح ، بل على الإنسان بذل الاجتهاد ، وإن لم يحصل المقصود)[16] .

  وأما الذين قالوا بالوجوب فاستندوا على النصوص الواردة من الرسول صلى الله عليه وسلم بصيغ الأمر الذي هو حقيقة في الوجوب ، ولأنه يتعلق بحفظ النفس والبدن وهما من مقاصد الشريعة من حفظ الضروريات والحاجيات[17].

 الترجيح :

 والذي تشهد له الأدلة الشرعية ومقاصد الشريعة هو أن التداوي من حيث حيث هو مأمور به ، وانه مندوب إليه ما دام محتاجاً إليه، ومع ذلك نستطيع أن نقول: إن الأحكام التكليفية الخمسة (الوجوب ، والندب ، والتحريم ، والكراهة ، والإباحة) ترد عليه.

 فالعلاج واجب إذا ترتب على عدم العلاج هلاك النفس بشهادة الأطباء العدول ، لأن الحفاظ على النفس من الضروريات الخمس التي يجب الحفاظ عليها ، وكذلك يجب العلاج في حالة كون المرض معدياً مثل مرض السل ، والدفتريا (الخناق) والتيفوئيد والكوليرا[18]  للنصوص الدالة على دفع الضرر وأنه ( لا ضرر ولا ضرار)[19] ، بل إن بعض الفقهاء ـ منهم جماعة من الشافعية ، وبعض الحنابلة[20] ـ يذهبون إلى أن العلاج واجب مطلقاً وقيده بعضهم بأن يظن نفعه ، بل ذهب الحنفية[21] إلى وجوبه إن كان السبب المزيل للمرض مقطوعاً به وذلك كما أن شرب الماء واجب لدفع ضرر العطش ، وأكل الخبز لدفع ضرر الجوع ، وتركهما محرّم عند خوف الموت ، وهكذا الأمر بالنسبة للعلاج والتداوي.

جاء في الفتاوى الهندية: (اعلم بأن الأسباب المزيلة للضرر تنقسم إلى مقطوع به كالماء المزيل لضرر العطش ، والخبز المزيل لضرر الجوع … أما المقطوع به فليس تركه من التوكل ، بل تركه حرام عند خوف الموت )[22] .

 وكذلك يجب العلاج إذا صدر به أمر من ولي أمر المسلمين بما تقتضيه المصالح العامة مثل القيام بالتحصينات الخاصة بعدد من الأمراض الخطيرة كمصل شلل الأطفال ونحوه.

 وقد استدل هؤلاء الفقهاء بقوله تعالى : (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ)[23] وقوله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)[24] ، وبالأحاديث الآمرة بالتداوي مثل حديث أسامة بن شريك قال : (أتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير ، فسلمت ، ثم قعدت ، فجاء الأعراب من ههنا وههنا ، فقالوا : يا رسول الله أنتداوى ؟ فقال : تداووا فإن الله تعالى لم يضع داءً إلاّ وضع له دواء غير داء واحد الهرم )[25] ، ولحديث أبي الدرداء : ( قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن الله أنـزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ، ولا تتداووا بحرام )[26] ، فإذا كان العلاج واجباً فيكون تركه حراماً كما في حالة كون المرض معدياً ، أو يكون الشخص مهدداً بالموت أو بضرر كبير إذا لم يتم العلاج ، ويدل كذلك حديث جابر قال : (خرجنا في سفر ، فأصاب رجلاً منا حجر ، فشجه في رأسه ، ثم احتلم ، فسأل : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ قالوا : ما نجد لك رخصة وانت تقدر على الماء ، فاغتسل ، فمات ، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ذبلك ، فقال : (قتلوه ، قاتلهم الله ، ألا سألوا إذ لم يعلموا ؟ فإنما شفاء العيّ السؤال… )[27].

 وأن التداوي مستحب إذا كان التداوي بما يمكن الاستشفاء به حسب الظن وليس اليقين[28]  ، وذلك اقتداءً بتداوي الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله ، وفعله[29]، وفيما عدا ذلك فهو مباح مشروع وهذا رأي جمهور الفقهاء[30] ، قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي : (اعلم أن الذين تداووا من السلف لا ينحصرون ، ولكن قد ترك التداوي أيضاً جماعة من الأكابر ) ثم ذكر بأن الرسول ـصلى الله عليه وسلم ـ تداوى، ولو كان نقصاناً لتركه، إذ لا يكون حال غيره في التوكل أكمل من حاله )[31].

 وقد ردّ الغزالي على من قال بأن التداوي يخالف التوكل بأن ذلك نوع من المغالطة ، لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تداوى وهو سيد المتوكلين ، وأمر به في أكثر من حديث ، ثم إن التداوي مثل استعمال الماء للعطشان ، والأكل لدفع الجوع فلا فرق بين هذه الدرجات ، فإن جميع ذلك أسباب رتبها مسبب الأسباب سبحانه وتعالى ، وأجرى بها سنـته[32] ، ويدل على أن ذلك ليس من شرط التوكل ما روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ وعن الصحابة في قصة الطاعون ـ فإنهم لما قصدوا الشام وانتهوا إلى الجابية بلغهم الخبر أن به موتاً عظيماً ووباءً ذريعاً فافترق الناس فرقتين ، فقال بعضهم لا ندخل على الوباء فنلقي بأيدينا إلى التهلكة ، وقالت طائفة أخرى : بل ندخل ونتوكل على الله ولا نهرب من قدر الله تعالى ، ولا نفرّ من الموت كمن قال الله تعالى في حقهم : ( ألم ترَ إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت … )[33] ، فرجعوا إلى عمر فسألوه عن رأيه ، فقال : نرجع ولا ندخل على الوباء ، فقال له المخالفون لرأيه : أنفرّ من قدر الله تعالى ؟ قال عمر : نعم ، نفرُّ من قدر الله تعالى إلى قدر الله تعالى …. فلما أصبحوا جاء عبدالرحمن فسأله عمر عن ذلك ؟ فقال : عندي فيه يا أمير المؤمنين شيء سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ( إذا سمعتم به ـ أي بالطاعون ـ بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه )[34].

 فالعلاج سبب من الأسباب يؤخذ به كما يؤخذ بالأسباب في كل الأمور الأخرى ، بل إن تركه إذا ترتب عليه ضرر يكون محرماً وقد أكد هذه المعاني ابن القيّم في الطب النبوي وبيّن بأن العلاج سبب مشروع ، وقدر من قدر الله تعالى ، وسنة من سننه .

 ويكون التداوي مباحاً جائزاً تركه ، إذا كان العلاج لا يجدي نفعاً وأن الدواء لا ينفعه ، حسب شهادة الخبراء بالطب ، حيث ذكر الغزالي خمسة أسباب لترك التداوي منها أن تكون العلة مزمنة ، والدواء الذي يؤمر به موهوم النفع[35].

 وقد يكون التداوي محرماً إذا تم بشيء محرم له بديله المشروع ، وقد يكون مكروهاً إذا صاحب التداوي أو العلاج ، بعض الأمور المكروهة شرعاً ، أو بعض الأضرار المحتملة .

وإضافة إلى هذه الأدلة الخاصة بالعلاج والتداوي فهناك عدة قواعد عامة ، ومبادئ معتبرة تتحكم في العلاج ، وهي :

  1. إن معظم مقاصد الشريعة مرتبطة بالعلاج والتداوي ، مثل : مقصد النفس ، ومقصد الفعل ، ومقصد النسل ، فإذا لم نأخذ بالتداوي فإن هذه المقاصد الثلاثة تتعرض للضرر الفادح ، او المتوسط أو القليل حسب نوعية المرض ، وأثره ، بل إن بقية المقاصد تتأثر به تبعاً.
  2. إن العلاج يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة ، وبالتالي فهو من مقاصد الشريعة في رعاية المصالح الضرورية والحاجية ، والتحسينية ، والموازنة بين المصالح والمفاسد والقواعد المتفرعة منها مثل درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة وأنه يتحمل الضرر الأخف في سبيل درء الضرر الأكبر ، وأن الضرر يزال ، وأن الضرر لا يزال بمثله ، وأن الضرورات تبيح المحظورات ، وأن الضرورات تقدر بقدرها ، وأنه يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ، وأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ، وأنه إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً ، وأنه يختار أهون الشريّن ، وأن الضرر يدفع بقدر الإمكان ، وأن الحاجة تنـزل منـزلة الضرورة ، وأن الاضطرار لا يبطل حق الغير ، وأن المشقة تجلب التيسير ، وأنه إذا ضاق الأمر اتسع ، وأنه لا ضرر ولا ضرار[36].
  3. 3ـ اعتبار الوسائل والذرائع ، فالوسيلة المحرمة محرمة ولو كانت الغاية شريفة ، فلا يجوز استعمال أية وسيلة محرمة في العلاج إلاّ للضرورة التي تبيح المحظورات[37] أو للحاجة التي تنزل منزلة الضرورة ، وقد جعل ابن القيم قاعدة سد الذرائع ربع الدين والفقه الإسلامي[38].

 ومن المعلوم أن قاعدة فتح الذرائع ، والاستحسان ، والاستصلاح من القواعد والمبادئ المعتمدة، بل هي أوسع من سد الذرائع – كما سبق -.

  1. رعاية المألات والغايات والنتائج والآثار المترتبة على العلاج قال الشاطبي : ( النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً سواء كانت الأفعال موافقة أو مخالفة ، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الإحجام إلاّ بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعاً لمصلحة فيه تستجلب ، أو مفسدة تدرأ ، ولكن له مآل على خلاف ذلك ، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوى المصلحة أو تزيد عليها ، فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية ، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي ، أو تزيد فلا يصح القول بعدم المشروعية )[39] ، وقاعدة المآلات هي الأصل العام الذي تنبني عليها مجموعة من القواعد الأساسية[40].

هذا وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي (قرار رقم 69/5/7) حيث نصّ على :

أولاً ـ التداوي :

 الأصل في حكم التداوي انه مشروع ، لما ورد في شانه في القرآن الكريم والسنة القولية والعملية ، ولما فيه من (حفظ النفس) الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع .

وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص :

ـ فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه او عجزه ، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره ، كالأمراض المعدية .

ـ ويكون مندوباً إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما سبق في الحالة الأولى .

ـ ويكون مباحاً إذا لم يندرج في الحالتين السابقتين .

ـ ويكون مكروهاً إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها.

ثانياً – علاج الحالات الميؤوس منها: 

  • مما تقتضيه عقيدة المسلم ان المرض والشفاء بيد الله عز وجل ، وأن التداوي والعلاج أخذ بالأسباب التي اودعها الله تعالى في الكون وأنه لا يجوز اليأس من روح الله او القنوط من رحمته ، بل ينبغي بقاء الأمل في الشفاء بإذن الله .

  وعلى الأطباء وذوي المرضى تقوية معنويات المريض ، والدأب في رعايته وتخفيف آلامه النفسية والبدنية بصرف النظر عن توقع الشفاء او عدمه .

  • إن ما يعتبر حالة ميؤوسا من علاجها هو بحسب تقدير الأطباء وإمكانات الطب المتاحة في كل زمان ومكان وتبعاً لظروف المرضى .

ثالثاً- إذن المريض :

أ- يشترط إذن المريض للعلاج إذا كان تام الأهلية ، فإذا كان عديم الأهلية او ناقصها اعتبر إذن وليه حسب ترتيب الولاية الشرعية ووفقاً لأحكامها التي تحصر تصرف الولي فيما فيه منفعة المولّى عليه ومصلحته ورفع الاذى عنه .

  على أنه لا يعتبر بتصرف الولي في عدم الإذن إذا كان واضح الضرر بالمولّى عليه ، وينتقل الحق إلى غيره من الأولياء ثم إلى ولي الأمر .

ب- لولي الأمر الإلزام في بعض الاحوال ، كالأمراض المعدية والتحصينات الوقائية.

ج- في حالات الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب للخطر لا يتوقف العلاج على الإذن .

د- لا بد في إجراء الأبحاث الطبية من موافقة الشخص التام الأهلية بصورة خالية من شائبة الإكراه (كالمساجين) أو الإغراء المادي (كالمساكين) ويجب أن لا يترتب على إجراء تلك الأبحاث ضرر.

 ولا يجوز إجراء الأبحاث الطبية على عديمي الأهلية او ناقصيها ولو بموافقة الأولياء))[41].

 حكم التداوي بالحرام :

  من الثابت نصاً واستقراءً أن الشريعة الإسلامية نزلت خيراً ورحمة للعالمين ولذلم تضمنت جميع أحكامها تحقيق مصالح المسلمين ومنافعهم ، ودرء المفاسد والخبائث والأضرار عنهم ، لذلك فكل ما هو محرم يتضمن مفسدة وخبثاً ومضرة ، إما للبدن ، أو للمال ، او العقل ، او الدين ، أو نحوها من الضروريات .

   ومن هذا المنطلق فما هو محرم قطعياً بنص من القرآن الكريم ، أو السنة الصحيحة مثل الخمر ، والميتة ، والخنزير ، لا يمكن ان يكون في ذاته شفاء ، وفي استعماله دواء ، بل هو مرض وداء ، فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهان عنها ، فقال الرجل : إنما أصنعها للدواء ، قال صلى الله عليه وسلم : (إنه ليس بدواء ولكنه داء)[42] قال النووي : ( هذا دليل لتحريم اتخاذ الخمر وتخليلها ، وفيه التصريح بأنها ليست بدواء فيحرم التداوي بها …)[43] وقال الحافظ ابن حجر : (واستدل به من قال : لا يجوز التداوي بشيء محرم كالخمر) ثم ذكر ان النهي عن التداوي بالخر ثبت بالنص[44] ، والذي يختلف حكم التداوي بالخمر عن التداوي بغيرها ـ كما سيأتي ـ[45] .

 قرار المجمع الفقهي حول الموضوع :

  هذا وقد صدر قرار من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي هذا نصه : ( فإن مجلس المجمع الفقهي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في المدة 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه 5-10/1/2002 ، وبعد النظر في الأبحاث المقدمة عن الأدوية المشتملة على الكحول ، والمخدرات ، والمداولات التي جرت حولها ، وبناء على ما اشتملت عليه الشريعة من رفع الحرج ، ودفع المشقة ، ودفع الضرر بقدره ، وان الضرورات تبيخح المظورات ، وارتكاب أخف الضررين لدرء أعلاهما ، قرر ما يلي :

1- لا يجوز استعمال الخمرة الصرفة دواء بحال من الأحوال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم) رواه البخاري في الصحيح ، ولقوله: ( إن الله أنزل الداء وجل لكل داء دواءً فتدووا ولا تتداووا بحرام) رواه أبو داود في السنن ، وابن السنّي وأبو نعيم ، وقال لطارق بن سويد لما سأله عن الخمر يجعل في الدواء : (إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء) رواه ابن كاجه في سننه وأبو نعيم.

2- يجوز استعمال الأدوية المشتملة على الكحول بنسب مستهلكة تقتضيها الصناعة الدوائية التي لا بديل عنها ، بشرط أنم يصفها طبيب عادل ، كما يجوز استعمال الكحول مطهراً خارجياً للجروح ، وقاتلاً للجراثيم ، وفي الكريمات والدهون الخارجية .

3- يوصي المجمع الفقهي الإسلامي شركات تصنيع الأدوية ، والصيادلة ، في الدول الإسلامية ، ومستوردي الأدوية ، بأن يعملوا جهدهم في استبعاد الكحول من الأدوية ، واستخدام غيرها من البدائل .

4- كما يوصي المجمع الفقهي الإسلامي الأطباء بالابتعاد عن وصف الأدوية المشتملة على الكحول ما أمكن .

والله وليّ التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد..

                                                                                               انتهى قرار المجمع …


التداوي عند طبيب غير مسلم أو عند غير جنسه :

(1) التداوي لدى غير جنسه من الذكر ، أو الأنثى :

  إن الإسلام قد منع – من باب منع الوسائل المؤذية إلى الفواحش – مجموعة من الإجراءات الخاصة بالعلاقة بين الرجل والمرأة مثل حرمة النظر ( لغير ضرورة ، أو حاجة وبدون شهوة ) والخلوة ، ونحوهما.

 ويدخل في باب الضرورة أو الحاجة علاج الرجل عند المرأة أوب العكس ، وقد صدرت بذلك قرارات من المجامع الفقهية نكتفي بذكرها دون الخوض في تفاصيلها الفقهية.

(أ) قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، قرار رقم : 81 ( 12/8) بشأن مداوة الرجل للمرأة :

إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع مداوة الرجل للمرأة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ، قرر ما يلي :

 الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة يجب أن تقوم بالكشف على المريضة وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم . على أن يطّلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته وألا يزيد عن ذلك وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة .

ويوصي بما يلي : أن تولي السلطات الصحية جُلَّ جهدها لتشجيع النساء على الانخراط في مجال العلوم الطبية والتخصص في كل فروعها، وخاصة أمراض النساء والتوليد، نظراً لندرة النساء في هذه التخصصات الطبية، حتى لا نضطر إلى قاعدة الاستثناء . والله الموفق[46]

(ب) فتوى المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث 2/17 حكم كشف العورة من أجل العلاج

السؤال: بعد ولادة زوجتي بقيت بطنها منتفخة بعض الشيء، وقالت لها الطبيبة حينها إنها ستعود لشكلها الطبيعي بعد مدة زمنية ولكن ذلك لم يكن. وبعد مراجعة الطبيبة قالت لنا إنها ستصف لزوجتي ممرضة (وقد تكون غير مسلمة) تقوم بعمل تدليك على منطقة البطن. سؤالي هل هذه المعالجة جائزة لما يمكن فيها من كشف عورة؟

الجواب: هذه المعالجة جائزة ولو جرى فيها كشف بعض العورة، وذلك بسبب الحاجة، والأصل وجوب توقي كشف العورة ما أمكن، وبقاء البطن منتفخاً بعد الولادة أمر غير طبيعي؛ لذلك فمعالجته ليعود إلى الوضع الطبيعي تعتبر مشروعة، وهذا بناء على قول جمهور العلماء أن عورة المرأة مع المرأة فيما بين السرة إلى الركبة. وعلى قول آخرين من العلماء أن عورتها مع المرأة السوأتان، فهذا يجعل مثل هذه المعالجة جائزة دون حرج ما دامت السوءتان مستورتين. ولا بأس أن تقوم بهذه المعالجة ممرضة غير مسلمة، فالراجح أن عورة المسلمة مع غير المسلمة كعورتها مع المسلمة.

(ج) فتوى المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث(4/7) ضوابط التعامل في اللقاء بين الجنسين:

 اللقاء والتعاون والتكامل بين الرجال والنساء أمر فطري، ولا يمكن منعه واقعاً، ولم يرد في دين الفطرة ما يحجره بإطلاق، وإنما أحاطه بالضوابط التالية:

– منع الخلوة (وهي وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في موضع لا يراهما فيه أحد) امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما”([47]).

– توقي التَّماسّ (وهو التلاصق والتراص بالأبدان بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه) حذر الإثارة والفتنة.

– تجنب التبرج (وهو الكشف عما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بستره من البدن)، إذ يجب على المرأة حين اجتماعها بالرجال غير المحارم أن تستر كل جسدها ما عدا الوجه واليدين، على مذهب جمهور الفقهاء.

– التزام المرأة الحشمة في حديثها وحركاتها، فلا تتصنع من الكلام والحركات ما يؤدي إلى إثارة الغرائز، قال تعالى: ( إن اتقيتنَّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وقلن قولاً معروفا) [48] ، وقال تعالى: ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) [49].

فإذا التزم الرجال والنساء في أي لقاء أو نشاط بهذه الضوابط الشرعية، فلا حرج عليهم في ذلك، ما كان موضوع اللقاء أو النشاط جدياً، سواء أكان علمياً أم ثقافياً ونحو ذلك.

ولا فرق في ضرورة الالتزام بهذه الضوابط بين أن يتعلق الأمر بفتيات مسلمات أو غير مسلمات؛ لأن الإثارة محتملة في الحالتين، على أن الانفصال في المجلس الواحد في المقاعد بين الرجال والنساء هو الأفضل، خصوصاً إذا لم تكن هناك حاجة إلى خلافه.

(2) تداوي المسلم والمسلمة لدى غير المسلم :

 هناك فرق بين علاج المسلم أو المسلمة لدى غير المسلم بين ما إذا كان الطبيب المعالج من جنس المريض المعالج ، أو كان محتلفاً من حيث الذكورة والأنوثة ، لذلك نذكرهما لننزل على كل واحد منهما الحكم الفقهي الذي يناسبه :

 أ- علاج المريض المسلم لدى الطبيب غير المسلم ، أو علاج المريضة المسلمة لدى الطبيبة غير المسلمة .

 ففي هذه الحالة فالأصل فيها هو الحل بالشروط المطلوبة من حيث كون المعالِج – بكسر اللام – أميناً ثقة ماهراً في الطب ، وقد استدل بعض العلماء بما ورد عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر استأجر رجلاً من الدّيل دليلاً هادياً في هجرته إلى المدينة وكان كافراً [50] .

 يقول ابن القيم رحمه الله : ( في استئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن أريقط الدؤلي هادياً في وقت الهجرة وهو كافر : دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل ، والأدوية ، والكتابة والحساب و…. ، ولا يلزم من مجرد كونه كافراً أن لا يوثق به في شيء أصلاً ، فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق ، ولا سيما في مثل طريق الهجرة ) [51].

 وقد نقل ابن مفلح عن شيخه ابن تيمية قوله : ( إذا كان اليهودي أو النصراني خبيراً بالطب ثقة عند الناس جاز له ان يستطب كما يجوز له ان يودعه المال وأن يعامله كما قال تعالى : ( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) [52]  وإذا أمكنه ان يستطب مسلماً فلا ينبغي أن يعدل عنه ، وأما إذا احتاج إلى ائتمان الكتابي ، أو استطبابه فله ذلك..) [53] .

 وثبت أن بعض السلف الصالح كانوا يعالجون عند بعض الأطباء ، فقد روى ابن المقري في معجمه عن المبارك بن سعيد قال : ( أول ما بدأ سفيان – يعني الثوري – في الزهد ظننا أنه مريض ، فأخذنا بوله في قارورة ، وذهبنا إلى طبيب نصراني ، فقال : ما صاحبكم بمريض ، وما به إلاّ الخوف ، وما هو إلاّ بول راهب ) [54] ، وقال المروزي : ( رأيت طبيباً نصرانياً خرج من عند الإمام أحمد ، ومع راهب ) [55] .

 وبناء على ذلك فليس هناك مانع من معالجة المسلم لدى الطبيب غير المسلم ، ومعالجة المسلمة لدى الطبيبة غير المسلمة بشرط كون الطبيب ثقة مأموناً.

(ب) تداوي المسلم لدى الطبيبة غير المسلمة ، أو بالعكس، وفي هذه الحالة يطبق عليها ما ذكرناه في علاج الرجل لدى المرأة وبالعكس بالضوابط المذكورة في قرارات المجامع وفتاواه.

الجراحات أو العمليات التجميلية ( التعريف بها وحكمها )[56] :

أولاً – التعريف بالمصطلحات :

(1) الحكم الشرعي: هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على سبيل الاقتضاء أوالتخيير ، أو الوضع ، وهو يشمل : الايجاب ، والندب ، والتحريم ، والكراهة ، والاباحة ، بالاضافة إلى الصحة والبطلان ، والفساد ، والشرط ، والركن ، والرخصة والعزيمة[57]  .

(2) العمليات التجميلية :

ويراد بالعمليات : الوسائل من الجراحة ، والكيّ ونحوهما .

وبالتجميل : تحسين الشكل وذلك من خلال إزالة التشوهات الخَلقية – بفتح الخاء – أو الناجمة عن أي سبب مؤثر ، أو نحوه[58].

وقد تستعمل مصطلحات أخرى مثل : الجراحة التجميلية ، أو عمليات التجميل وأنا أميل إلى اختيار العنوان الأول لأنه أعم من الجراحة ، وأيما ما كان فلا مشاحة في الاصطلاح.

 فالجراحة التجميلية عرفت بأنها : إجراء طبي جراحي يستهدف تحسين مظهر أعضاء الجسم الظاهري ، أو وظيفته[59]  .

وأما العمليات التجميلية فهي : الوسائل الطبية من الجراحة والكيّ ونحوهما لعلاج عيوب طبيعية ، أو مكتسبة في ظاهر الجسم البشري ، أو لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة .

 وبهذا التعريف شملت العمليات التجميلية كلاً من الوسائل الطبية المستعملة للعلاج التصحيحي ، أو للزينة .

الأصول الحاكمة التي تساعد على الفهم المشترك في عمليات التجميل :

 نذكر هنا مجموعة من المبادئ العامة والقواعد الكلية ، والأصول الحاكمة في هذا الموضوع ، لأنها تساعد على فمهمه بصورة أعمق ، وهي :

(1) أن الإنسان خلقه الله تعالى في أجمل صورة ، وأحسن تقويم ، فقال تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) [60] إذن فكمال جمال الإنسان الخَلقي – بفتح الخاء – من حيث الخلقة مقصود للشارع كما أن جماله الخُلقي – بضم الخاء – مقصود ومطلوب ومن مقاصده .

(2) أن من مقاصد الشرع الحفاظ على جمال الكون والمخلوقات والاستمتاع المشروع بالجمال الفطري للكون ومخلوقاته فقال تعالى : ( وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) [61] .

بالاضافة إلى أن الزينة مقبولة ، بل مطلوبة فقال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ )[62].

(3) أن الجمال نسبي ، ولذلك فإن مقاصد الشريعة العامة في هذا الجانب تحدد أن الجمال المقصود الذي يعتبر أصلاً في عمليات التجمل هي الجمال القائم على الفطرة السليمة للإنسان ، أي الجمال العام حسب العرف السائد دون التغيير أو التبديل للشكل الفطري.

(4) أن تغيير الفطرة السليمة في الخَلق – بفتح الخاء – من حيث الجنس – اي الذكورة والأنوثة – والشكل الفطري العام محرم بالاتفاق .

(5) أن من القواعد العامة الحاكمة ( أن الضرورات تبيح المحذورات ، وأن الضرورة تقدر بقدرها ) [63] .

(6) أن الحاجيات الملحة في عالم الطب تعامل معاملة الضرورات ، وهذه القاعدة أقل قوة من قاعدة الضرورة السابقة لكنها معتبرة أيضاً في عالم الطب حيث قال جماعة من الفقهاء ( منهم الحنفية والشافعية على الصحيح من المذهب ، وأبو ثور وابن حزم) : الحاجة في التداوي تنزل منزلة الضرورة[64] – ما عدا الخمر التي ورد بها نص – وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم : أباح لعبد الرحمن بن عوف لبس الحرير لحكة كانت به[65] ، وللعريين شرب أبوال الإبل للتداوي [66] .

يقول الدكتور نزيه حماد : ( وهو الراجح عندي في المسألة ) حيث ذكر عدداً من الأدلة[67] .

(7) أن قاعدة رفع الحرج والتيسير على الناس هي الأصل العام  ما دام لم يكن هناك تعارض مع نصوص الشريعة الصحيحة الثابتة ، حيث يدل على ذلك عشرات النصوص من الكتاب والسنة ، منها قوله تعالى: ( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) [68] وقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [69] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما بُعثت بالحنيفية السمحة) [70] وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ، وأبي موسى الأشعري: ( يسّرا ولا تُعسرّا ، بشرّا ولا تنفرّا وتطاوعا) [71] .

(8) نرى من الضرورة ذكر ما قاله المفسرون في قوله تعالى : ( فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ ) ، لأن هذا هو محل الاستشهاد وبمراجعة معظم كتب التفسير بدءاً من الإمام الصنعاني (ت211هـ ) إلى عصرنا الحاضر نجد أن الآراء حول المراد بقوله تعالى : ( إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا) [72] تنحصر فيما يأتي :

أ- التغيير في دين الله الذي هو فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهذا رأي جمهور المفسرين ، منهم ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، وإبراهيم ، والقاسم ، والضحاك ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، واختاره البخاري وغيرهم ، يقول الزجاج : ( وأقوى الأقوال من قال ( فليغيرنَّ خلق الله ) بمعنى : دين الله بدلالة قوله تعالى : (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) [73] .

ب- المراد بالتغيير هنا : الخصاء ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً ، والربيع بن أنس ، وعكرمة ، وأبي صالح وغيرهم .

ج- المراد به : الوشم ، وقطع الآذان ، وفقء العيون ، وهذا مروي عن ابن عمر ، والحسن ، وعكرمة أيضاً .

د- المراد به : تبديل الخَلق مطلقاً ، وهذا أيضاً أسند إلى ابن عباس[74]  .

هـ – وذكر السمعاني أن المراد به : تغيير الإنسان[75]  .

قال الإمام الرازي : وللمفسرين ههنا قولان :

القول الأول : أن المراد من تغيير خلق الله تغيير دين الله وهو قول سعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، والضحاك ، ومجاهد ، والسدي ، والنخعي ، وقتادة ، وفي تقرير هذا القول وجهان:

الوجه الأول: أن الله تعالى فطر الخلق على الإسلام يوم أخرجهم من ظهر آدم كالذر وأشهدهم على أنفسهم أنه ربهم وآمنوا به ، فمن كفر فقد غيّر فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهذا معنى ( كل مولود يولد على الفطر ة ….)[76].

والوجه الثاني: أن المراد من تغيير دين الله هو تبديل الحلال حراماً ، أو الحرام حلالاً.

القول الثاني : حمل هذا التغيير على تغيير أحوال كلها تتعلق بالظاهر ، وذكروا فيها وجوهاً مثل الوصل ، والوشم ، والاخصاء ، وقطع الآذان ، وفقء العيون ، والتخنث ، أو جعل الأنعام بحائر وسوابق، مع أن الله خلقها لتوكل وتركب، ثم قال الرازي: (إعلم أن عمدة أمر الشيطان إنما هو بإلقاء الأماني في القلب، وأما تبتيك الآذان وتغيير الخلقة فذاك من نتائج إلقاء الأماني في القلب ومن آثاره )[77]، ولذلك قال الله تعالى في الآية اللاحقة مباشرة: ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلاّ غروراً )[78] .

 وقال ابن عطية : ( قال ابن عباس ، وإبراهيم ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة وغيرهم : أراد: يغيرون دين الله ، وذهبوا في ذلك إلى الاحتجاج بقوله تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) أي لدين الله ، والتبديل يقع موقعه التغيير ، وإن كان التغيير أعم منه ) ثم ذكر أراءً أخرى منها أن التغيير في الشكل والهيئة مثل الإخصاء ، والوشم ، ومنها جعل المخلوقات آلهة تعبد مع أنها خلقت لينتفع بها [79].

 وقال في الآية الثانية : ( الذي يعتمد عليه في تفسير هذه اللفظة ( فطرة الله ) أنها الخلقة والهيئة التي في نفس الطفل التي هي معدودة مهيأة لأن يميز بها مصنوعات الله تعالى ، ويستدل بها على ربه جلّ وعلا ، ويعرف شرائعه ، ويؤمن به ، فكأنه تعالى قال : أقم وجهك للدين الحنيف ، وهو فطرة الله الذي على الإعداد له فطر البشر ، لكن تعرضهم العوارض )[80] .

 وقد فسر الإمام البخاري قوله تعالى : ( لا تبديل لخلق الله ) بدين الله ، والفطرة بالإسلام ، ثم بيّن بأن هذا هو تفسير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك في صحيحه ، كتاب التفسير ، باب : ( لا تبديل لخلق الله ) : لدين الله .. ، والفطرة : الإسلام ، ثم روى بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلىالله عليه وسلم ـ قال : ( ما من مولود إلاّ يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها جدعاء ثم يقول : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) [81] .

 والراجح أن تفسير الآية الثانية هو ما ذكره البخاري وغيره من أن المراد بفطرة الله دين الله الذي فطر الناس عليها ، حيث فسره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بذلك ، والسياق يدل على ذلك ، ولكن الآية ذكرت بعد ( فِطْرَةَ اللَّهِ ) قوله تعالى : ( لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) مما يوحي بأنهما بمعنى واحد هنا ، ويدل على أنهما من ربّ واحد ، وان بينهما ترابطاً ، فالله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ، كما أنزل أحسن دين وأكمله ، وبالتالي فالتغيير فيهما بالتدخل بدون دليل محظور شرعاً ما دام يمسّ أصل الفطرة في الدين والخَلق .

 وبالتالي فإن الراجح في تفسير الآية الأولى ( فليغيرنَّ خلق الله ) هو يشمل المعنيين أي التغيير في فطرة الدين ، والتغيير في الشكل الطبيعي للإنسان والحيوان ، وأنه على ضوء المعنى الأخير يكون التغيير في الشكل الطبيعي تغييراً في الفطرة السليمة ، وقد وضع ابن عطية معياراً رائعاً للتغيير المباح ، والتغيير غير المشروع فقال : ( وملاك تفسير هذه الآية أن كل تغيير ضار فهو في الآية ، وكل تغيير نافع فهو مباح )[82] .

ثالثاً – حكم العمليات التجميلية :

 بما أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وأن الحكم الشرعي الدقيق يتوقف على مدى استيعاب محل الحكم وفهمه فهماً عميقاً ، لذلك نرجع العمليات التجميلية إلى أصولها الجامعة ، ثم نذكر أنواع كل أصل أو قسم معرفاً بكل فرع ، ثم الحكم مع الدليل بإيجاز .

 وعند النظر فيما كتبه الأطباء والمتخصصون في هذا الشأن تبين لنا أن الأصول الجامعة للعمليات التجميلية المشروعة هي العمليات الجراحية التي تدخل في باب الضروريات ، أو الحاجيات ، أو التحسينيات المتوافقه مع الفطرة ، وبضوابطها التي نذكرها ، ويمكن إرجاعها بطريقة أخرى مفهومة لدى الجميع إلى ما يأتي :

(1) العمليات التجميلية العلاجية لإعادة الصورة إلى ما كانت عليه قبل التشويه أو التلف والنقص ، وهذا يحدث عادة عند وقوع الحوادث ، أو الحروب التي تؤدي إلى تشويه الصورة كما في الحريق ونحوه ، أو إلى تلف عضو كامل أو بتره ، أو نقصه مما تترتب عليه آثار سلبية .

فهذا النوع مشروع لم أرَ فيه خلافاً من حيث المبدأ وتدل عليه الأدلة المعتبرة .

(2) العمليات التجميلية التي تعيد الإنسان إلى وضعه الطبيعي له ، كأن يولد وفيه زيادة ، او نقصان من أعضائه ، فحينئذ يجوز أن تُعمل له عملية جراحية لبتر الزيادة ، بالاضافة إلى الترقيع أو تجميل ما يحتاج إلى تجميل بعد البتر أو الاضافة ، أو الترقيع .

وهذا النوع أيضاً مشروع لأنه ليس فيه تغيير للخلقة ، بل إعادة إلى الوضع الفطري .

 فهذان النوعان قد تصل العمليات الجراحية فيهما إلى حد الضرورة أو الحاجة حسب الآثار المترتبة على عدمها ، ولذلك فهما مشروعان .

(3) العمليات التجميلية التي يقصد بها الوصول إلى شكل إنسان معتدل ، كأن يكون أحد أعضائه ( كالأنف ، أو الشفة …) خارجاً عن الشكل المعتدل خروجاً مما يسبب له حرجاً امام الناس ، فهذا النوع في نظري داخل في القسم الثالث من المصالح المقاصدية وهي التحسينيات ، وبالتالي فهو مشروع في نظري من حيث المبدأ إلاّ إذا دل دليل على حرمته ، فالجمال الطبيعي الفطري مطلوب للإنسان ، فقد قال سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )[83] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله جميل يحب الجمال ) [84] فالسعي للوصول إلى (أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) مشروع ما دام في حدود الاعتدال والفطرة السليمة .

 وسيأتي ربط الأحكام الشرعية بهذه المقاصد الكلية الثلاثة عند حديثنا عن حكم أي عملية تجميلية بإذن الله تعالى .

 هذا هو الإطار العام لمشروعية العمليات التجميلية الذي ينبغي اعتماده ، وهذا يعني أنه يجب أن يكون لها دافع مشروع ومصلحة ضمن المراتب الثلاث للمصالح ، أما ما عدا ذلك مما لم يكن له دافع مشروع ومصلحة مقصودة ، أو أنه يتعارض مع نص صحيح صريح فهذا داخل في العمليات التي تدخل في المحرمات ، أو المكروهات حسب قوة الدليل المانع .

وبناء على ما سبق فإننا نقسم جميع أنواع الجراحات التجميلية إلى قسمين رئيسيين ، هما : الجراحات التجميلية المشروعة ، وغير المشروعة ، ونقصد بالمشروع هنا : ما هو أعم من المباح ليشمل الواجب ، والمندوب ، أيضاً ، وبغير المشروع ما يشمل المحرم والمكروه حسب قوة الدليل الدافع لإجراء العملية .

القسم الأول : العمليات الجراحية التجميلية المشروعة :

وهي نوعان:

النوع الأول: الجراحة الخاصة بإصلاح عيب وخلل في جسم الإنسان ، أو ما يسمى : الجراحة التقويمية ، والضابط لها : أن الهدف الأصلي من إجرائها تصحيح الخلل الوظيفي ابتداءً وأصالة ، ويأتي مراعاة الشكل والجمال للجسم ، وتناسق الأعضاء تبعاً .

 وهذا النوع ليس جديداً بل هو قديم نشأ لتصحيح التشوهات الناتجة عن الحروق والاصابات الطارئة ، ثم تطور ، وانبثقت منه الجراحات التجميلية[85]  .

ويشمل ما يأتي :

  1. الشفة الأرنبية : الشق الشفي ، والشق الحلقي .
  2. إزالة عضو زائد موجود خلقة ، أو لأي سبب ، وإعادته إلى حالته الطبيعية مثل الاصبع الزائدة في اليد ، أو الرجل .
  3. إصلاح التصاق الأصابع في الرجل أو اليد ، وعلاج قطع الأعصاب والتهابات أورام الرجل واليد.
  4. فتح انسداد فتحة الشرج .
  5. رزاعة الثدي لمن استؤصل منها .
  6. تصحيح الحاجز الأنفي ، أو الأنف المصاب بتشوه .
  7. إصلاح تشوه الجلد بسبب الحروق أو نحوها .
  8. إعادة أي عضو من أعضاء الأنسان قطع أو أتلف ، أو تلف لأي سبب إلى الحالية الطبيعية سواء كان بإعادة العضو نفسه ، أو من خلال زراعة عضو مكانه ( حسب الضوابط الخاصة بزراعة أو نقل الأعضاء ) [86] .
  9. تصحيح كسور الوجه ، أو غيره ، وإعادته إلى الحالة الطبيعية .
  10. شفط الدهون التي ترتب عليها مرض يستدعيه .
  11. الجراحة المجهرية ( الميكروسكوبية ) وهي الجراحة التي تقوم على استعمال المجهر للقيام بأعمال دقيقية كتوصيل الأوعية الدموية الدقيقية ، يقول د. حسان باشا : ( ويندرج تحتها كثير من الجراحات كإعادة الأعضاء المقطوعة ، وزراعة عضو مكان العضو المقطوع وجراحة الأعصاب ) [87].
  12. زراعة الأسنان ، أو تقويمها ، أو القيام بالإجراءات التي تستهدف تحسين الأسنان ، مثل التركيب والتلبيس ، والتقويم ، والحشو ، ما عدا تفليج الأسنان الوارد فيه النص – كما سيأتي – .
  13. إزالة الوشم المحرم ، وتحسين مكانه .

النوع الثاني: العمليات التجميلية التي يراد بها التحسين والجمال الفطري دون تغيير خلق الله ، ويمكن أن نضع لها ضابطاً وهو : أن يكون الهدف من إجرائها تحسين المظهر والشكل في حدود الفطرة السليمة أي الشكل العام المقبول في المجتمع ، ويكون الهدف الخروج من الحرج النفسي المقبول ، أما إذا أريد به الافراط أو التفريط ، أو التغيير للفطرة السليمة فهذا يدخل في القسم الثاني الآتي .

وهذا النوع يشمل المجالات الآتية على خلاف بين الفقهاء :

  1. إزالة شعر جسد المرأة ( ما عدا النمص الوارد بتحريمه على التفصيل اللاحق ) وبخاصة شعر الشارب واللحية للنساء سواء كان بالليزر أم نحوه.
  2. شفط الدهون من غير مرض .
  3. تجميل الأنف الضخم بإعادته إلى الحالة الطبيعية لدى معظم أهل البلد والعرف العام .
  4. زرع الشعر لحالات الصلع.
  5. تجميل الأذن الكبيرة والمحرجة .

 فهذه الأنواع الخمسة مشروعة في نظري إذا توافرت الشروط الشرعية المتعلقة بالعملية والطبيب ، وما عداها فيحتاج إلى تفصيل وتأصيل .

القسم الثاني : الجراحات التجميلية غير المشروعة ، وهي الجراحات الآتية :

1- تغيير الجنس من الذكر إلى الأنثى ، أو بالعكس ، ما عدا الخنثى الذي قرر الأطباء أنه أقرب إلى الذكر فحينئذ يجوز إجراء العملية للتحويل إلى الذكر ، أو أنه أقرب إلى الأنثى فيحولوها إلى الأنثى ، فهذا جائز لأنه إعادة للحقيقة والفطرة .

 فتغيير الجنس داخل في تغيير خلق الله المحرم لأنه تغيير للفطرة السليمة – كما سبق – .

2- النمّص ، ووصل الشعر ، والوشم ، والوشر والتفليج الوارد في الحديث الصحيح ، وهو ما رواه الشيخان وغيرهما بسندهم عن ابن مسعود قال : ( لعن الله الواشمات والمستوشمات – وفي رواية للبخاري بلفظ : والمستوشمات – والنامصات والمتنمصات ، والمتلفجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى ) مالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتابه ) [88] .

 وقد عقد البخاري عدة أبواب لهذا الحديث فترجم باب المتلفجات للحسن ، فروى الحديث وشرح الحافظ ابن حجر قائلاً : ( والمتلفجات جمع متفلجة ، وهي التي تطلب الفلج ، أو تصنعه ، والفلج : انفراج بين الثنيتين ، والتفلج أن يفرج بين المتلاصقين بالمبرد ونحوه ، وهو مختص عادة بالثنايا والرباعيات .. ، فربما صنعته المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة لتصير متفلجة ، وقد تفعله الكبيرة توهم أنها صغيرة … ، وتحديد الأسنان يسمى : الوشر بالراء ، وقد ثبت النهي عنه أيضاً في بعض طرق حديث ابن مسعود ، ومن حديث غيره في السنن وغيرها ) ثم قال الحافظ : ( فورود النهي عن ذلك لما فيه من تغيير الخلقة الأصلية ) [89] .

وترجم البخاري أيضاً باب وصل الشعر ، وأورد فيه خمسة أحاديث ، منها حديث عبدالرحمن بن عوف أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حجّ وهو على المنبر ، وهو يقول – وتناول قُصة من شعر كانت بيد حَرَسيّ – أين علماؤكم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ، ويقول : ( إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم) [90] .

 ومنها حديث أبي هريرة وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لعن الله الواصلة والمستوصلة ، والواشمة والمستوشمة ) [91].

 ومنها حديث عائشة رضي الله عنها أن جارية من الأنصار تزوجت ، وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرادوا أن يصلوها ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال 🙁 لعن الله الواصلة والمستوصلة ) [92] ، وحديث أسماء في المعنى السابق[93]  .

ثم ترجم البخاري بعد باب المتنمصات : باب الموصولة ، أورد فيه أربعة أحاديث[94] .

 وقد شرح الحافظ ابن حجر: أن المراد بالواصلة هي التي تصل الشعر بنفسها، أو لغيرها، والمستوصلة هي التي تطلب ذلك، ثم بين أن المراد بالوصل عند جمهور الفقهاء هو وصل الشعر بشيء آخر سواء كان شعرا ً أم لا، ويؤيده حديث جابر: (زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة بشعرها شيئاً) [95] .

 في حين ذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء : أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر ، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي ، وأخرج أبو داود بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال : لا بأس بالقرامل ، وبه قال أحمد ، قال الحافظ : (  والمراد بالقرامل هنا : خيوط من حرير ، أو صوف يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها … ، ومنهم من أجاز الوصل مطلقاً … وأحاديث الباب حجة عليه … وكما يحرم عليها الوصل يحرم عليها حلق شعرها بغير ضرورة ) [96].

 والذي يظهر هو أن الوصل هنا هو الوصل بالشعر ، وأن العلة هي التدليس كما ورد وصفه بالزور في بعض الورايات الصحيحة[97] حيث قال سعيد بن المسيب في حديث معاوية قال : ( ما كنت أرى أحداً يفعل هذا غير اليهود ، إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه : الزور ، يعني : الواصلة في الشعر ) [98].

 يقول الإمام النووي : ( وهذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل ، وقد فصله أصحابنا، فقالوا : إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف سواء كان شعر رجل أو امرأة .. لأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي ، وسائر أجزائه لكرامته ، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه ، وإن وصلته بشعر غير آدمي فإن كان شعراً نجساً .. فهو حرام أيضاً … وأما  الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج.. فهو حرام أيضاً ، وإن كان فثلاثة أوجه :

أحدها : لا يجوز لظاهر الأحاديث.

والثاني : لا يحرم .

وأصحها عندهم إن فعلته بإذن الزوج .. جاز ، وإلاّ فهو حرام ) [99] .

 والحنفية يحرمون الوصل إن كان بشعر آدمي مطلقاً ، وإن كان بغيره كالصوف ، والوبر ، والحرير ونحوها فمباح[100] .

 وأما المالكية فقد حرموا الوصل بكل شيء ، وقال الليث بن سعد : النهي مختص بالوصل بالشعر فقط ، ولا بأس يوصله بصوف وخرق وغيرهما[101] ، ونقل القاضي عياض عن بعض الفقهاء القول بجواز جميع ذلك وقال : وهو مروي عن عائشة ، ولكن النووي قال : ( ولا يصح عنها ، بل الصحيح عنها كقول الجمهور ) [102] .

 والحنابلة في الرواية الراجحة أجازوا الوصل بغير الشعر من خرقة ونحوها[103] .

 والذي يظهر لي رجحانه أن الحديث خاص بشعر الآدمي فهذا هو المتبادر وهو الذي كان سائداً ، أو بالوصل مطلقاً عند إرادة الغش والخداع والتزوير. والله أعلم .

ثم ترجم البخاري باب المتنمصات فأورد فيه حديث عبدالله بن مسعود .

 والنمص ، أو النماص في اللغة هو : النتف لشعر وجه المرأة فيقال : انتمصت المرأة ، ونتفت شعر وجهها ، وتنمصت : نتفت شعر جبينها بخيط ، والأنمص : هو أنمص الحاجبين ، أي دقيق مؤخرهما مما يلي العذار ، وله معان أخرى .

 وقال جماعة من علماء اللغة منهم ابن الأثير : النمص خاص بترقيق الحواجب ، وتدقيقها طلباً لتحسينها[104] ، وقال النووي : ( وأما النامصة فهي التي تزيل الشعر من الوجه ، والمتنمصة التي تطلب فعل ذلك بها ، وهذا الفعل حرام إلاّ إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتهما بل تستحب عندنا ، وإن النهي إنما هو في الحواجب وما في أطراف الوجه) [105]  .

 والذي يظهر لي رجحانه هو أن النمص نتف شعر الحاجب بعضه حتى يصبح رقيقاً ، أو كله ، وحينئذ تصنع المرأة خطاً رقيقاً على مكان حاجبها ، وكان النمص بهذين المعنيين من عادات المرأة الجاهلية ، وبخاصة الفاجرات .

 وقد اختلف الفقهاء في حكمه بين موسع في معناه ، وتضييق في حكمه ، ومضيق ، وموسع ، كما اختلفوا في النهي أو اللعن على ماذا يُحمل ؟

 فذهب الحنفية وقول صحيح للشافعية إلى أنه يجوز للمراة إزالة شيء من حاجبيها للتزين لزوجها وبالتالي حملوا اللعن على من تتزين للأجانب ، قال ابن عادبين : ( لعل الحديث محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب ، وإلاّ فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها بسببه ، ففي تحريم إزالته بُعد ، لأن الزينة للنساء مطلوبة للتحسين ، إلاّ ان يُحمل على ما لا ضرورة إليه ، لما في نتفه بالمنماص من الايذاء) [106].

 والمالكية على المعتمد يجيزون للمراة إزالة شعرها ما عدا حلق شعر رأسها ، وبالتالي حملوا اللعن على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمرأة في حالة عدتها بسبب الوفاة ، أو المفقود زوجها ، وجاء في الفواكه الدواني : ( أن المعتمد جواز حلق جميع شعر المرأة ما عدا شعر رأسها … ولا يقال ، فيه تغيير لخلق الله ، لأننا نقول : ليس كل تغيير منهياً عنه ، ألا ترى أن خصال الفطرة كالختان وقص الأظفار والشعر وغيرها من خصاء مباح…. جائزة ) [107] وإلى هذا ذهب ابن الجوزي الحنبلي .

 وذهب الحنابلة وابن حزم ، وجماعة من الفقهاء إلى حرمة حف الحواجب[108] .

  والذي يظهر لنا رجحانه هو حصر التحريم على ترقيق الحاجب ، أو إزالة الحاجب بالكامل ثم الترقيق من خلال وشم ، أو لون ، وبذلك عملنا بالأحاديث كلها في هذا الباب وفي غيره فيما يتعلق بالزينة والجمال ، وبناء على ذلك فيجوز للمرأة إزالة الشعر من جسمها ما عدا الحاجب ، وحلق الرأس ، مثل إزالة شعر الشارب ، والفخذين ، والساقين ، والذراعين ، وشعر ما بين الحاجبين ، وشعر الوجه ما عدا الحاجبين ، وكذلك يجوز إزالة الزائد غير المعتاد للمرأة من شعر الحاجبين بشرط أن لا يؤدي إلى الترقيق . هذا والله تعالى أعلم .

 ثم ترجم البخاري : باب الواشمة فأورد فيه حديثين ، هما حديث أبي هريرة في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوشم ، وحديث أبي جحيفة قال : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم ، وثمن الكلب ، وآكل الربا ، والواشمة ، والمستوشمة ) [109].

 ثم ترجم البخاري باب المستوشمة فأورد فيه ثلاثة أحاديث ، وهي حديث أبي هريررة ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تَشَمْنَ ، ولا تستوشِمَنْ ) ، وحديث ابن عمر قال : ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة ، والواشمة والمستوشمة ) ، وحديث ابن مسعود السابق[110] .

 والواشمة هي التي تفعل الوشم في غيرها أو في نفسها ، والمستوشمة هي التي تطلب ذلك ، والوشم : هو غرس الجلد بالابرة حتى يجرح ثم حشوه بالكحل ونحوه لتظهر منه خطوط أو صور فتتزين به المرأة أو الرجل[111] ، وعادة يكون الوشم في الوجه واليدين ، والشفة ، وفي عصرنا الحاضر عم الوشم للرجال والنساء ، ولكل البدن تقليداً ، وزينة ، وقد أثبت العلم الحديث أضراراه من حيث احتمالية الاصابة بسرطان الجلد .

 والأحاديث السابقة في الدلالة على أن الوشم حرام ، لما فيه من تغيير لخلق الله ، والايذاء دون ضرورة أو حاجة .

 وعلى الذي توشم أن يزيل الوشم ، ولكن إذا خاف منه التلف أو الضرر مثل حدوث شين بارز لم تجب إزالته وإنما يكتفى فيه بالتوبة والتضرع إلى الله تعالى[112] .

 وأخيراً تبين لنا في هذه الخصال الملعونة أو المنهي عنها أن العلة الجامعة لها هي التغيير لخلق الله ، والغش والخداع والتدليس والزوير .

 كما يظهر من الأحاديث السابقة أن الممنوع هو التزين الذي يترتب عليه التغيير لخلق الله فقال صلى الله عليه وسلم : ( المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ) [113] حيث يدل على أن التغيير إذا كان لأجل العلاج أو إزالة العيب ، أو الضرر فهو مشروع وقد أكد ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح آخر رواه أحمد ، والنسائي بسندهما عن ابن مسعود قال : إني سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النامصة والواشرة ، والواصلة ، والواشمة إلاّ من داء) [114] .

العلة أو مقصد الشارع من النواهي السابقة :

 إن الأحاديث السابقة تضمنت وعيداً شديداً وهو اللعن الذي لا يستعمله القرآن الكريم إلاّ للكبائر التي تترتب عليها مفاسد عظيمة مثل لعن اليهود على تلاعبهم بدين الله ، ولعن القاتل المتعمد لنفس مؤمنة ، ولذلك لا بد أن لا تحمل على تجميل الإنسان نفسه ، ومن هنا يظهر لنا بوضوح أن العلة في هذه النواهي هي الغش والتدليس ، وليس مجرد التغيير المطلق ، لأن هناك تغييراً مشروعاً يدخل في سنن الفطرة المطلوبة شرعاً مثل الختان ، وتقليم الأظفار ..الخ ، كما أن بعض النواهي ليس فيها تغيير مثل الوصل ، لذلك فالتعليل بالتغيير المطلق منقوض طرداً وعكساً ، فلم يبق إلاّ الغش والتدليس ، ويؤكد هذا المعنى أن المرأة التي جاءت إلى رسول الله تسأله عن وصل شعر ابنتها العروسة التي مرضت بالحصبة فتمزق شعرها ، وأن زوجها يريد الدخول بها..، فلم يأذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم[115] حيث السبب واضح وهو التدليس على الزوج ليظن أن شعرها كثير مع أن الواقع كان خلاف ذلك[116] بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم سمى ذلك زوراً في الحديث الصحيح السابق وهو نص في أن العلة هي الغش.

 وقد علل جمع غفير من الفقهاء ذلك بالغش والتدليس ، فقال القاضي عبدالوهاب : ( وصل الشعر عندنا ممنوع ، لما فيه من الغرر والتدليس ) [117] وقال الخطابي إنما ورد الوعيد الشديد في هذه الأشياء لما فيها من الغش والخداع ، كما اعتبره من باب سد الذرائع حيث قال : ( ولو رخص في شيء منها لكان وسيلة إلى استجازة غيرها من أنوع الغش ) [118] وقال القرطبي : ( اختلف في المعنى الذي نهي لأجلها ؟ فقيل لأنها من باب التدليس ) [119] .

 وبناء على ذلك ذهب بعض الفقهاء إلى أن الوصل إن كان في مكان ظاهر جاز ، وإن كان مكان الوصل خفياً منع ، وعلل ذلك بالتدليس[120] .

 ولا يستبعد ان تكون العلة: التغيير في خلق الله بمعنى الفطرة السليمة الخاصة بشكل الانسان فهذا أيضاً معقول بل منصوص عليه في الأحاديث السابقة.

وفي ضوء ما ذكرنا فإن مقاصد الشريعة في النهي عن تلك المنهيات ونحوها هي :

1- منع الغش والتدليس .

2- منع التغيير في خلق الله بمعنى الفطرة السليمة الخاصة بشكل الإنسان ، فكما أن تغيير دين الله ممنوع ، فكذلك الحال بالنسبة للفطرة السليمة لخلق الله تعالى – كما سبق – .

3- الحفاظ على الخِلقة الطبيعية وعدم الجر وراء تغييرها ، كما يحدث الآن الركض وراء المبالغة في التغيير والزينة ، والاسراف والتبذير ، والانفاق عليهما ، فهذا أمر لا يتوافق مع مقاصد الشريعة والفطرة السليمة .

مقاصد الشريعة والعمليات التجميلية :

 حينما نقرأ القرآن الكريم ونتدبر في آياته يبتين لنا أن الحسن والزينة والجمال من مقاصد الشريعة تدل عليه آيات كثيرة منها قوله تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) [121] وقوله تعالى : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) [122] وقوله تعالى : ( وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) [123] وقوله تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ) [124] .

 وكذلك السنة النبوية المشرفة ، حيث ورد في البخاري أنه لما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفيّة بنت حيي… فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه… [125]، وكذلك لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ضمن أسباب اختيار الزوج ( الجمال ) فقال : ( تنكح المرأة لأربع لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين ترتب يداك ) [126].

 ويدل على رعاية الجمال والحسن أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لعَرْفجة بن سعد بأن يستعمل أنفاً من ذهب ، حيث : ( قطعت أنفه يوم الكلاب في الجاهلية ، فاتخذ أنفاً من ورِق ، فأنتنت عليه ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب ) [127] وهذا الحديث يدل بوضوح على أن دفع الضرر، وتحقيق الجمال بالقدر الممكن مطلوب حتى أذن الرسول الله صلى الله عليه وسلم باستعمال الذخب الذي هو محرم على الرجال لعَرْفَجة، وهذا يعني أنه يغتفر في سبيل ذلك استعمال بعض الوسائل المحرمة كالذهب .

 إذن حينما ننظر إلى هذه الآيات والأحاديث ونحوهما ، وإلى قوله تعالى : ( فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ ) [128]  في ضوء تفسيراته السابقة نجمع بينهما بأن المحرم في التغيير هو التغيير في دين الله ، وهذا مروي عن عدد كبير من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان – كما سبق – والتغيير في أصل الفطرة التي فطر الله الإنسان ، والخلق عليها، حكى الزجاج عن بعضهم: أن الله خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها ، فحرمها الجاهليون على أنفسهم كالبحائر والسوائب، وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرة للناس لينتفعوا بها فعبدها المشركون ، فغيروا خلق الله[129] .

 ويقول الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور : ( وقد ذكرت الآية شيئاً مما يأمر به الشيطان مما يخص أحوال العرب ، إذ كانوا يقطعون آذان الأنعام يجعلونها لطواغيتهم علامة على أنها محررة لأصنامهم ، فكانوا يشقون آذان البحيرة والسائبة ، والوصيلة فكان هذا الشق من عمل الشيطان) [130] .

 إذن فالتغيير المحرم هو خارج عن دائرة الجمال الفطري والعودة إلى الشكل العام للإنسان ، وإنما المحرم هو ذلك التغيير .

 ومن جانب آخر فإن الأحاديث الواردة في لعن الواصلات ونحوها مما سبق ليست على عمومها فقد قال العلامة ابن عاشور : ( وأما ما ورد في السنة من لعن الواصلات والمتفلجات للحسن فمما أشكل تأويله ، وأحسب ان تأويله : ان الغرض منه النهي عن سمات كانت تعد من سمات العواهر في ذلك العهد ، أو من سمات المشركات ، وإلاّ لو فرضنا هذه منهياً عنها لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك ، وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يعد إثماً إذا كان فيه خط من طاعة الشيطان ، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية ، كما هو سياق الآية ، واتصال الحديث بها ) [131] ثم قال في كتابه مقاصد الشريعة حول حديث ابن مسعود في لعن الواصلات …الخ : ( إن تلك الأحوال كانت في العرب أمارات على ضعف حصانة المرأة ، فالنهي عنها نهي عن الباعث عليها ، أو عن التعرض لهتك العرض بسببها ) [132]  وفي هذا الاطار يأتي قول بعض الحنابلة : ( إذا كان النمص أشهر شعار للفواجر امتنع ، وإلاّ فيكون تنزيها ) [133]  ، ونقل الرازي أيضاً عن الحسن البصري قوله : ( إن التحريم لأجل أن المرأة تتوصل به إلى الزنا) [134].

 يقول فضيلة الشيخ السلامي : ( وإذا كان النص القرآني ليس نصاً في تحريم بعض السمات الموجودة في الإنسان ، بل إن المفسرين يرونه أضعف الاهتمامات ، ويرجحون أن المراد هو تغيير دين الله ، وان هذا المعنى هو الأقرب لسياق الآية فإن ذلك يكشف عن ضعف الاحتجاج بها في الموضوع ، وبهذا يظهر أن اعتماد بعض الناظرين في تحريم الجراحية التجميلية ونحوها على قوله تعالى : ( وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ) [135] على أنها حجة قطعية ودليل يقيني ، : ان الأمر على غير ما يظنون) [136] .

 ولكننا أضفنا إلى معنى تغيير دين الله معنى آخر هو : تغيير الفطرة السليمة ، والغاية من الخلق – كما سبق – والله تعالى أعلم .

ضوابط العمليات التجملية المشروعة :

1- في كل ما قلناه بجواز العملية الجراحية يجب مراعاة الضوابط الخاصة بالعملية نفسها .

2- الابتعاد عن الغش والتزوير والتدليس والخداع ، فكل من أراد بالعملية الجراحية ذلك فهو آثم بالاتفاق ، فقد قال رسول الله عليه وسلم : ( من غشّ فليس مني ) [137]  .

3- عدم الاسراف والتبذير المحرمين فقال تعالى : ( وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )[138] فإذا كان الاسراف في الأكل والشرب محرماً ، فكيف بالإسراف في مثل هذه العمليات الجراحية ، وسواء كان الاسراف في المال المبذول في التغيير، أو في نفس التجميل فهو محرم ، لذلك وصف الله تعالى عباد الرحمن بقوله : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ) [139].

وأما التبذير في شيء محرم فهو أكثر حرمة لأنه جمع بين الاسراف ، والتعامل بالحرام ولذلك قال الله تعالى في حقهم : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ) [140] .

4- أن لا يترتب على العملية ضرر ، أو ضرر أكبر من المنفعة ، لأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) [141] وهو أصبح قاعدة عامة من قواعد الاسلام ومبدءاً عاماً وكلية قطعية بالاستقراء تدل عليها مجموعة من النصوص الشرعية[142] .

 ولكن إذا وجد ضرر ولكنه كان أقل من المصلحة والمنفعة فلا مانع من ذلك من حيث المبدأ ، فالقاعدة الأساسية هنا هي : أنه يتحمل الضرر الأدنى لدفع الضرر الأعلى ، وان الضرر يزال ، وانه لا يزال بضرر مثله .

وبعبارة أخرى ان يكون النفع المتوقع من العملية أرجح من الضرر المترتب عليها.

 ومما يكمل هذه الضابطة القول بأن يترتب على العملية رفع ضرر موجود في الشخص قبل العملية سواء كان هذا الضرر عبارة عن عيب فيراد إصلاحه ، أم فقد عضو فيراد إعادته ، أو إعادة شيء مكانه ، أو دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً[143] فيراد تحسينها.

وبناء على ذلك فإن الضرر يشمل الضرر النفسي كما عبر عنه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي[144] .

5- أن لا يلجأ إلى العملية الجراحية إلاّ في حالة عدم وجود غيرها ، فإذا وجدت أدوية تحقق الغرض المنشود فلا يجوز الالتجاء إلى الجراحة .

6- أن يحتاط في كشف العورة إلاّ بمقدار الضرورة أو الحاجة الملحة.

7- أن يغلب على ظن الطبيب نجاح تلك العملية .

8- أن يكون الطبيب كفوءاً متخصصاً في الجراحة .

9- أن يوافق المريض على إجراء العملية[145] .

ونكتفي بهذا القدر من التنظير، لننتقل إلى القرار الشامل لمجمع الفقه الإسلامي الدولي ، قرار رقم 173(11/18) بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها : ( إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة  بماليزيا  بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع : الجراحة التجميلية وأحكامها، وبعد استماعه إلى المناقشات المستفيضة التي دارت حوله .

قرر ما يأتي :

أولاً: تعريف جراحة التجميل : جراحة التجميل هي تلك الجراحة التي تعنى بتحسين ـ تعديل شكل  جزء أو أجزاء من الجسم البشري الظاهرة ، أو إعادة وظيفته إذا طرأ عليه خلل مؤثر .

ثانيًا: الضوابط والشروط العامة لإجراء عمليات جراحة التجميل :

– أن تحقق الجراحة مصلحة معتبرة شرعا ، كإعادة الوظيفة وإصلاح العيب وإعادة الخلقة إلى أصلها .

– أن لا يترتب على الجراحة ضرر يربو على المصلحة المرتجاة من الجراحة ، ويقرر هذا الأمر أهل الاختصاص الثقات .

– أن يقوم بالعمل طبيب مختص مؤهل ؛ وإلا ترتبت عليه المسؤولية

– أن يكون العمل الجراحي بإذن المريض طالب الجراحة .

– أن يلتزم الطبيب المختص بالتبصير الواعي لمن سيجري العملية بالأخطار والمضاعفات المتوقعة والمحتملة من جراء تلك العملية .

– أن لا يكون هناك طريق آخر للعلاج أقل تأثيراً ومساساً بالجسم من الجراحة .

– أن لا يترتب عليها مخالفة للنصوص الشرعية وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود : ” لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله “رواه البخاري، وحديث ابن عباس ” لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء ” رواه أبو داود   ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء . وكذلك نصوص النهي عن التشبه بالأقوام الأخرى أو أهل الفجور والمعاصي .

– أن تراعى فيها قواعد التداوي من حيث الالتزام بعدم الخلوة وأحكام كشف العورات وغيرها ، إلا لضرورة أو حاجة داعية .

ثالثًا: الأحكام الشرعية :يجوز شرعا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها :

أ- إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها لقوله سبحانه :   َلَقد خَلْقَنا الإنسان  في أَحسنِ تَقْويٍم .

ب- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم .

ج- إصلاح العيوب الخلقية مثل : الشفة المشقوقة ( الأرنبية ) واعوجاج الأنف الشديد والوحمات ، والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر .

د- إصلاح العيوب الطارئة ( المكتسبة ) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل : زراعة الجلد وترقيعه ، وإعادة تشكيل الثدي كليًا حالة استئصاله ، أو جزئياً إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية ، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة .

هـ- إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسيًا أو عضويًا.

2- لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين، مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين، أو بقصد التدليس وتضليل العدالة، وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات .

3- يجوز تقليل الوزن  ـ التنحيف ـ  بالوسائل العلمية المعتمدة ومنها الجراحة   شفط الدهون   إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية ولم تكن هناك وسيلة غير الجراحة بشرط أمن الضرر .

4- لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مرضية شريطة أمن الضرر .

5- يجوز رتق غشاء البكارة الذي تمزق بسبب حادث أو اغتصاب أو إكراه ، ولا يجوز شرعًا رتق الغشاء المتمزق بسبب ارتكاب الفاحشة ، سدًا لذريعة الفساد والتدليس . والأولى أن يتولى ذلك الطبيبات

6- على الطبيب المختص أن يلتزم بالقواعد الشرعية في أعماله الطبية وأن ينصح لطالبي جراحة التجميل   فالدين النصيحة .

ويوصي بما يأتي :

على المستشفيات والعيادات الخاصة والأطباء الالتزام بتقوى الله تعالى وعدم إجراء ما يحرم من هذه الجراحات .

على الأطباء والجراحين التفقه في أحكام الممارسة الطبية خاصة ما يتعلق بجراحة التجميل ، وألا ينساقوا لإجرائها لمجرد الكسب المادي ، دون التحقق من حكمها الشرعي ، وأن لا يلجئوا إلى شيء من الدعايات التسويقية المخالفة للحقائق والله أعلم.

 التلقيح الصناعي :

أكتفي في باب التلقيح الصناعي بقرار مجمع الفقه الإسلامي ، حيث غنه قرار شامل يفي بالغرض المنشود ، وهذا نصه:

( إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 – 16 تشرين الأول (أكتوبر ) 1986م ، بعد استعراضه البحوث المقدمة في موضوع التلقيح الصناعي (أطفال الأنابيب) والاستماع لشرح الخبراء والأطباء، وبعد التداول الذي تبين منه للمجلس أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة في هذه الأيام هي سبعة،

قرر ما يلي :

 أولاً: الطرق الخمس التالية محرمة شرعاً، وممنوعة منعاً باتاً لذاتها أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية .

الأولى: أن يجري التلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبييضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم زوجته .

الثانية: أن يجري التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبييضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة.

الثالثة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها .

الرابعة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبييضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة .

الخامسة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى .

ثانياً: الطريقان السادسة والسابعة لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة وهما:

السادسة: أن تؤخذ نطفة من زوج وبييضة من زوجته ويتم التلقيح خارجياً ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة .

السابعة: أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحاً داخلياً . ) [146]

والله أعلم،،،


الاجهاض وصوره في أوروبا

تمهيد:

  الإنسان في نظر الإسلام له كرامة ما بعدها من كرامة حياً وميتاً ، وأن الإنسان في نظر الإسلام لا يملك نفسه ، ولا اعضاءه ، وإنما الكل لله تعالى ، ولذلك لا يملك الإنسان التصرف في نفسه ، أو أعضائه بالاتلاف أو البيع أو الهبة إلاّبمقدار ما أذن الله تعالى به  ، كما أنه لا يملك الإنسان أولاده جنيناً أو صغيراً أو كبيراً ، فلا يجوز له التصرف في حياتهم ، ونحن هنا نذكر أحكام الانتفاع بأعضاء الإنسان أو غيره ، ونقل الأعضاء ، وزرعها ، أو زراعة خلايا المخ والجهاز العصبي ، وحكم رفع أجهزة الإنعاش فنتحدث بإيجاز شديد حول هذه الموضوعات المهمة بدءاً من بنوك الحليب والإجهاض وتنظيم النسل ، إلى رفع أجهزة الإنعاش والموت الحقيقي في نظر الشريعة الغراء.

التعريف بالإجهاض :

  الإجهاض لغة هو إلقاء الحمل ناقص الخلق ، أو المدة ، سواء أكان بسبب المرأة أم غيرها ، وسواء كان بفعل فاعل أم تلقائياً [147].

  ولا يختلف معناه لدى الفقهاء عما ذكرناه في اللغة ، ولكنهم يقيدونه عند الحديث عن حكمه بما إذا كان الإجهاض بسبب خارجي من أم أو غيرها ، وكثيراً ما يعبرون عنه بمرادفاته مثل الإسقاط ، والإلقاء ، والطرح ، والإملاص[148] ، وهذا ما نحن نسير عليه ، وذلك ، لأن الإجهاض إذا كان تلقائياً فلا يتعلق به الحكم التكليفي من الحلال والحرام ونحوهما .

حكم الإجهاض :

  للإجهاض حكم عام ، وهو الحرمة ما دام يتعلق بالاعتداء على حياة إنسان ، أو مشروع إنسان إلاّ في حالة الضرورات التي تتعلق بحياة الأم ، حيث يجوز الإجهاض إذا ترتب على عدمه فوات حياة الأم ، أو الإضرار بها إضراراً كبيراً .

  ويدل على ذلك جميع الآيات الدالة على حرمة الاعتداء على أي نفس مهما كانت وفي أي مرحلة كانت منها قوله تعالى : (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً)[149] وقوله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلَـٰدَكُمْ مِّنْ إمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)[150] وقوله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم)[151]  .

   وأما جواز الإجهاض لأجل حياة الأمّ فللأدلة الدالة على أن الأم هي السبب الظاهر في وجود الجنين فلا يجوز أن يكون سبباً لموتها ، ولأن حياتها متحققة ومستقرة ، فهي إذا مقدَمَة على حياة الجنين التي ليست مستقرة ، من باب دفع الضرر الأكبر بتحمل الضرر الأدنى[152] .

  وأما الحكم الخاص بالإجهاض فهو مرتبط بمراحل الجنين بدءاً من تلقيح البييضة بالحيوان المنوي إلى نفخ الروح فيه ، واستكمال مراحل الجنين .

  ونحن هنا نذكر أقوال الفقهاء على ضوء هذه المراحل بإيجاز للوصول إلى الرأي الراجح .

مراحل الجنين :

  ذكر القرآن الكريم ان الإنسان خلق من تراب تحول إلى طين متغير يابس ، والطين يحتوي على مواد معدنية مثل الحديد ، والفسفور ، والكالسيوم ، والنحاس وغير ذلك ، وعلى مواد عضوية أساسها النباتات والحيوانات الدقيقة ، فهذا هو الأساس الذي خلق الله تعالى منه آدم ، ثم خلق من آدم حواء ، ثم بدأ التناسل الطبيعي المتمثل في عملية الاخصاب بين الحيوان المنوي للرجل ، وبييضة المرأة حيث يحتوي كل واحد منها 23 كروموزوماً يمثل الجينات ، حيث عبر الله تعالى عن ذلك بالنطفة الأمشاج فقال تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَـٰهُ سَمِيعاً بَصِيراً)[153] .

  وهذا هو الأصل في خلق الإنسان إلاّ ما حدث من معجزة خلق عيسى عليه السلام حيث قال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)[154] .

مراحل الجنين وأطواره وحكم كل مرحلة :

(1) طور النطفة الأمشاج[155]

   أول هذه المراحل الطبيعية (أي التي جرت على سنة الله تعالى) هي تلقح البييضة بالحيوان المنوي داخل رحم المرأة ، وقد يتم التلقيح خارجياً ـ كما سيأتي حكمه ـ ثم بعد التلقيح تتطور اللقيحة وتنقسم خلاياها من خلية واحدة إلى ست عشرة خلية في حوالي أربعة أيام ، وتستقر فيما سماه القرآن الكريم بالقرار المكين (أي الرّحم) فقال تعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ)[156] ومدة هذه المرحلة من بدء التلقيح إلى الاستقرار في الرحم في حدود ثمانية أيام لتبدأ مرحلة العلقة.

(2) طور العلقة:

  يعبر القرآن الكريم عن هذا الطور بالخلق فقال تعالى : (….ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً…..)[157] بل منّ الله تعالى بها ، فقال  تعالى : (ٱقْرَأْ بِـﭑسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِنْ عَلَقٍ)[158] في حين عبر عن المرحلة السابقة بالجعل فقال تعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ)[159] مما يدل على أن مرحلة العلقة لها من الصفات والمتغيرات ما يستحق أن توصف بوصف الخلق[160] .

  والعلقة لغة من التعلق ، والمقصود بها هنا تحول النطفة الأمشاج إلى علقة تعلقت بجدار الرحم ، وتكونت من خلايا نشأت بطريق الانقسام عن البويضة الملقحة التي تمثل الخلية الأولى للإنسان ، وهي تتركب من نواة وسيتوبلازما بصفة أساسية ، وهي خالية من الأعضاء والأجهزة المميزة للجسم ، ولكنها تمتص غذاءها والاوكسجين اللازم داخل الرحم عبر الأنسجة والدماء المحيطة بها[161] .

وتبقى العلقة في هذا الطور مدة أسبوعين لتبدأ بعد ذلك أي منذ اليوم الثالث والعشرين، أو الرابع والعشرين مرحلة المضغة .

(3) طور المضغة:

  يقول القرآن الكريم : (….فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً ..)[162] وفي سورة الحج : (…..ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ…. )[163] حيث يظهر شكلها في هذه المرحلة كأنها مضغة قضمها فم الإنسان ، حيث يتكون وعاء القلب ، والأعضاء التناسلية ، وان الحويصلات المشيمية تحيط بالجنين من جميع الجهات ، مع بقاء عنقود صغير يزداد طولاً كلما نما الجنين يسمى بالحبل السري وهذه المشيمة تعمل على تغذية الجنين من الأم بواسطة الحبل السري ، وتنقل الاوكسجين منها إليه ، وتاخذ فضلات الجنين لتوصلها إلى دم الأم .

  فجميع المراحل السابقة إلى نهاية المضغة تنتهي في حدود 40-42 يوماً حسبما يذكره المتخصصون من الأطباء وعلماء الأجنة ، ثم يبدأ في حوالي 42 يوماً بنشأة أخرى ، فيبدأ التصوير والتغيير إلى صورة إنسان بأجهزته ، ثم يبدأ طور خلق آخر من خلال نفخ الروح كما قال الله تعالى : (فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ)[164] .

  والتشريح العلمي وما أسفرت عنه الأجهزة العلمية وتصوير الأجنة داخل الأرحام ، كل ذلك يرينا أن الجنين يأخذ شكله الآدمي بعد الأسبوع السادس أي بعد حوالي 42 يوماً من بدء الحمل[165]  وهذا ما يدل عليه حديث مسلم (كما سيأتي).

(4) طور خلق العظام، وكسوتها لحماً:

 وهي المرحلة التابعة للمضغة ، حيث يبدأ الجنين بالنمو إلى أن يولد حياً كاملاً  إن شاء الله حيث يبدأ ظهور نسيج العظام من بعد الأربعين في مراكز نموه في عظمتي الفك ، والترقوة ، ثم يتوالى ظهور المراكز العظمية الأخرى من الفخذ والساق[166].

متى ينفخ فيه الروح ؟

  على ضوء ما ذكره المتخصصون من الأطباء وعلماء الأجنة والتشريح أن هذه الأطوار من النطفة إلى المضغة وتحولها إلى خلق آخر تستغرق حوالي 40 أو 42 يوماً ، وهو استكمال صورته الإنسانية المصغرة .

 غن ما ذكره المتخصصون هنا تدل عليه مجموعة من الروايات الصحيحة رواها مسلم في صحيحه ، حيث روى بسنده عن طريق الأعمش بلفظ : ( إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة) وقال في حديث معاذ عن شعبة (أربعين ليلة : أربعين يوماً)[167] وورد بهذا اللفظ في حديث جرير وعيسى بلفظ: ( أربعين يوماً)، وروى بسنده عن حذيفة بن أسيد بلفظ : (يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم أربعين، أو خمساً وأربعين ليلة، فيقول: يا ربّ! أشقي أو سعيد….)[168].

  وروى مسلم كذلك بسنده عن عبدلله بن مسعود أيضاً بلفظ : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إذا مرّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله تعالى إليها ملكاً ، فصوّرها ، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها …..)[169] ثم روى هذا المتن بسند آخر ، كما روى بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري فقال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين ، يقول : (إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ، ثم يتصور عليها الملك …)[170] وفي رواية أخرى بلفظ : (لبضع وأربعين ليلة)[171] .

  يقول الحافظ ابن حجر : ( وفي حديث جابر أن النطفة إذا استقرت في الرحم أربعين يوماً أو ليلة أذن الله في خلقها ، ونحوه في حديث عبدالله بن عمرو ، وفي حديث حذيفة بن أسيد من رواية عكرمة بن خالد عن أبي الطفيل عنه أن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتصور عليها الملك ، وكذا في رواية يوسف المكي عن أبي الطفيل عند الفريابي) ثم قال : ( فحاصل الاختلاف أن حديث ابن مسعود لم يختلف في ذكر الأربعين ، وكذا في كثير من الأحاديث ، وغالبها كحديث أنس ثاني حديثي الباب لا تحديد فيه ، وحديث حذيفة اختلفت ألفاظ نقلته ، فبعضهم جزم بالأربعين ، كما في حديث ابن مسعود ، وبعضهم زاد ثنتين ، أو ثلاثاُ ، أو خمساً  أو بضعاً)[172] .

  وقد جمع العلماء بين هذه الاختلافات بأنها ربما كانت بحسب الأجنة وبناء على ذلك فإن هذه الألفاظ وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما جمع القاضي عياض بينها: ( بانه ليس في رواية ابن مسعود بأن ذلك يقع عند انتهاء الأربعين الأولى ، وابتداء الأربعين الثانية ، بل أطلق الأربعين ، فاحتمل أن يريد أن ذلك يقع في أوائل الأربعين الثانية)[173] وقد أثبت العلم الحديث أن هذه الفترة من 40 إلى 49 يوماً (تعتبر في علم الأجنة مرحلة تحول يتغير فيها اسم الجنين من embryo إلى fetus وفي هذه المرحلة يمكن لأجهزة السونار أن تظهر لنا بداية خفقان قلب الجنين ويبدأ ظهور نسيج العظام …)[174] وبناء على ذلك فلا تعارض علمياً بين روايات الحديث في العدد ، بل يؤكد تعدد الأيام من 40 إلى 49 العلم الحديث.

  وعلى ضوء ذلك فإن التصوير يبدأ منذ دخول الجنين في الربعين أو ما بعدها ، هذا والله أعلم ، في حين أن جمهور الفقهاء السابقين ذهبوا إلى أن كل طور يستغرق أربعين يوماً ، وهذا ظاهر حديث البخاري ومسلم حيث رويا بسندهما عن عبدالله قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : ( إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماُ ، ثم علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع : برزقه ، وأجله ، وشقيّ أو سعيد…. )[175] .

  كما اتفقوا على أن نفخ الروح لا يكون إلاّ بعد هذه الأطوار الثلاثة التي يستغرق كل طور أربعين يوماً (أي أربعة أشهر)[176] .

  ولكن لو دققنا النظر في هذا الحديث أيضاً لوجدنا أنه ليس قطعي الدلالة على هذا المعنى الذي فهمه علماؤنا السابقون ، بل إن بدايته واضحة في توافقه مع حديث مسلم بأن هذه الفترة كلها هي في حدود أربعين ليلة ، أو تزيد قليلاً كما في الروايات الصحيحة السابقة ، فالحديث ليس فيه تكرار أربعين ، ويمكن إرجاع (ذلك) إلى جمع خلقه في بطن أمه ، جمعاً بينه وبين حديث مسلم ، وذلك لأن من المتفق عليه أن الجمع بين الأدلة أولى من إلغاء أحدها .

 وقد ذكر الأستاذ الكبير محمد سلام مدكور في الجمع بين الحديثين فقال : ( إن عبارة البخاري : ( ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك) ولا معنى لقيد (في ذلك) إلاّ ما تفيده دلالة الألفاظ ، وهي ان طور العلقة يكون في أثناء المدة الأولى ، وكلمة (ثم) حينئذٍ تكون للترتيب الذكري لا للترتيب الخارجي حتى لا يكون هناك منافاة بين كلمة (ثم) وكلمة (في ذلك) وهكذا يقال بالنسبة للمضغة ، وإذا أخذنا بهذا القيد الوارد في هذه الرواية كان معناه أن مرحلة العلقة في نفس المدة الأولى … وبه يتفق الحديث مع الطب)[177] .

  ويدل على ذلك التعبيرات القرآنية بلفظ الفاء التي تدل على الترتيب دون التراخي ، حيث يقول الله تعالى : (ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً)[178] ثم عبر القرآن عن المرحلة الثانية فقال : (ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ)[179] .

 والظاهر أن هذا الخلق الآخر هو نفخ الروح فيه ، أو تصويره ، وقال تعالى : (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَْبْصَـٰرَ وَٱلأَْفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ)[180] حيث تدل هذه الآيات على أن هناك مرحلتين أساسيتين : الأولى : مرحلة النطفة إلى العظام حيث عبر عنها القرآن الكريم بالفاء التي تدل على الترتيب دون التراخي ، والثانية مرحلة التسوية ونفخ الروح التي جمع الله بينهما بواو العطف ، وقد ذكر الأطباء المسلمون القدامى : أن المني إذا حصل في الرحم حصل له زبدية ورغوة في ستة أيام ، أو سبعة أيام ثم إنه خلال أربعين يوماً تتميز الأعضاء ، وينفصل الرأس عن المنكبين ، والأطراف عن الأصابع تميزاً يظهر في بعض ويخفي في بعض وان هذه المرحلة هي مرحلة التجميع التي يشير إليها حديث : ( إنه يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين ليلة ….)[181] .

  يقول الدكتور فتحي سيد نصر : ( والإعجاز العلمي الذي جاء به القرآن الكريم في أطوار الجنين عندما درسها المستشرقون ، والمهتمون بالدراسات الطبية وجدوا أن إقرارها في القرآن الكريم جاء بأسلوب معجز لدرجة أن المجلس الدولي الأعلى لعلوم التشريح والأجنة قرر تغيير المصطلحات العلمية المتداولة عن علم الأجنة ، واستخدام المعاني اللفظية القرآنية لهذه الأطوار لما لها من دقة وإعجاز) كما ذكر ان تحديد بعض الأحاديث الصحيحة باثنتين وأربعين ليلة إعجاز آخر حيث أثبت العلم الحديث أن الوقت اللازم لبييضة الملقحة لكي تصل من خلية واحدة إلى حجم سنتيمتر واحد قدر من الزمن بأن يبلغ 42 يوماً ، بعدها تصبح لدى هذه الكتلة من الخلايا الصلاحية لكي تنمو وتخصص خلاياها تبعاً للوظيفة التي سوف توكل إليها)[182] .

رأينا في الموضوع :

 لا بد أن نقر هنا بأن الأحاديث النبوية تتحدث عن الروح التي هي خاصة بالإنسان ، وسرّ من أسرار الله ، وهي أرقى من الحياة البيولوجية ( العادية ) الموجودة في كل حيوان ، ولذلك فلا تعارض بينها وبين ما يقوله العلماء حول الحركة والحياة ، وتشكل الجنين وتطوره .

ومع ذلك فأمامنا فكرة الجمع ، وفكرة الترجيح .

(1) الترجيح بين الروايات :

 فإذا اتجهنا نحو الترجيح فيمكن ان نرجح ونعتمد على الروايات الصحيحة للإمام مسلم التي حددت أربعين إلى بضع وأربعين ليلة ، وحينئذ نحمل عليها حديث ابن مسعود لدى البخاري ، ونؤله حسب التأويل السابق ، وحينئذ تكون هناك مرحلتان هما ، مرحلة الجنين الذي لم تظهر فيه صورة الإنسان ، ومرحلة الجنين الذي ظهرت فيه صورة الإنسان بعد الأربعين ، ومجيئ الملك لتصوير الجنين ، وتسويته بامر الله ، ولم يتحدث الحديث عن نفخ الروح ، ولكن الحديث يحتمل ذلك ولا سيما أن إحدى رواياته الصحيحة عن جابر بلفظ (أن النطفة إذا استقرت في الرحم أربعين يوماً ، أو ليلة أذن الله في خلقها ) ، فعلى ضوء ذلك يكون التحريم قطعياً لكل اعتداء على الجنين بعد بلوغه أربعين يوماً .

 (2) الجمع بين حديث البخاي ، وحديث مسلم ، والطب الحديث :

 إذا تأملنا في جميع الأحاديث الواردة في نرى بينها تعارضاً حقيقياً ، بل يمكن الجمع بينهما ، فنحمل حديث مسلم على تصوير الجنين ، وحديث البخاري على نفخ الروح .

فعلى ضوء ما نفهمه من حديث ابن مسعود لدى البخاري يكون أمامنا ثلاث مراحل ، وهي :

  1. مرحلة ما قبل التصوير من النطفة إلى المضغة والعظام
  2. مرحلة ما بعد التصوير (أي بعد بضع وأربعين ليلة)
  3. مرحلة ما بعد نفخ الروح (أي أربعة أشهر)

  ففي مرحلة النطفة الأمشاج (البييضة الملقحة بالحيوان المنوي) هناك حياة في أدنى مستوياتها تبدأ بالحياة الخلوية المطورة ، ثم تنمو هذه الخلية الواحدة من خلال انقسامها إلى خلايا متشابهة ، فتصل إلى الحياة النسيجية طوال الأربعين يوماً ، ولا تصل إلى الحياة الإنسانية ، ولكنه بعد الأربعين تظهر صورة الإنسان المصغر على الجنين ويستطيع جهاز السونار تسجيل خفقان قلبه ، بعد أن بدأت دورته الدموية في العمل ، وظهور المراكز العظمية ، ثم في الأسبوع السابع يظهر مراكز عظمي الفخذ والساق ، وفي الأسبوع الثامن عظما العضد والساعد ، وحركات ضعيفة اختلاجية ، لكنها لا تمثل الحياة الإنسانية المتكاملة ، وعندما يصل الجنين إلى نهاية الأسبوع الحادي عشر ، وخلال الأسبوع الثاني عشر (77-84 يوماً) يدخل الجنين مرحلة هامة ومتميزة[183] .

  ففي الأسبوع الثاني عشر تظهر على الجنين مظاهر جديدة وهامة تدل على اكتمال تكوين مخه ، وبداية وظائفه ، وبداية ظهور الكيان الإنساني بشكل واضح من خلال ما يأتي :

  1. تطور حركات الجنين من الانقباضات التشنجية إلى حركات مركبة متوافقة ، وذلك مثل ثني الظهر ، ورفع الرأس ، والرفس بالأرجل ، وحركة الفم والشفتين .
  2. بدء عمل جذع المخ لتوليد التنبيهات الكهربية التي تسري إلى عضلات الصدر …
  3. وجود فترات راحة وسكون بعد النشاط والحركة ، فهو ينام ويصحو ، ويحس ويفزع ، ويقفز ويلعب.
  4. ظهور إشارات كهربية أمكن قياسها وتسجيلها صادرة عن مخ الجنين، وهي تعبر عن بدء نشاط قشرة المخ..[184].

   ولكن الأطباء يقولون : إن اكتمال المخ لن يتحقق إلاّ بعد أربعة أشهر[185] ، ويقول الدكتور محمد علي البار : ( في نهاية هذا الشهر (أي الرابع) يسمع الجنين ، ويتحرك إرادياً ، وترتسم على وجهه ملامح شخصيته المنفردة المميزة عن بقية البشر، أليست هذه كلها دلائل على نفخ الروح؟)[186] .

  هذا هو الجانب الطبي الذي كشفه الطب الحديث والأجهزة الحديثة النادرة على رصد نمو الجنين وحركاته التي لم تكن متاحة في السابق ، وهو إذا أمعنا النظر فيه وفي الأحاديث الواردة في هذا المجال لا نجد بينهما تعارضاً وذلك لما يأتي:

أولاً: ان الطب الحديث لم يسم هذه المراحل بما ذكره القرآن الكريم من النطفة ، والعلقة ، والمضغة ، وحينئذٍ فإن تخصيص فترة أربعين يوماً لكل مرحلة واردة في الحديث المتفق عليه (حتى لو سرنا على ظاهره) لا يتعارض مع ما ذكره الطب الحديث ، لأنه قد يكون المراد به في الحديث غير المراد به في الطب الحديث ، ومع ذلك فإن بعض العلماء ذكروا أن هذا الحديث ليس نصاً قطعياً في أن كل مرحلة تحتاج إلى أربعين يوماً  ـ كما سبق ـ .

  وأما على ضوء الأحاديث التي رواها مسلم فقد بينت هذه المراحل الثلاث تنتهي في حدود 42 يوماً فإن العلم الحديث مطابق تماماً لها ـ كما سبق ـ وحينئذٍ يكون إعجازاً علمياً .

  علماً بأن ذكر الأربعينات الثلاث قد ورد في رواية واحدة انفرد بها زيد بن وهب عن ابن مسعود ، أما سائر الرواة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكروا   40 أو 42 أو 45 او بضعاً وأربعين مرة واحدة ـ كما سبق ـ [187].

  ثانياً: أن الطب الحديث لا يتحدث عن الروح ، التي يتحدث عنها الحديث النبوي الشريف ، لأن هذه الروح نفخة من روح  الله تعالى ولا يعلم كنهها وحقيقتها إلاّ الله تعالى : (وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)[188] .

   وإنما الطب الحديث يتحدث عن الحياة بمعنى النمو والحسّ ، وليس في الحديث أي إشارة إلى نفي هذه الحياة ، وإنما الحديث يتحدث عن الروح التي تخص الإنسان ، وتميزه عن سائر المخلوقات الحية ، فهذه الروح من أسرار الغيب لا يعلمها إلاّ الله تعالى وقد أخبر الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذه الروح تنفخ في الجنين بعد 120 يوماً فيجب أن يصدق .

  علماً بأن ذكر نفخ الروح بعد 120 يوماً انفرد به أحد الرواة عن ابن مسعود وهو زيد بن وهب ، وسائر الرواة عن ابن مسعود ذكروا كتابة الرزق والأجل والشقاوة والسعادة ، ولم يذكروا نفخ الروح ، وكذلك الصحابة الآخرون الذين رووا الحديث لم يذكروا فيه النفخ (إلاّ ابن عباس من قوله : وليس مرفوعاً نسبه إليه ابن حجر ولكن لم يذكر أين روايته)[189].

  ويمكن الجمع بين الحديثين بأنه كانت هناك زيارات للملك ، زيارة بعد الأربعين لترتيب التصوير الذي كلفه الله تعالى ، ثم زيارة أخرى بعد 120 يوماً لنفخ الروح . (هذا والله أعلم) .

  فالحياة عند الأطباء حياة متدرجة تبدأ ـ كما قال بعضهم ـ من حياة خلوية تنمو نحو الكمال ، وأنها عملية مستمرة ليس فيها خط واضح ، لذلك يقول الدكتور الطبيب عصام الشربيني : ( وفي ضوء هذه الحقائق أجدني ـ أنا الطبيب ـ أكثر اطمئناناً  للخط الذي اختاره الفقهاء ، وفرقوا به بين ما قبل نفخ الروح وما بعدها بالنسبة للحياة الإنسانية)[190] .

  بل إن الطب الحديث يقول: ( إن الحياة الإنسانية لا تنشأ عند تخصيب البييضة بالحيوان المنوي ، والدليل على ذلك هو ما يحدث في التوائم المتشابهة ، نحن نعلم أنهم ينشأون عن بويضة واحدة سواء كان عددهم اثنين أو أكثر ، فالبرغم أنهم يتقاسمون نفس الكرموسومات والجينات الوراثية ويتشابهون تمامً في شكل ولون أجسامهم ، أي يتشابهون خلوياً (من حيث الخلية) إلاّ انهم واحدة ، فلكل منهم ذاته وحياته …، مولده ومماته .. حتى في التوائم السيامية )[191] .

  فعلى ضوء ذلك لا تعارض بين ما ذكره الطب الحديث ، وما ذكرته الأحاديث الشريفة ، فإن الحياة تتحقق للجنين منذ تلقيح البييضة بالحيوان المنوي ، وتكون الخلية الواحدة القابلة للانقسام ، لكن هذه الحياة ليست الروح التي خصصها الله تعالى بالإنسان وجعلها سبباً لتفضيله وأمره الملائكة بالسجود له حيث قال تعالى : (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّى خَـٰلِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ)[192] فقد علق الله تعالى سجودهم بنفخ روح الله فيه .

  وأكبر دليل على ذلك أن جميع الحيوانات تتمتع بالحياة ولكن هل هي تتمتع بروح الله تعالى التي أعطاها للإنسان ؟

ثالثاً: إنه بناءً على ما سبق ، وجمعاً بين كل ما ذكر في السنة المطهرة والطب الحديث نقول :

1ـ ان الحياة[193] تبدأ من لحظة النطفة الأمشاج(البييضة الملقحة بالحيوان المنوي) داخل الرحم ، لكن هذه الحياة هي حقاً في بدايتها ، وأنها بمعنى النمو والقابلية لأن تكون إنساناً (أي الإنسان بالقوة كما يقول المناطقة ، أو مشروع إنسان كما يقول البعض) .

  وتظل هذه الحياة في نمو وتطور في هذا الجنين ـ كما سبق ـ إلى أن ينفخ فيه الروح الذي هي نفخة سماوية ربانية ، فيصبح إنساناً سوياً يستحق كل ما للإنسان بعد الولادة من التكريم والحقوق وحرمة الاعتداء عليه ، ثم إن تحديد زمن نفخ الروح قد تم من خلال حديث ابن مسعود المتفق عليه ، وهو بعد 120 يوماً ، وبما أن هذ أمر غيبي ليس للطب بل ولا للبشر مجال للوصول إليه ، لذلك لا ينبغي المساس به ، ولا محاولة تأويله أو التعسف في تفسيره ، إذ  لا تعارض بينه وبين ما ثبت في الطب الحديث ـ كما سبق ـ وذلك لأن الحياة مع انها حياة محترمة فهي موجودة في النبات وفي الحيوان والإنسان ، يقول رسل تشالز ارتست ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة فرانكفورت : ( إذا فحصت طرف وريقة صغيرة من وريقات العشب المائي الذي يسمى (الأيلوديا) تحت العدسة الكبرى للمجهر فسوف تلاحظ مظهراً من أكبر مظاهر الحياة انتظاماً ، وأروعها جمالاً ، لكل خلية منها تركيب رائع ….. )[194] ، ومن البديهي أن هناك فروقاً بين هذه الأنواع الثلاثة فالحياة في النبات أقل قوة من الحياة في الحيوان وهي فيه أقل من الحياة في الإنسان ، حتى إن عدد الكروموزمات في الحيوانات نفسها مختلفة من حيث الزيادة والنقصان فهي في القرود أكثر من غيرها ، كما أنها في الإنسان أكثر من غيره حيث تصل إلى 46 كروموزوماً .

  وقد ذكر الإمام ابن القيم نوعين من الحياة بالنسبة للجنين : الحياة النباتية قبل نفخ الروح ، والحياة الإنسانية الكاملة بعد نفخ الروح عن طريق الملك المرسل في حين أن نفخ الروح في آدم عليه السلام كان دون واسطة الملك الذي هو عبد مأمور لتنفيذ هذه المهمة في وقتها المحدد[195] .

  ويظهر لي أن هذه الحياة في الجنين بعد الأربعين حياة كاملة من الناحية المادية مثل الحياة الحيوانية الكاملة ، وأكثر منها احتراماً ، لأنها البنية الأساسية للإنسان ، ولكنها ينقصها هذه النفخة الربانية التي تسمى بروح الله تعالى ، وهي ـ والله أعلم ـ مكمن الصفات الخاصة بالإنسان وهي العلم ، والقدرة على الاستنباط والقياس والتحليل كما بينته آيات خلق آدم حيث خلقه الله تعالى لتعمير الكون والاستخلاف فنفخ فيه من روحه ، وعلمه الأسماء ، وأعطاه مع العلم والاستنباط القدرة على الأفعال ، ومع العقل الاختيار والإرادة .

  وهذه الصفات العلوية لا تظهر آثارها في الجنين في مراحله الأولية ، وإنما تظهر بعضها بعد 120 يوماً من الحركة الاختيارية ونحوها .

2ـ إن حديث مسلم ليس فيه بيان نفخ الروح وبالتالي يكون خاصاً بزيارة الملك الأولى لأجل التصوير وما كلفه الله تعالى به ، في حين أن الحديث المتفق عليه هو لبيان زمن نفخ الروح ونحوه ، يقول ابن القيم : (وكثير من الناس يظن أن التعارض موجود بين الحديثين ، ولا تعارض بينهما بحمد لله ، وأن الملك الموكل بالنطفة يكتب ما يقدره الله سبحانه على رأس الأربعين الأولى ، حتى يأخذ في الطور الثاني ، وأما الملك الذي ينفخ فيه الروح فإنما ينفخها بعد الأربعين الثالثة ، فيؤمر عند نفخ الروح فيه أن يكتب رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته ، وهذا تقدير آخر غير التقدير الذي كتبه الملك الموكل بالنطفة فذاك راتب معها ينقلها بإذن الله من حال إلى حال فيقدر الله سبحانه شأن النطفة حتى يأخذ في مبدأ التخليق…..)[196].

رابعاً: إن هذه الأحاديث لا تدل أبداً على جواز الإجهاض والاعتداء على الجنين قبل نفخ الروح ، أو حتى قبل التصوير ، ولكنها تدل على أن الحرمة الشديدة تثبت في حالة الاعتداء على الجنين بعد الأربعين ، لأنه تم فيه تصويره حسب روايات مسلم الصحيحة ، وأما الحرمة الكبرى التي تصل إلى مثل حرمة قتل الإنسان بعد الولادة فتثبت بعد مرور 120 يوماً على ضوء الحديث المتفق عليه .

  وأما الاعتداء على الجنين قبل الأربعين الأولى فهو محرم بلا شك ، ولكن حرمته لا تصل إلى ما بعدها ، وهذ الدرجات مطلوبة في الإسلام لأنها تتناسب مع حجم الجريمة وأثرها ، وقد صدر بحرمة الإجهاض مطلقاً ، ووجوب العلاج الطبي لاستيفاء حياة الجنين والمحافظة عليها قرار رقم 56(7/6) من مجمع الفقه الإسلامي الدولي[197] ونص القرار رقم 113(7/12) في فقرته (2) على أن : ( للجنين حقاً في الحياة من بدء تكوينه فلا يعتدى عليه بالإجهاض ، أو بأي وجه من وجوه الاساءة….. )[198] .

آراء فقهائنا السابقين في الإجهاض:

أولاً: أجمع فقهاؤنا السابقون (المذاهب الفقهية) على حرمة الإجهاض بعد نفخ الروح (أي بعد 120 يوماً)[199] حتى إن بعضهم صرح بعدم جوازه حتى مع وجود الخشية بأن عدم إجهاضه خطر على حياة الأم ، فقد قال ابن عابدين: (لو كان الجنين حياً ويخشى على حياة الأم من بقائه فإنه لا يجوز تقطيعه ، لأن موت الأم به موهوم فلا يجوز قتل آدمي لأمر موهوم)[200].

   هذا إن كان الأمر موهوماً أما إذا كان موتها دون الإجهاض محققاً أو غالباً حسب  الظن فحينئذٍ تقدم حياة الأم على حياة الجنين ويجوز إجهاضه ـ كما سبق ـ .

ثانياً: وأما قبل نفخ الروح فيرى جمهور الفقهاء حرمة إسقاط الجنين أيضاً  إلاّ لأجل الحفاظ على أمه ، وهذا رأي الحنفية ـ على الراجح ـ والمالكية ، والشافعية على الأرجح ، والحنابلة في رواية ، والظاهرية على الظاهر ، والاباضية[201] ( على تفصيل لا يسع المجال للخوض فيه) .

  وذهب بعض الحنفية إلى الاباحة ، مع الكراهة ، ما لم يتخلق منه شيء ، وذهب بعض الشافعية ، وبعض المالكية إلى جوازه لعذر ، أو مع الكراهة ، وقول للحنابلة إلى جواز الإسقاط قبل العلقة ، إذ أجازوا شرب الدواء لالقاء نطفة لا علقة[202] ، وذهب الزيدية إلى جواز الإسقاط إذا اتفق الوالدان على ذلك[203].

  وذهب بعض الفقهاء منهم اللخمي من المالكية ، وأبو اسحاق المروزي من الشافعية إلى جواز الإسقاط قبل أربعين يوماً ، أما بعدها فيحرم[204] .

  وبعض الحنفية أجازوا إسقاط الجنين قبل نفخ الروح لعذر فقط وإن لم يصل إلى حدّ الضرورة ، ومنهم من قيده بالضرورة[205] .

 وبعض الشافعية أجازوا إسقاطه قبل نفخ الروح إذا كانت النطفة من زنى[206] .

 وقد استدل الجمهور على حرمة الإجهاض في أي مرحلة من مراحله بأدلة كثيرة مثل جميع الآيات التي تدل بوضوح على حرمة قتل النفس إلاّ بالحق ، وحرمة الاعتداء عليها منها قوله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِـﭑلحَقِّ)[207] والجنين بلا شك نفس ، وقد استدلوا كذلك بأن الله تعالى حرّم على المحرم قتل الصيد فقال تعالى : (يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ….)[208] ومع ذلك ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم على المحرم بيض النعام وصيده وقال: (فيه ثمنه)[209] ولذلك قال مالك: (لم أزل أسمع أن في النعامة إذا قتلها المحرم بدنة ، قال مالك: أرى أن في بيضة النعامة عشر ثمن البدنة كما يكون في جنين الحرة غرة، عبد أو وليدة، وقيمة الغرة خمسون ديناراً، وذلك عشر دية أمه..)[210] .

  وجه الاستدلال بالحديث أن بيض النعام أخذ حكم النعام، إذا كان هذا الأصل معتبراً في البيض فكيف لا يعتبر في الجنين الحي؟ مع أن الأصل في الصيد هو الحل، وأن الإصل في الإنسان الحرمة ، ومن المعلوم أن من مقاصد الشريعة الاحتياط الأكثر في الخروج من الحرمة إلى الحل؟.

  ولذلك فالراجح هو قول الجمهور في حرمة الاعتداء على الجنين حتى ولو قبل نفخ الروح ، وإن كانت حرمة الاعتداء عليه قبله أقل مما بعد حسب مراتب أطواره ، وهذا ما رجحه بقوة بعض المحققين يقول الإمام الغزالي في التفرقة بين العزل ، وإسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه: ( إن الولد يتكون بوقوع النطفة في الرحم …وليس هذا ـ أي العزل ـ كالإجهاض والوأد ، لأن ذلك جناية على موجود حاصل، وله أيضاً مراتب ، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة ، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش ، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً ، ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حياً) ثم ذكر أن مبدأ سبب وجود الجنين من لحظة وقوع المني في الرحم[211] .

  وسئل شيخ الإسلام “ابن تيمية” عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والاثم عليّ ، فإذا فعلت هذا وسمعت منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟

  فأجاب: إن فعلت ذلك فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين وعليهما غرة عبد أو أمة لوارثه الذي لم يقتله ، لا للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئاً[212] .

  وقال في جواب لسؤال آخر: (إسقاط الحمل حرام بإجماع المسلمين وهو من الوأد الذي قال الله فيه : (وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) وقد قال تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـٰقٍ) ، وسئل أيضاً عن امرأة تعمدت إسقاط الجنين إما بضرب وإما بشرب دواء ، فما يجب عليها ؟ فقال : (يجب عليها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق الأئمة غرة تكون لورثة الجنين غير أمه)[213] .

  وقد صدرت عن ندوة الإنجاب توصية هذا نصها:

(وقد استأنست الندوة بمعطيات الحقائق العلمية الطبية المعاصرة والتي بينتها الأبحاث والتقنية الطبية الحديثة، فخلصت إلى أن الجنين حي من بداية الحمل وأن حياته محترمة في كافة أدوارها خاصة بعد نفخ الروح وأنه لا يجوز العدوان عليها بالاسقاط إلاّ للضرورة الطبية القصوى ، وخالف بعض المشاركين فرأى جوازه قبل تمام الأربعين يوماً وخاصة عند وجود الأعذار)[214] .

الأحكام الفقهية المتعلقة بالجنين : (بإيجاز) :

1ـ وجوب الدية ، والكفارة في حالة الاسقاط مع التحريم :

  إن من تسبب في إسقاط جنين لأي سبب كان ، وسواء كان الجاني الأب ، أم الأم الحامل نفسها فإن عليه (بالإضافة إلى حرمته) دية وهي عبارة عن غرة (عبد أو أمة) وهي عشر دية أمه عند المالكية والشافعية ، وهو الراجح في عصرنا (بعد انتهاء نظام الرق بفضل الله تعالى) ، وعند الآخرين تفرقة بين الجنين الذكر ، والأنثى[215] ، وذهب ابن أبي عاصم إلى أن من ليس له عبد ولا أمة تجزئه عشر من الابل[216] وتجب مع الدية الكفارة عند الشافعية والحنابلة[217] خلافاً للحنفية والمالكية الذين يرونوها مندوبة[218].

 وهذه الدية واجبة بالاجماع إذا كان الجنين المعتدى عليه قد بلغ 120 يوماً ، ولكن المالكية توسعوا فقالوا بوجوب الغرة حتى ولو لم يستبن شيء من خلقه ، حيث نقل ابن رشد عن الامام مالك قوله : ( كل ما طرحت من مضغة ، او علقة ، مما يعلم انه ولد ففيه غرة [219] والشافعية بوجبونها إذا ألقت لحماً في صورة آدمي ، والحنابلة في وجه : إذا ألقت مضغة وشهدت الثقات من القوابل : انه مبتدأ خلق آدمي ، وعند الحنفية في هذه الحالة تجب حكومة عدل [220].

 قال النووي : ( واتفق الفقهاء على أن دية الجنين هي الغرة ، سواء كان الجنين ذكراً أو أنثى ، قال العلماء : وسواء كان خلقه كامل الأعضاء أو ناقصها ، او كان مضغة تصور فيها خلق آدمي ، ففي كل ذلك الغرة بالاجماع ، ثم الغرة تكون لورثته على مواريثهم الشرعية… ، هذا إذا انفصل ميتاً ، أما إذا انفصل حياً ثم مات فيجب فيه كمال دية الكبير ، ذكراً أو أنثى ) [221] .

 ثم الحجة فيما سبق هو الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما بسندهم عن أبي هريرة : أن امرأتين رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت جنينها ، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغرة : عبد ، أو وليدة …) [222] .

2ـ انتهاء عدة المرأة المطلقة،أو المتوفى عنها زوجها حيث تنتهي بوضع الحمل،أو اسقاط  الجنين .

3ـ وجوب نفقة الحامل على الأب في حالة الطلاق ، أو الوفاة ، أو حتى النشوز .

4ـ إباحة الفطر في رمضان للحامل عند خوف الضرر .

5ـ تأجيل عقوبة الزنا ما دامت حاملاً .

6ـ الاعتداد بالجنين من حيث الأهلية حيث له أهلية الوجوب الناقصة فيثبت له الارث والوصية ونحوهما[223].

حكم الإجهاض لأجل وجود التشوهات :

  وقد صدر بشان ذلك قرار من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي هذا نصه: (فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ، لرابطة العالم الإسلامي ، في دورته الثانية عشرة ، المنعقدة بمكة المكرمة ، في الفترة من يوم السبت 15 رجب 1410هـ الموافق 10 فبراير 1990م إلى يوم السبت 22 رجب 1410هـ الموافق 17 فبراير 1990م قد نظر في هذا الموضوع ، وبعد مناقشته من قبل هيئة المجلس الموقرة،ومن قبل أصحاب السعادة الأطباء المختصين، الذين حضروا لهذا الغرض قرر بالأكثرية ما يلي :

ـ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً ، لا يجوز إسقاطه ، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة : إلاّ إذا ثبت بتقرير لجنة طبية ، من الأطباء الثقات المختصين ، أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم فعندئذ يجوز اسقاطه سواء كان مشوهاً أم لا ، دفعاً لأعظم الضررين .

ـ قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل ، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات ـ وبناء على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية ـ أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً ، غير قابل للعلاج ، وأنه إذ بقي وولد في موعده ، ستكون حياته سيئة ، وآلاماً عليه وعلى أهله ، فعندئذ يجوز اسقاطه بناء على طلب الوالدين ، والمجلس إذ يقرر ذلك : يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله ، والتثبت في هذا الأمر) .

 

هذا ما أردنا بيانه بإيجاز شديد ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ،

وصلى الله على عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين..

 

                                                                                   كتبه الفقير إلى ربه

                                                                                    أ.د. علي محيي الدين القره داغي


([1]) القاموس الميحط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيك مادة (دوى)

([2]) المصادر السابقة مادة (علج)

([3]) يراجع : لمزيد من التفصيل : إحياء علوم الدين ط. عيسة الحلبي (4/279) ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (21/564) والمجموع للنووي (5/96) وتحفة الحوذي في شرح الحديث رقم 1961 ، وكشاف القناع (2/76) وشرح مسلم للنووي (3/90) والأحكام النبوية للحموي ص 325 ، ويراجع : البحوث المقدمة من : أ.د علي المحمدي ، وا.د محمد علي البار ، ود. محمد عدنان صقال ، ود. عبدالله محمد عبدالله ، حول العلاج الطبي المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، العدد 7 الجزء 3 ص 563 ـ 727

([4]) مجموع الفتاوى (21/564)

([5]) الفتاوى الهندية (5/354) وشرح الزرقاني على الموطأ (4/329) والمصادر والمراجع السابقة

([6])  الآداب الشرعية (2/361) ، ومجوع الفتاوى لابن تيمية (21/564، 24/269)

([7]) الفتاوى الهندية (5/355)

([8])الأحكام النبوية في الصناعة الطبية للحموي ص 325

([9]) أخرجه البخاري في الرقاق ، باب : ومن يتوكل على الله فهو حسبه وباب : يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب (11/406) وفي الطب ، باب : من اكتوى أو كوى غيره ، ومسلم في كتاب الإيمان ، باب : الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب 218 ، وأحمد في مسنده (1/402) والهيثمي في مجمع الزوائد (10/405 ، 406)

([10]) ذكره أبو نعيم في حلية الأولياء (1/34) وعبدالرزاق في مصنفه (13/262)

([11]) ذكره أبو نعيم في حلية الأولياء (2/218) وعبدالرزاق في مصنفه (13/309)

([12]) سورة النساء / لآية 165

([13]) سورة النساء / لآية 71

([14]) أخرجه الترمذي في صفة القيامة ، باب 60 (رقم 2522) وقال عنه : هذا حديث غريب ، قال المناوي : أخرجه ابن حبان في صحيحه (2/382) وإسناده صحيح ، فيض القدير (2/8) وذكره الهيثمي في موارد الضمآن 2549 وابن حجر في فتح الباري (10/212) والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (9/57) والهندي في كنز العمال 5667 وأبو نعيم في حلية الولياء (8/390)

([15]) أخرجه البخاري في بدء الخلق ، باب : خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ، ومسلم في الأشربة ، باب : الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء ، والإمام أحمد (3/386 ـ 395) والبيهقي في السنن الكبرى (1/275) والبخاري في الأدب المفرد 1221 ، والبغوي في شرح السنة (11/389) .

([16]) الأحكام النبوية في الصناعة الطبية ص 327 ـ 330 ، نقلنا هذا النص بطوله ، لأهميته ، ولمعرفتنا بأن علماءنا السابقين دافعوا عن  أهمية التداوي .

([17])يراجع لتفصيل ذلك : بحث الدكتور علي المحمدي بعنوان ” حكم التداوي في الإسلام ” المنشور في مجلة المجمع العدد السابع ، ج3 (ص602)

([18])د . محمد علي البار : بحثه بعنوان ” العلاج الطبي ” المنشور في مجلة المجمع ، العدد السابع ، ج3 (ص570)

([19])الحديث رواه مالك في الموطأ ، كتاب الأقضية (ص464) ، وأحمد في مسنده ( 1/313، 5/327 ) ، وابن ماجه (2/784 ) وهو حديث صحيح صححه البعض منهم الألباني في الإرواء الحديث (896)

([20])مجموع الفتاوى لابن تيمية ط. الرياض ( 24/269 ، 21/564)، وإحياء علوم الدين ط . عيسى البابي الحلبي (4/279 )، والآداب الشرعية لابن مفلح (2/361).

([21])الفتاوى الهندية ( 5/355 )

([22])المرجع السابق

([23])سورة البقرة / الآية 195

([24])سورة النساء / الآية 29

([25])رواه أبو داود في سننه مع عون المعبود ( 10/334 ) ، والترمذي وقال : حسن صحيح ، تحفة الأحوذي ( 6/190 ) ورواه النسائي ، وابن ماجه ، والحاكم وصححه

([26])رواه أبو داود في سننه ـ مع عون المعبود ـ ( 10/351 )

([27])رواه أبو داود ، والدارقطني (69) والبيهقي (1/228) ورواه عن ابن عباس أبو داود أيضاً ، والبيهقي ، وابن حبان ، والحاكم وأبو نعيم في الحلية (3/317) قال الحافظ في بلوغ المرام مع سبل السلام (1/161) : (رواه أبو داود بسند فيه ضعف)  ، ولكن الحديث له طرق كثيرة ولذلك صححه ابن سكن ، ورواه ان خريمة في صحيحه (1/138) وابن حبان في صحيحه (2/304) والحاكم في مستدركه (1/165)

([28])يراجع : الفتاوى الهندية ( 5/255 )

(4) يراجع : سنن أبي داود ـ مع عون المعبود ـ ( 10/339 ، 341 ، 349 ) ، وفتح الباري ( 10/147،150 ) حيث روى البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم احتجم .

([30])الفواكه الدواني ( 2/442 ) ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( 10/199 ) ود . علي المحمدي : بحثه السابق

([31])إحياء علوم الدين ( 4/283 )

([32])المرجع السابق ( 4/283 )

([33])سورة البقرة / الآية ( 243 )

([34])الحديث صحيح متفق عليه انظر : صحيح البخاري ـ مع فتح الباري ـ ( 10/179 ) ، ومسلم الحديث رقم (2219) ( 4/1740 )

([35])إحياء علوم الدين ( 4/279 )

([36]) سبق تخريجه

([37])قال لشاطبي في الموافقات ( 4/556 ) = ( لأن حقيقتها التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة )

([38])إعلام الموقعين ط . النهضة الجديدة بالقاهرة ( 3/134 ـ 159 )

([39])الموافقات ( 4/552 ـ 553 )

([40])المرجع السابق ( 4/556 )

([41]) يراجع العدد 7 من مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ،  الجزء 3 ص 731 ـ 733

([42]) رواه مسلم في صحيحه ، الحديث رقم 3670 ، وابن ماجه الحديث رقم 3491 ، وأحمد في مسنده ، الأحدايث 18036 ، 18107 ، 21646

([43]) شرح النووي على مسلم ، كتاب الأشربة ، شرح الحديث رقم 3670

([44]) فتح الباري شرح حديث 6744

([45]) يراجع :  الحلال والحرام لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ط. المكتب  الإسلامي ص 74

([46])  مجلة المجمع (ع 8، ج1 ص 49)

([47]) أخرجه أحمد (رقم: 114، 177) والترمذي (رقم: 2165) من حديث عمر بن الخطاب، ولفظه: “لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان”. وقال الترمذي: “حديث حسن صحيح”.

([48])  سورة الأحزاب / الآية 32

([49])  سورة النور / الآية 31

([50])  صحيح البخاري ، الحديث 2263 ، 2264 ، ويراجع : فتح الباري (4/517)   

([51])  بدائع الفوائد (3/725)

([52])  اسورة آل عمران / الآية 75

([53])  الآداب الشرعية (3/76)  

([54])  معجم ابن المقري ص 352  

([55])  سير أعلام النبلاء (11/211)   

([56])  يراجع لموضوع الجراحات : البحوث المقدمة إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته 18 بماليزيا ، وبخاصة بحث فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي ، وبحث الدكتور حسان شمس باشا ، وبحث الدكتور عصام محمد سليمان موسى ، وبحث الدكتور عبدالناصر أبو البصل ، وبحث الدكتور أحمد رجائي الجندي ، ويراجع كذلك : د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي : أحكام الجراحة الطبية ، والآثار المترتبة عليها ، ط. مكتبة الصحابة بجدة 1998 ، ود.صالح بن محمد الفوزان ، وجد. عثمان شبير ، وآخرون : دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة ، ط. دار النفائس بعمان 2001 ود. علي المحمدي ، ود. علي القره داغي : فقه القضايا الطبية المعاصرة ط. دار البشائر الاسلامية .

([57])  يراجع للمزيد من التفصل حول تعريف الحكم الشرعي وشرح مفرداته : المستصفى للغزالي (1/55) والإحكام للآمدي (1/95) وفواتح الرحوت (1/60) وتيسير التحرير (2/131) وشرح المحلى على جمع الجوامع (1/77) وشرح العضد على مختصر ابن حاجب 01/225) وشرح الكوكب المنير بتحقيق د. محمد الزحيلي ، ود. نزيه حماد (1/333 وما بعدها )    

([58])  يراجع لمعاني العمليات ، والجمال في اللغة : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط مادتي : عمل ، وجمل    

([59])  د. حسان شمس باشا : الجراحة التجميلية بين رغبة جامحة ، وضابط الشارع ، بحث مقدم إلى الدورة 18 لمجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقدة بماليزيا ، ص 2    

([60])  سورة التين / الآية 4    

([61])  سورة النحل / الآية 6    

([62])  سورة الأعراف / الآية 31    

([63])  يراجع : الأشباه والنظائر     

([64])  يراجع : حاشية ابن عابين (4/215) ونهاية المحتاج (8/12) والمجموع للنووي (9/50) والمحلى لابن حزم (1/175)    

([65])  رواه البخاري في صحيحه مع الفتح (6/100) ومسلم (3/1646)     

([66])  رواه البخاري في صحيحه مع الفتح (1/335)     

([67])  أ.د. نزيه جماد : المواد المحرمة النجسة ط. دار العلم ص 38      

([68])  سورة البقرة / الآية 185

([69])  سورة الحج / الآية 78

([70]) روي كلك بلفظ ( ولكني بعثت … ) من حديث أبي أمامة الباهلي صححه الحافظ ابن حجر في كشف الستر (37) وحسنه محمد جار الله الصعدي في النوافح العطرة (63) وضعفه الألباني في السلسلة الصحيحة (6/1022) ثم صححه (6/125)

([71])  رواه البخاري في صحيحه ، الحديث 4341 ، 4344 ، 3038 ، ومسلم الحديث 1733

([72])  سورة النساء / الآية 119-121

(6) المصادر السابقة ، والآية 30 من سورة الروم

([74])  وقد راجعت بالاضافة إلى التفاسير المتوافرة لدي : الجماع التأريخي لتفسير القرآن الكريم الذي يضم عدداً كبيراً من التفاسير حسب التواريخ .

([75])  تفسير المسعاني في تفسير الآية 119 من سورة النساء

(1) الحديث متفق عليه ، انظر صحيح البخاري مع فتح الباري ( 8/512 )

(2)التفسير الكبير للرازي ط . دار إحياء التراث العربي ببيروت ( 11/48 ـ 50 )

(3) سورة النساء / الآية ( 120 )

(4) المحرر الوجيز لابن عطية ، ط . قطر ( 4/ 232 )

(5) المحرر الوجيز ( 11/453 )

(6) صحيح البخاري مع فتح الباري ( 8/512 ـ 513 ) ، والآية 30 من سورة الروم

(1) المحرر الوجيز ( 4/ 232 )

([83])  سورة التين / الآية 4    

([84])  رواه مسلم في صحيحه رقم الحديث 91 وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2/898)    

([85])  د. حسان باشا : المرجع السابق ص 8 ، والمصادر السابقة     

([86])  المصادر السابقة     

([87])  بحثه السابق ص 6، ود. عصام محمد سليمان موسى : بحثه السابق     

([88])  صحيح البخاري ، بعدة روايات ، الحديث 4886 ، 5931 ، 5943، 5948 ويراجع فتح الباري (8/630) وصحيح المسلم الحديث 2125    

([89])  فتح الباري (10/372)    

([90])  صحيح البخاري  مع الفتح الباري (10/373)     

([91])  صحيح البخاري مع الفتح (10/374)     

([92])  المصدر السابق

([93])  المصدر السابق

([94])  المصدر السابق (10/378)

([95])  أخرجه مسلم     

([96])  فتح الباري (10/375-376)

([97])  المصدر السابق     

([98])  صحيح البخاري مع الفتح (10/374

([99])  شرح النووي على صحيح مسلم (7/359-360) والمجموع (3/147)

([100])  حاشية ابن عابدين (1/372 ،376 ، 377) (5/239)

([101])  الفواكه الدواني (2/410) 

([102])  شرح النووي على صحيح مسلم (7/360)

([103])  المغني (1/93) وتصحيح الفروع للمرداوي (1/134)

([104])  يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط ، مادة ( نمص ) 

([105])  شرح النووي على صحيح مسلم  ط. دار أبي حيان / القاهرة (7/361)

([106])  حاشية ابن عادبدين (1/374) وتحفة المحتاج (1/129)

([107])  الفواكه الدواني (2/411)

([108])  المغني (1/94) ونيل الأوطار (6/202)

([109])  صحيح البخاري مع الفتح (10/379)

([110])  صحيح البخاري مع الفتح (10/380)

([111])  يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط ، مادة ( وشم )

([112])  فتح الباري (10/372)

([113])  جزء من الحديث الصحيح المتفق عليه ، يراجع : صحيح البخاري : الحديث رقم 5943 ومسلم 2125 ورواه غيرهما

([114])  رواه أحمد في مسنده (6/21) قالمحققه الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح ، ورواه النسائي ، وقال الألباني في صحيح النسائي (5119) الحديث صحيح والحديث روي مرسلاً بطرف آخر

([115])  سبق تخريجه

([116])  يراجع : الشيخ محمد المختار السلامي : بحثه حول الجراحة التجميلية المقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، الدورة 18 ، ماليزيا

([117])  إكمال الاكمال (4/406)

([118])  فتح الباري (12/503)

([119])  تفسير القرطبي ط. وزارة الأوقاف القطرية (7/144)

([120])  فتح الباري (12/497)

([121])  سورة التين / الآية 4    

([122])  سورة غافر / الآية 64

([123])  سورة النحل / الآية 6

([124])  سورة الأعراف / الآية 32

([125])  صحيح البخاري الحديث 4211 ، 2893 ، 2235   

([126])  رواه مسلم الحديث 1466    

([127])  رواه ابن حبان في صحيحه الحديث 5442 ، وحسنه البغوي في شرح السنة (6/226) والنووي في المجموع (4/440) وقال : حديث حسن ، وقال ابن كثير في جامع المسانيد الحديث 7413 روي من طرق ، والحديث ينهض حجة .    

([128])  سورة النساء / الآية 119

([129])  التفسير الكبير (11/48-49)    

([130])  التحرير والتنوير (5/205-206)     

([131])  التحرير والتنوير (5/205-206)     

([132])  مقاصد الشريعة ص 91     

([133])  فتح الباري (12/500)     

([134])  تفسير الرازي (11/409)     

([135])  سورة النساء / الآية 119

([136])  بحثه السابق الاشارة إليه ص 19     

([137])  رواه مسلم الحديث 102 ، وأبو داود الحديث 3452

([138])  سورة الأعراف/ الآية 31

([139])  سورة الفرقان/ الآية 67

([140])  سورة الاسراء/ الآية 27

([141])  الحديث رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ، واخرجه مالك في الموطأ (2/347) عن عمر بن يحيى مرسلاً ، ورواه ابن ماجه من عدة طرق الحديث 2341 والطبراني ، والدارقطني (4/288) وقد استدل به الامام أحمد ، وقال ابن الصلاح الشهرزوري : هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه ، ومجموعها يقوي الحديث ويحسنه ، وقد تقبله جماهير أهل العلم ، واحتجوا به ، ووقول أبي داود : إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها يشعر بكونه غير صعيف والله أعلم

ويراجع : التمهيد لابن عبدالبر (5/103 ) (20(157-158) والاستذكار (6/196) والسنن الكبرى (6/96) والطبراني الأوسط (1/90) وهو الحديث رقم 32 من الأربعين النووية

([142])  يراجع الأشباه والنظائر للسيوطي ص173-181 والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 84 وما بعدها

([143])  سورة الفرقان/ الآية 67

([144])  يراجع : قرار رقم 173(11/18)

([145])  د. حسان باشا المرجع السابق ص 15 ، والمراجع السابقة

([146])  قرار رقم : 16 (4/3) بشأن أطفال الأنابيب ( مجلة المجمع – ع 3، ج 1/ص 423 )

([147]) يراجع : المصباح المنير ، ولسان العرب ، والقاموس المحيط ، والمعجم الوسيط مادة (جهض)

([148]) حيث ذكروا عند تعريفهم للإجهاض:إنه الغاء الولد قبل تمامه ، يراجع:البحر الرائق (8/389) وحاشية البجيرمي (2/250) والموسوعة الفقهية الكويتية (2/56)

([149]) سورة المائدة / الآية 32

([150]) سورة الأنعام / الآية 151

([151]) سورة الإسراء / الآية 31

([152]) حاشية ابن عابدين (5/377) والشرح الكبير مع الدسوقي (4/268) وشرح الخرشي (5/274) والاقناع (4/129) والموسوعة الفقهية الكويتية (2/59)

([153]) سورة الإنسان / الآية 2

([154]) سورة آل عمران / الاية 59

([155]) النطفة في اللغة هي ماء الرجل والمرأة ، والأمشاج هي المخلوطة خلطاً قال المرزوقي : أًصل أجزاء الأشياء بعضها في بعض ، انظر : المصباح المنير ط. مصطفى الحلبي / القاهرة (1/191) ولسان العرب ، والقاموس المحيط مادة (خلط)

([156]) سورة المؤمنون / الآية 13

([157]) سورة المؤمنون / الآية 14

([158]) سورة العلق / الآية 1 -2

([159]) سورة المؤمنون / الآية 13

([160]) الأستاذ محمد سلام مذكور : الجنين ط. دار النهضة العربية 1389هـ ص 56

([161]) د. مختار المهدي : بداية الحياة الإنسانية ، بحث منشور في الكتاب الثاني للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت ص 65 وما بعدها

([162]) سورة المؤمنون / الآية 14

([163]) سورة الحج / الآية 5

([164]) سورة المؤمنون / الآية 14

([165]) بحوث د. حسان حتحوت ، ود. مختار المهدي ، ود. أحمد شوقي ، ود. محمد نعيم ياسين حول بداية الحياة الإنسانية المطبوعة في كتاب المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ، المنبثق من ندوتها حول الحياة الإنسانية في 24-26 ربيع الآخر 1405هـ ص 55-193 ، و د.عبدالله سلامة : بدء الحياة وحرمة الأجنة ، ورقة منشورة في الإسلام والمشكلات الإسلامية للعلوم الطبية عام 1403هـ ، ص 363

([166]) د. مختار المهدي : بحثه السابق ص 65

([167]) صحيح مسلم (4/2036 – 2037) كتاب القدر

([168]) صحيح مسلم الحديث 2644 (4/2037)

([169]) صحيح مسلم الحديث بروايته (4/2037- 2038)

([170]) المصدر السابق

([171]) المصدر السابق

([172]) فتح الباري (11/ 480 – 481)

([173]) فتح الباري (11/ 481)

([174])د. مختار المهدي : بحثه السابق ص 65

([175]) صحيح البخاري ، كتاب القدر ، الحديث رقم 6594 مع فتح الباري (11/477) ومسلم الحديث رقم 2643 كتاب القدر (4/2036) وسنن الترمذي الحديث رقم 2063 وسنن أبي داود الحديث 4085 وابن ماجه المقدمة الحديث 73

([176]) فتح الباري (11/ 481)

([177]) الجنين : المرجع السابق ص 54

([178]) سورة المؤمنون / الآية 14

([179]) سورة المؤمنون / الآية 14

([180]) سورة السجدة / الآية 8-9

([181]) التفسير الكبير للرازي (23/84) ، وفتح الباري (11/485)

([182]) د. فتحي سيد نصر : الإنسان ، مم يتركب ؟ وكيف يعمل ؟ ط. مدبولي ، القاهرة 2002م ص 15-16

([183]) المصادر السابقة ، ود. مختار المهدي رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب ، بحثه السابق ص 66-67

([184]) المصادر السابقة أنفسها

([185]) د. عبدالله باسلامة : المرجع السابق ص 81 ، والمصادر السابقة

([186]) د. محمد علي البار : خلق الإنسان بين الطب والقانون ص 191 بإيجاز

([187]) د. محمد سليمان الأشقر : بداية الحياة ، بحث منشور في : الإسلام والمشكلات الطبية المعاصرة ، المشار إليه سابقاً ص 126 

([188]) سورة الإسراء / الآية 85

([189]) فتح الباري (11/468) ويراجع : د. محمد الأشقر : بحثه السابق ص 162

([190]) د. عصام الشربيني : بحثه السابق ص 203

([191])د. مختار المهدي : بحثه السابق ص 63

([192]) سورة ص / الآية 71 – 72

([193]) إطلاق الحياة أولى من تقييدها بالحياة الإنسانية ، أو الحياة الخلوية أو النسيجية ، كما ذكرها بعض الأطباء ، أنظر : المراجع السابقة أنفسها

([194]) كتاب : الله يتجلى في عصر العلم ، السابق الإشارة إليه ص 73

([195]) يراجع : كتاب الروح لابن القيم ص 38 ، وكتاب شفاء العليل له أيضاً ص 38-41

([196]) كتاب الروح ص 205

([197]) يراجع مجلة المجمع : ع 6 ج 3 ص 1791

([198]) يراجع : مجلة المجمع : ع 12 ج4 ص 293

([199]) فتح القدير (2/495) وحاشية ابن عابدين (1/602) وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/267) ونهاية المحتاج (8/416) والمجموع (5/301) والمغني لابن قدامة (7/815) واالمحلى لابن حزم (11/29-31) ، حيث نصوا على أنه إذا نفخت الروح في الجنين حرم الاجهاض إجماعاً ، أو أنه لا يعلم فيه خلاف .

([200]) حاشية ابن عابدين (1/602)

([201]) المصادر السابقة

([202]) المصادر السابقة والفروع (6/191) والانصاف (1/386)

([203]) نيل الأوطار (5/20)

([204]) المصادر السابقة وحاشية الرهوني على الزرقاني (3/264) وحاشية الشرواني (6/248) ونهاية المحتاج (8/416) 

([205]) حاشية ابن عابدين (2/380)

([206]) نهاية المحتاج (8/416)

([207]) سورة الأنعام / الآية 151 ، وسورة الإسراء / الآية 33

([208]) سورة المائدة / الآية 95

([209]) رواه ابن ماجه في سننه الحديث 3077 ، كتاب المناسك ، ومسند أحمد الحديث رقم 744 ، والحديث رقم 745

([210]) المدونة ط. دار الباز (2/437) قال ابن القاسم : (وإنما شبه مالك : البيض بجنين الحرة …) أي جعل الأصل الجنين في حرمة الاعتداء عليه

([211]) إحياء  علوم الدين  ط. عيسى الحلبي بالقاهرة (2/53)

([212]) مجموع الفتاوى لابن تيمية (34/159)

([213]) مجموع الفتاوى لابن تيمية (34/ 160 – 161)

([214]) ندوة الإنجاب ، ثبت كامل لأعمال ندوة الإنجاب ، المنشور كل بحوثها في الكتاب الأول للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ص 351

([215]) المصادر الفقهية السابقة ، وبداية المجتهد (2/656) ط. الكليات الأزهرية 

([216]) نيل الأوطار (7/70)

([217])المصادر السابقة ، وبداية المجتهد (2/656) والكفارة هي : عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين

([218]) الهادية مع تكملة فتح القدير (8/324-329) وحاشية الدسوقي (4/268)

([219]) باية المجتهد (2/407) وحاشية الدسوقي (4/268 ، 269)  

([220]) المصادر الفقهية السابقة  

([221]) شرح النووي على صحيح مسلم ط. دار أبي حيان 1415هـ ( 6/193)  

([222]) صحيح البخاري ، الحديث 5759 ، 6904 ، ومسلم الحديث 1681

([223]) يراجع في تصيل ذلك : الكتاب الرائع لأستاذنا محمد سلام مذكور : الجنين حيث فصل في الموضوع جزاه الله خيرا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق