البحوث

المال في الإسلام “دراسة فقهية تأصيلية”

المال في الإسلام 

دراسة فقهية تأصيلية”

 

بقلم:

أ . د . علي محيى الدين القره داغي

أستاذ بكلية الشريعة  بجامعة قطر

والحائز على جائزة الدولة ، والخبير بالمجامع الفقهية

وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث

ورئيس لعدد من الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية

بحث مقدم

للدورة الثامنة عشرة للمجلس – باريس

جمادى الثانية – رجب 1429 هـ / يوليو 2008 م 

 

  • تمهيد.
  • المال في كتب التراث.
  • التعريف بالمال لغة واصطلاحاً.
  • تقسيمات المال.
  • موقف الإسلام من المال، والغني والفقر.
  • النظام المالي الإسلامي.
تمهيد :

 

1ـ موضوعات الكتاب ( المال ، والاقتصاد ، والملكية ، والعقد ) بينها ارتباط وثيق من حيث إن جميعها يدور حول شيء واحد ، وهو البحث عن المال من حيث الكسب والحل والحرمة ، ومن حيث التنظيم ، وحل المشاكل ، ومن حيث التملك ، والتصرف فيه من خلال العقود الناقلة ، أونحوها ، فالمال هو مدار النشاط الاقتصادي من حيث الإنتاج ، والتبادل ، والاستهلاك ، والتوزيع وإعادة التوزيع ، كما أن هذه الأنشطة لا تكون مشروعة في نظر الشرع إلاّ إذا كانت ناتجاً عن الملكية ، سواء كانت تامة أم ناقصة ، وسواء كانت ملكية المنافع والحقوق أم ملكية الأعيان ، ومن جانب آخر فإن انتقال المال من شخص إلى آخر ، أو الانتفاع به لفترة زمنية محددة لا يتم إلاّ من خلال عقود قائمة على الرضا .

2ـ الفقه الإسلامي يبحث هذه الأمور كلها في إطار فقه المعاملات وكتب المال التي نذكر أهمها بعد قليل .

 وأما القوانين الوضعية فقد نظمت المسائل السابقة في إطار مجموعة من القوانين  وهي :

 أ ـ القانون المدني الذي ينظم الأحكام المتعلقة بنشاط الناس الاكتسابي ، وتعاملهم بعضهم مع بعض في الأموال والحقوق ، وتصرفهم بالتعاقد وغيره ، وفصل منازعاتهم بالقضاء ، وكذلك الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية ، وهذا توجه القانون الفرنسي ، ومعظم القوانين المنبثقة منه ، ولكن بعض القوانين ـ مثل القانون المصري والقطري ـ تجعل القانون المدني خاصاً بالقواعد القانونية التي تنظم علاقات الملكية ، وبالتالي تنظم علاقات الأحوال الشخصية بقانون مستقل يسمى قانون الأسرة ، أو قانون الأحوال الشخصية[1] ، حتى إن هناك رأياً قانونياً في مصر يحبذ تسميته : علم قواعد المعاملات[2] .

ب ـ القانون التجاري :

  كان القاون التجاري في البداية فرعاً من القانون المدني ، ثم انفصل عنه ، وأصبح قانوناً مستقلاً .

فالقانون التجاري هو : مجموعة القواعد القانونية التي تخضع لها جميع المعاملات التجارية ، ويخضع لها التجار[3] .

فالطبيعة المميزة للتعامل التجاري عن المعاملات المدنية تنحصر في عنصرين :

أولهما : السرعة وبساطة الاجراءات في حين أن المعاملات المدنية تتسم بالبطء والتريث ، وتستغرق وقتاً أطول بسبب اجراءات معنية مثل اشتراط الكتابة لاثبات معظم التصرفات القانونية .

ثانيهما : عنصر الائتمان حيث يشكل عامل الثقة ركناً أساسياً في العمليات التجارية .

  والقانون التجاري ينظم الآن التصرفات التجارية والأعمال التي تكسب  الصفة التجارية ، والمهن التجارية ، وما يتعلق بالتجار ، ودفاتر التجارة ، والسجل التجاري ، والمؤسسات التجارية ، وعناصرها من الاسم التجاري ، والشعار ، وبراءة الاختراع ، وحقوق الملكية الصناعية والتجارية والأدبية والفنية ونحوها ، وكذلك وما يتعلق ببيع المؤسسة التجارية ، ورهنها ، وأحكام الشركات التجارية بجميع أنواعها ، وما تصدرها ، وما يترتب عليها من الأحكام[4].

ج ـ المالية العامة :

  المالية العامة هي مجموعة من الأسس والقواعد التي تنظم مالية الدولة ، وتقوم عليها مجالات الانفاق العام للدولة ، وتجميع الموارد والتوزيع ، وإدارة النقد ، والدين العام للدولة[5] فالايرادات مثل الضرائب ، والرسوم التي تتقاضاها الدولة في مقابل الخدمات ، وما يستقرضها لسد عجز الميزانية ، ونحوها. 

المال وكتب التراث :

  فقد أولى علماؤنا السابقون عناية قصوى بهذا الموضوع وألفوا فيه كتباً مستقلة بين مختصر ومتوسط ومفصل ، إضافة إلى أن جميع كتب الفقه تتضمن أبواباً عن المال وأسباب كسبه ، ونحن هنا نذكر أهم الكتب التي ألفت في هذا المجال ، ليفهم من خلاله أن الأوائل قد دخلوا في تفاصيل المال ، بل والنظام المالي حتى نستطيع بكل سهولة استخراج علم متكامل في مجال المال ، ونذكر هذه الكتب التي وصلتنا  حسب تسلسلها الزمن من خلال زمن وفاة مؤلفيها ـ رحمهم الله ـ وهي :

1ـ كتاب الخراج لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم المولود بالكوفة في 113هـ والمتوفى 183هـ ، صاحب الإمام أبي حنيفة ، وقاضي القضاة في عصر الخليفة هارون الرشيد الذي طلب منه ذلك حيث جاء في مقدمته : ( إن أمير المؤمين ـ أيده الله تعالى ـ سألني أن أضع له كتاباً جامعاً يعمل به في جباية لخراج ،  والعشور ( الرسوم التي تؤخذ على حركة التجارة ) والصدقات والجوالي  ـ أي الجزية ـ وغير ذلك ، مما يجب عليه النظر فيه ، والعمل به ، وإنما أراد بذلك رفع الظلم عن رعيته ، والصلاح لأمرهم)[6] .

  وقد كان أبو يوسف في هذا الكتاب ناصحاً أميناً للخليفة بالحكمة والموعظة الحسنة غير خائف في الله لومة لائم ، فبدأ بنصيحة قوية حكيمة بليغة قال فيها : ( يا أمير المؤمنين … إن الله قلدك أمراً عظيماً … ، وائتمنك عليهم وابتلاك بهم وولاك أمرهم ، وليس يثبت البنيان ـ إذا أسس على غير التقوى ـ أن يأتيه الله من القواعد فيهدّه على من بناه وأعان عليه ، فلا تضيعنّ ما قلدّك الله من أمر هذه الرعية فإن القوة في العمل بإذن الله ، لا تؤخر عمل اليوم إلى غد ، فإنك إذا فعلت ذلك أضعت ، وإن الأجل دون الأمل ، فبادر الأجل بالعمل ، فإنه لا عمل بعد الأجل … فإن أسعد الرعاة عند الله تعالى يوم القيامة راع سعدت به رعيته ، ولا تَزغ فتزيغ رعيتك ، وإياك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب…) .

 ثم قال : ( وقد كتبت لك ما أمرت به ، وبينته ، فتفهمه وتدبّره ، وردد قراءته حتى تحفظه ، فإني قد اجتهدت لك في ذلك ولم آلك والمسلمين نصحاً ابتغاء ثواب الله وخوفاً من عقابه ، ـ وإني لأرجو إن عملت بما فيه من البيان ـ أن يوفر الله لك خراجك من غير ظلم مسلم ولا معاهد ، ويصلح لك رعيتك ، فإن صلاحهم بإقامة الحدود عليهم ودفع الظلم عنهم ، والتظالم فيما اشتبه من الحقوق عليهم )[7].

  هكذا وبهذه الصراحة البعيدة عن التكلف والألقاب ينصح أبو يوسف الخليفة هارون الرشيد ـ رحمهما الله ـ.

  وقد تضمن الكتاب : قسمة الغنائم ، وأحكام المعادن ، والفيئ والخراج ، وما عومل به في سواد العراق ، والشام والجزيرة وكيف كان فرض الخليفتين أبي بكر ، وعمر لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأحكام القطائع ، وموات الأرض في الصلح والعنوة ، وحد أرض العشر من الخراج ، وما يخرج من البحر ، والعسل والجوز واللوز ، وقصة نجران وأهلها ، والصدقات وأحكام إجارة الأرض البيضاء ، والجزائر ، والقنى ، والآبار ، والكلأ والمروج ، وشأن نصارى بني تغلب ، وسائر أهل الذمة ، والمجوس ، والكنائس والبيع والصلبان ، وحكم المرتد ، وقتال أهل الشرك وأهل البغي ، وكيف يدعون .

  فهذه الموضوعات يمكن تلخيصها في أربعة موضوعات أساسية ، وهي بيان موارد الدولة ، نفقاتها ، واخلاقيات النظام المالي الإسلامي ، وواجبات الدولة .

  فالكتاب في حقيقته لا ينحصر في بيان أحكام الخراج ، وإنما يتضمن خطة للإصلاح المالي والاقتصادي ، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ، وهو دراسة ميدانية أيضاً كشفت المظالم التي كانت موجودة في عصر الرشيد ، وما قبله ، حيث قال : ( نظرت في خراج السواد ، وفي الوجوه التي يجبى عليها) فوجد فيها مظالم كبيرة ، وقد عرض عليه أن يعفى الأرضين التي لم تعد تزرع فلا ينبغي أن يوضع عليها الخراج[8] .

  وذكر أيضاً أن المطلوب من الخليفة أن يختار : ( قوماً من أهل الصلاح والدين والأمانة ، فتوليهم الخراج ، ومن وليت منهم فليكن فقيهاً عالماً مشاوراً لأهل الرأي ، عفيفاً … ولا يخاف الله لومة لائم …) ثم ذكر مظالم الولاة والجباة حيث قال : ( فإنه قد بلغني أنه يكون في حاشية الوالي والعامل جماعة منهم ، من لديه به حرمة ، ومنهم من له إليه وسيلة ، ليسوا بأبرار ولا صالحين …. يأخذون ذلك فيما بلغني بالعسف والظلم والتعدي… فأْمُرْ بحسم هذا وما أشبهه ، وترك التعرض لمثله…. )[9] .

  ثم قال : ( ولا يُضربنّ رجل في دراهم خراج ، ولا يقام على رجله ، فإنه قد بلغني أنهم يقيمون أهل الخراج في الشمس ويضربونهم الضرب الشديد ، ويعلقون عليهم الجرار ، ويقيدونهم بما يمنعهم من الصلاة ، وهذا عظيم عند الله ، شنيع في الإسلام … )[10] .

  كما وجه الخليفة نحو تعمير الأرض بأساليب مشجعة .

2ـ كتاب الخراج ليحيى بن آدم بن سليمان القرشي المتوفى 203هـ ، حيث نشره المستشرق ت.وجونبيول في سنة 1896م بمدينة ليون[11] .

  وهو كتاب يتضمن الأحاديث والآثار الواردة في الغنيمة والفيئ ، وأرض الخراج والعشور ، والقطائع ، وأحكام إحياء الأرض الميتة، والعيون… ونحوها ، وهو في أربعة أجزاء تتضمن 640 نصاً كلها مسندة[12] .

3ـ كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى 224هـ ، حققه الشيخ محمد خليل هراّس ، وطبعته دولة قطر ، واعتنى بطبعه ونشره الشيخ عبدالله الأنصاري .

  والكتاب يتضمن أربعة أجزاء في مجلد واحد ، يبدأ الجزء الأول بحق الإمام على الرعية ، وحق الرعية على الإمام ، وصنوف الأموال التي يليها الأئمة للرعية في الكتاب والسنة ، ثم يذكر كتاب الفيئ ووجوهه ، وسبله ، وكتاب سنن الفيئ والخمس والصدقة ، وكتاب فتوح الأرضين صلحاً ، وسننها وأحكامها .

  ويبدأ الجزء الثاني بباب الحكم في رقاب أهل العنوة والأساني والسبي ، وكتاب افتتاج الأرضين صلحاً ، وأحكامها ، وكتاب مخارج الفيئ ، ومصارفه .

  والجزء الثالث يتضمن عدة أبواب في أجزاء الطعام على الناس من الفيئ ، وباب التسوية بين الناس في الفيئ وحماها ومياهها ، وكتاب الخمس وأحكامه وسننه ، وكتاب الصدقة وأحكامها وسننها .

  واما الجزء الرابع فيتضمن مجموعة من الأبواب ، تتعلق بأحكام الصدقة والزكاة انواعها ، ومقاديرها ومصارفها بالتفصيل .

  ويعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب في التنظيم الاقتصادي الإسلامي في القرنين : الأول والثاني ، وقد أثنى عليه العلماء قديماً وحديثاً ، فقد قال الحافظ ابن حجر : ( كتابه في الأموال من أحسن ما صنف في الفقه وأجوده )[13].

4ـ كتاب الكسب ، أو الاكتساب في الرزق المستطاب تأليف الإمام محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني المتوفى 243هـ .

  وهو كتاب مع صغر حجمه في غاية من الأهمية حيث عالج موضوعات مهمة في الكسب والإنتاجية ، ومشروعية العمل ، وإظهار المفهوم الإسلامي للغنى والفقر ، والحاجات الاقتصادية[14] .

5ـ كتاب الأموال للإمام حميد بن زنجويه المتوفى 251هـ ، طبع بتحقيق د. شاكر ذيب فياض ، وطبعه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في 1406هـ في ثلاثة مجلدات سار المؤلف فيه على ضوء كتاب شيخه أبي عبيد في الأموال من حيث عناوين الكتب لكنه يضيف بعض الأبواب والأحاديث والأقوال إلى كتابه هذا .

6ـ كتاب التبصُّر بالتجارة لعمرو بن بحر المعروف بالجاحظ الإمام الأديب المولود بالبصرة عام 150هـ  والمتوفى بها أيضاً في عام 255هـ  .

  نشر هذا الكتاب بتحقيق حسن حسني عبدالوهاب عضو مجمع اللغة العربية بدمشق والقاهرة ، ط. دار الكتاب الجديد عام 1966م ، وقام الأخ الدكتور رفعت السيد العوضي بتحليل اقتصادي له ، في حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر / العدد السابع 1409هـ أوضح أن الجاحظ هو أول من استعمل مصطلح ( التجارة ) في عنوان الكتاب ، وان كتابه هذا يتضمن بعض المعارف المتعلقة بالتجارة كحرفة ، وبالصناعة كحرفة ، وبعض المعارف المتعلقة بالكيمياء ، والاحجار الكريمة ، وما يلحق بها ، كما تضمن بياناً بكثير من السلع المتبادلة في عصره ، وخصوصية بعض البلاد ببعض السلع مثل فارس بالثياب والأدوية ، وماء الورد ، والأهواز بالسكر ، والحديد ، والري بالأسلحة والثياب والفواكه ، وآمد بالثياب الموشاة ، والملابس الصوفية وهكذا ، وقد علق الدكتور العوضي على هذا بقوله : ( ويعني هذا أن العالم الإسلامي كان يغطي حاجاته ذاتياً …، وكان يتكامل اقتصادياً .. ، وأنه لم يكن مستورداً للغذاء والسلاح من عند غير المسلمين …)[15] .

  وجاء بعده أبو الفضل جعفر بن علي الدمشقي ( من علماء القرن السادس الهجري) فألف كتابه بعنوان : (الإشارة إلى محاسن التجارة)  فأفاض في القضايا التجارية والاقتصادية حتى سماه أحد الباحثين ( أبا الاقتصاد )[16] .

7ـ كتاب إصلاح المال للإمام أبي بكر بن أبي الدنيا المولود في 208هـ ببغداد ، والمتوفى بها في 281هـ ، وهو قد طبع بتحقيق الدكتور مصطفى مفلح القضاة عام 1410هـ /1990م .

  والكتاب يتضمن جزئين ، يشتمل الجزء الأول على أبواب خاصة بأخذ المال من حقه ، وفضل المال ، وإصلاحه ، … ونحو ذلك ، ويتضمن الجزء الثاني أبواب القصد في المال وفي المطعم ، وفي الملبس ، والتركات ، وكثرة المال ، والفقر .

  وهو كتاب تربوي مكمل لكتاب شيخه ( الأموال ) لأبي عبيد الذي ذكر فيه المسائل الفقهية ، فجاء ابن أبي الدنيا فأضاف إليها المسائل التربوية ، والتعليمية في أخذ الأموال وإصلاحها والاقتصاد فيها فأظهر بالنصوص أن الاقتصاد في الأمور المعاشية وغيرها من الضروريات التي لا غنى للمسلم عنها في حياته[17] .

8ـ كتاب الأموال للإمام أحمد بن نصر ، أبي جعفر الداوودي المالكي المتوفى 402هـ ، حيث جاءت أبوابه في أحكام الغنائم والفيئ والأنفال ، واحكام الجهاد والصلح والهدنة ، وفتح افريقية ، ومكة ، وأحكام الصدقات ، ثم ختمه بذكر الكفاف والفقر والغنى ، والكتاب حققه مركز الدرسات الفقهية والاقتصادية ، وطبعته دار السلام بالقاهرة عام 1421هـ .

9ـ كتاب حق الفقير للإمام ابن حزم الظاهري المتوفى 456هـ ، الذي حاول فيه ابن حزم بيان الحلول لمشكلة الفقر المتمثلة في قيام الدولة بواجبها في جمع الزكاة بالكامل وصرفها بالعدل ، ثم إن لم تكف الزكاة تستكمل من خلال حقوق أخرى من المال سوى الزكاة[18] .

10ـ كتاب الإشارة إلى محاسن التجارة ، التي ذكرناها في الفقرة (6) .

11ـ كتاب الاستخراج لكتاب الخراج لأحمد بن رجب الحنبلي المتوفى 795هـ ، وهو كتاب خراجي على المذهب الحنبلي حققه الأخ جنيدي محمود الهيتي[19] .

12ـ كتاب الفلاكة والمفلوكين ( أي الفقر والفقراء ) تأليف أحمد بن علي الدلجي المتوفى 799هـ ، طبع هذا الكتاب بمطبعة دار الشعب بالقاهرة عام 1322هـ ، وهو كتاب تحليلي لمشكلة الفقر باعتباره ليس ظاهرة من ظواهر الحرمان فقط ، وإنما هو له تأثيراته الخطيرة على الإيمان والعبادات والفضائل ، وأن الأمة الفقيرة لا يمكن أن يتحقق لها توازنها حيث تكون معرضة للهيمنة والاستبعاد[20] .

13ـ كتاب كشف الحال عن الوجوه التي ينتظم منها بيت المال ، تأليف محمد التاردي بن محمد الطالب بن سودة المري الفاسي المتوفى 1209هـ ، وهو كتاب مخطوط لم يطبع بعد يتحدث عن موارد بيت المال ، وسبل التصرف فيها ، ويورد سير السلف الصالح والخلفاء بهذا الشأن ، فيتحدث عن الغنمية والركاز والمال الذي لا وراث له ولا    صاحب[21] .

تعليق وتحليل :

هذه الكتب المتخصصة في المال وأحكامه التي وصلتنا ، وكتب أخرى لم تصلنا ـ وهي كثيرة ـ والتي بدأ التأليف فيها منذ القرن الثاني الهجري، أي القرن الثامن والتاسع الميلادي حيث كانت أوروبا (كلها) تعيش ما يسمى: القرون الوسطى( 500 ـ 1500م) إن دلت على شيء فإنما تدل على سبق المسلمين في تأصيل علم الاقتصاد ، والنظريات الاقتصادية لحل المشاكل ، وبالتالي فإن إنكار بعض كتاب المسلمين للاقتصاد الإسلامي ليس محل استنكار فحسب ، بل محل استغراب ناتج عن التغريب واستلاب الذات والهوية .

  ومن جانب آخر فإن هذه الكتب ـ في مجموعها ـ ليست مجرد استعراض للنصوص الشرعية ، بل فيها التحليل والتأصيل وبيان مشاكل الفقر والظلم ، والبطالة ، وقلة الإنتاج ، وأسبابها ، وآثارها ، ومخاطرها على الدين والمجتمع ، مع بيان حلول عملية لها ، كما أنها تتضمن نظاماًَ مالياً متكاملاً جامعاً بين الدين والأخلاق والفكر والاستنباط ، وهذا لا يعني أننا نقول : إنها منظمة مثل علم الاقتصاد اليوم ، ولكنها نواة ، ومبادئ طيبة لبناء علم الاقتصاد الإسلامي ونظرياته عليها .

كما سنتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل بإذن الله تعالى .

التعريف بالمال :

المال لغة : من المول ، وأصله : مال يمول مولاً ، ومؤولاً : أي كثر ماله ، فهو مال ، ومال فلاناً أي أعطاه المال ، وموّله : قدّم له ما يحتاج من مال ، وتموّل : نما له مال ، وتمول مالاً : اتخذه قنية ، والمموّل هو : من ينفق على عمل ما[22] .

  وجاء في المعجم الوسيط : المال : كل ما يملكه الفرد أو الجماعة من متاع أو عروض تجارة ، أو عقار ، أو نقود ، أو حيوان[23] .

وفي اصطلاح الفقهاء : قال ابن عابدين : (المال : ما يميل إليه الطبع ، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة ، والمالية تثبت بتموّل الناس كافة أو بعضهم)[24] وقال الشاطبي : ( وأعني بالمال ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه)[25] وقال  الشافعي : ( المال : ما له قيمة يباع بها ، وتلزم متلفه وإن قلّت)[26] وقال الزركشي : (المال ما كان منتفعاً به ، أي مستعداّ لأن ينتفع به)[27]  وقال ابن قدامة : ( وهو ـ أي المال ـ ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة)[28] وجاء في الانصاف في شرحه : ( فتقييده بما فيه منفعة احتراز عن ما لا منفعة فيه كالحشرات ونحوها ، وتقييده المنفعة بالإباحة احتراز عن ما فيه منفعة غير مباحة كالخمر … وتقييده بالإباحة لغير ضرورة ، احتراز عن مافيه منفعة مباحة للضرورة كالكلب ونحوه ، قاله ابن منجّى ، وقال : فلو قال المصنف : لغير حاجة لكان أولى ، لأن اقتناء الكلب يحتاج إليه ولا يضطر إليه ، فمراده بالضرورة : الحاجة ، وقال الشارح : وقوله : لغير ضرورة ، احتراز من الميتة والمحرمات التي تباح في حال المخمصة… )[29].

وهذه التعاريف يظهر منها توجهان بوضوح هما :

الأول: توجه الحنفية الذين حصروا المال في الأعيان التي يمكن ادخارها ، ولذلك يمكن نقده بأن المنافع مال ، وأن هناك انواعاً من الأموال كالخضروات مع أنها لا يمكن ادخارها ، كما ان تقييد المال بميل الطبع غير منضبط ، بل غير جامع ، لوجود أموال لا يميل إليها الطبع كالأدوية المرة غير المستساغة ، وكالثمار المأكولة في بدء انعقادها على الشجر قبل صلحوها ونضجها ، حيث لا يميل إليها الطبع مع أنها أموال[30] .

الثاني: توجه الجمهور من حيث المبدأ نحو التوسع في دائرة المال ، وإن كان بعض التعاريف المذكورة غير دقيقة .

الفرق بين التوجهين:

فالفرق بين توجه الجمهور ، وتوجه الحنفية يظهر مما يأتي :

  • أن الحنفية اشترطوا في المالية ان يكون شيئاً عينياً مادياً ، أما الجمهور فلم يشترطوا ذلك بل وسعوا دائرة المال للأعيان والمنافع والحقوق ، وهو الراجح كما سيأتي .
  • أن الحنفية لم يشترطوا في المالية كون المال مباحاً في حين أن معظم الجمهور اشترطوا ذلك .

 ولكن الفريقين متفقون في أن العنصر الأساس في المالية هو كون الشيء له قيمة ومنفعة حسب العرف  السائد .

ولذلك فالذي يظهر لي رجحانه هو أن المال هو كل ما له قيمة بين الناس ، ومنفعة حسب العرف ، وعلى ضوء ذلك يمكن تعريفه تعريفاً جامعاً مانعاً وهو : كل عين ، أو حق له قيمة مادية أو منفعة عرفاً .

  وهذا التعريف يشمل المال الأعيان المادية ، والمنافع ، والحقوق ، وأن المعيار في شمول المالية هو القيمة والمنفعة حسب العرف السائد ، وأما كونه مباحاً ، أو مما يباح الانتفاع به فهو خاص بالمال الحلال ، أو المال المتقوم ، وليس قيداً في تعريف المال المطلق ، ولذلك نقسمه إلى الحلال والحرام ، فالمحرم بذاته ، أو لغيره مال ، ولكنه ليس مالاً حلالاً في نظر الإسلام ، أو أنه ليس مالاً متقوماً .

  والقيد الوحيد في المالية هو المنفعة حسب العرف السائد ، فمدار المالية على المنفعة المعتبرة في العرف السائد ، ولذلك نرى الفقهاء يقولون : كل ما فيه منفعة يجوز بيعه ، وما لا فلا[31] ، وأن الحكم والمعيار في اعتبار المنفعة هو العرف الذي قد يتغير من زمن إلى زمن آخر ، ومن بلد إلى آخر ، فقد يكون الثعبان السام الذي ليس فيه منفعة سوى في سمّه اليوم مالا في عصرنا الحاضر ، ولم يكن مالاً في الأعراف السابقة .

 أموال جديدة في عصرنا الحاضر :

   وبناء على هذا التعريف للمال دخلت فيه جميع ما فيه منفعة في عصرنا الحاضر ، مثل الحقوق المعنوية ، والطاقة الشمسية ، والهوائية والذرية ، ونحوهما ، والسموم المستخدمة في الأدوية ، وكل ما فيه منفعة في عصرنا الحاضر ، حيث هذه الأشياء تعتبر أموالاً لها قيمتها ، وحرمتها .

شمولية المال للمنافع :

المنافع لغة: جمع منفعة وهي الخير والفائدة وما يتشوقه الكل طبعاً ، والفوائد في اللغة تشمل الفوائد العرضية التي تستفاد من الأعيان ، وهي غير محرزة بذاتها مثل سكنى الدار ، وركوب وسائل النقل ، ونحوهما ، كما تشمل الفوائد المادية التي تستفاد من الأعيان ، كاللبن والصوف وثمار الأشجار ونحوها[32] .

  ولا يختلف معنى ( المنافع ) في اصطلاح الشيخين( أي الرافعي والنووي ) عما هو مذكور لدى معظم محققي الشافعية ، وعن المعنى اللغوي الشامل للمنفعة ، حيث جاء في تحفة المحتاج : ( ومن ثمّ استحسنا ـ أي الشيخان ـ أن المنفعة تتناول الخدمة والسكنى أي وغيرهما)[33] من غلة حانوت ودار ، وقد أوضح ابن حجر : أن الغلة فائدة عينية ، وأما المنفعة فمقابلة للعين ، وانها لا تشمل الكسب ، ثم ذكر رأي ابن الرفعة : أن الغلة تفيد السكنى ، وبيّن أنه ضعيف وقال غيره : الوجه أن المنافع تشمل الغلة والكسب ، وان الغلة وإن كانت فائدة عينية فهي معدودة من منافع الأرض ، والحاصل أن ما ذكره الشيخان صحيح ثم اعتمده المحققون وأن المنفعة تطلق على ما يقابل العين)[34] وبالتالي تشمل فائدة.

  وهذا في نظري هو الراجح ، لأن كلاً من الخدمة والغلة والسكنى منفعة حاصلة من عين مملوكة ، إضافة إلى أن الحقوق المالية هي أيضاً منفعة، وذلك لأن المنفعة في اللغة تشمل كل ذلك ، ولم يرد نص شرعي بتقييدها بنوع معين ، فيبقى على شمولها واطلاقها .

  لكن أكثر الفقهاء يستعملون ( المنافع ) في الفوائد المعنوية العرضية فقط ، حيث عرفوها بأنها : ( الفوائد العرضية التي تستفاد من الأعيان بطريق استعمالها)[35] وهو اصطلاح خاص بهم ، فلا مشاحة فيه.

تحرير محل النزاع :

  لا خلاف بين الفقهاء (الحنفية والجمهور)[36] في أن المنافع بمعنى الفوائد العينية أموال ، وإنما الخلاف في أن المنافع بمعنى الفوائد العرضية المعنوية فقط ، ومن جانب آخر فإن الحنفية يتفقون مع الجمهور في ان المنافع إذا ورد عليها عقد معاوضة ( مثل عقد الإجارة) فإنها حينئذٍ أموال استحساناً على خلاف القياس ، ولذلك لا يقاس عليه[37] كما لاخلاف بين الجمهور في أن المنافع غير المالية والحقوق المجردة ليست أموالاً .

فوائد هذا الخلاف وآثاره :

  هذا الخلاف بين الحنفية والجمهور ليس خلافاً لفظياً لا تترتب عليه آثار ، بل هو خلاف معنوي تتربت عليه آثار كثيرة من أهمها :

( أ )  ضمان المنافع :

1ـ إن المنافع إذا غصب أصلها فلا تعوض عند الحنفية ، في حين أنها تعوض عند الجمهور فلو أن شخصاً غصب عيناً صالحة للتأجير فترة من الزمن دون إضرار بها ، فليس لمالكها الحق بالمطالبة عن التعويض عن أجرتها ، لأن المنافع لا تعتبر مالاً دون عقد[38] ، في حين يرى الجمهور أن لمالكها الحق في التعويض عن أجرة مثلها ، لأن المنفعة مال متقوم فواجب ضمانها كالعين المغصوبة نفسها[39] .

2ـ أن الحقوق المعنوية والأدبية كحقوق الابتكار والعلامات التجارية ـ كما سيأتي تفصيلها ـ لا تعتبر أموالاً عند الحنفية على ضوء تعريفهم السابق للمال ، في حين أنها تعبتر أموالاً عند الجمهور .

  غير أن متأخري الحنفية عالجوا معظم هذه المسائل عن طرق الاستسحان القائم على العرف ، واقتربوا ـ من حيث النتائج ـ كثيراً عن الجمهور ، ففي شأن المنافع قال متأخروهم : ( ويطلق المال على القيمة ، وهي ما يدخل تحت مقوم من الدراهم والدنانير)[40] بل إنهم يطلقون المال على المنافع ولكنهم يقولون : إنها مال غير متقوم)[41] .

  وفي شأن الغصب ذهب متأخروهم إلى ضمان أجر المثل في ثلاثة مواضع (على رأيهم الفتوى) وهي ان يكون المغصوب وقفاً ، أو ليتيم ، أو معداً للاستغلال بأن بناه صاحبه ، أو اشتراه لذلك الغرض ، وأخذت به مجلة الأحكام العدلية في مادتها (459) وأضافت بأن ( المجنون في حكم اليتيم) ونقل المحاسني في شرحها فتوى المتأخرين بزيادة ضمان بيت المال على الثلاثة المذكورة[42].

(ب) وراثة المنافع :

 على رأي الحنفية أن المنافع بانفرادها لا تورث ، بل قالوا : لا تحتمل الارث ، في حين أن الجمهور يرون أنها تورث[43] وهو الأرجح. 

أدلة الحنفية :

استدل الحنفية في أن المنافع ليست مالاً لما يأتي :

1ـ أن المنافع وحدها لا يمكن حيازتها من حيث هي ، ولا تمولها ، لأن التمول يعني حيازة الشيء وادخاره لوقت الحاجة ، والمنافع في حقيقتها غير موجودة وجوداً محسوساً حتى يكون لها البقاء والاستمرار ، أو كما يقولون : ان المنافع لا تبقى زمانين لكونها أعراضاً ، فكلما تخرج من حيز العدم إلى حيز الوجود تتلاشى ، فلا يتصور فيها التمول ، يقول صدر الشريعة : ( إذ لا تقوّم بلا إحراز ، ولا إحراز بلا بقاء ، ولا بقاء للأعراض)[44].

  ويمكن أن يرد على هذا الدليل بأن المالية إنما تعتمد على العرف ، ولا تعتمد على هذه الناحية الفلسفية ، فالعرف قائم على أن المنافع معتبرة ، بل إن قيمة الأعيان بمنافعها ، فكم من أعيان ضخمة لا قيمة لها ،لأنه لا منفعة لها ، فالمعيار الحقيقي للمالية هو المنفعة.

2ـ إن المريض مرض الموت ممنوع من التبرعات في حدود الثلث ، ومع ذلك لا يشمل هذا المنع أمواله دون قيد الثلث ، وهذا يدل على أنه لو كانت المنافع أموالاً لما جازت الإعارة إلاّ في حدود الثلث[45] .

  والجواب عن ذلك ـ إذا سلمنا به ـ  أن سببه يعود إلى أن عقد الإعارة غير ملزم عند جمهور الفقهاء[46] كما أن يد المستعير يد ضمان عند الشافعية والحنابلة ، وكذلك عند المالكية فيما يغاب عليه[47] وهو الراجح لقول النبي صلى الله عليه في حديث صفوان ـ حينما استعار منه أدرعاً ـ ( بل عارية مضمونة)[48] فإذا كانت مضمونة لم تؤد الإعارة إلى الإضرار بالورثة ، وبالتالي فلم يمنع المريض مرض الموت عنه .

أدلة الجمهور : 

واستدل الجمهور على أن المنافع أموال لما يأتي :

1ـ الكتاب ، حيث وردت بعض آيات كريمة تدل على أن المنافع أموال ، منها قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام حاكياً قول الرجل الصالح : ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ….)[49] حيث جعل الانتفاع بها مالاً في مقابل العمل ، ويؤكد ذلك قوله تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مسافحين)[50] أي ان المهر في مقابل الانتفاع .

وكذلك وردت أحاديث كثيرة في هذا المجال تدل على ما سبق ذكره[51] .

2ـ إن مرجع كون الشيء مالاً هو الطبع والعرف ، فالمنافع يميل إليها الطبع بدون ريب ، والعرف يعتبرها أموالاً حيث تبذل في سبيل تحصيلها الأموال ، وتجرى عليها العقود مثل الإجارة والإعارة ونحوهما .

والذي يظهر لنا رجحانه هو أن المنافع أموال تطبق عليها جميع أحكامها ، لقوة أدلة الجمهور .

شمولية المال للحقوق المالية المعنوية :

الحقوق لغة : جمع حق ، وهو بمعنى الثابت ، والصحيح ، والجدير ، والصدق ، ونقيض الباطل ، وهو اسم من أسماء الله تعالى ، ويطلق على النصيب الواجب للفرد ، أو الجماعة[52].

  والحقوق لها تقسميات كثيرة تأتي في القسم الثالث من هذا الكتاب ، والذي يهمنا هنا هو الحديث عن الحقوق المالية المعنوية ، التي عرفها القانونيون بأنها : سلطة لشخص على شيء غير مادي هو ثمرة فكره ، او خياله ، أو نشاطه كحق المخترع في مخترعاته ، وحق التاجر في الاسم التجاري ، والعلامة التجارية ، وثقة العملاء ، وقد يعبرون عنها أو عن بعضها بالحقوق الذهنية والحقوق الأدبية ، والحقوق الفكرية ، وحقوق الابتكار ، والملكية الأدبية والفنية والصناعية والاسم التجاري ، وحق الاختراع ، وحقوق التأليف.

  وقد كان لفقهائنا سبق الحديث إلى ذلك من خلال الاعتراف بحق الخلو وجواز بيعه بشروطه ، والتنازل عن بعض الوظائف بمال[53] .

  وقد ذهب جماهير الفقهاء (المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، ومتأخرو الحنفية) إلى اعتبار جميع الحقوق المالية أموالاً لها قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها ، فلا يجوز الاعتداء عليها ، وخالفهم في ذلك الحنفية ـ كما سبق ـ.

  والراجح هو قول الجمهور ، وقد صدر به قرار ( رقم 43 (5/5) )[54] من مجمع الفقه الإسلامي نص على ما يلي :

(( إن مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق 10-15 كانون الأول/ديسمبر 1998م ، بعد إطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع الحقوق المعنوية ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ، قرر ما يلي :

أولا ً ـ الاسم التجاري والعنوان التجاري ، والعلامة التجارية ، والتأليف والاختراع أو الابتكار ، هي حقوق خاصة لأصحابها ، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها ، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً ، فلا يجوز الاعتداء عليها .

ثانياً : يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ، ونقل أي منها بعوض مالي ، إذا انتفى الغرر والتدليس والغش ، باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً .

ثالثاً : حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً ، ولأصحابها حق التصرف فيها ، ولا يجوز الاعتداء عليها.

والله أعلم ؛؛

شمولية المال للديون :

  الديون جمع الدين ـ بفتح الدال ـ وهو لغة يطلق على ما ماله أجل ، وأما الذي لا أجل له فيسمى القرض[55] .

وفي اصطلاح الفقهاء يطلق على معنيين هما :

1ـ معنى عام ، وهو إطلاقه على كل ما يجب في ذمة الإنسان بأي سبب من الأسباب سواء كان من حقوق الله تعالى أم من حقوق العباد .

2ـ إطلاقه على ما يثبت في الذمة بسبب عقد ، أو استهلاك ، او قرض ، أو تحمل التزام أو قرابة أو مصاهرة[56] ، وهو المقصود به هنا .

  وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى اعتبار الديون الثابتة في الذمة أموالاً على سبيل الحقيقة ، لأنها أموال وإن كانت آجلة قياساً على المال المغصوب بطريق أولى ، ولذلك يثبت بها اليسار ، فلا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك منها بقدر الغنى ، إلاّ إذا كان الدين غير ممكن ردّه ، وحينئذٍ يكون حكمه حكم المال المغصوب ، ولذلك تجب النفقة بسببها.

  وذهب الحنفية ووجه للشافعية إلى أن الدين مال حكمي وليس مالاً على سبيل الحقيقة ، لأنه غير موجود في الواقع ، فلا يؤول إلى المال إلاّ بالقبض[57]  والراجح هو رأي الجمهور.

مدى شمول المال للمال الحرام ؟

المال الحرام نوعان :

النوع الأول: مال حلال بذاته ، ولكنه محرم بسبب كسبه أو الحصول عليه فاكتسب بطريق محرم شرعاً ، وذلك مثل الأشياء المباحة المسروقة ، أو المغصوبة ، أو الناتجة بسبب عقد فاسد ، أو باطل ، أو أي طريق غير مشروع .

فهذا النوع مال بالاتفاق ، وإنما الخلاف في تملك حائزه ـ كما سيأتي ـ .

النوع الثاني: الأشياء المحرمة لذاتها كالميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ونحوها .

  فهذا ليس بمال إذا كان لدى مسلم بالاتفاق ، ولكن إذا كان مملوكاً لأهل الكتاب الذين يؤمنون بحله مثل الخمر والخنزير عند النصارى فإنه يعتبر مالاً عند الحنفية ، ولا يعتبر مالاً عند الجمهور[58] .

 أسباب تحريم المال :

هناك أسباب كثيرة للمال الحرام نوجزها فيما يأتي :

1ـ مال حرام ناتج بسبب بيع منهي عنه مثل بيع الغرر[59] ، والأشياء المحرمة ، والبيع مع السلف ، وبيع ما فيه الربا ، والعينة ، ونحو ذلك .

2ـ مال حرام بسبب إجارة منهي عنها مثل أجرة البغاء والرقص الماجن .

3ـ المال الحرام الناتج عن الاعتداء على مال الآخر مثل السرقة والغصب ، والغلول ، واكل مال اليتيم ونحو ذلك .

4ـ المال الحرام الناتج عن استغلال السلطة والنفوذ مثل الرشوة ، والهدايا للموظفين الذين لهم تأثير على القرار .

  قال ابن عبدالبر : ( من المكاسب المجتمع على تحريمها : الربا ، ومهور البغايا ، والسحت ، والرشاوى ، وأخذ الأجرة على النياحة ، وعلى الكهانة ، وادعاء الغيب ،ـ وأخبار السماء ، وعلى الزمر واللعب والباطل ….)[60] .

  وقد ذكر ابن رجب أمثلة كثيرة للحرام المتفق عليه ، والمختلف فيه[61] كما ذكر ابن جزى انواع المال الحرام فقال : ( إن أخذ اموال الناس بالباطل على عشرة أوجه ، كلها حرام ، والحكم فيها مختلف وهي : الحرابة ، والغصب ، والسرقة ، والاختلاس ، والخيانة ، والاذلال ، والفجور في الخصام بإنكار الحق أو دعوى الباطل ، والقمار ، والرشوة ، والغش)[62] .

  وأثر الخلاف يظهر في مسألة الضمان ، حيث إن الحنفية يوجبون على من أتلف خمور الذميين أو خنازيرهم التعويض ، وأما الجمهور فلا يوجبونه وإنما يكتفون بالتعزير إذا توافرت شروطه ، وكذلك يظهر الأثر في صحة إجراء العقد عليه ، على تفصيل ليس هذا محل بحثنا .

حكم المال الحرام :

  الحرام لذاته لا يصح تملكه من قبل المسلمين بالاتفاق ، وكذلك لغيرهم عند الجمهور ، وأما الحنفية فقالوا بصحة تملك الخمر والخنزير بالنسبة لغير المسلمين ـ كما سبق ـ .

  وكذلك إذا ورد العقد من المسلم على الحرام لذاته وحده فإن العقد باطل عند الجميع ، وإذا ورد العقد عليه مع مباح مثل أن يبيع شاة مع خنزير بمبلغ ألف ريال ـ مثلاً ـ فإن العقد فاسد ، يمكن تصحيحه في الشاة بالاتفاق على ردّ الخنزير .

  وأما الحرام لكسبه فالأصل والقاعدة العامة فيه أنه لا يتملكه حائزه ما دام سببه حراماً ، وعلى ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة ، والمعقول .

1ـ أما الكتاب فهناك آيات كثيرة تدل على النهي عن الكسب الحرام والعمل الحرام والأكل بالباطل ، منها قوله تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )[63] وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)[64] .

2ـ أما السنة فالأحاديث الدالة على حرمة ذلك أكثر من أن تحصى هنا ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)[65] وقوله صلى الله عليه وسلم : ( …. وليس لعرق ظالم حق)[66] حيث يدل بوضوح على أن الظالم لا يكسب أي حق بسبب ظلمه ، بل عليه رده .

  إضافة إلى الآيات والأحاديث الدالة على حرمة أنواع الكسب الحرام ، من الربا ، والغرر والقمار ونحوها .

  وأما المعقول فإن العقل السليم يقتضي أن لا يكافأ الظالم على ظلمه بالتملك أو اكتساب أي حق ، بل يعاقب عليه بالرد والتعويض ، والتعزير ، أو بالتعويض والرد فقط ، وإلاّ فيكون ذلك تشجيعاً للظلمة لمزيد من الظلم والغصب والاعتداء ، يقول ابن عابدين : (…. إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي)[67] وقال الداودي : ( إن الأموال إذا أخذت بغير وجهها فهي على ملك مالكها حيث ما وقعت ، إذ لا خلاف بين العلماء أن من أثبت عين شيئه كان له أخذه حيثما وجده ، لا ينظر إلى ما صار به إلى من صار بيده)[68] .

ومع هذا الأصل العام فإن هناك اختلافاً بين الفقهاء في بعض التفاصيل نذكر أهمها :

1ـ أثر العقد الفاسد على التملك بعد القبض ، هذا ما سنذكره ـ إن شاء الله ـ في القسم الرابع من الكتاب .

2ـ المال الحرام الناتج بسبب الربا ، حيث نص القرآن الكريم على أن الحلال هو رأس المال فقط ، فقال تعالى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)[69] وأما الزائد على رأس المال ( الربا ) فهو حرام بلا شك ، ويجب رده على المقترض ( المدين) إن كان فرداً لا يستغله في الاثم ، وإلاّ فإن كان مؤسسة ربوية ، أو يستغل في الاثم فيصرف في وجوه الخير وهذا ما صدر به قرار رقم (13(1/3) من مجمع الفقه الإسلامي الدولي ونص على وجوب صرف الفوائد المحصلة في أغراض النفع العام ، ووجوه الإغاثة ، والمساعدة ، وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية[70] .

3ـ مدى تملك الغاصب للمال بالضمان :

  ذهب الحنفية إلى أن الغاصب للمال آثم وأنه يتملكه ، ولكنهم اختلفوا فيما بينهم فاشترط أبو حنيفة لثبوت الملك للغاصب اخبار المالك الحقيقي بالضمان ، أما قبله فلا يتملكه ، ولم يشترط الصاحبان ذلك .

  وفي حالة ثبوت التملك يصح تصرف الغاصب ببيع وهبة ، وصدقة ونحوها من التصرفات الناقلة للملكية ، وأما الانتفاع بالمغصوب حينئذ بأوجه الانتفاع  فلا يحل عند أبي حنيفة ومحمد ، وذهب أبو يوسف وزفر إلى القول بأنه يحل له بالضمان ولا يلزمه التصدق إن حصل ، واستدلوا لذلك بأن الغاصب يملك المغصوب بالضمان من وقت حدوث الغصب[71] .

  ولكن جمهور الفقهاء ( المالكية والشافعية والحنابلة )[72] يرون أن الغاصب لا يتملك المغصوب ، فلا يجوز له الانتفاع به ، أو منه ، ولا التصرف فيه ، جاء في الشرح الكبير : ( ومنع الغاصب منه أي من التصرف فيه… وحاصله أن الحرام لا يجوز قبوله ، ولا الأكل منه ، ولا السكنى فيه ما لم يفت عند الظالم ، وتتعين عليه القيمة والاجاز على الأرجح  ، وقال الدسوقي : وإن فات عند الغاصب ولزمته القيمة جاز أكله على ما رجحه ابن ناجي تبعاً لصاحب المعيار…. خلافاً لفتوى الناصر والقرافي وصاحب المدخل من المنع إذا علم أن الغاصب لا يدفع قيمه …)[73] .

  وقد استدل الجمهور بجميع الآيات والأحاديث التي حرمت الغصب والاعتداء على أموال الآخرين ، وبالتالي فما دام ذلك حراماً فلا يترتب عليه أثر مثل التملك الذي يعتبر نعمة من نعم الله ، فالرخض ، والنعم لا تستفاد من المعاصي ، وأن ما بني على الباطل فهو باطل ، فالملك لا بدّ له من سبب مشروع، ويدل على ذلك بوضوح قول الرسول صلى لله عليه وسلم : ( وليس لعرق ظالم حق)[74] كما سبق .

  لذلك فالراجح هو قول الجمهور من أن الاعتداء على المال بالغصب أو السرقة ، أو أي فعل غير مشروع لا يترتب عليه التملك وصحة التصرفات ، وهذا هو المتفق مع قواعد الشريعة الغراء ومبادئها العامة ومقاصدها العادلة ، وتدل عليه الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، والمعقول .

  ومن المعلوم أنه لا خلاف بين الجمهور وغيرهم في حرمة هذه الأعمال والاعتداءات ، وإنما الخلاف في ترتيب هذه الآثار عليها ، وهذا يجعل قول الجمهور متناسقاً ومتناغماً مع الإجماع القائم على حرمة هذه الاعتداءات على المال أو غيره ، لذلك فالواجب الأول على المعتدي هو المبادرة بأقصى سرعة لرد الأموال والحقوق إلى أصحابها وعدم التصرف فيها حتى لا يزداد إثمه ، حيث إن توبته لا تقبل إلاّ بتحقيق هذا الشرط .. هذا والله أعلم . 

تقسيمات المال :

يقسم المال إلى تقسيمات مختلفة باعتبارات متغايرة نذكر اهمها مع فوائد التقسيم وآثاره :

التقسيم الأول : تقسيم المال إلى مثلي وقيمي :

المثلي لغة : نسبة إلى المثل بمعنى الشبه[75] .

  وفي اصطلاح الفقهاء ذكروا له عدة تعريفات ، ويكفي أن نقول : ان الإمام الرافعي ذكر خمسة تعريفات ثم رجح تعريفه بأنه : (كل ما يحصره الكيل أو الوزن ويجوز السلم فيه)[76] ومعظم الفقهاء أضافوا إليه : المعدودات التي لا تفاوت بين آحدها تفاوتاً يعتد به مثل البيض والجوز ، وكالنقود الورقية المتداولة التي ليست من المكيلات والموزونات ، وإنما هي معدودات ، ولكنها مثلية من حيث المبدأ والقاعدة العامة[77] .

  وعلى ضوء ذلك فالقيمي هو ما عدا المثلي ، فيشمل الأراضي والدور والعمارات ، والمصانع ، والسيارات المستعملة ، ونحوها[78] .

  وعرفت المادة ( 85 م.م) : الأشياء المثلية بأنها : (هي التي تقوم بضعها مقام بعض عند الوفاء ، والتي تقدر عادة عند التعامل بين الناس بالعد ، أو المقاس ، أو الكيل ، أو الوزن) ومثله في المادة ( 88 م.س) والمادة ( 85م.ل)[79] .

تحول المثلي إلى القيمي وبالعكس :

قد يتحول المثلي إلى القيمي في الحالات الآتية :

1ـ تعيُّبُ المثليّ بعيب مؤثر في قيمته ، وحينئذٍ لا يرد في حالة إتلافه ، أو قرضه بالمثل بل بالقيمة .

2ـ الصنعة ، حيث تجعل المصنوع المثلي قيمياً ، مثل الذهب الذي صنع حلياً ، فإنه لا يرد في حالة إتلافه أو قرضه بالمثل بل بالقيمة .

3ـ التغيير ، بان يغير شكل المثلي مثل القمح الذي طحن حيث لم يعد مثلياً .

4ـ الاستعمال مثل السيارة التي لم تستعمل فهي مثلية ولكن لو استعملت تحولت إلى القيمية .

5ـ الخلط ولو بمثلي آخر مثل خلط القمح بالشعير ، وحينئذٍ يصبح الخليط قيمياً ، ويكون ضمانه بالقيمة .

6ـ انتهاء العمل مثل الفلوس ، أو الدراهم المغشوشة ( على خلاف بين الفقهاء ) أو النقود الورقية ، إذا ألغى العمل بها فسيكون الرد في كل ذلك ـ في حالة الاتلاف او القرض ـ بالقيمة وليس بالمثل .

7ـ القدم ، أو كونه أثريا ، بأن كان الشيء اكتسب قيمة خاصة بسبب قدمه ، أو أنه من الأشياء الأثرية والتحفيات ، فحينئذٍ يصبح قيمياً مهما كان أصله مثلياً ، وبالتالي يكون الرد في حالة الإتلاف مثلاً بالقيمة وليس بالمثل .

8ـ الماء مثليّ ، لكن إذا أتلفه شخص في الصحراء فلا يرده في الحضر بالمثلى بل بقيمته يوم التلف وفي مكانه[80] .

9ـ إشراف المثلي على الهلاك وطرحه ، جاء في الدر المختار : (وكل مكيل وموزون مشرف على الهلاك مضمون بقيمته في ذلك الوقت كسفينة موقورة أخذت في الغرق ، وألقى الملاح ما فيها من مكيل وموزون ، يضمن قيمتها ساعته …) فعلق عليه ابن عابدين بقوله : ( وأفاد أن المثلي يخرج عن المثلية لمعنى خارج ، ثم هذا إذا ألقى بلا إذن واتفاق ، وإلاّ ففيه تفصيل)[81] .

 وأما تحول القيمي إلى المثلي ، فيتم من خلال تغير حالته الطبيعية مثل أن يغصب رجل رطباً ، ـ وهو قيمي على الراجح ـ فصار تمراً ، ثم تلف عنده ، قال النووي : (فيه وجهان : أحدهما : يضمن مثل التمر ـ وبه قطع العراقيون لأنه أقرب إلى الحق ، وأشبههما ـ وبه قطع البغوي : إن كان الرطب أكثر قيمة ، لزمه قيمته ، لئلا تضيع الزيادة ، وإن كان التمر أكثر أو استويا ، لزمه المثل ، واختار الغزالي أنه يتخير بين مثل التمر ، وقيمة الرطب)[82] .

وهناك تفاصيل ، وتفريعات كثيرة[83] .

آثار كون الشيء مثلياً، أو قيمياً :

تترتب على كون الشيء مثلياً أو قيمياً عدة آثار منها :

1ـ أن المثليّ في حالة الاتلاف ، والقرض يكون ردّه بالمثل ، والقيميّ يكون ردّه بالقيمة ( كقاعدة عامة) .

2ـ أن المثلي يثبت في الذمة ، وأما القيمي فيتعين بالتعيين ، فعلى ضوء ذلك ذهب فقهاء الحنفية إلى أن الثمن إذا كان دراهم ، أو دنانير ،  أو فلوساً رائجة أو الموزون الموصوف ، والمكيل الموصوف في الذمة ، فلا يشترط قيامه في يد البائع ، للحوق الإجازة ، لأن هذه الأشياء دين لا يتعين بالتعيين ، فكان قيامه بقيام الذمة ، واما إن كان عيناً فقيامه شرط للحوق الإجازة[84] .

  ثم إن الثمن عند الحنفية : هو النقود ، والمثليات التي لا تجعل في مقابلها النقود ـ أي المكيل والموزون والعددي المتقارب ـ يقول علاء الدين السمرقندي : ( وإذا هلك المبيع قبل القبض ، ينفسخ البيع ، وإذا هلك الثمن في المجلس قبل القبض ، فإن كان عيناً مثلياً لا ينفسخ ، لأنه يمكن تسليم مثله ، بخلاف المبيع ، لأنه عين … أما إذا هلك ، وليس له مثل في الحال ، فقد اختلف المشايخ فيه)[85] .

3ـ أن المال المثلي المشترك ، يجوز للشريك أن يأخذ نصيبه ، حتى وإن لم يحضر صاحب القسمة ، وذلك لعدم وجود الفرق بين آحاده .

 أما المال القيمي ، فلا يقسم إلاّ بحضور الشركاء أو من ينوب عنهم أو القاضي[86] ، يقول الكاساني : ( لا خلاف في الأمثال المتساوية ، وهي المكيلات والموزونات ، والعدديات المتقاربة من جنس واحد تقسم قسمة جمع ، لأنه يمكن استيفاء ما شرعت له القسمة فيها ، من غير ضرر ، لانعدام التفاوت)[87] .

أهم تطبيقاته المعاصرة :

  من أهم التطبيقات المعاصرة لمبدأ المثلي والقيمي هو كيفية ردّ الديون الآجلة بالنقود الورقية في حالة تضخمها ( أي انحفاض قيمة النقد أمام السلع ) أو انهيارها ، فمثلاً لو أن أحداً اقترض عشرة آلاف دينار عراقي قبل احتلال الكويت ، وكان سعر الدينار العراقي الرسمي أنه يعادل ثلاثة دولارات ، وفي السوق السوداء كان يعادل دولاراً واحداً ، ثم أراد أن يرده بعد الاحتلال وقد اصبح أربعة آلاف دينار عراقي يعادل دولاراً واحداً ، فكيف يرد هذا القرض ؟

  الجواب عن ذلك عند جماعة من الفقهاء ، أن النقود الورقية هي مثلية من حيث المبدأ ، وبالتالي فلا ترد إلاّ بالمثل ، وهذا ما صدر به قرار رقم (42(4/5) من مجمع الفقه الإسلامي الدولي[88] .

  ولكن الذي يظهر لي رجحانه في مثل هذه الحالات التي أشرنا إليها في العراق وفي لبنان ينبغي مراعاة تحقيق العدالة ، فيكون الرد بالقيمة يوم القرض ، أو بالتصالح والتراضي[89].

التقسيم الثاني : تقسيم المال إلى عقار ومنقول :

يقسم المال باعتبار نقله وتحويله إلى:

1ـ عقار ، وهو ـ بفتح العين ـ كل ماله أصل وقرار ثابت ، كالأرض والدار ، وجمعه عقارات[90] .

  والفقهاء اتفقوا على اعتبار الأرض عقاراً ، واختلفوا في اعتبار الأبنية والأشجار عقاراً ، فذهب المالكية إلى أنهما من العقارات ، ولذلك عرفو العقار بأنه : ماله أصل ثابت لا يمكن نقله وتحويله من مكان لآخر مع بقاء هيئته وشكله ، وحينئذٍ يتناول الأرض والبناء والغرس ، وغير ذلك من كل ما له أصل ثابت مستقر[91] .

  وذهب الجمهور إلى حصر العقار في الأرض وحدها على سبيل الحقيقة ، وبالتالي تكون الأبنية والأشجار من المنقولات ، حيث عرفته المادة ( 128 ) من مجلة الأحكام العدلية بأنه : ( المال الثابت الذي لا يمكن نقله وتحويله من مكان إلى آخر)[92] .

  ولكن الجمهور ألحقوا الأبنية والأشجار بالعقار حكماً على سبيل التبعية في التصرف الوارد على العقار بما فيه من بناء أو شجر ( المادة 1020 من المجلة) .

  والقوانين المعاصرة تتجه نحو التوسع في دائرة العقار ـ كما هو مذهب المالكية ـ فقد  عرفت المادة (62) من القانون العراقي : العقار بقولها : ( العقار هو كل شيء له مستقر ثابت ، بحيث لا يمكن نقله أو تحويله دون تلف ، فيشمل الأرض والبناء والغراس) وجاء فيها أيضاً : ( يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالكه في عقار مملوك له رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله ) ومثل هذا في المادة ( 82 ) من القانون المدني المصري ، وعلى ضوء ذلك يدخل في العقار الأرض ، وكل ما فيها ، والنبات ، والأشجار ، والمباني ، وكل المنشآت على الأرض ، وكل منقول خصص لخدمة العقار[93].

  وبعض القوانين كالقانون السوري كما في المادتين (84 ، 85 م س) تقسم العقار إلى ثلاثة أنواع : عقارات بذاتها مثل الأرض والبناء ، والأشجار ، وعقارات بالنظر إلى غايتها مثل السمك في الغدير ، والسماد المخصص للأرض ، وعقارات معنوية مثل حقوق الارتفاق والتأمينات حتى الدعاوى المقامة في المحاكم على العقارات .

تحول العقار إلى المنقول وبالعكس :

  قد يتحول العقار إلى المنقول مثل الأجزاء التي تنفصل عن الأرض مما يستخرج من المناجم والمقالع من معدن وجص ونحوهما ، حيث يعتبر حينئذٍِ منقولاً .

  وقد يتحول المنقول إلى العقار مثل الأبواب والأقفال التي تدخل ضمن المبنى ، وتمديدات الماء والكهرباء ، والسلالم المثبتة ونحوها[94] .

وفقهاؤنا قسموا الأراضي في عصرهم باعتبار مالكها إلى ما يأتي :

1ـ أرض مملوكة بسبب من أسباب الملكية ـ كما سيأتي ـ .

2ـ أرض موقوفة ، فلا يجوز تملكها ، وإنما يصرف ريعها لمن وقفت عليه .

3ـ أرض متروكة لمصالح المدينة أو القرية للمرعى أو للأنشطة العامة ، ويلحق بها مسافة مناسبة بعد العمران ، وهذه تبقى للمصالح العامة ، ولا يجوز لأحد الاستئثار بها ، وتسمى اليوم بالأراضي المرفقة ، أو المتروكة للمرافق العامة .

4ـ أرض بيت المال ، حيث يعود التصرف فيها إلى السلطان حسبما يحقق المصلحة ، وهي تسمى اليوم بالأراضي الأميرية .

وتقسم كذلك باعتبار ما يؤخذ منها من زكاة أو خراج إلى ما يأتي :

1ـ الأراضي العشرية ، وهي الأراضي المملوكة للمسلمين التي يؤخذ منها الزكاة بنسبة العشر 10% إذا كانت تسقى بماء السماء ، ونصف العشر 5% إذا كانت تسقى بمياه الآبار ، أو بعبارة أخرى إن استخراج الماء يحتاج إلى تكلفة .

2ـ الأراضي الخراجية وهي الأراضي التي بقيت بأيدي غير المسلمين عند الفتوحات الإسلامية ، حيث وجب فيها مقدار محدد يخضع لتقدير الدولة مع مراعاة الكلفة والعدالة ، حيث قد يؤخذ جزء من الخارج ويسمى خراج المقاسمة ، أو مقدار من النقود ويسمى خراج الوظيفة[95] .

ثمرة تقسيم المال إلى عقار ومنقول :

لهذا التقسيم عدة فوائد من أهمها :

1ـ الشفعة ، حيث لا تكون إلاّ في العقارات عند الجمهور ، كما سياتي .

2ـ تصرف الوصي في مال القاصر، حيث عليه أن يبدأ عند الحاجة إلى البيع بالمنقولات أولاً ، ثم العقارات ، وهكذا الأمر بالنسبة للقاضي فيما يخص أموال المدين المحجور عليه .

3ـ الوقف، حيث يصح في العقار بالاجماع،وأما في المنقول فمحل اختلاف،كما سيأتي .

4ـ تصرف المشتري في المبيع قبل قبضه يختلف من العقار ، حيث يجوز عند جماعة من الفقهاء  في العقار دون غيره[96] .

5ـ تعلق حقوق الارتفاق بالعقار دون المنقول ، فيكون حق الارتفاق مقرراً دائماً على عقار .

وفي القانون نجد فوائد أخرى لهذا التقسيم ، منها : 

1ـ إجراءات تسجيل العقار والشهر ، حيث لا تنتقل ملكيته إلاّ بالتسجيل لدى الحجهات الخاصة ، في حين أن المنقولات لا تحتاج إلى ذلك .

2ـ الحيازة في المنقول تعتبر سنداً للحائز فيما يدعيه من حق عليه وقرينة على توافر السبب الصحيح لحيازته في حين أن حيازة العقار إذا كانت لأقل من خمس عشرة سنة لا تعطيه هذا الحق ، بل يقع عليه عبء اثبات السبب الصحيح[97] .

التقسيم الثالث : تقسيم المال باعتبار بقائه مع الاستعمال ، وعدم بقائه به إلى نوعين :

  • مال استهلاكي وهو الذي ينتهي بالاستعمال لأول مرة مثل المأكولات والمشروبات والمحروقات والأوراق الخاصة بالكتابة ونحوها .

    وتلحق بهذا النوع النقود الورقية التي يعتبر خروجها من اليد استهلاكاً من الوجهة الحقوقية ، وإن كانت أعيانها باقية في الوجود الخارجي .

  • مال استعمالي مثل الأموال التي تبقى مع استعمالها ، كالأشجار ، والعقارات ، والسيارات ، والأفلام ، والأثواب ونحوها .

وهذا التقسيم ذكره أستاذنا الزرقاء وبيّن أن فقاءنا لم يذكروه صراحة ، ولكن عباراتهم تدل عليه[98] .

فائدة هذه التقسيم :

  العقود الواردة على المنفعة كالإجارة والإعارة ونحوهما ، حيث إنها لا ترد على المال الاستهلاكي ، لأن انتفاعه باستهلاكه، وعقد الإجارة ونحوها يقتضي الانتفاع مع بقاء العين ولذلك قال الفقهاء : إن الإجارة لا يصح أن ترد على استهلاك العين[99]، وكذلك الإعارة ونحوها .

التقسيم الرابع : يقسم المال إلى الدّين ، والعين[100] :

يقسم المال إلى الدّين ، والعين :

فالعين هي الشيء المعين المشخص كالبيت ، والسيارة ، والفرس ونحوها .

وأما الدين : فهو ما يثبت في الذمة كالدراهم والدنانير في ذمة شخص[101]، كما سبق .

فائدة هذا التقسيم :

لهذا التقسيم عدة فوائد وآثار من أهمها :

1ـ أن الديون في الذمم لا تعتبر محلاً صالحاً لعقود التمليك والمعاوضة من حيث المبدأ والقاعدة ، في حين أن الأعيان تصلح لذلك[102] .

2ـ الديون تصح فيها الحوالة ، ولا تصح الحوالة في الأعيان[103] .

التقسيم الخامس : يقسم المال إلى متقوم وغير متقوم :

يقسم المال عند الحنفية إلى مال متقوم ، وغير متقوم .

المال المتقوم ـ بكسر الواو ـ لغة بمعنى المال الذي له قيمة .

وفي الاصطلاح : اشترط فقهاء الحنفية شرطين لتحقيق التقوم ، وهما : إباحة الانتفاع ، وتحقق الحيازة[104] ، ولذلك عرفت المجلة في مادتها (127) المتقوم بأنه : ( ما حيز بالفعل ، وأباح الشارع الانتفاع به في حالة السعة والاختيار) وعرفت كذلك غير المتقوم بأنه : (ما لم يُحَزْ بالفعل ، أو حيز ، ولكن الشارع حرم الانتفاع به في حال السعة والاختيار) .

فائدة هذا التقسيم :

لهذا التقسيم فوائد من أهمها :

1ـ صحة العقود المالية :

  أن جميع العقود الواردة على المال كالبيع ، والإجارة ، والهبة لا تنعقد إلاّ إذا كان محلها المعقود عليه مالاً متقوماً ، وإلاّ بطلت[105] .

2ـ الضمان والتعويض في حالة الاتلاف :

  المال المتقوم إذا أتلفه شخص يجب عليه الضمان والتعويض ، وأما غير المتقوم فلا حرمة له من ناحية الشرع وبالتالي فلا ضمان على متلفه[106] .

التقوم في القانون :

  هذا المصطلح غير بارز في القانون ، ولكن حقيقته موجودة فيه ، فالقانون المدني المصري في مادته (81) وكذلك القانون المدني القطري في مادته (56) وكذلك معظم القوانين المدنية العربية نصت على ما يأتي :

(1ـ كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته ، أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية .

2ـ والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها ، أما الخارجة عن التعامل بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية ) .

  وهذا التقسيم قريب من التقسيم الفقهي من حيث النتائج والاثار ، وإن كان هناك اختلاف في مرجعية التقوم لدى الفقه الإسلامي حيث تعود إلى الشرع الحنيف ، في حين أن المرجعية في القانون إلى القانون نفسه ، لذلك فما حرمه القانون فهو خارج عن ذلك ، وما أباحه مثل الخمور فهو داخل المتقوم .

التقسيم السادس : يقسم المال إلى مملوك ، ومباح ، ومحجور للمصالح العامة:

1ـ المال المملوك: هو ما دخل تحت ملكية شخص طبيعي ، أو معنوي كالدولة والمؤسسة العامة .

2ـ المال المباح إباحة عامة: مثل البحار والغابات ، وصيد البر والبحر ، وهو ما يسمى بالمال المشترك ، كما ورد في الحديث ( المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار )[107] .

3ـ المال المحجور للمصالح العامة: كالطريق العام ، والمساجد ، والمقابر ، والمال الموقوف للمصالح العامة[108] .

فائدة هذا التقسيم :

   هو ان المال الملوك هو الذي ترد عليه العقود الشرعية ، وأنه لا يجوز تملكه بالاستيلاء .

  أما المال المباح فيجوز تملكه بالاستيلاء عليه إذا توافرت الشروط المطلوبة من الإحياء والصيد ونحوهما ، كما سيأتي .

أما المال المحجور فلا ترد عليه الملكية مطلقاً .

التقسيم السابع : تقسيم المال إلى قابل للقسمة ، وغير قابل لها :

  فالمال القابل للقسمة وهو المال الذي لا يتضرر صاحبه بالتجزأة ، بل يمكنه الانتفاع بحصته بعد التجزاة ، وإذا تحقق ضرر بها فيسمى المال غير القابل لها .

وفائدة هذا التقسيم: تظهر في ان المال القابل للقسمة تجري فيه قسمة التفريق القضائية جبراً على الشركاء إذا طلبها أحدهم ، أما المال غير القابل للقسمة فلا تجرى فيه إلاّ القسمة الرضائية[109] .

التقسيم الثامن : تقسيم المال إلى مال ظاهر ومال باطن :

  الظاهر لغة هو ضد الباطن ، ومعناه البارز المطلع عليه[110] ، ولا يختلف معناه في الفقه الإسلامي حيث يطلقه على الأموال البارزة التي ليس من شأنها الخفاء مثل الثروة الحيوانية ، والزراعية ، ونحوهما ، وعرف الشيخ القرضاوي الأموال الظاهرة بأنها هي التي يمكن لغير مالكها معرفتها وإحصاؤها[111] .

  والباطن هو ضد الظاهر ، وهو المال الذي من شأنه الخفاء مثل النقود وعروض التجارة والذهب والفضة ونحوها .

فائدة هذا التقسيم :

تظهر فائدة هذا التقسيم في عدة مسائل منها :

1ـ ولاية جمع الزكاة :

  إن جماهير الفقهاء[112] متفقون على أن ولاية جباية الزكاة للمال الظاهر ، وتفريقها للدولة ، ولا تترك للأفراد وضمائرهم وتقديرهم الشخصي ، حيث تواترت الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عماله لتحصيل الزكاة الواجبة من المقتدرين ، ثم توزيعها على مصارفها ، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون حتى قال أبوبكر رضي الله عنه : ( والله لومنعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)[113] .

  يروي أبو عبيد بسنده عن ابن سيرين قال : ( كانت الصدقة ترفع ، أو قال : تدفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو من أمر به ، وإلى أبي بكر ، أو من أمر به ، وإلى عمر أو من أمر به ، وإلى عثمان أو من أمر به ، فلما قتل عثمان اختلفوا…) ثم روى بسنده أن رجلاً أتى ابن عمر بصدقة ماله … ، فقال له : ( ادفعها إلى من بايعت …)[114] .

  وأما جباية أموال الزكاة الباطنة فمحل خلاف كبير ، حيث يرى جمهور الفقهاء ( الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة ) أن أمرها إلى أصحاب الأموال ، وخالفهم الآخرون على تفصيل بينهم)[115] .

التقسيم التاسع : يقسم المال إلى مال نامٍ ، ومال غير نامٍ :

   المال النامي هو المال الذي يكون من شأنه أن يدرّ على صاحبه ربحاً ، أو غلة ، أو إيراداً .

  والنماء إما حقيقي وفعلي مثل نماء الحيوان بالتوالد والتناسل ، وعروض التجارة ونحوها ، أو تقديري وحكمي مثل النقود حيث هي أموال نامية وقابلة للزيادة من حيث هي ، وبالتالي تجب فيها الزكاة حتى ولو لم تستثمر ما دامت في يده أو يد نائبه .

  وغير النامي هو المال الذي ليس من شأنه النمو والزيادة ، وإنما للاستعمال والقنية ، مثل المنازل ، والسيارات الخاصة باستعمال مالكها ، ومثل الأصول الثابتة في الشركات.

فائدة هذا التقسيم :

تظهر فائدة هذا التقسيم في وجوب الزكاة في المال النامي سواء كان نموه حقيقياً كما هو الحال في الابل والبقر والغنم ، أو كان نموه حكمياً كما هو الحال في النقود كالدراهم والدنانير والريالات ، حيث تجب فيه الزكاة إذا توافرت بقية شروطه .

  وأما المال غير النامي مثل سيارة الإنسان ومنزله ، ومقر شركته ، فلا  تجب فيه الزكاة[116] .

موقف الإسلام من المال :

   لا يمكن لنا إدراك موقف الإسلام من المال إلاّ إذا استعرضنا معاً موارد المال في القرآن الكريم والسنة النبوية ، حيث يفهم من بعضها ذم المال ، ومن بعضها الآخر أنه خير وممدوح ، ولذلك نذكرها ثم نعقبها بآراء العلماء ، ثم نطبق عليه المنهج الصحيح القائم على النظرة الشمولية التي تجمع النصوص كلها ثم تربط بعضها مع البعض ، ثم تأخذ منها الجامع المشترك لتحمل كل آية على الحالة المرادة منها .

   فقد تكرر لفظ المال ومشتقاته في القرآن الكريم كثيراً ، فنرى أن القرآن الكريم وصفه في بعض الآيات بأوصاف الذم ، في حين وصفها في بعضها الآخر بأوصاف المدح ، وبما أنه لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين آيات الله تعالى : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)[117] .

  إذن فالصواب لس في المنهج الاحادي من حيث النظرة والتفسير ، وإنما في المنهج الجامع بين هذه الآيات ، وحمل كل مجموعة على محملها ، والآيات التي تتحدث عن ذم المال محمولة على الأموال الباطلة المحرمة ، أو التي يتعلق بها القلب فتشغله عن طاعة الله ، أو تدفعه إلى معصية الله وأما الآيات التي تثني على المال فهي محمولة على المال الصالح ، والمال الذي يتحقق به تعمير الأرض وخدمة المجتمع ، والجهاد في سبيل الله .

فلنطبق هذا المنهج على الآيات الواردة في الأموال :

أولاً ـ مجال المدح:

أ ) عشرات الآيات التي تحدثت عن الجها بالمال والنفس حيث قدمت معظمها الجهاد بالأموال على الأنفس ، منها على سبيل المثال قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[118] فالجهاد بالمال هو من أعظم أنواع الجهاد الذي ينقذ الأمة من ذل الكفر ، والفقر والجهل والمرض ، ومنها قوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)[119] .

ب ) المال هو ثمن الجنة فقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)[120] .

ج ) المال يكون قرضاً حسناً خيراً للمرأ فقال تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)[121] .

د) المال قيام المجتمع ، أن المجتمع لا ينهض ولا يتقدم ولا يعمر الكون إلاّ من خلال المال ـ بعد الايمان ـ فقال تعالى : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)[122] .

هـ ـ المال زينة الحياة الدنيا قال تعالى : ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)[123] قال الماوردي : ( لأن في المال جمالاً ونفعاً وفي تبيين قوة ودفعاً )[124] .

وـ حبّ المال من الفطرة التي فطر الناس عليها ، ولذلك نزلت التشريعات السماوية لتنظيمها فقال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)[125] .

زـ أن انفاق المال يؤدي إلى تطهير النفس والتزكية فقال تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتزكيهم بها )[126] وقوله تعالى : ( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى)[127] .

ح) سبب للقوامة فقال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )[128] فسره ابن عباس رضي الله عنهما بالمهر والنفقة[129] .

  فالأموال في هذه الآيات هي الأموال الحلال التي تنفق في سبيل الله ، ولنهضة الأمة وتعمير الكون ، وللتواصل ، وخدمة الناس .

ثانياً ـ في مجال الذمّ : وردت آيات كثيرة تدل في ظاهرها على أن المال مذموم كالآتي :

أ ) المال عذاب لصاحبه ، قال تعالى : ( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ)[130] حيث يدل على أن المال عذاب لصاحبه ، ولكن المقصود به المال الذي يكون للكافر أو المنافق .

ب) المال فتنة فقال تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ )[131] قال الرازي : (لأنها تشغل القلب بالدنيا وتصير حجاباً عن خدمة المولى )[132] .

ج ) أن المال لا يفيد صاحبه عند الله تعالى فقال تعالى : ( لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً)[133] وقال تعالى : ( مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ)[134] فالمقصود به أموال الكفرة ، أما أموال المسلمين التي انفقت في سبيل الله فهي تنفع أصحابها ، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم فقال تعالى : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[135] حيث يدل بوضوح على أن المال لا ينفع صاحبه إلاّ مع الاخلاص والنية وسلامة القلب .

د ) المال سبب للخسران ، فقال تعالى: ( رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً)[136] حيث يدل على أن المال سبب للخسران ، ولكن الآية واضحة في أن ذلك خاص بالعاصي الكافر .

هـ ) إن المال يؤدي إلى الطغيان والضلال والترف فقال تعالى : ( كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)[137] فهذا واضح أيضاً في ان المقصود هو الإنسان الكافر الطاغي ، وقال تعالى : ( إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)[138] في حق فرعون ، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)[139] .

و ) صرفه في الصدّ عن سبيل الله فقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )[140] فالاية واضحة في أن المال سلاح ذو حدين فإذا كان بأيدي الأعداء فينفقونه في الصدّ عن سبيل الله .

في السنة المشرفة :

ز ) وهكذا نجد مثل هذين النوعين من المدح والذم في الأحاديث النبوية الشريفة ، منها في الذم[141] على سبيل المثال قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل أمة فتنة ، وفتنة أمتي المال )[142] .

  ومنها في المدح على سبيل المثال قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلاّ في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً ، فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها )[143] وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا النار ولو بشقّ تمرة)[144] حيث يدل على أن نار جهنم يمكن أن يحفظ المسلم نفسه منها بسبب المال ، بل جعله الإسلام سبباً لخير الإسلام فحينما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير الإسلام ؟ قال : (تطعم الطعام وتقرأ السلام ……. )[145] .

  فهذه الأحاديث لو عمقنا النظر فيها لوجدنا أن ذم المال ينصرف نحو المال الحرام ، أو المكنوز ، أو المال الذي يكون فتنة لصاحبه ، أما المال الحلال الذي يصرف في سبيل الله وفي وجوه الخير فإنه وقاية من النار ، وخير وبركة ، ووسيلة لدخول الجنة بل قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( ذهب أهل الدثور بالأجور…. )[146] ولذلك ورد في الحديث الثابت : ( نعم المال الصالح للرجل الصالح )[147] .

الفقر والجوع والزهادة في الدنيا والغنى وحبّ الدنيا :

   وهكذا الأمر في مسألة الفقر والجوع والزهد عن الدنيا ، والغني وحب الدنيا، حيث وردت مجموعة من الأحاديث في الأمرين  والمقصود بهما في النهاية هو أن السعي لتحصيل المال والغنى خير مطلوب في سبيل الله ، ودعم الجهاد ، ما دام صاحبه يخرج عنه حق الله تعالى وحق عباده ، وانه يصرفه في وجوهه ، وأنه لا يغى به ، بل يكون شاكراً عابداً لله تعالى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب الغني التقي الخفي )[148] ولكن الغنى يصبح شراً وفتنة إذا طغى به صاحبه واستغنى وتكبر وتجبر ، وصرف غناه في سبيل الشر والطغيان ، أو لم يؤد حقوق الله تعالى والعباد ، ولم يصرف في وجوهه التي أمر الله تعالى بها .

   بل إن الإسلام جاء بمصطلح جميل وهو أن الزهادة في الدنيا ليست بترك الدنيا ، وإنما بعدم انشغال القلب بها ، وجعلها أكبر الهموم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا اضاعة المال ، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق مما في يد الله ، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أقيت لك)[149] فهذا الحديث أعاد الزهد إلى الجانب القلبي الذي يجب أن يكون مشغولاً بذكر الله تعالى وأن يكون واثقاً بما عند الله أكثر مما هو واثق مما في يديه ، وأن يكون تحقيق الثواب في المصيبة هو الهمّ الأكبر .

  وقد أوردت كتب الحديث عدداً من هذه الأبواب ، إذا نظرت إليها نظرة شمولية ، وجمعت بعضها إلى البعض يظهر لك ما ذكرناه ، فمثلاً ذكر الامام النووي : باب فضل الزهد في الدنيا ، والحثّ على التقلل منها ، وفضل الفقر ، ثم أورد عدداً من الآيات منها قوله تعالى : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[150] .

    والتحقيق أن هذه الآية تصور الحياة الدنيا حينما تكون منفردة عن البحث عن الحياة الآخرة ، حيث تكون حينئذٍ متاع الغرور ، ولكن يمكن تحويلها إلى مزرعة الاخرة ، وسبب تعميرها وشراء الجنة بالايمان والجهاد والعمل الصالح ، وبالتالي تحقيق السعادة للدنيا والآخرة.

  ثم ذكر أحاديث كثيرة حتى قال الامام النووي : ( وأما الأحاديث فأكثر من أن تحصر ، فننبه بطرف منها على ما على سواه)[151] ونحن أيضاً نذكر بعض ما ذكره مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أبشروا ، وأمّلوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها ، كما تنافسوا ، فتهلككم كما أهلكتهم )[152] .

  والحديث ليس في ذم الغنى من حيث هو ، وإنما في ذم الغنى الذي يصل إلى التنافس ، وبالتالي الهلاك .

  ثم ذكر النووي باب فضل الجوع وخشونة العيش ، والاقتصاد على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفوس وترك الشهوات ، فأورد فيه عدداً من الآيات والأحاديث كلها تدل على تربية المؤمن على القناعة والرضا والصبر بالقدر والقضاء ، وحينئذ يكون الأجر والثواب ، بل إن كلها في تعلق القلب بالدنيا وشهواتها وإرادة الحياة الدنيا وتفضيلها على الآخرة ، فقال تعالى في قارون : ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ)[153] فالمؤمن يتعلق بالآخرة وثوابها ، ويسعى لها في الدنيا من خلال تعميرها وانفاق الأموال فقال تعالى :  ( وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[154] .

بل إن القرآن الكريم يرشدنا بقوة ويربينا بكل الوسائل لتحقيق هذا الدعاء وهو : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[155] وعلق الله تعالى على هؤلاء الذين يدعون بهذا الدعاء بقوله : ( أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[156] وبين بأن الذمّ لهؤلاء الذين يحصرون دعاءهم على حسنة الدنيا حيث قال تعالى : ( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)[157] .

  ثم أورد النووي : باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والانفاق وذم السؤال من غير ضرورة ، فأورد فيه آيات وأحاديث كثيرة ، ثم أورد باب الحث على الأكل من عمل ديه … وباب الكرم والجود والانفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى ، فأورد فيه آيات وأحاديث كثيرة تدل بوضوح على فضل المال الذي ينفق في سبيل الله ، ويكفي أن الانفاق في سبيل الله ( أي وجوه الخير كلها ) يذكر قبل الجهاد في النفس ، وأنه يؤدي إلى حشر صاحبه في ظل عرش الله أو رعايته وعنايته يوم لا ظل إلاّ ظله  ، وأنه خير الإسلام ، وأنه سبب لدخول الجنة ووقاية من النار …..الخ[158] .

  بل أورد النووي : باب لفضل الغني الشاكر ، فأورد فيه عدداً من الآيات ، منها قوله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)[159] ثم قال النووي : والآيات في فضل الانفاق ي الطاعات كثيرة معلومة .

  بل إن الأحاديث النبوية الشريفة تدل على أن الغني الشاكر أفضل عند الله تعالى من الفقير الصابر ، وذلك لأن خير الغني الشاكر لنفع الناس ، وخير الناس أنفعهم للناس ، فقد روى البخاري ومسلم بسندهما عن وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان فقراء المهاجرين اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ ‏( ذهب اهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال‏:‏ ‏”‏وما ذاك‏؟ ‏” فقالو”‏:‏ يصلون كما نصلى، ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولانتصدق، ويعتقون ولا نعتق فقال‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏: ( فلا اعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم ، ولا يكون احد افضل منكم الا من صنع مثل ما صنعتم‏؟‏” قالوا‏:‏ بلى يا رسول الله ، قال‏:‏ تسبحون ، وتكبرون، وتحمدون ، دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة” فرجع فقراء المهاجرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالو‏:‏ سمع اخواننا اهل الاموال بما فعلنا، ففعلوا مثله‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) متفق عليه[160]  .

  والخلاصة أن المال من حيث هو خير ، ولكنه يختلف باستعماله ، وأنه سلاح ذو الحدين فإذا استعمل في الخير كان خيراً ، وإذا استعمل في الشرّ فهو شر وفتنة ، ولذلك عقد العالم الرباني الزاهد المعروف بابن أبي الدنيا (ت281هـ) باباً لفضل المال[161] وبدأ برواية حديث ( نعم المال الصالح للمرء الصالح )[162] ثم أورد عدة أحاديث في فضل المال ، وكما روى عن بعض الصحابة والتابعين فيه ، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الحسب المال ، والكرم التقوى )[163] وعن عمر قوله : (وإن يكن لك مال لك شرف…)[164] وقوله في خطبته : ( … أصلحوا هذا المال فإنه خضرة حلوة وإن هذا المال يوشك أن يصير إلى الأمير الفاجر ، أو التاجر النجيب)[165] وعن الصحابي قيس بن عاصم المنقرى : (…وعليكم بالمال فاستصلحوه ، فإنه منهبة للكريم ، ويستغنى به عن اللئيم )[166] وعن سعد بن عبادة دعاءه : ( اللهم ارزقني مالاً أستعين به على فعال فإنه لا فعال إلاّ المال)[167] وعن سعيد بن المسيب قوله : ( لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله ، يكف بها وجهه عن لناس ، ويصل به رحمه ، ويعطي منه حقه ) وقوله : ( ينبغي للعاقل أن يحب حفظ المال في غير امساك ، فإنه من المروءة ، يكف به وجهه ، ويكرم نفسه ، ويصل منه رحمه)[168] وعن محمد بن المنكدر قوله : ( نعم العون على الدّين الغنى )[169] وعن فضيل بن عياض عن سفيان الثوري قال : ( كان من دعائهم : اللهم زهدنا في الدنيا ووسع علينا منها ، ولا تزورها عنا فترغبنا فيها )[170] وعن داود عليه السلام قوله : ( نعم العون اليسار ـ أو الغنى ـ على الدين )[171] ، وعن سفيان قوله : ( المال في هذا الزمان سلاح للمؤمن)[172] ، وعن الحسن قوله : ( ليس من حبك للدنيا طلبك ما يصلحك فيها )[173] ، وعن أبي صالح الأسدي : (وجدت خير الدنيا والآخرة في التقى والغنى ، وشرار الدنيا والآخرة في الفقر والفجور)[174] ، ومثل هذا القول مروي عن الصاحبي الجليل الزبير حينما قال ابنه عبدالله : ( ما هذا إلاّ تكاثر الناس وفخرهم ) فقال الزبير : ( إنه والله ما بالدنيا بأس ، ما تدرك الآخرة إلاّ بالدنيا ، فيها يوصل الرحم ، ويفعل المعروف ، وفيها يتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة ، فإياك أن تذهب أنت وأصحابك فتقعوا في معصية الله ، ثم تقولون : قبح الله الدنيا ، ولا ذنب للدنيا ) ، ثم أورد ابن أبي الدنيا تأييداً لهذا القول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم المطية الدنيا ، فارتحلوا تبلغكم الآخرة ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعم الدار الدنيا ، فيها يصلون وفيها يصومون )[175] .

  ثم أورد ابن أبي الدنيا باباً واسعاً لاصلاح المال ذكر فيه أهمية الاستثمار وعدم إضاعة المال ، والاستفادة من كل جزء من جزئياته لصالح الدنيا والدين ، حيث روي الأثر القائل :  الافلاس سوء التدبير ، والكمال تقدير المعاش ، والحفظ للمال من غير اسراف ولا تقتير ، واستصلاحه بالتجارة والصناعة والعمل ، ومنعه من الاضاعة[176] كما نقل القول بأن أكيس الناس هو من يصلح ماله ، ويقتصد في معيشته[177]  .

   وذكر في باب الاحتراف قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( طلب الحلال جهاد ، وإن الله عزّ وجل يحب العبد المحترف)[178] كما روى بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في قوله تعالى : ( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ )[179] : (هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله )[180] وروى كذلك بسندده عن نعيم بن عبدالرحمن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تسعة أعشار الرزق في التجارة)[181] ، وروى كذلك عن سعيد بن المسيب : ( من لزم المسجد وترك الحرة ، وقبل ما يأتيه فقد ألحف في السؤال )[182] .

المبادئ العامة المستنبطة مما سبق :

  بعد هذا العرض الموجز للآيات الكريمة والأحاديث المطهرة نستطيع  القول بأن الإسلام قد وضع المال في مكانه الصحيح دون افراط ولا تفريط ، ودون تعارض ولا تضاد واختلاف ، وأن المبادئ العامة الإسلامية بشأن المال هي ما يأتي :

1ـ المال نعمة من نعم الله ، ويتوقف على وجوده كثير من المصالح العامة والخاصة ، من تعمير الأرض ، والجهاد في سبيل الله ، وتحقيق مهمة الاستخلاف ، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونحوها ، فالقوة المالية تحتل المراتب الأولى لتحقيق الحضارة والتقدم والرفاه ، والدفاع عن النفس .

2ـ المال قيام للمجتمع ، فلا ينهض ( بعد الايمان ) إلاّ به .

3ـ إن حفظ المال من مقاصد الشريعة الكلية ، ولذلك حرم الله تعالى الاضرار بالمال بدون حق ، وأكله ، واضاعته ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وبالمقابل أوجب الله تعالى حمايته وحفظه وتنميته وتداوله بين الناس ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)[183] وشرع لحفظه مجموعة من العقود من الرهن والكفالة ، بل إن الله تعالى شرع لحفظ المال حدّ السرقة وهو قطع اليد لمن اعتدى على المال إذا توافرت شروطه واندرأت الشبهات ، وكذلك شرع حدّ الحرابة والفساد في الأرض إذا اعتدى على المال عن طريق القوة والافساد .

4ـ المال في الاسلام وسيلة وليس غاية ولذلك فرض الله عليه مجموعة من القيود والواجبات والحقوق لتحقيق التوازن والوسطية فيما يخص جميع مراحل النشاط الاقتصادي ـ كما سيأتي ـ .

5ـ المال المذموم هو المال الحرام ، أو الذي لم تعط منه حقوق الله وحقوق العباد ، أو استغل للاستكبار ، والاضرار بالآخرين .

6ـ إن الزهد الحقيقي في الاسلام لا يعني ترك الدنيا ، وإنما يعني عدم تعلق القلوب بها على حساب الآخرة ، فجمع المال والثروة بطريق الحلال مع أداء الحقوق مطلوب في الاسلام ، كما دلت عليه الآيات والأحاديث .

7ـ ان المناهج التي قامت على الافراط ، أو التفريط بشأن المال ، وما ترتب عليها من الانعزال ، وعدم السعي للمشي في مناكب الأرض كما أمر الله تعالى به للزرق واستكشاف ما في الأرض من سنن وخيرات هي التي شاركت في تخلف الأمة مع الأسباب الأخرى ، فالأمة الإسلامية لا تكون لها القوة إلاّ إذا سعت افرادها للدنيا كأنها تعيش أبداً ، وسعت للآخرة كأنها تموت غداً .

8 ـ الاسلام يعالج آثار الفقر من خلال الايمان بالقضاء والقدر ، والتربية بالصبر والقناعة والرضا ، ولكنه لا يرحب بالفقر بل يعتبره مشكلة ، يدعو إلى حلها ، والقضاء عليها بجميع الوسائل المتاحة ، بل يعتبره قرين الكفر ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ منه مع الكفر ويقول : ( اللهم إني اعوذ بك من الكفر والفقر)[184] ويقول : (…. وكاد الفقر يكون كفراً )[185] ويقول في حديث صحيح : ( اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة الغنى ، وأعوذ بك من شر فتنة الفقر )[186] حيث يدل على أن الفقر له فتنة كما للغنى فتنة .

   وقد وضع الاسلام مبادئ عامة وحلاً دقيقاً لعلاج الفقر من خلال ما يأتي ـ بايجاز شديد ـ :

  1. دعوة الاسلام إلى اقتناء المال ، وتعمير الأرض لأكل رزقها
  2. دعوته إلى العمل بمعناه الشامل لكل جهد فكري وذهنب وعقلي وبدني ونبذ البطالة والكسل ، بل دعوته لكل قوة إلى الاتقان والابداع ، والتقدم ، والتنويع
  3. تحريم الاحتكار والاكتنار والاسراف والتبذير
  4. حثه على التثمير والاستثمار والادخار ، وعدم ترك الذرية عالة يتكففون الناس.
  5. ايجابه الزكاة والنفقات والصدقات وغيرها للوصول إلى حد الكفاف لكل فرد ، وتحقيق الضمان الاجتاميع لكل من يعيش على أرضه[187] .

النظام المالي في الإسلام :

النظام المالي في الإسلام يقوم على أربعة أمور أساسية نذكرها مع أسسه العامة بايجاز ، وهي :

أولاً ـ  الانفاق العام للدولة الإسلامية وأسسه :

  يقصد بالانفاق العام في نظري ، ما تصرفه الدولة من الأموال في المصالح العامة[188]، والمصالح العامة تشمل النفقات الجهادية ( العسكرية ) والاقتصادية ( المشاريع الصناعية والانتاجية ) والادارية والاجتماعية ، والثقافية ، ونحوها .

  ولم يكن في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم مجالات متعددة للانفاق العام ، حيث لم تكن هناك وزارات، ولا موظفون يحصلون على مرتبات ثابتة ، وإنما كانت الدولة حينئذ تهتم بمصروفات الجهاد والدفاع ، وبرعاية أفراد المجتمع والنهوض بهم ، كما أن الزكاة والصدقات تؤول إلى بيت المال ، ثم يقوم بيت المال بصرفها على مستحقيها ، وكذلك كان للفيئ والغنائم مستحقوها الذين حددهم القرآن الكريم .

  ولم يتغير الحال في عصر الخليفة أبي بكر رضي الله عنه كثيراً ، وإنما حدثت تغييرات جذرية في عصرالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما اتسعت مساحة الدولة ، وزادت واجبات الدولة من وجود دواوين لها ، وعطاءات منتظمة وأصبح للدولة موظفون وعمال وجنود دائمون جاهزون للفتوحات الإسلامية ، وبالمقابل أصبحت لها موارد أخرى غير الزكاة من الخراج والجزية.

كما أن السياسة المالية لعمر تسير على عدة أسس منها :

  1. توزيع العطاء على أساس القدم في الاسلام ، والكفاية والجهد والعدل والحاجة .
  2. عدم توزيع الأراضي المفتوحة على المجاهدين ، بل تركها ليؤخذ منها الخراج لهم فيما بعد ، ولجميع الأجيال اللاحقة ، والدولة التي ترعاهم .
  3. توفير الضمان الاجتماعي للمسلمين وغيرهم من أهل الذمة على اساس :

أ . شمول العطاء لكل مولود من يوم ولادته ، حيث كان يحسب له حصة من المواد التموينية .

ب ـ تخصيص الأموال الكافية للمواطنين جميعاً من المسلمين وغيرهم من اليهود والنصارى وغيرهم ، وتوفير الحياة الكريمة بعيداً عن الفقر ومذلة السؤال .

  1. القضاء على الفقر ، وعدم السماح بوجود الفجوة الكبيرة بين طبقات المجتمع ، حيث قال مقولته المشهورة : ( والله لئن بقيت إلى الحول لألحقنّ أدنى الناس بأعلاهم ) وقد طبق هذه السياسة أيضاً الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز رحمه الله .

أسس الانفاق العام :

ونستطيع القول بأن القواعد والأسس العامة للانفاق العام والتوزيع العادل في الاسلام هي ما يأتي :

أولاً ـ القواعد الأربع التي اعتمدها الخليفة الراشد  عمر رضي الله عنه .

ثانياُ ـ يضاف إليها بعض القواعد التي تعتبر تفصيلاً لما ذكر ، أو إضافات مؤصلة نحتاج إلى ذكرها هنا وهي :

  • الترشيد في الانفاق ( أي دون اسراف ولا تبذير ) أي الاعتدال ، وبعبارة أخرى أن يوضع كل فلس في موضعه .
  • رعاية الأولويات الإسلامية داخلياً وخارجياً ، عسكرياً ومدنياً ، ومراعاة فقه الموازنات بكل دقة ووضوح في اوجه الصرف والانفاق مع رعاية أولوية كل ما يحقق التوازن الاجتماعي ، وكل ما يزيد في الانتاج والانشاء والتعمير والتعليم والصحة والأمن والدفاع ، ويقلل الاستهلاك المستديم  .
  • الالتزام عند الانفاق بالمصارف التي حددها الكتاب والسنة ، أي رعاية المصارف الثمانية في الزكاة ، ورعاية مصارف الغنمية ، اللتين حددهما القرآن الكريم ، وما عدا ذلك تطبق عليه السياسة الشرعية في رعاية المصالح ودرء المفاسد ، ومراعاة فقه الأولويات .
  • رعاية التوازن بين الصناعة ، والزراعة والتجارة ، حسبما يحقق مصالح الدولة والمجتمع والأفراد .
  • العناية بالخدمات الانتاجية من نفقات النقل ، والتخزين والتأمين ، وما يسمى اليوم بالبنية التحتية .
  • عدم اكتناز الأموال العامة في الخزينة ما دامت هناك حاجة للصرف ، حيث كانت سياسة الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما توزيع الفائض في بيت المال على المصالح العامة ، وعلى أفراد المجتمع المستحقين ، بناءً على أن المجتمع الغني القوي يعني دولة قوية قادرة على جمع المال عندما يحتاج إليه ، مع أنهما كانا يحثان الناس على الادخار[189] ومع ذلك لم يكونا حريصين على تكوين فائض لبيت المال .

       ولكن هذا لا يعني عدم جواز تكوين الفائض ، وإنما المقصود هو أن تكون الأولوية لمصالح الدولة والجتمع .

  • وضع آليات التنفيذ ، ومن الجدير بالذكر أن الإسلام حرص أشد الحرص على وضع الآليات العملية لتطبيق هذه الأسس والقواعد ولتطبيق العدالة والمساواة ، حتى لا تكون مجرد نظريات ، وذلك من خلال ما يأتي :

أ ـ وضع أجهزة  كفوءة ومخلصة للتوزيع العادل

ب ـ الاهتمام بالتخطيط والاحصاء الدقيق كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أمر بان يكتب له من تلفظ بالاسلام من الناس قال حذيفة : ( فكتبنا له ألفاً وخمسمائة رجل ….) وفي رواية أخرى : ( فوجدناهم خمسمائة ) قال أبو معاوية : ( ما بين ستمائة إلى سبعمائة )[190] .

   والذي يظهر من هذه الروايت الصحيحة أن هذه الكتابة لم تكن مرة واحدة ، بل كانت مرات متعددة ، فمرة كانوا خمسمائة ، ثم طلب احصاءهم مرة ثانية فبلغوا خمسمائة إلى سبعمائة ، ثم مرة ثالثة حيث بلغوا ألفاً وخمسمائة[191] ، وفي هذا دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتابع العدد من خلال الاحصاء حتى يقوم بالتخطيط المناسب لذلك ، وهناك تأريل آخر رجحه الحافظ ابن حجر وهو أن المراد بالألف وخمسمائة جميع من أسلم من رجل وامرأة وعبد وصبي ، وبما بين الستمائة إلى السبعمائة الرجال خاصة ، وبالخمسمائة المقاتلة خاصة[192] وهذا يدل على أهمية تنوع الاحصاءات التي تشمل كافة طبقات الشعب ، وأن هذا كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ، ويدل على هذا حديث ابن عباس قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إني كُتبتُ في غزوة كذا وكذا….)[193] حيث يدل على أن كتابة المقاتلة من عادتهم .

  ومهما يكن فإن الحديث يدل على أهمية التخطيط والاحصاءات المتكررة ، بل على وجوبها عند تعينها يقول الحافظ ابن حجر : ( وفي الحديث مشروعية كتابة دواوين الجيوش ، وقد تعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة ممن لا يصلح ….، وقال ابن المنير : موضع الترجمة ( أي ترجمة البخاري باب كتابة الامام الناس ) من الفقه أن لا يتخيل أن كتابة الجيش ، واحصاء عدده يكون ذريعة لارتفاع البركة ، بل الكتابة المأمور بها لمصلحة دينية )[194] .

ج ـ وضع جهاز قوي مخلص ومتخصص ومستقل ، للرقابة والتدقيق ، حيث أكد القرآن على أهمية الاشخاص للنجاح والانتصار فقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)[195] ولذلك يؤكد القرآن على وجود ثلاثة شروط أساسية للنجاح والتنفيذ هي : الاخلاص ( الأمانة ) والاختصاص ( العلم ) والقوة ، كما دلت عليها قوله تعالى : ( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)[196]  وقوله تعالى : ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)[197] .

ثانياً ـ تجميع الموارد :

إن موارد الدولة الإسلامية هي ما يأتي :

  1. الزكاة حسب تفصيلاتها وشروطها وضوابطها .
  2. الصدقات والكفارات ونحوها التي تعطى لبيت المال .
  3. ايرادات استثمارية خاصة بأموال الدولة .
  4. ايرادات الوقف المخصصة لمشاريع الدولة ومؤسساتها التعليمية والدينية ونحوها .
  5. ايرادات الخمس من الغنائم ، حيث يكون للدولة الخمس أي 20% والباقي يوزع على المشاركين في الجهاد .
  6. الفيئ ، وهو المال الذي يؤخذ من العدو دون قتال ، حيث يكون كله خاصاً بالدولة لتصرفه في المصالح العامة ، وفي تحقيق الضمان الاجتماعي .
  7. عشور التجارة ، حيث كانت الدولة الإسلامية تأخذ ما يسمى في عصرنا الحاضر الضرائب على التجارة الخارجية التي يقوم بها المسلمون أو غيرهم ، وإن كانت النسب متفاوتة .
  8. الجزية ، وهي ضريبة تفرض على المواطنين غير المسلمين في مقابل فرض الزكاة على المسلمين ، وهي دلالة على الالتزام بقانون الدولة وكولاء لها ، ومساهمة لتحمل أعباء توفير الأمن والبنية التحتية والضمان الاجتماعي للجميع .
  9. الركاز أي المعادن الأولية ( مواد الخام ) والكنوز المدفونة في باطن الأرض ـ على تفصيل يأتي في قسم الملكية ـ[198].

ثالثاًـ الموازنة العامة للدولة :

  أنشأ الخليفة عمر رضي الله عنه الديوان لتنظيم الموارد والنفقات ، ومحاسبة العامل المكلف بالاشراف على بيت المال ، وكانت الموازنة تتم بين الايرادات التي ذكرناها ، وبين المستحقين المذكورين في الكتاب والسنة ، حيث يعطى لهم حقوقهم إلاّ ما يخص المؤلفة قلوبهم في عصر أبي بكر وعمر ، حيث لم يعط لهم باعتبار أن حقيقة التأليف لم تعد باقية بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا يأخذون في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم بعد ذلك النظر في الموازنة بين ما يتبقى من الايرادات وما تحتاج الدولة من نفقات خاصة بالأجور والمرتبات والعطاءات ، والجهاد ، والتعليم ، والصحة ، والضمان الاجتماعي ، وغير ذلك من نفقات الدولة .

  وكان في بيت المال سجلات دقيقة لكافة الايرادات ، وأوامر الصرف ، وأسماء جميع المستحقين ، والجند ، ومراقبة للايرادات والمصروفات ، ولأوجه الانفاق العام ، كما كان بيت المال يراقب الخيول ، والحيوانات الخاصة به من خلال توفير المراعي ( الحمى ) وكذلك توفير مخازن الحبوب والغلال .

  وكان المشرف على بيت المال مسؤولاً أيضاً ومكلفاً بإعداد جداول للمصروفات والايرادات كل ثلاث سنوات ، ومتابعة مراقبة واردات الاقاليم التابعة للخلافة من حيث الزيادة والتنظيم ويعرض كل ذلك على الحليفة ، ويتخذ بشأنه القرارات المناسبة ، فقد حدث أن واردات مصر قلت ، فبلغت عمر ، فأرسل رسالة قوية إلى واليها عمرو بن العاص يلفت نظره فيها إلى تأخر الخراج، وضعف الجباية قال فيها : ( فقد فكرت في امرك ، والذي أنت فيه ، فإذا أرضك أرض واسعة عريضة رقيقة ، وقد أعطى الله أهلها عدداً وجلداً وقوة في بر وبحر ، وقد عالجها الفراعنة ، وعملوا فيها عملاً محكماً مع شدة عتوهم وكفرهم ، فعجبت من ذلك ، وأعجب ما عجبت منه أنها لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه من الخراج قبل ذلك على غير قحط ولا جدب)[199] وهذه الرسالة تتضمن مبادئ عظيمة في الرقابة والمتابعة والمحاسبة القائمة على البراهين والتجارب لا يسع المجال لذكرها .

رابعاً ـ السياسة النقدية :

  يقصد بالسياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي : مجموعة من القواعد والاجراءات اليت تتخذها الدولة لتنظيم الاصدار النقدي وضبطه بما يتناسب مع الهياكل الاستثمارية والانتاجية والاستهلاكية للاقتصاد العام للدولة[200]، ويدخل في السياسة النقدية تنظيم حركات النقود والائتمان ورقابتها وتوجيهها نحو التنمية الشاملة والاستقرار والازدهار .

ويعتبر من أهم المبادئ والقواعد للسياسية الشرعية في مجال النقود ما يلي :

  • أن النقود وسيلة وليست سلعة تباع وتشترى ، ولذلك ضبطها الإسلام بضوابط الصرف من عدم جواز الزيادة مع التقابض في المجلس إذا بيع نقد بنفس النقد ، واشترط التقابض ( يدا بيد ) عندما يختلف جنس النقدين .
  • أن صك النقود ومراقبتها ، وحماية السوق من مغشوشها من واجبات الدولة ، وأن الدولة مسؤولة عن ضبطها وحمايتها من الغش والنقصان والكسر والتلاعب بها ، بل قال الفقهاء : ( ينبغي ألا يغفل ـ أي الإمام ـ النظر ان ظهر في سوقهم دراهم مبهرجة أو مخالطة بالنحاس بأن يشتد فيها ويبحث عمن أحدثها فإذا ظفر به أناله من شدة العقوبة ….)[201] .
  • ان الغش في النقود من الفساد في الأرض ، وفسر قوله تعالى : ( وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ولا تعثوا في الأرض مفسدين)[202] بالغش في النقود ، والنقصان في أوزانها[203] ، وفسر كذلك قوله تعالى : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ)[204] بأنهم : ( كانوا يكسرون الدراهم والدنانير )[205] وقد روى عن الامام أحمد أنه قال : ( وهو عندي من الفساد في الأرض )[206] ويقول ابن رشد: ( الدنانير التي قطعها من الفساد في الأرض هي الدنانير الدائمة… )[207] .
  • حرمة الربا بنوعيه ( النسيئ ، والفضل ) .
  • ارتباط السياسات النقدية بالمصالح ، وهذه قاعدة عامة في جميع تصرفات الامام التي يجب أن تناط بالمصالح فقط[208] .

  ومن هذا الباب أنه ينبغي للدولة الاسلامية التدخل لضمان حرية المنافسة الاقتصادية الشريفة ، ولحماية الاقتصاد الوطني من المنافسات الأجنبية ، ولحماية القيم الدينية ، ولتخصيص معدلات البطالة والتضخم ، ولتحديد الأسعار في بعض الأحيان ، ومعدلات    الصرف[209] .

  وفي عصرنا الحاضر نظمت السياسات النقدية من خلال البنوك المركزية ، واشرافها على البنوك التجارية أو المتخصصة ، أو المصارف الإسلامية ، لا يسع المال للخوض في تفاصيلها[210] .

([1]) يراجع أستاذنا الشيخ مصطفى الزرقا : المدخل الفقهي العام ط. / دمشق 2004 (1/66) ، ود. حسام الدين الأهراني : مقدمة القانون المدني ط. دار النهضة العربية القاهرة 1972 ص 3

([2]) برهام عطا الله : مقدمة علم قواعد المعاملات ، الاسكندرية عام 1967 ص 5

([3]) د. فوزي محمد سامي ، شرح القانون التجاري ط. دار الثقافة / عمان 1997 ص 15 (1/7-9) ود.فوزي عطوي : القانون التجاري ط. دار العلوم العربية بيروت ص 15

([4]) المراجع السابقة نفسها

([5]) يراجع : د. حمدي عبدالعظيم : السياسات المالية والنقدية في الميزان ط. النهضة المصرية 1986 ص376 ود. عبدالمنعم الصده : أصول القانون ، ط. دار النهضة العربية بيروت ص 56

([6]) كتاب الخراج لأبي يوسف ، تحقيق د. محمد إبراهيم البنا ط. دار الاصلاح ص 31

([7]) المصدر السابق ص 31 – 36

([8]) المصر السابق ص 109 – 110

([9]) المصدر السابق ص 228 – 229

([10]) المصدر السابق ص 231

([11]) د. محمد شوقي الفنجري : المذهب الاقتصادي في الإسلام ص 61

([12]) د. عبدالوهاب أبو سليمان : البحث العلمي ص 416 – 417 ، ود. مصطفى مفلح القضاة : مقدمته لتحقيق كتاب إصلاح المال لابن أبي الدنيا ، ط. دار الوفاء 1410هـ ص 72

([13]) تهذيب التهذيب ( 8/216)

([14]) يراجع د. العوضي : قراءة اقتصادية في كتاب الكسب للإمام الشيباني المنشورة في مجلة (الأمة) القطرية العدد 32 مايو 1983م ص 48 – 53 

([15]) بحثه المنشور في حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر 1409هـ / العدد السابع  ص 287

([16]) السيد محمد عاشور : دراسة في الفكر الاقتصادي العربي : أبو الفضل جعفر بن علي الدمشقي (أبو الاقتصاد) ط. الأولى 1973

([17]) مقدمة المحقق للكتاب ص 64

([18]) د. إبراهيم الطحاوي : الاقتصاد الإسلامي ص 154

([19]) وهو رسالة ماجستير من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر 1980

([20]) د. إبراهيم الطحاوي : الاقتصاد الإسلامي ص 153

([21]) يقول د. مصطفى القضاة في مقدمته لكتاب إصلاح المال لابن أبي الدنيا ص 78 : ( وقد عثرت على نسخة خطية منه في مكتبة الدكتور نجم الدين عبدالرحمن حلف (أ/707) وهي نسخة بخط تلميذ المؤلف وعليها إجازة بخطه ، وأنا الآن بصدد  تحقيقها )

([22]) يراجع :القاموس المحيط ، ولسان العرب مادة ( مال )

([23]) المعجم الوسيط ط. قطر (2/892)

([24]) حاشية ابن عابدين ط. دار احياء التراث العربي ببيروت ط. الثانية 1407هـ (4/3) وهذا ما أخذت به مجلة الأحكام العدلية في مادتها 126

([25]) الموافقات للشاطبي ط. دار المعرفة ( 2/332)

([26]) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 327

([27]) المنثور في القواعد ط. أوقاف الكويت 1402هـ (3/222)

([28]) المقنع ، ومعه الشرح الكبير ، والانصاف ، تحقيق د. عبدالله عبدالمحسن التركي ط. السعودية (11/23)

([29]) الانصاف مع المقنع (11/23)

([30]) الشيخ مصطفى الزرقا : المدخل الفقهي العام ط. السادسة (3/115)

([31]) يراجع : كتاب البيع في معظم الكتب الفقهية

([32]) القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمصباح المنير مادة (نفع) ويراجع : الكليات لأبي البقاء ، ط. الرسالة ص 669 ، والمفردات للأصفهاني ص 502

([33]) تحفة المحتاج ، مع حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي ط. دار صادر (7/60-61)

([34]) المرجع السابق نفسه

([35]) درر الحكام ، شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر (1/100) والموسوعة الفقهية الكويتية (39/101) ويراجع : الشيخ علي الخفيف : المنافع ص 2،1 ، ود. محمد عثمان شبير: المدخل إلى فقه المعاملات المالية ط. دار النفائس بالأردن ص 72

([36]) يراجع : لهذا الموضوع : المبسوط للسرخسي (11/78-79) وتبيين الحقايق (5/234) وكشف الأسرار عن أصول البزدوي (11/172) والشرح الكبير مع الدسوقي (3/442) وروضة الطالبين (5/12) والمنثور في القواعد للزركشي (3/197-222) والمغني مع الشرح الكبير (6/3)

([37]) فتح الغفار شرح المنار لابن نجيم (1/52)

([38]) المصادر الحنفية السابقة ، والموسوعة الفقهية الكويتية (36/32) 

([39]) يراجع : بدائع الصنائع (7/143) وحاشية ابن عابدين (5/413) وبداية المجتهد (2/313) والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/448) ومغني المحتاج (2/286) والمغني (5/270) والقواعد لابن رجب ص 212 والموسوعة الفقهية (31/237)

([40]) الدرر المنتقى شرح الملتقى ، نقلاً عن أحمد فراج حسين ك الملكية وانظرية العقد ص 10

([41]) بدائع الصنائع (6/42) حيث قال : ( وسواء أكان المال عيناً او ديناً أو منفعة ) ويراجع د. عبدالسلام العبادي : الملكية (1/182)

([42]) انظر : شرح المجلة في مادتها 459 ، 472

([43]) المصادر السابقة

([44]) المبسوط (11/78 – 79) وفتح الغفار (1/52) والموسعة الفقهية الكويتية (36/32)

([45]) د. محمد عثمان شبير : المدخل إلى فقه المعاملات المالية ص 74

([46]) حاشية (4/767) والمغني (5/224) والشرح الصغير (3/572) ونهاية المحتاج (5/120) وتحفة المحتاج (5/428) والمغني (5/232)

([47]) شرح العناية مع فتح القدير (7/469) وتبيين الحقائق للزيلعي (5/85) والشرح الكبير (3/436|) وبداية المجتهد (2/342) وأسنى المطالب (2/328) والمغني (5/221) والموسوعة الفقهية الكويتية (5/189)

([48]) الحديث راوه أبو داود ط. دعاس (3/823) وأحمد (3/40) والبيهقي (6/289) وقواه بمجموعة من الشواهد 

([49]) سورة القصص / الآية27

([50]) سورة النساء / الآية 24

([51]) يراجع أبواب المهر في كتاب النكاح في كتب السنة كلها

([52]) لسان العرب ، والقاموس المحيط والمعجم الوسيط مادة ( حق )

([53]) حاشية ابن عابدين (4/14-15 ، 3/417) ونهاية المحتاج (5/478) ويراجع : بحث الحقوق المعنوية للدكتور علي القره داغي، ضمن بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة ط. دار البشائر الإسلامية 2001م ص 393 – 440

([54]) يراجع مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، العدد الخامس (3/2267)

([55]) لسان العرب ، والقاموس المحيط ،والمعجم الوسيط مادة ( دان )

([56]) يراجع : حاشية ابن عادين (5/175) وفتح الباري (4/66) والمنثور في القواعد للزركشي (2/158) والقواعد لابن رجب ص 54 ويراجع لمزيد من التفصيل : د.علي القره داغي : بحث:التصرف في الديون،ضمن بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة ص 198

([57]) يراجع : فتح القدير (5/431) ومنح الجليل للشيخ عليش (1/362) ونهاية المحتاج (3/130) والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 354 ، ويراجع الدكتور نزيه حماد : قضايا فقهية معاصرة ص 37 ، ود شبير : المدخل إلى فقه المعاملات المالية المعاصرة ص 78

([58]) يراجع : المغني (4/283) والاقناع للمقدسي (2/60) وإحياء علوم الدين ( 2/92) ومجموع افتاوى ( 28/592) ، ويراجع : محمد عبدالرزاق : أحكام التصرف في الكسب الحرام ، رسالة ماجستير بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود عام 1415هـ        ص 108 – 110

([59]) يراجع : الشيخ الصديق الضرير : الغرر وأثره في العقود ط. سلسة صالح كامل ص 47 وما بعدها

([60]) الكافي لابن عبدالبر (1/444)

([61]) القواعد لابن رجب الحنبلي ص 55 ويراجع لمزيد من التفصيل : أ.د. وهبة الزحيلي : الفقه الإسلامي وأدلته (5/517) ومحمد عبدالرزاق : المرجع السابق ص 129 وما بعدها

([62]) القوانين الفقهية ط. دار الكتاب العربي ص 323 مع اختصار

([63]) سورة البقرة / الآية 188

([64]) سورة النساء / الآية29

([65]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، انظر : صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ كتاب الحج ( 3/573) الحديث 1739 ، ومسلم كتاب الحج (2/886 – 889) الحديث 1218

([66]) رواه أبو داود في سننه ، كتاب الخراج والفيئ الحديث 3073 ، والترمذي في سننه ، كتاب الأحكام ، الحديث 1394 ، والبيهقي في السنن الكبرى ( 6/99) قال الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم 2638 الحديث صحيح

([67]) حاشية ابن عابدين (3/178)

([68]) الأموال للداودي ص 160

([69]) سورة البقرة / الآية 279

([70]) يراجع : مجلة المجمع ، العدد الثاني  ( 2/527) والعدد الثالث (1/77)

([71]) يراجع : بدائع الصنائع ط . احياء التراث العربي / بيروت ( 6/131-135) وحاشية ابن عابدين (5/144)

([72]) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/445-446) وشرح الخرشي ( 6/133) ومغني المحتاج ( 2/277) والمقنع مع الشرح الكبير ، والانصاف ، تحقيق د. عبدااله التركي ط. هجر بالجيزة (15/111 وما بعدها) 

([73]) الشرح الكبير مع الدسوقي  (3/445-446)

([74]) سبق تخريجه

([75]) القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط ، مادة ( مثل ) و (قوم )

([76]) فتح العزيز بهامش المجموع (11/266- 269) ويراجع : خزانة الفقه (1/318) وحاشية ابن عابدين (5/117) والمبسوط (14/12) والشرح الكبير مع الدسوقي (3/446) والمغني لابن قدامة (4/352) والبحر الزخار (4/385)

([77]) يراجع لمزيد من التفصيل : د. علي القره داغي : قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي ، وأثرها على الحقوق والالتزامات ط. دار الاعتصام 1413هـ ص 10-15

([78]) المصادر والمراجع السابقة

([79]) يراجع الدكتور السنهوري : الوسيط ( 8/ 86)

([80]) يراجع : الأشباه والظائر للسيوطي ص 384 – 388 والأشباه لابن نجيم ص 362-364 وحاشية ابن عابدين (5/117) وفتح العزيز (7/15) ومطالب أولي النهى (4/54) وإعلام الموقعين (2/45) والمغني (5/287) واختلاف الفقهاء للطبري ص 154-157 ، ويراجع لمزيد من التفصيل : د. علي القره داغي : قاعدة المثلي والقيمي ص 86-87

([81]) حاشية ابن عابدين (5/117)

([82]) الروضة (5/24)

([83]) يراجع لها كتب الفقه ، ولا سيما في أبواب الغصب

([84]) بدائع الصنائع (6/3027) ، (7/3154) والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 315

([85]) تحفة الفقهاء ، تحقيق الدكتور محمد زكي عبدالبر ط. إدارة إحياء التراث بقطر (2/54)

([86]) يراجع : د. أحمد فراج : المرجع السابق ص 24 والمصادر التي اعتمد عليها

([87]) بدائع الصنائع (9/4120) ويراجع المغني لابن قدامة (9/113)

([88]) يراجع مجلة المجمع العدد الخامس (3/1609)

([89]) وقد فصلنا القول فيه في بحثنا المقدم إلى الدورة الخامسة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقدة بالكويت في 1-6 جمادى الأولى 1409هـ ، ثم طورناه فأصبح كتاباً باسم : قاعدة المثلي والقيمي وأثرها على الحقوق والالتزامات .

([90]) يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط مادة ( عقر )

([91]) يراجع مجمع الأنهر (2/471) والشرح الصغير ( 2/228) وحاشية الزرقاوي ( 2/144) وكشاف القناع ( 4/138) ويراجع الشيخ أبو زهرة : الملكية ونظرية العقد ، ط. النهضة ص 59 ، والشيخ مصطفى الزرقاء : المدخل الفقهي العام ( 3/147- 149)

([92]) المصادر السابقة

([93])  الدكتور السنهوري : الوسيط ، ط. دار النهضة العربية بالقاهرة (8/0019)

([94]) الشيخ الزرقاء : المرجع السابق (3/149-150) ومجلة الأحكام العدلية المادة ( 232) ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام (9/625)

([95]) يراجع :  الخراج لأبي يوسف ص 19

والشيخ الزرقا : المرجع السابق ( 3/ 151- 153)

([96]) تبيين الحقائق (4/79-80) وشرح المحلى على المنهاج (2/212) والمغني (5/241) والموسوعة الفقهية الكويتية (30/187-188) ويراجع : الشيخ أبو زهرة : المرجع السابق ص58 والشيخ الزرقا : المرجع السابق (3/162) ود. أحمد فراج حسين : الملكية ونظرية العقد ص 20

([97]) د. حسن كيرة : المدخل إلى القانون ص 706-709

([98]) المرجع السابق ( 3/143)

([99]) يراجع : رد المحتار ( 4/504) والشيخ الزرقاء : المرجع السابق ( 3/145)

([100]) هذا التقسيم عند جمهور الفقهاء ، واما الحنفية فلم يعتبروا الديون اموالاً ، لن المال في نظر متقدميهم لا بدّ أن يكون عيناص ، ولكن الحنفية يستعملون الدين في مقابل العين .

يراجع : الشيخ الزرقاء : المرجع السابق ( 3/ 168)

([101]) هذا التقسيم ذكره الحنفية

([102]) يراجع : مجلة الأحكام العدلية : المادة 158 ، والمادة 159

([103])

([104]) حاشية ابن عابدين (4/120)

([105]) لكن الحنفية فرقوا بين كون المال غير المتقوم مبيعاً أو ثمناً فإذا كان مبيعاً كما لو باع خمراً فالبيع باطل ، أما إذا كان ثمناً فالبيع ينعقد فاسداً ، كما لو باع شاة بخمر ، أو بميتة ، يراجع : حاشية ابن عابدين (4/120) مجمع الأنهر (2/108) ويراجع : الشيخ الزرقاء (3/126)

([106]) حاشية ابن عابدين (4/225 ، 235) ومجمع الأنهر (2/108) والشيخ أحمد فراج حسين : المرجع السابق ص 14

([107]) الحديث رواه أبو داود ، الحديث رقم 3477 وأحمد (5/364) والبيهقي (6/150) وصححه الالباني في ارواء الغليل (6/7)

([108]) الشيخ الزرقاء : المرجع السابق ( 3/210)

([109]) مجلة الأحكام العدلية ، المادة 115 ، 116

([110]) لسان العرب ، والقاموس المحيط ، والمعجم الوسيط مادة ( ظهر) و (بطن)

([111]) شيخنا القرضاوي : فقه الزكاة ، ط. وهبة 1406هـ (2/765)

([112]) يراجع في هذا الموضوع : مجمع الأنهر (1/193) شرح الخليل (1/380) والأحكام السلطانية للماوردي ص 13 ، والشيخ القرضاوي : المرجع السابق نفسه

([113]) صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (3/265) و (13/250) والأموال لأبي عبيد ط. قطر ص 598

([114]) الأموال لأبي عبيد ص 598- 599

([115]) حاشية ابن عابدين (2/5) وحاشية الدسوقي (1/502 – 204) والروضة ( 2/205) والمغني لابن قدامة ط. الرياض (2/641) والأموال لأبي عبيد ص 598 وما بعدها

([116]) حاشية ابن عابدين (2/7) والبحر الرائق (2/225) والمقدمات لابن رشد مع المدونة (1/233) والشيخ القرضاوي : المرجع السابق (1/153)

([117]) سورة النساء / الآية82

([118])  سورة الصف/ الآية 10- 11

([119])  سورة التوبة / الآية 20

([120])  سورة التوبة / الآية111

([121])  سورة الحديد / الآية 11

([122])  سورة النساء / الآية5

([123])  سورة الكهف/  الآية 46

([124]) تفسير الماوردي ( 2/484)

([125])  سورة آل عمران / الآية 14

([126])  سورة التوبة / الآية103

([127])  سورة الشمس / الآية 18

([128])  سورة النساء  / الآية34

([129]) تفسير ابن الجوزي ( 2/74 )

([130])  سورة التوبة / الآية 55

([131])  سورة الأنفال / الآية28

([132]) تفسير الرازي (4/365)

([133])  سورة آل عمران  / الآية10

([134]) سورة الحاقة/ الآية 28

([135])  سورة الشعراء / الآية 88 – 89

([136])  سورة نوح  / الآية21

([137]) سورة العلق / الآية 6 – 7

([138])  سورة يونس / الآية88

([139])  سورة سـبأ/ الآية 34

([140])  سورة الأنفال / الآية36

([141]) يراجع : رياض الصالحين بتحقيق شعيب الارناؤط ص 171-194

([142]) رواه الترمذي ، وقال حسن صحيح الحديث 2337 ، ورواه أحمد (4/160) وابن حبان الحديث 2470 والحاكم في المستدرك (4/318) وصححه ووافقه الذهبي

([143])رواه البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ (1/152) ومسلم الحديث 816

([144])رواه البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ (3/225) ومسلم الحديث 1066

([145]) رواه البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ (1/52 – 53) ومسلم الحديث 39 

([146]) رواه البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ (2/270 ،272 ، 11/113) ومسلم الحديث 595

([147]) رواه أحمد بسند صحيح في مسنده (4/197 ، 220)

([148])

([149]) رواه الترمذي ـ مع تحفة الأحوذي ـ (7/3-4) ورواه ابن ماجه (2/1373) قال هشام : قال أبو ادريس الخولاني : مثل هذا الحديث في الأحاديث كمثل الابريز في الذهب .

([150])  سورة الحديد / الآية 20

([151]) رياض الصالحين ص 172

([152]) متفق عليه ، البخاري ـ مع الفتح ـ (11/208) ومسلم الحديث 2961

([153])  سورة القصص  / الآية 79 – 80

([154])  سورة القصص / الآية77

([155])  سورة البقرة  / الآية 201

([156])  سورة البقرة  / الآية 202

([157])  سورة البقرة / الآية200

([158]) يراجع : رياض الصالحين ص 169

([159])  سورة الليل  / الآية 5-7

([160]) البخاري (2/270 ، 272  و 11/113) وسملم الحديث 595

([161]) كتاب اصلاح المال بتحقيق مصطفى مفلح القضاة ط. دار الوفاء بالمنصورة 1410هـ ص 164- 198

([162]) رواه البخاري في الأدب المفرد عن طريق ابن أبي الدنيا ص 132 وأحمد في مسنده (4/197 ، 202) والهيثمي في موارد الضمآن ص 268

([163]) رواه ابن أبي الدنيا بسنده في كتابه المشار إليه ص 166 ورواه النسائي في سننه ، كتاب النكاح (6/64) والترمذي في سننه كتاب التفسير (5/390) وابن ماجه ، الزهد (2/1410) والحاكم في المستدرك (4/225) وصححه  .

([164]) اصلاح المال ص 167 ويراجع العقد الفريد (2/336) بلفظ : ( حسب الرجل ماله ، وكرمه دينه ، ومروءته خلقه )

([165]) اصلاح المال ص 167

([166]) اصلاح المال ص 169 ، وبجهة المجالس لابن عبدالبر (1/172 ، 195 ) وتهذيب المال للمزني (2/1136)

([167]) اصلاح المال ص 170 ، وتهذيب التهذيب (3/475) بهذا اللفظ أورداه مرفوعاً ، ثم روى ابن أبي الدنيا ص 170 موقوفاً عليه بلفظ : (اللهم هب لي جهداً ، وهب لي مجداً ، لا مجد إلاّ بفعال ، ولا فعال إلاّ بمال ) وأورده ابن عبدالبر في العقد الفريد (2/336)

([168]) اصلاح المال ص 171 ، وحلية الأولياء (2/173) وسير اعلام النبلاء (4/238)

([169]) اصلاح المال ص 172

([170]) المصدر السابق ص 173

([171]) المصدر السابق ص 177

([172]) المصدر السابق ص 181 والعقد الفريد (2/337)

([173]) المصدر السابق ص 181

([174]) المصدر السابق ص 180

([175])  اصلاح المال ص 191 – 194 ، ومجمع الزوائد (9/189)

([176]) اصلاح المال ص 199 – 220

([177]) المصدر السابق ص 125

([178]) اصلاح المال ص 239 ، قال العجلوني في الكشف (2/162 ) ورواه الطبراني في الكبير ، والبيهقي في السنن ، وأوردع الزبيدي في الاتحاف (1/131) والمتقي الهندي في كنز العمال رقم 9205

([179])  سورة النور/ الآية37

([180]) اصلاح المال ص 240

([181]) المصدر السابق ص 244 ، وأورده ابن حجر في المطالب العالية الحديث 1368 وزالمتقي الهندي في المنز الحديث 9342 ، والزبيدي في الاتحاف ( 5/ 416)

([182])  اصلاح المال ص 253

([183])  سورة الحشر / الآية7

([184]) رواه أبو داود في سننه ، كتاب الادب ، مع عون المعبود (13/300) وأحمد (5/36 ، 39 ، 42 ، 44)

([185]) رواه ابن أبي الدنيا في اصلاح المال ص 350 ورواه ابو نعيم في الحلية (3/109) والعجلوني في الكشف (2/158 – 159) والتزبيدي في الاتحاف (8/52)

([186]) رواه البخاري في صحيحه مطولاً ـ مع الفتح ـ كتاب الدعوات ( 11/176 ، 181  ، 182) ومسلم ( 4/2078) كتاب الذكر ، والنسائي (8/262) وأحمد (62/57)

([187]) يراجع : مقدمة كتاب الاصلاح لابن أبي الدنيا ص 00094

([188]) يراجع لمزيد من التفصيل : د. حمدي عبدالعظيم : السياسة المالية ص 376 ، ود. وليد خالد الشايجي : الضوابط الشرعية للانفاق العام ط. المنار الإسلامية / كويت 1419هـ ص 24 ، ود. نزيه حماد : معجم المصطلحات الاقتصادية ، الرياض 1415هـ ص 339

([189]) اصلاح المال لابن أبي الدنيا ص 203 ، 204 ، 211 ، 212

([190]) صحيح البخاري ـ مع الفتح ) كتاب الجهاد (6/177 – 179 )

([191]) فتح الباري (6/178 – 179 )

([192]) المصدر السابق نفسه

([193]) صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ ( 6/178)

([194])  فتح الباري (6/179)

([195])سورة الأنفال / الآية62

([196])  سورة القصص /الآية26

([197])  سورة يوسف / الآية55

([198]) د. حمدي عبدالعظيم المرجع السابق ص 397 وما بعدها ، والمراجع الاقتصادية السابقة

([199]) خطط المقريزي ط. الشعب بالقاهرة (1/143)

([200])  يراجع الدكتور حمدي عبدالعظيم : المرجع السابق ص 338 وما بعدها

([201]) المعيار المعرب ط. الامارات ( 6/407 )

([202])  سورة هود / الآية85

([203])أحكام القرآن لابن العربي ط. ادر المعرفة ( 3/1063 – 1066 )

([204]) سورة النمل / الآية 48

([205])  أحكام القرآن لابن العربي ( 3/1063)

([206]) الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى ط. مصطفى الحلبي ص 182 – 183

([207]) البيان والتحصيل ط. دار احياء التراث الاسلامي ( 6/474 )

([208]) يراجع : شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ط. دار الغرب الاسلامي 1403هـ ص 247 ، وقد عبر عنه المادة 58 من مجلة الأحكام العدلية بـ : التصرف على الرعية منوط بالمصلحة .

([209]) د. محمد إبراهيم رابوي : البديل الإسلامي للسياسات النقدية الرأسمالية ، بحث منشور في الكتاب السادس للجنة الاقتصادية التابعة للجنة الاستشارية العليا ، الكويت ص 103 وما بعدها ، ود. حمدي عبدالعظيم : المرجع السابق ص 338 وما بعدها ، ود. علي القره داغي ، ورقته المنشورة في موضوع الأسس والقواعد التي تحكم النشاط الاقتصادي في الاسلام، المطبوعة في  المحور الخامس للمؤتمر الاقتصادي الأول للجنة الاستشارية العليا بالكويت ،  ص 79 – 87

([210]) المراجع السابقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق