البحوث

الرد على د.على جمعة بإباحة العمل والتجارة بالمحرمات في غير ديار الإسلام

حوار وترجيح وردّ على فتوى مفتي مصر

بإباحة العمل والتجارة في الخمور ولحوم الخنزير

والربا والقمار في غير ديار الإسلام

  

إعداد

الدكتور/ صلاح الدين سلطان

 

 فتوى مقدمة

للدورة السادسة عشرة للمجلس – اسطنبول

جمادى الأخرة 1427 هـ / يوليو 2006 م

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه… وبعد:

     فإن فضيلة الشيخ الدكتور “علي جمعة” مفتي “مصر” ممن يُعرفون بالعلم العميق والنظر الدقيق وسعة الصدر، كما أن لديه حميّة على دين الله تعالى تُذكر وتُشكر، ونكنّ له كل حب وتقدير، وأملي أن يؤكد هذا الحوار وشائج الحب، وعلائق الود فالعلم رحم بين أهله،  يُكمّل بعضهم بعضا، ومن هذا المنطلق، وسوف يدور هذا الحوار الفقهي العلمي بشأن فتواه بإباحة العمل والتجارة في الخمور ولحوم الخنزير والربا والقمار بغير ديار الإسلام حول المحاور التالية:-

أولا: خطورة الفتوى.

ثانيا: الغرب – لمن يقيم فيه – دار عهد ودعوة لا دار حرب.

ثالثا: إباحة العمل والتجارة في المحرمات في غير ديار الإسلام يستند إلى أدلة ضعيفة سندا ومتنا.

رابعا: نداء ورجاء إلى فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة.

أولا: خطورة الفتوى:-

تأتي خطورة الفتوى من الجوانب التالية:-

  • صدورها عن دار الإفتاء المصرية وعلى موقعها الالكتروني (dar-alifta.org) فتوى رقم (4189) بتوقيع فضيلة الشيخ د. علي جمعة الذي يحتل مكانة كبيرة في نفوس علماء المسلمين وعمومهم.
  • أن الفتوى استندت في الإباحة إلى كون ذلك في دار الحرب وهو أخطر مافي الفتوى.
  • أن الشيخ أفتى بأكثر مما سأل عنه السائل الذي سأل عن حكم عمله في محل لمسلم يبيع الخمور ولحم الخنزير لأنه لايجد عملا آخر، حيث تطرقت الفتوى إلى إباحة الربا والقمار وبيع الميتة إضافة إلى بيع الخمور ولحم الخنزير، ومع أنه يجوز للعالم أن يجيب السائل بأكثر مما سأل كما ورد في كتاب العلم في صحيح البخاري – باب إجابة السائل بأكثر مما سأل في الإجابة عمن سأل عن الوضوء بماء البحر فقال صلى الله عليه وسلم “هو الطهور ماؤه الحل ميتتة” (وراجع أيضا سنن الترمذي كتاب الطهارة باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور)، لكن التوسع في فتوى الشيخ الدكتور علي جمعة فتح أبوابا من الحرام الأصل إغلاقها.

ثانيا: الغرب – لمن يُقيم فيه- دار عهد ودعوة وليس دار حرب:

          لقد استعمل فضيلة الشيخ في فتواه وأدلته عليها قرابة العشر مرات كلمة دار الحرب، أهل الحرب، دار الكفر، والسائل من أوربا يسأل: هل يجوز له العمل في محلات تبيع – مع منتجات أخرى- الخمور ولحم الخنزير لأنه لايجد عملا غيره، فكان بوسع الشيخ أن يفتي بأن هذه حالة ضرورة يمكن أن تبيح له ذلك مع الجدية الكاملة في البحث عن عمل آخرحتى يدع الحرام كلية، كما يجب أن يطلب من أصحاب المحل أن يعفوه من بيعها ويبيع المنتجات الأخرى كما أفتى بذلك المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث في دورته الثانية (فتوى رقم 14) من قرارات وفتاوى المجلس ص 51.

لكن الشيخ غفر الله لنا وله قال: “إن ذلك جائز أخذاً برأي السادة الأحناف الذين يجيزون التعامل بالعقود الفاسدة في دار الحرب”، وأورد أمثلة على ذلك تعدت التجارة في الخمر والخنزير كما يلي:-

  • استند الشيخ إلى حديث مرسل أنه “لاربا بين أهل الحرب في دار الحرب”.
  • أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز الربا – من وجهة نظر الشيخ- لبني قينقاع وبني النضير لما أجلاهم ولهم ديون على الناس فقال لهم: “ضعوا أو تعجلوا” وهذا كما قال الشيخ نوع من الربا أجازه النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل الحرب.
  • ما أخذه النبي صلى الله عليه وسلم من رُكانة لما صرعه النبي ثلاثا لما كان بمكة لأن رُكانة كان كافرا من أهل مكة وهي دار كفر آنئذ.
  • ترك النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس بن عبدالمطلب يأخذ الربا في مكة – دار حرب- ولم يحرمه إلا عام حجة الوداع.
  • أن أبا بكر قامر المشركين على مال في أن الروم تغلب، فجاز القمار لأنهم مشركون ومكة دار كفر.
  • استند إلى قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن والسرخسي أنه لامانع من التعامل بالربا مع أهل الحرب في دار الحرب.

وسوف أناقش الشيخ الجليل في تحليل هذه المحرمات بيعا وتجارة فيما يلي لكني أبدأ بمناقشته في تحقيق المناط نفسه، هل أوربا وأمريكا واليابان واستراليا و.. تُعد دار حرب للمسلم المقيم فيها أم لا؟

وقبل أن أدخل في التفاصيل فإنني أحدد المسألة في مدى اعتبار هذه البلاد دار حرب لمن يُقيم فيها من المسلمين، ولست أتحدث عن موقف الفلسطينيين تجاه اسرائيل التي احتلت أرضهم، أو الكشميريين الذين احتل الهندوس أرضهم، بل نقطة البحث هنا حكم الديار التي يُقيم فيها المسلم بدار الغرب بعهد وأمان وميثاق وتأشيرة دخول (فيزا) ولوائح وقوانين ويجب اعتبار مايلي:-

  • ‌أ- الحرب من حَرَبَ أي سلب لأنها تسلب الأرواح والأموال، ودار الحرب هي التي تستبيح وتُستباح فيها الأرواح والأموال بين المسلمين وغير المسلمين فلا يأمن أهلها في ديار الإسلام، ولايأمن المسلم في ديارهم.
  • ‌ب- هذا المصطلح لاعهد للفقه الإسلامي به في صدر الإسلام، بل تأخركثيرا وهو اصطلاح فقهي لاشرعي، ولايلزم التمسك به، فلم ترد به نصوص صريحة ولا أحاديث صحيحة.
  • ‌ج- لذا يقول شيخنا الجليل د. طه العلواني في كتابه “في فقه الأقليات المسلمة”: “إن فقهاءنا الذين أطلقوا مصطلح دار الحرب لم يعيشوا الوحدة الأرضية التي نعيشها اليوم، ولكنهم عاشوا في عالم من جزر منفصلة لاتعايش بينها فكان فقه الحرب طاغيا بحكم مقتضيات الواقع يومذاك، وما نحتاجه اليوم هو بناء “فقه التعايش” في واقع مختلف كماً ونوعاً”(ص 17). وقال أيضا “لايجوز قياس الواقع الحاضر على الماضي الغابر قياسا لايأبه بالفوارق النوعية الهائلة”(ص 10).
  • ‌د- وحتى بين بين السادة الأحناف هناك خلاف حول تحديد دار الحرب، فالكاساني الحنفي يقول في بدائع الصنائع (7/131): “لاخلاف بين أصحابنا (الأحناف) في أن دار الكفر تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها، أما دار الإسلام فتصير دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها كما يقول القاضي أبو يوسف ومحمد”، وهذا أيضا لانوافقهم عليه أن دار الإسلام تصير دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها لأنه يُحتمل أن يتغلب عليها بعض الشيوعيين أو العلمانيين ويحكمون بغير الإسلام – كما في تركيا- لكنها تبقى دار إسلام، ولاتتحول دارالكفرإلى دار إسلام لمجرد إقامة الجمعة والعيدين كما يقول ابن عابدين في حاشية رد المحتار (4/175)، وكذا ما نقله ابن حجر عن الماوردي (فتح الباري 7/230) بأن المسلم إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها لما يُترجى معه دخول غيره في الإسلام..، ونوافق الماوردي على استحباب الإقامة في هذه الحالة لكن لاتُسمى دار إسلام.
  • ‌ه- لقد أنتج التاريخ الفقهي والواقع المعاصر صورة أخرى وهي عدم اكتمال السيادة لقانون الإسلام، والأغلبية للمسلمين، لكن عندهم كأقلية أمن كامل في ممارسة شعائرهم والتحرك لدينهم، وإقامة مؤسساتهم من مساجد ومدارس إسلامية ومؤسسات علمية واجتماعية وسياسية، بل صارت حقوقهم كمواطنين من الناحية القانونية تماما مثل أي مواطن غربي يتمتع بكافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل لهم حقوق تزيد كثيرا عن حقوق كثير من المسلمين في بلاد الإسلام، وصار هناك مواطنون أصليون مسلمون ومهاجرون تجنسوا وحمل أولادهم من أول ولادتهم جنسية البلد التي ولدوا فيها، ويتمتعون بكافة الحقوق… فهل تُسمى هذه البلاد بعد ذلك دار حرب؟! إن القول بأنها دار عهد ودعوة أولى، بل أراه هو الصواب حيث إن المسلم يُقيم فيها وفق نظم قانونية وافق أو أقسم عليها، والوفاء بالعهد والقسم واجب فيما لايعارض شرعا، كما أنها دار دعوة لأنها مجال خصب ووفير في الدعوة الصادقة إلى الله تعالى، وأعداد الذين يدخلون في الإسلام يوميا في أمريكا وأوربا واستراليا واليابان والصين بالمئات، وعندهم حرية لتغيير دينهم إلى الإسلام لاتتمتع بها المتعلمات في مصر اللاتي اعتنقن الإسلام وأكرهتهن الكنيسة والنظام على الردة إلى النصرانية، بل إنه من الإنصاف أن أقول أن أمريكا مع بشاعة ما تفعله في افغانستان والعراق ومساندتها لإسرائيل في الخارج لكن منذ أحداث سبتمبر حتى الآن لاتصل تجاوزاتها مع المسلمين إلى ماحدث في الانتخابات الأخيرة في مصر 2005م، أو اعتقال أكثر من 160 ألف في حكم جمال عبدالناصر خلال أسبوع، أو قتلى حماة (30 ألف) على يد الأسد خلال أيام، وضحايا صدام حسين في عام واحد، أو قتلى العساكر في الجزائر بعد الانتخابات النيابية أوائل التسعينات، أو مايجري حتى الآن في تونس وغيرها.
  • ‌و- أخشى من التساهل في فتوى تتعلق بإباحة التجارة في الخمور ولحوم الخنزير لمن يعمل في أحد المحلات بأوربا استنادا إلى جواز ذلك في “دار الحرب” أن يسري هذا المفهوم الذي لو سرنا معه كما ذكر بعض الفقهاء فستكون الكارثة كما يلي:-
  • لاتجوز الإقامة في “دار الحرب” فتجب هجرة جميع المسلمين في الغرب أصليين ومهاجرين كما يقول ابن نجيم في الأشباه والنظائر ” وحكم من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر كالحربي” حيث لاتوجد بقعة في العالم تستوعبهم فنكون قد أفتينا لهم بالمستحيل.
  • استحلال أموالهم ودمائهم وأعراضهم، بل حلّ أموال ودم وعرض المسلم المقيم فيها كما يذكر الجصاص الحنفي في أحكام القرآن (2/297) “لاقيمة لدم المقيم في دار الحرب بعد إسلامه قبل الهجرة إلينا”.
  • انفساخ عقود الزواج بين الزوجين إذا هاجر أحدهم إلى “دار الحرب” كما يقول صاحب الهداية (2/347).
  • هذه الأحكام يمكن أن تُفجر في شباب- وهم كُثر- لم يُتح لهم تعليم إسلامي راشد على يد العلماء، هذه بحق تُفجر نيران العداء لكل ماهو غربي، ويمكن أن تكون ذريعة لكوارث أكبر وأخطر من قضية شاب يبحث عن عمل في محل يبيع الخمور ولحم الخنزير.
  • لقد استقر رأي المجامع والمجالس الفقهية في أوربا وأمريكا والهند كأقليات مسلمة أن هذه بلاد عهد ودعوة، وليست دار حرب ولا إسلام، والأولى أن نصير إلى هذا الفقه السديد الذي يتوافق مع خلق الوفاء لمن أحسن إلينا كما يقول العلامة الشيخ يوسف القرضاوي في مقدمة قرارات وفتاوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث (ص 8): “هل يجوز أن تصدر فتاوى تدفع المسلمين أن يسرقوا أموال تلك البلاد التي آوتهم، وأطعمتهم من جوع، وآمنتهم من خوف؟! فلا يدفعون ثمن مايستهلكون، ولا أجر ما يستخدمون ويكذبون ليأخذوا من المعونات مالا يستحقون، ويخونون من يتعاملون معهم؟!….إن القول بجواز مثل هذا وصمة في جبين الإسلام”.
  • إن من يعيش في الغرب تزداد قناعته بأن هذه حتى الآن أكبر دار للدعوة، وقومها أكثرقوم يُعطون حقوقا للمسلمين، والأمثلة كثيرة، فماذا يمكن أن يقول الإنسان في النظام البريطاني الذي رفض الضغوط الصهيونية في القبض على الشيخ القرضاوي ومن معه عندما استضافهم عمدة لندن مع أعضاء المجلس الأوربي، وأقيمت الحملة على الشيخ ومن معه وتصدى لها عمدة لندن واستقبلهم في نفس القاعة التي رفض فيها استقبال الرئيس الأمريكي بوش، ورفضت الحكومة البريطانية الاستجابة لهذه الحملة ضدنا في يوليو 2004م، وكذا دفاع الحكومة السويدية عن مسلمين سويديين من أصل صومالي اعتقلتهما الحكومة الأمريكية، وهناك من الأمريكان من جاءوا بعد أحداث سبتمبر يحرسون المساجد والمدارس والمؤسسات الإسلامية من نزق وحماقة الجاهلين، فهل نقول لهؤلاء بعد ذلك أنتم أهل حرب وداركم دارحرب؟ أم الأًولى أن نصير إلى مفهوم جديد يطرحه الشيخ الدكتور طه العلواني في تقسيم الأمم إلى: أمة ملة (اعتنقت هذا الدين) وأمة دعوة (نحن ملزمون بتوجيه الدعوة إليها لدخوله) (راجع ص 32 من كتابه في فقه الأقليات) أو كما قال في تقسيم آخر للديار: دار دعوة ودار إجابة (ص 44).
  • إنني أدعو كل مسلم في الغرب أن يتعامل مع البلد الذي يعيش فيه بهذا المفهوم القرآني والنبوي الذي يستند إلى هذه المفاهيم الثلاثة:-

أولاً: الأرض وهي لله وقد أوجب الله تعالى علينا عمارتها، فالتعمير لا التدمير هو واجب المسلم في أية أرض ينزل عليها لقوله تعالى “هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” (هود: 61).

ثانياً: الشعب في البلد الذي نقيم فيه نحن مُلزمون شرعا قبل وجوب الصلاة بعشر سنوات والزكاة والصيام بخمسة عشر عاما والحج بثمانية عشرة عاما بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى، وهذا يقتضي فتح العلاقات، وبناء الثقة، وتشجيع الحوار، وتأسيس التعاون على الخير، والتحرز من كل شر.

 ثالثاً: الحكومات إما أن تكون لها ايجابيات تجب معاونتها ومساندتها فيها، أو سلبيات يجب أن نستنفد كل الوسائل القانونية في إنكار المنكر والنصح كمواطنين ودعاة مصلحين، وليس كوافدين انقلابيين.

وأجد في هذا أن نبي الله إبراهيم عليه السلام قدوة عندما شُغل عن البشرى بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب في طلب إمهال قوم لوط حتى يحاول إصلاحهم، وأجد أن نبي الله يوسف عليه السلام قدوة في تقديم خبراته وأمانته لنفع مجتمعه غير المسلم الذي رعاه وأحسن مثواه، وأجد قدوة حسنة في حلم النبي صلى الله عليه وسلم عندما رفض أن يُطبق على أهل مكة الأخشبين ودعا الله لهم بالهداية “اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون” كما قال صلى الله عليه وسلم وهو في غاية العزة والتمكين لأهل مكة “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.

وأجد مثالاً جيداً في صلاح الدين الأيوبي حين عفا عن الصليبيين فصار بعضهم مسلمين، وعاد بعضهم يملأ أوربا بفضائل الإسلام والمسلمين كما تذكر المستشرقة الالمانية زيغريد هونكه في كتابها “الله ليس كذلك”.

ثالثاً: ضعف الأدلة سندا ومتنا التي استدل بها على إباحة المحرمات في غير ديار الإسلام:

أحسب أنه من الضروري أن ننحاز إلى اختيار جماهير علماء الأمة ودعاتها في أن قيم الإسلام وأخلاقه لاتتبدل أو تتغير لعموم النصوص القرآنية قرآنا وسنة، منها  مارواه الترمذي بسنده عن أبي ذر “قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” (سنن الترمذي : كتاب البر والصلة باب: ما جاء في معاشرة الناس).

وقد أورد القرطبي أن رجلا سأل ابن عباس: إنا نصيب في الفيء من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ونقول: ليس علينا في ذلك من بأس. فقال له ابن عباس: هكذا قال أهل الكتاب “ليس علينا في الأميين سبيل” الجامع لأحكام القرآن (4/76).

والحق أن آية آل عمران (75) ” وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ” كأن القول باستحلال شيء مع قوم دون قوم فيه كذب على الله تعالى، ثم الآية بعدها مباشرة فيها توجيه بوجوب الوفاء بالعهد والميثاق ورعاية الأمانات مع التزام التقوى حيث يقول سبحانه وتعالى “بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ” (آل عمران: 76) هذا بشكل عام، أما الأدلة التي سيقت بشكل تفصيلي فسوف نناقشها سندا ومتنا كما يلي:

الدليل الأول:

استند فضيلة الشيخ علي جمعة على جواز العمل في محلات تبيع الخمور ولحم الخنزير بما روى من مرسل مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لاربا بين المسلمين وبين أهل الحرب في دار الحرب” وقد كان الشيخ – كعادته – دقيقا وأمينا فذكرعن ابن قدامة قوله: وخبرهم مرسل لاتُعرف صحته (المغني 4/47).

والحق أن هناك ضعف في سند هذا الحديث المرسل واضطراب في متنه لما يلي:

  • ‌أ- قال الشافعي هذا ليس بثابت ولاحجة فيه (راجع معرفة السنن والآثار للبيهقي باب بيع الدرهم بالدرهمين في أرض الحرب).
  • ‌ب- جاء في المبسوط للسرخسي: وهذا حديث مرسل ومكحول ثقة والمرسل من مثله مقبول.
  • ‌ج- قال الحافظ ابن حجر في الدراية (4/158) لم أجده وقال الزيلعي غريب لا أصل له.
  • ‌د- قال النووي في المجموع (9/392) إن الحديث مرسل ضعيف فلا حجة فيه.

أما من ناحية المتن:

  • ‌أ- فإن هناك اضطرابا في الرواية بين “لاربا بين المسلم وأهل الحرب في دار الحرب” ورواية لاربا بين أهل الإسلام، وقيل لاربا بين المسلمين.
  • ‌ب- يشير ابن قدامة في المغني والنووي في المجموع إلى أن المعنى قد يكون للنهي عن الربا بين المسلمين وغيرهم هذا إذا صح الحديث، وهو تفسير مقبول وقد استدلوا بقوله تعالى: ” فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ” (البقرة:197).
  • ‌ج- قال النووي في المجموع (9/392) إن الحديث مرسل ضعيف فلا حجة فيه.
  • ‌د- لانجد حديثا واحدا صحيحا يذكر “دار الحرب” في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يؤكد ضعف الحديث وعدم صحة الاستدلال به.
  • ‌هـ- إذا افترضنا قبول مرسل مكحول فالأولى حمل اللفظ إذا كان ظنيا على مايوافق عموم النصوص المحرمة للربا كما قال ابن قدامة والنووي.
  • ‌و- يؤكد هذا أن من أصول الأحناف أن العام لايُخصص منه شيء بدليل ظني حتى لو صح سندا ولذلك لايخصصون عموم الآية: “وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ…” (الأنعام 121) لايخصصونها بالحديث الذي رواه البخاري بسنده عن عائشة “أن قوما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن قوما يأتوننا باللحم لاندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال عليه السلام سموا الله عليه أنتم وكلوا” (رواه البخاري في كتاب البيوع باب: من لم يرالوسواس ونحوها من الشبهات)، ومع هذا الحديث الصحيح وغيره لم يقبل الأحناف تخصيص العام بهذه الأخبار، فكيف تُخصص عموم الآيات في حرمة الربا بجوازه مع أهل الكتاب بحديث ضعيف مرسل؟
  • ‌ز- ذكر أستاذنا الشيخ القرضاوي في كتابه “كيف نتعامل مع السنة” (ص 47) “أن هناك من لم يقبل الأحاديث الضعيفة حتى في الترغيب والترهيب والرقائق والزهد منهم ابن رجب في شرح العلل، وهو مذهب الائمة مسلم والبخاري ويحيى بن معين وابن حزم الظاهري والقاضي ابن عربي وأبو شامة من الشافعيين ومن المعاصرين الشيخ أحمد شاكر والشيخ محمد ناصر الدين الألباني” ونقل الشيخ القرضاوي عن ابن تيمية قوله “إن الأحاديث الضعيفة لايثبت بها حكم الاستحباب لأنه حكم شرعي لايثبت إلا بدليل شرعي وإلا فقد شرّع مالم يأذن به الله” (ص 90).

إذا كان هذا الخلاف في الأحاديث الضعيفة في الفضائيل والمواعظ فكيف تواجه نصوصا صريحة بحرمة الربا بهذا الاستثناء مع غير المسلمين؟الرد على د.على جمعة بإباحة العمل والتجارة بالمحرمات في غير ديار الإسلام الإسلام الرد على د.على جمعة بإباحة العمل والتجارة بالمحرمات في غير ديار الإسلام unnamed 4

الدليل الثاني:

ذكر الشيخ علي جمعة أن من أدلة الأحناف أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أجلى يهود بني قينقاع قالوا: إن لنا ديونا فقال: “تعجلوا وضعوا” ولما أجلى بني النضير قالوا: إن لنا ديونا على الناس فقال: “ضعوا أو تعجلوا” ومعلوم أن هذه المعاملة بين المسلمين تكون من باب الربا.

(1) من حيث السند:

هذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك برقم (2325) والبيهقي (10920) والدارقطني (190) وهذه الروايات بخصوص بني النضير، أما رواية بني قينقاع فقد رواها الواقدي، وفي هذه الروايات جميعا مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف كما قال الذهبي، بل جاء في سنن الدارقطني حديث (193) أنه – أي مسلم بن خالد- سيء الحفظ ضعيف وقد اضطرب في هذا الحديث. وبهذا لايصح الاستدلال به سندا كما ذكرت في الحديث السابق.

(2)  من ناحية المتن:

لو صح الحديث فيمكن حمله على مايلي:-

  • أن الربا لم يكن محرما في ذلك الوقت.
  • وهو الأظهر أن هذا ليس من الربا، فلا يوجد اتفاق لدى العلماء على أنه ربا. وقد جاء في الموسوعة الفقهية أن تعجيل الدين المؤجل مقابل التنازل عن بعضه (ضع وتعجل) يرى جمهور الفقهاء أنه لايجوز عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لأنه عوض متروك للأجل مثل العوض المأخوذ للأجل لكن ابن عباس لم ير به بأسا وكذا النخعي وأبو ثور لأنه المدين أخذ بعض حقه وترك بعضه وهو نوع من الإسقاط وهو جائز وهو نوع من الإسقاط كما تُسقط الزوجة حقها في بعض المهر عن زوجها (راجع رسالة الدكتوارة للدكتور أحمد شُليبك عن الإسقاط) أو هو نوع من الحطيطة كما سماها الأستاذ الدكتور صلاح الصاوي في رده على الفتوى نفسها ((amjaonline.com وقد ذكر فضيلته أن المجمع الفقهي بمنظمة المؤتمر الإسلامي يرى بأن الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله سواء كانت بطلب من الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعا لا تدخل في الربا المحرم. ولا أدري كيف ساغ لشيخنا أن يهمل هذا الرأي الآخرفي فتواه فساق العبارة على أنها جازمة في أن ضع وتعجل هي من الربا حيث قال: “ومعلوم أن هذه المعاملة بين المسلمين تكون من باب الربا فهي فاسدة” ليقوي مذهب الأحناف بجواز ذلك مع غير المسلمين.

إذا كان الحديث ضعيفا وسنده فيه هذا الاحتمال فقد سقط به الاستدلال.

الدليل الثالث:

ذكر الشيخ علي جمعة أن الأحناف استدلوا بما روي عن ابن عباس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع “كل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع وأول ربا يوضع هو ربا العباس بن عبدالمطلب” ووجه الدلالة لدى الشيخ أن العباس أسلم في بدر بعد أسره ولم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم عن الربا فدل على جواز تعاطي الربا مع أهل الحرب لأن مكة كانت تحارب النبي صلى الله عليه وسلم.

1- من حيث السند:

  هذا الحديث صحيح سندا لما رواه مسلم بسنده عن ابن عباس وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: “وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله”.

2- من حيث المتن:

إن متن الحديث لايفيد جواز التعامل بالربا مع أهل الحرب. والحق أن د. نزيه حماد قد فند هذا الاستدلال وغيره في كتابه “أحكام التعامل بالربا بين المسلمين وغير المسلمين” ص (28-31) وأهم ردوده هي:-

  • ‌أ- لم يكن تحريم الربا قطعيا حتى نزلت آيات البقرة (278-279) ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ” وذلك في السنة التاسعة من الهجرة.
  • ‌ب- لاحجة للأحناف في جواز أخذ الربا في دار الحرب لأن مكة لم تكن دار حرب منذ فتحها سنة 8هـ وحتى حجة الوداع التي كانت في آخر سنة 9هـ.
  • ‌ج- لم يقم دليل أصلا على استمرار تعامل العباس بالربا بعد قبوله الإسلام فلعله كان إعلانا عن وضعه عن عمه ليكون الامتثال أقوى.
  • ‌د- إذا افترضنا أنه – أي العباس- علم بتحريم الربا وتعاطاه بعد إسلامه فلعله بسبب الإذن المخصوص له أن يخفي إسلامه، وأخذ الربا أدنى من إظهار الشرك حتى لايُعرف إسلامه.

مما سبق يبدو أن الاستدلال لدى الأحناف فيه ضعف شديد لايسلم من الاحتمالات الموهنة مما يجعل فتوى الشيخ علي جمعة لاتسلم من المعارضة الشديدة.

وهناك دليلان آخران ساقهما الشيخ علي جمعة عن الحنفية وهي إجازة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أخذ القمار في الرهان من المشركين في غلبة الروم وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الشيء نفسه مع رُكانة وأخذ غنمه، والحقيقة أن فضيلة الشيخ صلاح الصاوي قد أوفى في رده على ذلك في فتواه، لكني أورد هنا أن هناك احتمالين:-

  • ربما كان هذا قبل تحريم ذلك خاصة أن واقعة أبي بكر في مكة قبل الهجرة.
  • هناك روايات جاءت في شرح السير الكبير وفي تفسير ابن كثير(باب مايُكره ادخاله إلى دار الحرب..) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر بالتصدق بما أخذه منهم، ورد على رُكانة غنمه فلم يأخذ شيئا ولو كان ذلك طيبا لما تصدق أو أمر بالتصدق به.

على كلٍ لاينهض شيء من ذلك امام النصوص الصريحة بحرمة بيع الخمور والمحرمات ومنه مارواه البخاري ومسلم بسندهما عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله وسلم قال: “إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام” والمتفق عليه أعلى درجات الصحة لايُواجه عند التعارض إلا بأحاديث توازيه في الصحة كما هو معروف في طرق الترجيح عند التعارض في أصول الفقه، وإذا ثبت التعارض بين نصين متوازيين كان الأولى هو الجمع بينهما، وماذكرنا من احتمالات أولى في الجمع إذا جاز أن نجمع بين صحيح ومرسل.

رابعاً: نداء ورجاء إلى فضيلة المفتي الشيخ الدكتور “علي جمعة”:

إنني أرجوك بالله العظيم الذي بوأك هذه المنزلة العلمية “وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ” (النساء: 112) أن تُراجع نفسك في هذه الفتوى الخطيرة، وأن تُعيد صياغتها حتى تُفهم على وجهها الصحيح مراعاة للحديث ” لولا قومك حديثو عهد بالإسلام…” وأملا في تقوية التوافق والتقارب بين العلماء في الشرق والغرب أرجو مايلي:-

  • التنسيق والتشاور مع مجالس الفتوى والبحوث في أوربا وأمريكا والهند واليابان واستراليا في القضايا التي تصلكم من تلك الديار ، ونحن نعلم جولاتكم الكثيرة في هذه البلاد، لكن مهما كان سيظل “أهل مكة أعلم بشعابها”.
  • يمكن أن نرخض لفرد في العمل في مكان اضطرارا حتى يجد عملا آخر، لكن في الوقت ذاته نريد أن ندفع بالمسلمين إلى أن يتعاونوا حتى لايبقى نزيف الخمر والربا والقمار وبيع الخنزيرينخر في عظام المسلمين في الغرب فأكثر الذين يتاجرون فيها ليسوا من عمّار المساجد وأولادهم غالبا غارقون في الفسوق، ومن رحم الله منهم يحتاجون إلى فتاوى تشجعهم على الاستمرارفي فتح محلات دون محرمات وهم الحمد لله أعداد موجودة في أوربا وأمريكا لاتبيع إلا الحلال ويكسبون ويغنمون الكثير، وأعرف بعضهم وهم أمثلة حية من التجار الصادقين الربانيين، وكلمة منكم تستنهض همم التجار ألا يبقوا تروسا في عجلة النظام الربوي، وأن يكونوا أحرص القوم على نظافة عرضهم من التجارة مما حرم الله نصاً التعاطي والبيع والشراء، حتى بيع العنب لمن يتأكد البائع أن المشتري يتخذه خمرا حرام بما لايُعلم له خلاف بين علماء الأمة قديما وحديثا.
  • جميع الدراسات عن الجريمة في أوربا وأمريكا وغيرها تقول إن معدلات القتل والعنف والقيادة من المخمورين والزنا بالمحارم يرجع أكثره إلي السكر ومن واجب المسلمين في الغرب أن يكون لهم تأثير في تحجيم ثم تحريم الخمرقانونا كما صدر القانون بذلك في أمريكا عام 1920م لكنهم أباحوه تحت ضغط التجار والمدمنين معا.
  • أثر هذه الفتوى على مئات الألاف من أصحاب المحلات الكبيرة والصغيرة الذين نحاول أن يتخلصوا من بيع المحرمات حرصا على دنياهم وآخرتهم وأولادهم سيجدون في مثل هذه الفتوى الذريعة الكبرى للاستمرار مستندين إلى “ضعها في رقبة عالم وبات سالم”.
  • أما الأثر الأكبر فهو على غير المسلمين الذين سيجدون في الفتوى مايشير إلى أنهم دار حرب فتوسع الهوة وتعمق الصراع في وقت نسعى فيه إلى تقريب الفجوة مع الشعوب غير الإسلامية لعلها تصغى إلى صوت الإسلام الحق، كما أن بعض المتحمسين من الشباب قد تكون هذه الفتوى ذريعة لارتكاب جرائم ضد مجتمعاتهم التي يقيمون فيها ومنها الاغتصاب والزنا (إذا لافرق بين الزنا والربا والخمر و….) وقد يصل إلى عنف لايُعرف مداه مما يؤثر اليوم على القاصي والداني.
  • الأولى –بناء على ما سبق-  أن تراجع هذه الفتوى أو توضحها كما آوصى سيدنا عمر قاضيه أبا موسى الأشعري: “ولايمنعنك قضاء قضيت به اليوم ثم رأيت الحق في غيره أن ترجع إليه فإن الحق قديم ومراجعة الحق أولى من التمادي في …..” إعلام الموقعين لابن القيم الجوزية.

أخيراً يعلم الله مكانتك في قلبي وقلوب الكثير من إخوانك، ولم أكتب لك معارضا بل معاونا وناصحا، وأملي أن يرزقنا الله جميعا هداية إلى الحق وإلى حسن اتباعه والله أعلى واعلم.

                                                                       أخوكم:

                                                                       د.  صلاح سلطان

                                                                  رئيس المركز الأمريكي للأبحاث الإسلامية

                                                                 وعضو المجالس الفقهية في أمريكا وأوربا والهند

                                                                   3 المحرم 1427هـ

                                                                 2  فبراير 2006مـ

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق