نظام الأسرة في الإسلام وأثره في بناء المجتمع الراشد
نظام الأسرة في الإسلام
وأثره في بناء المجتمع الراشد
أ.د. أحمد علي الإمام
مقدمة:
الحمد لله الرحمن الرحيم، الذي خلق الإنسان وعلّمه البيان، وجعل استمرار الحياة قائماً على الحياة الزوجية بين الذكر والأنثى، وجعل بينهما السكينة والمودة والرحمة، وأخرج منهما ذرية ونسلاً، وأنشأ حولهما نسباً وصهرا، ووصل ما بينهما رَحِماً وقربى.. والصلاة والسلام على خير الناس لأهله، وأبرهم بولده، وأغيرهم على عرضه، سيدنا محمد الصادق المصدوق، وعلى آله وصحبه المتأسين به.
ثم إنَّ هذه دراسة موجزة تتلمس مواطن الاستهداف التخريبي للأسرة المسلمة في مخطط الصهيونية وما اتصل بها من (الماسونية) ونحوها تارة باسم العلمانية، وتارة تحت عنوان العولمة، كما تتلمس مكامن القوة في الأسرة المسلمة، وهي مستمدة من قيم الدين وأعراف الأمة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، مكوِّنة الحصن الدفاعي في وجه الصدام المفتعل بين الحضارات، وهو يدخل في إطار الاستراتيجيات المخططة، ويصدر في شكل مبادرات مفروضة لإصلاحات مصنوعة.. وذلك حتى نحافظ على البناء الأسري الموروث من سلف الأمة، ونطوره إلى كيان اجتماعي ممتد إلى مستقبل أجيالها.
والآن أخذت القوى الأصولية المتطرفة القائمة على البغي والعدوان من تحالف (الصليبية والصهيونية) في الغرب ترسم استراتيجيتها الثقافية وفق موجة جديدة من النـزعات العلمانية، وهي تستغل علاقات العولمة، وتستخدم قنوات الإعلام وشبكات المعلومات، والمستهدف الأول هو الأسرة المسلمة.. ذلك بأن شريعة الأسرة، بقواعدها القانونية والأخلاقية، على خلاف ظنهم السالف بها حين ضيقوا نطاقها في عهد الاستعمار (وهو في حقيقته استخراب)، قد أثبتت أنها مرتكز القوة في التحصين الاجتماعي، وخط الدفاع الأول لمقاومة الغزو الثقافي..
ورغماً عن كل ذلك، فإن الأسرة المسلمة قد أخذت تتصاعد بتدينها الأصيل إلى أفق جديد من تطلع أجيالها إلى تحكيم الدين في نظم الدولة ومناهج الحياة العامة، ومن تزود طلائعها بقوته الدافعة في مقاومة موجات الاحتلال والاستتباع المتلاحقة المتجددة.. فأدركت هذه القوى المعادية لهذا الدين أن الأسرة المسلمة هي المحيط الحيوي الذي يجري من خلاله توارث القيم الدينية بين الأجيال.
ولذلك صارت الأسرة المسلمة الآن هي بؤرة الاستهداف ونقطة الاختراق، وبصورة مباشرة مؤثرة، وقد تـحول المخطط التخريبـي ذي الوجه الإصلاحي الخادع إلى تغييـر شريعة الأسرة بصكوك دولية، كاتفاقية سيداو، وإلى تغريب الحياة الاجتماعية عن طريق تغريب مناهج التعليم.. هذا فضلاً عن تركيز التأثير التغريبـي على الحياة الاجتماعية والأسرية من خلال البث الفضائي الإعلامي والشبكي.
أولاًً: مصادر القوة في الأسرة المسلمة:
هذه معالجة إبداعية، تقدم تصوراً نموذجياً عاماً لحياة فرد مسلم، في أسرة مسلمة.. في مجتمع مسلم، وذلك منذ أن يستهل الوليد صارخاً حتى يسلم الروح بارئها، لنرى كيف شكَّلت هذه الأسرة شخصيته السوية، وأشربته السلوك القويم والمزاج السليم..
ولنرى أيضاً كيف استطاع أن يكون هذا الفرد، عند تكوينه أسرته الخاصة به، ناقلاً أميناً، بالأسوة والقدوة، لما توارثه من جيل أبويه إلى جيل أولاده من هذه القيم السلوكية، ثم كيف انداحت منه كرائم الطباع وأصائل الشمائل إلى بيئته المحيطة وجواره الطيب… وذلك لإثبات أن الأسرة المسلمة بحق هي مدرسة تربوية تتناقل منظومة القيم الفاضلة بين أجيالها بقوة ذاتية مسنودة بفطرة سليمة.
وهذه المعالجة مهداة إلى علماء علم النفس التربوي في الغرب، ليروا معنا كيف تكون الأسرة الصالحة صمام أمان لحياة إنسانية صالحة، وكيف أن الإسلام منهاج حياة حضارية متقدمة، مركزيته التربية الأسرية القويمة المستقيمة.
فإلى معالم هذه الحياة الفردية والأسرية الـمُتَصَوَّرة، وهي تقوم على تعاليم الإسلام الهادية المهتدية.. وهو تصور يسنده الواقع بما ظلت تحتفظ به المجتمعات المسلمة من حصانة ذاتية في وجه التغريب الثقافي.
(1) صحة المولود النفسية:
يستقبل المولود الحياة بسماع أذان الصلاة، يرفعه في أذنه أحد أبويه، أو من رأياه صالحاً، حتى تقر في إدراكه الباطن حرمة الشعائر، وحتى تعود نفسه الطمأنينة بعد صرخة الميلاد.. وهي الطمأنينة التي اكتسبها في طوره الجنيني من حالة أمه العابدة الذاكرة ]أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب[ [الرعد:28]، ذلك بأنها تعيش في كنف حياة زوجية آمنة مطمئنة، تتبادل فيها مع زوجها نعمة السكينة، وتتقاسم وشائج المودة والرحمة ]وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون[ [الروم:21]، فهما ينقلان إلى مولودهما صحتهما النفسية من خلال ما يمدانه به من جينات وراثية هي من آيات الله المبدع الخلاق..
وقد كانت هذه الحالة النفسية الهادئة الوادعة نتاجاً طبيعياً لزواج هو من مبتدئه قويم القواعد، سليم البنيان.. فاختيار الزوجين بعضهما لبعض كان بإرادة حرة مستقلة، ليس فيها ظل لإكراه، وذلك لما يسود في المجتمع والأسرة من ثقافة إسلامية منها الأمر النبوي (لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: (أَنْ تَسْكُتَ)([1]). ومنها التوجيه النبوي (لا تحملوا النساء على ما يكرهن)([2]) .
وقد انبنت حرية الاختيار على حسن الاختيار، بأن تكون الزوجة ذات دين وأن يكون الزوج مرضي الدين، فالأسرة المسلمة من ثقافتها الإرشاد النبوي (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)([3]).
كما أن من ثقافتها التوجيه النبوي: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)([4]) ..
وهو، من قبل، زواج مبرور الخيرة، ميسور المؤونة، فإن من المبشرات النبوية ببركة الزواج التي تبتغيه الأسرة المسلمة ما يحيط بشأنه من تيسير: (إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ: تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا، وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا)([5]) وعقد الزواج نفسه ينطوي على كثير من مقاصد الدين، ومنها إقامة العدل في الحقوق والواجبات بين الزوجين في ظل المعاشرة بالمعروف والمعاملة بالإحسان.. فمن الثقافة القرآنية التي تتشربها الأسرة المسلمة (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:228]، ومن الثقافة النبوية أيضاً حسن العشرة: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)([6]) .
وهكذا يخرج هذا الوليد في محضن أسري سليم البناء التكويني، مكتمل الصحة النفسية، فتنتقل إليه استقامة السلوك ميراثاً واكتساباً.
(2) صحة المولود الجسدية:
أما مورثات الصحة الجسدية التي يتمتع بها هذا المولود فمصادرها عديدة، منها إنفاق معيشي كافٍ تنال منه الأم حاجتها، وراحة بدنية ضرورية تعينها على وهن حـملها، والنفقة والراحة حق شرعي لها وبرٌّ وإحسان بها تعرْ به الأسرة المسلمة وهي لا تفتأ تتواصى بوصية النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام، في خطبته بحجة الوداع (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)([7]).
أما صحة الجنين التي ورثها المولود فهي من حق الحياة الذي كفله الإسلام لأي نفس مطلقاً، ومن باب أولى حياة الجنين التي تحتاج إلى رعاية أكبر وهي في طور التكوين.. فالأسرة المسلمة، ومن ورائها المجتمع المسلم، تتمثل في عرفها ثقافة (الحياة) في قمة يتقاصر دونها حق الحياة في الصكوك الدولية كافة، ففي هذه الثقافة أن قتل النفس الواحدة بغير حق كأنه قتل للنوع البشري بأسره، وإحياءها كإحيائه كما قال تعالى: ]مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُون[ [المائدة:32]، ومن هاهنا يجيء منع الإجهاض، إلا لضرورة ملحة هي إحياء نفس أخرى أوْلى بالحياة، وهي الأم الحبلى الذي يتهدد استمرار الحمل حياتها..
ويبدأ توفير الضمانات لحياة المولود السليمة في الأسرة المسلمة منذ تفضيل التباعد في الأنساب لدى التزوج.. وذلك تجنباً لانتقال الأمراض الوراثية من جهة، وتوخياً لاكتساب التنوع في الخصائص الأسرية من جهة أخرى.. ويتلو التباعد في الأنساب بين الزوجين التباعد في الولادات جراء اختيارهما الرضاعة لحولين كاملين، حتى لقد صار التوجيه القرآني في ذلك عرفاً سائداً لدى الأسرة المسلمة ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[ [البقرة: 233]، فالرضاعة الكافية عافية للطفل السابق، وعافية للطفل اللاحق، وعافية لأمهما الرؤوم.. ثم هي مصدر استقرار عاطفي للوليد جراء ضمه إلى دفء صدرها، ولمسه بحنو أناملها..
وهكذا تكون الأمومة المأمونة وتكون الطفولة السليمة، وهما محاطتان برعاية الدين وعناية الأسرة المتدينة.
(3) نشأة الطفل الفطرية:
وينشَّأ الطفل على الفطرة التي ولد عليها (مَا مِنْ مَولُودٍ إلا يُوَلَدُ على الفِطْرَة فأبواه يُهودَانِهِ أو يُنَصِّرَانِهِ أو يُمَجِّسَانِهِ)([8]).
فأبواه يقيمانه على دين الفطرة، وهو الإسلام، ويجعلانه على حالة الفطرة، كما وجهت إليها السنة النبوية، من حسن تسميته، ومن ختانه ، ومن تدريبه على طهارة بدنه ونظافة ثوبه، ومن تمرينه على سنن الفطرة مثل الاستياك وتقليم الأظافر، ومن تحفيظه الميسور من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف في يفاعته، ومن تعويده على الصلاة والصوم في صباه، وتكون تربيته على السلوك القويم بالأسوة الحسنة من أبويه، والموعظة الحسنة من ذويه.
(4) حياة الطفل من الحقوق إلى الحرمات:
والبيئة الأسرية المسلمة التي يترعرع فيها الطفل بيئة مؤتمرة بالعدل والإحسان، وبخاصة بين ذوي القربى، وأَوْلاهم الطفل. فهي بيئة صالحة تعرف للطفل من الحقوق الشرعية ما يرقى إلى الحرمات الدينية.. فكما هي تنتظر من الصغير توقير الكبير، فإنها تطالب الكبير برحمة الصغير (ليسَ منَّا من لم يَرحَم صغيرنا ولم يُوقِّرْ كبيرَنَا)([9]).
ومن الحرمات التي يحظى الطفل برعاية الأسرة لها إقامتها العدل بينه وبين إخوانه وأخواته، مسترشدة في ذلك بالإرشاد النبوي: (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ)([10]).. فالعدل بين الأطفال من تقوى الله تعالى.. ومن حرمات الطفل أيضاً نسبته إلى أبويه، كما هو الأمر القرآني ]ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[ [الأحزاب:5]، ومن هذه الحرمات ضمان أسرته له حد الكفاية المعيشية، وإنباته النبات الحسن، وتنشئته المنشأ العزيز، وتعليمه العلم النافع، ومن حرماته ضمان إرثه الشرعي، حتى إذا كان جنيناً!!..
(5) الشباب بين الأسرة والمجتمع:
ويشب الشاب في الأسرة المسلمة وهي بطبعها المتوارث آمرة بالمعروف من المفروضات والمروءات، ناهية عن المنكر من الرذائل والمباذل: فهذه الأسرة التقية النقية تطبعه بطابعها من غير إعنات أو إكراه، وإنما هي تحيطه برأي عام وعرف مرعي يولدان لديه الوازع الداخلي والرادع الذاتي، وبما هو أقوى من قوة الإلزام الأخلاقي..
فهو يخرج للتعامل مع المجتمع، وبين جنبيه مكارم أسرته وفي إهابه محامد بيته، ويسعى ليحسن تمثيلها بكل سبيل، فهو إليها منسوب ولها محسوب..
(6) الشباب من صلة الرحم إلى صلة الأمة:
أما صلة الشاب بوالديه في حياة الأسرة فبر وإحسان وصحبة حليمة حميمة.. وهو يتعلم منذ نعومة أظافره أن الأدب مع الوالدين مقترن بعبادة ربه تعالى ]وَقَضَى رَبُّكَ أنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إيَّاهُ وبالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَريماً. وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كما رَبَّيَاني صَغِيراً[ [الإسراء: 23، 24]، فهو عرفان بفضلهما ووفاء لحقهما لابد مفضيان إلى الإحسان لذوي القربى الرحمية بأجمعهم، ثم لأفراد مجتمعة وأبناء أمته بأسرهم حيث تتسع دائرة الإحسان إلى ذوي القربى الروحية.. فثقافته مستمدة من ميزان الحقوق الذي لا يجور، وهو الهدى القرآني (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) [الإسراء: 26].. كما هو الهدى النبوي: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)([11]) ..
(7) من عضو الأسرة الصالحة إلى المواطن الصالح:
وعضو الأسرة المسلمة قمين بأن يكون مواطناً صالحاً، حيث يتربى في هذه الأسرة على جلب النفع ودرء الضر في تعامله مع مجتمعه الصغير ومجتمعه الكبير.. فالثقافة الأسرية السائدة هي أن الأحب إلى الله من الناس هو الأنفع للناس.. كما هو الإرشاد النبوي (الخلق عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله)([12]).. وهو ينقل إلى المجتمع ما تشرَّبه في أسرته من فضيلة التعاون على أداء صنائع البر وأعمال التقوى مهتدياً بما ظل يتردد في أصداء بيته من هدى قرآني، ]وتعاونوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب[ [المائدة:2]..
وهو من قبيل أسري يهب لنجدة المحتاج وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، لأنها هي تعاليم دينه التي رضع لبانها من بيئة صالحة.. وهو يبدأ أعمال البر بجاره ذي الجنب حتى يبلغ الأباعد من أبناء أمته ووطنه..
(8) أسرة التعلُّم والتكسُّب:
ولأنه تربى في الأسرة المسلمة على أكل الحلال وغُذِّي من حلال، فإنه شغوف بالتعلُّم النافع حتى يهيئ لنفسه التكسُّب النافع.. وهو لا يستنكف عن العمل اليدوي والخدمة البدنية، وقد تربى على فضيلة العون الذاتي في محيطه الأسري.. وذلك على خلفية التأسي والاتباع للنبي الكريم، عليه الصلاة والتسليم، حيث روت السيدة عائشة رضى الله عنها أنه “صلى الله عليه وسلم” كان يقوم بخدمة بيته..
وهذه الأسرة المسلمة إنما تتكافل على أساس مشاركة أفرادها القادرين بعملهم ودخلهم في سد ضروراتها وحاجاتها.. فمثل هذه النفقة الناجمة عن طلب الرزق أقرب القربات إلى الله كما هو الهدى النبوي (إن من الذنوب ذنوباً لا يـكفرها الصـلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، يكفرها الهموم في طلب المعيشة )([13]).
(9) أسرة العفة والاستعفاف:
ويتربى الشاب في الأسرة المسلمة وهي محاطة بسياج العفة، ولذلك هو يتحلى بفضيلة الاستعفاف، حيث يهتدي بالأمر القرآني (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) [النور:33]، وهو يستعين بصوم التطوع على استدامة استعفافه، مستجيباً للنداء النبوي: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)([14])..
وقد تعلم من التربية الأسرية غض البصر وحفظ الفرج، كما تعلم منها الإحصان بالزواج، وهو في إقدامه عليه يتمثل ما توارثه عن أبويه من حسن اختيار للشريك، ومن حسن عشرته، ومن تمثل السكينة وتبادل المودة والرحمة معه، حتى يستديم إحصانه وإعفافه لآخر العمر.
(10) عمر عامر في أسرة عامرة:
ويمتد العمر بالشاب، وهو قد كوَّن أسرته الخاصة به، يورِّثها ما توارثه عن أسرته الممتدة وعائلته الكبيرة، من قيم الدين وأعراف الأمة.. فهو كما أدى إليه أبواه حقوق التربية صار هو يؤدي هذه الحقوق لأولاده.. وهو كما كان باراً بوالديه صار أولاده بارين به. (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ) [الرحمن:61]، وهو كما كان مستعففاً صار أولاده مستعففين، فالخصائص السلوكية كالخصائص البدنية تنتقل بين الأجيال الأسرية من خلال التوارث والتعايش..
وهو كما تغذى في الطفولة من الكسب الحلال، غَذَّى أولاده من هذا المورد الطاهر.. وقد أعان أولاده على جادة الحق بما ضربه لهم من الأسوة الحسنة في خاصة نفسه، وذلك كما كان منهج أبويه معه في طفولته وشبابه، وقد أفلح المنهج وآتى أكله..
وعندما يتقدم به العمر، ويشتد به العجز، يكفله أولاده، ويحيطونه بالرعاية الحانية والعناية الحادبة، هم وحفدته، حتى يبلغ مثواه الأخير، قرير العين.. فالأسرة المسلمة رحيمة بالمسنين حليمة مع المعاقين، فهي كما ترحم الصغار توقر الكبار، يتلو في كتاب الله تعالى ما يأمره للإحسان بوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23].
هذه هي القيم العليا للأسرة المسلمة تتشربها وتتوارثها وتتناقلها، وتحافظ عليها لأنها عصمة دينها وعروة تدينها.
ثانياً: الأسرة المسلمة مدرسة سياسية واقتصادية واجتماعية:
والأسرة هي المحيط الحيوي الذي تتفتح عليه عيون الناشئة، وهم في المرحلة العمرية المبكرة المعروفة بالمقدرة الفاعلة على التلقي بلسان القدوة. والأسرة المسلمة بخاصة توفر للناشئة الأجواء السليمة التي يتربون فيها على قيم الحق والعدل.. فهي مدرسة سياسية واقتصادية واجتماعية تخرج الأجيال ليكونوا مواطنين صالحين نافعين ناضجين..
ففي المحيط الأسري تغرس قيم الشورى من حيث هي منهاج للحياة الخاصة قبل أن تكون منهاجاً للحياة العامة. فالزوج والزوجة يتحاوران ويتشاوران في إدارة الأسرة، بل هما يمارسون الشورى في أخص الشؤون حول فطام الطفل (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) [البقرة: 233]، وللصبيان حظ من هذه الشورى فقد كان الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي عنه يستشير الصبيان لما يتوسم فيهم من نجابة الرأي وفطرية التفكير.. وفي هذا يخرج الناشئ وهو مطبوع على قيم الشورى والمشاركة..
وتعلم الأسرة المسلمة ناشئتها المبادئ الأولية للاقتصاد، وهم يطلعون على ميزانية الأسرة، ويشاركون في اقتصاد المعيشة، وربما شاركوا في زيادة الدخل بالعمل المنزلي المنتج، أو بالعمل الحقلي النافع إن كانوا من سكان الريف، أو بالعمل العام المجدي إن كانوا من سكان المدينة.
وهم يتلقون من الثقافة الإسلامية قيمة العمل.. (ما أكل ابن آدم طعاماً قط خيراً من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده).
كما جاء في التوجيه النبوي (الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، والتودد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم)([15]).
أما القيم الاجتماعية، من التعاون على أعمال البر والتكافل في العون الذاتي، فالمسلم يتلقاها من التربية الأسرية التي تجعل من هذه القيم قوام عيشها وضمان حياتها. فالقرآن الكريم الذي تتلقى الأسرة تعاليمه دستوراً لحياتها يحض على التعاون النافع وينهى عن التعاون الضار (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان) [المائدة: 2]، وهي قاعدة أخلاقية لا معدى عنها لتماسك الأسرة وترابط المجتمع.
ثالثاً: التعليم الديني في خدمة الأسرة المسلمة:
ونشير هنا إلى الانفصام الذي أحدثه الإستخراب (المسمى الاستعمار) بين تعليم (مدني) عام وتعليم (ديني) خاص، مع أن الإسلام لا يعترف بهذه الثنائية، فهو منهاج متكامل يدخل في كل شؤون الحياة فيوجهها بأحكامه ومقاصده، ومن ذلك التعليم، ومن هاهنا تقوم في بلادنا حركة التأصيل لمناهج التعليم لإزالة الانفصام في تربية الناشئة.
ورغماً عن ذلك ظل التعليم الديني في (الخلاوي) المعروفة في بعض أجزاء العالم الإسلامي بالمحاضر أو الكتاتيب والمعاهد (الدينية) وهي تحفظ لهذه الأمة ثقافتها الإسلامية في وجه حملات التغريب..
وظلت (خلاوي) القرآن الكريم بخاصة ترفد المجتمعات المحلية والأسرة المسلمة بقيم السلوك الإسلامي الرصين التي صارت أعرافاً سائدة وتقاليد مرعية.. وذلك حيث تحولت هذه المراكز القرآنية إلى منارات للعلوم ومثابات للأخلاق.
ونقتطف فيما يلي معالم ذلك التأثير القوي الذي أحدثته (الخلاوي القرآنية) في حفظ الأسرة المسلمة على تدينها المطبوع من كتابنا (الخلوة والعودة والحلوة) فيما يلي:
الشيوخ والقدوة الحسنة:
كان المجتمع كله يلتفّ حول الخلوة؛ فكان شيخها يؤمهم في الصلاة، ويوثق فيما بينهم الصلات، ويتولى تزويجهم، ويسمي أولادهم، ويعلمهم، ويؤدِّبهم، ويصحبهم، عائداً مرضاهم، ومشيعاً جنائزهم، آمًّا صلواتها، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر؛ بل هو يملك حق إزالة المنكر بيده، من غير نكير عليه ولا معارض لـه فيما يأمر به أو ينهى عنه، ويُذكِّر بالله تعالى حتى يبلغ بالمجتمع طهارة المظهر العام، مع نقاء السريرة والاستقامة على أمر الله تعالى في ائتلاف بين المظهر والمخبر والسر والعلن.
والشيخ قد كان في موضع الأسوة والقدوة، وهو يسعى لتطبيق الفضائل التي يدعو إليها، يقترن العلم بالعمل، مع الإخلاص والتجرد ونكران الذات ومغالبة مطامع النفس وشهواتها.. وعلماء التربية الروحية وتزكية النفوس يتناصحون فيما بينهم.
تدين المجتمع:
كان ذلك المجتمع تزيّنُ صغاره البراءة وسلامة الفطرة، ويجمِّل ناشئيه الأدب وتوقير الكبار، ويفشو بين كباره حب الخير للناس، والسعي في مصلحتهم، والدأب على قضاء حوائجهم ورحمة صغارهم.
ولقد كان يغلب على مجتمعنا كله، أفراداً وجماعات، إجلال القرآن العظيم وتوقير أهله، الذين كانوا حقاً قدوة الناس ومؤدبيهم والمذكرين بالله تعالى بينهم وكأنهم في عصرهم سادة الدنيا ووجهاء الدار الآخرة لدى وجدان محبيهم، حيث كان حبهم من حبهم لله تعالى وحبهم لرسوله e، ويملأ وجدانهم استحضار الدار الآخرة في طلب العلم النافع والعمل الصالح.
فضل الأمهات والآباء:
أما الأمهات فهن الصالحات القانتات الحافظات للغيب، بما حفظ الله، واللائى كنَّ يوقرن القرآن الكريم ومعلميه ومتعلميه ، وأما الأجداد فكثيراً ما كانوا يتفرغون من الصوارف ومشاغل الكسب إلى لزوم المساجد والاعتكاف كلياً أو جزئياً فيها. وهم سائرون في الناس بحسن السيرة والسريرة.
والوجدان المتدين واضح الظهور جداً على الجدات، فهن في صيام بالنهار، وقيام بالليل، مع المحافظة على صلاة الضحى، وكان من حديث بعضهن أن أكثر ما يشغل بالها من مشاهد القيامة هو هول الموقف.
ولعلَّ الحافظ للقرآن الكريم، التالي للذكر الحكيم، يجد نفسه في موضع الشكر الخالص لوالديه كما أمره الله تعالى بذلك وقرن شكر والديه بشكره: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14]، وقد اقترن الإحسان إلى الوالدين بما سبق من أمره تعالى بعبادته فقال: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [النساء : 36]. إنها الوصية الدائمة بالإحسان إلى الوالدين كما في قولـه تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحُساناً) [الأحقاف: 15].
ويتواصل الشكر وتقدير الجميل للوالدين فيما حرصا عليه من ابتعاثهما بولدهما للخلوة لحفظ القرآن..
خاتمة:
وبعد، فإن نظام الأسرة في الإسلام، بقواعده الشرعية والأخلاقية، هو العمدة في بناء المجتمع الفاضل والمواطن الصالح.. بل إن الأسرة المسلمة الناشئة على مقاصد الدين وأحكام الشريعة هي الآن خط الدفاع الأول في وجه الاستهداف العلماني الذي يتـزين بالصكوك الدولية، ويتزيى بالشعارات البراقة، ويعمل وفق مخططات مدروسة لاختراق الأسرة المسلمة، وللإحاطة بمقوماتها.. فما أحرانا أن نزيد روابط الأسر توثيقاً، وأن نشد بنيانها، ونعلي أركانها على المنهاج القويم الذي يبلغنا سعادة الحياة الدنيا وصلاح العقبى، والله المستعان.
([1] ) أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب النكاح برقم 4741، ومسلم في كتاب النكاح برقم 2543.
([2] ) أخرجه الصنعاني في المصنف.
([3] ) أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب النكاح برقم 4700، ومسلم في كتاب الرضاع برقم 2661.
([4] ) أخرجه الترمذي في كتاب النكاح برقم 1004.
([5] ) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار برقم 23338.
([6] ) أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح برقم 1967، والترمذي في كتاب المناقب برقم 3830.
([7]) أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب النكاح برقم 4687، ومسلم في كتاب الرضاع برقم 2671.
([8]) أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب تفسير القرآن برقم 2402، عند تفسير قوله تعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) [الروم: 30]، ومسلم في كتاب القدر برقم 4803.
([9]) أخرجه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الصبيان، برقم 1984.
([10] ) أخرجه البخاري في كتاب الهبة برقم 2398.
([11] ) أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب الأدب برقم 5526، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب برقم 4639.
([12] ) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير برقم 115، بلفظ: (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل).
([13]) الجامع الصغير ، جلال الدين السيوطي ، حديث رقم 2461.
([14]) أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب النكاح برقم 4678، ومسلم في كتاب النكاح برقم 2485، واللفظ لمسلم.
([15])كنـز العمال للمتقي الهندي، الاقتصاد والرفق في المعيشة، برقم 5434.