الفتاوى

الفتاوى

رقم الفتوي: 131735

تاريخ النشر: 23 أبريل,2020

وظيفة الدين في التعامل مع الفيروسات والكوارث

السؤال

فتوى (2/30) وظيفة الدين في التعامل مع الفيروسات والكوارث   السؤال: أين موقع الدين ووظيفته من حدث انتشار فيروس كورونا وتداعياته؟ الجواب: إن هذا الحدث الكوني المتمثل في “فيروس كورونا” قد عمّ العالم كلّه واستنفر جميع الدول بما تملكه من قدرات مادية وصحية لمقاومته؛ ولا شكّ في أنّ مجابهة هذا الوباء يقتضي تسخير ما يمتلكه الإنسان كلّه من قدرات ماديّة ومعنويّة، وللدين دور في المساعدة على مجابهة خطر “فيروس كورونا” والتوقّي منه من خلال الوظائف الآتية: * إن من أهم وظائف الدين تزويد الإنسان بالطاقة الإيمانية التي ترشده إلى الخير وتمده بقوة معنويّة تجعله يجابه الشدائد بشجاعة ورباطة جأش؛ والإنسان يحتاج من أجل مقاومة الأمراض إلى أن تكون مناعته البدنيّة والنفسيّة قويّة، وهو ما يُقرّره الأطباء والمختصّون، فكلّما كان المريض يعيش حالة من السكينة والطمـأنينة كان أقدر على التصدّي للمرض، مع ضرورة الأخذ بأسباب الوقاية والعلاج بالتأكيد؛ ومن أسباب المناعة الصحيّة العناية بالنظام الصحّي في الحياة من: غذاء وحركة ووقاية؛ وهذه العناصر الوقائية كلّها هي مما دعا إليه الدين وحثّ عليه، فقد أمر الله تعالى بالأكل من الطيبات وتجنب الخبائث. يقول الله تعالى مذكّرًا بما جاءت به جميع الرسالات وأكدّه النبي- صلى الله عليه وسلم- في رسالته الخاتمة: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ …

الإجابة

فتوى (2/30) وظيفة الدين في التعامل مع الفيروسات والكوارث  وظيفة الدين في التعامل مع الفيروسات والكوارث 91956029 1727939250681926 8090622808226267136 o
فتوى (2/30)

وظيفة الدين في التعامل مع الفيروسات والكوارث

 

السؤال: أين موقع الدين ووظيفته من حدث انتشار فيروس كورونا وتداعياته؟

الجواب: إن هذا الحدث الكوني المتمثل في “فيروس كورونا” قد عمّ العالم كلّه واستنفر جميع الدول بما تملكه من قدرات مادية وصحية لمقاومته؛ ولا شكّ في أنّ مجابهة هذا الوباء يقتضي تسخير ما يمتلكه الإنسان كلّه من قدرات ماديّة ومعنويّة، وللدين دور في المساعدة على مجابهة خطر “فيروس كورونا” والتوقّي منه من خلال الوظائف الآتية:

* إن من أهم وظائف الدين تزويد الإنسان بالطاقة الإيمانية التي ترشده إلى الخير وتمده بقوة معنويّة تجعله يجابه الشدائد بشجاعة ورباطة جأش؛ والإنسان يحتاج من أجل مقاومة الأمراض إلى أن تكون مناعته البدنيّة والنفسيّة قويّة، وهو ما يُقرّره الأطباء والمختصّون، فكلّما كان المريض يعيش حالة من السكينة والطمـأنينة كان أقدر على التصدّي للمرض، مع ضرورة الأخذ بأسباب الوقاية والعلاج بالتأكيد؛ ومن أسباب المناعة الصحيّة العناية بالنظام الصحّي في الحياة من: غذاء وحركة ووقاية؛ وهذه العناصر الوقائية كلّها هي مما دعا إليه الدين وحثّ عليه، فقد أمر الله تعالى بالأكل من الطيبات وتجنب الخبائث. يقول الله تعالى مذكّرًا بما جاءت به جميع الرسالات وأكدّه النبي- صلى الله عليه وسلم- في رسالته الخاتمة: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157] قال ابن كثير في تفسير الطيبات والخبائث نقلًا عن بعض العلماء: (كل ما أحلّ الله تعالى، فهو طيب نافع في البدن والدين، وكل ما حرّمه فهو خبيث ضار في البدن والدين).

* وإن من وظائف الدين أيضًا تأكيد العناية بالنظافة بكلّ ما تعنيه وتشمله؛ ولا عجب أن يكون الباب الأوّل في الفقه الإسلامي هو باب الطهارة التي تعدّ المدخل الأول إلى العبادة؛ وما جاء في ذلك من أحكام الغسل، وتشريع الوضوء للصلاة بتنظيف الأعضاء الظاهرة من الجسم، والحث على نظافة اليدين قبل الطعام وبعده، والترغيب في السواك (إرشاد نبوي لتنظيف الأسنان وتطييب رائحة الفم بعود شجري رطب)، وما جاء في السنة من الأخذ بخصال الفطرة، وحفظ الطعام عن التغير والتلوث.. كلها تعليمات صحية الغرض منها جعل النظافة سلوكًا عاماً يلتزم به الإنسان في حياته.

يقول عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه: (أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وغلّقوا الأبواب، وأوكوا الأسقية، وخمّروا الطعام والشراب) وفي لفظ مسلم: (لا يمرّ بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء).

لا شك في أن هذه التعليمات الصحية لها أثر كبير في الوقاية من الأمراض، وهو ما تدعو إليه الدوائر الطبية أيضًا، والمؤمن عندما يلتزم بهذه التوجيهات إنما هو في الوقت ذاته يُطبق ما ينفعه صحيًّا ويُمارس عملًا عباديًّا، وهو مما يزيده حرصًا على ذلك.

* ومن التوجيهات الدينية التي جاء بها الدين في حال وجود الأوبئة الأخذ بالتدابير الصحية التي تمنع من انتشار العدوى؛ فقد جاء في الحديث الصحيح عن أسامة بن زيد- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا سمعتم الطاعون بأرض، فلا تدخلوها، وإن وقع بأرض، وأنتم فيها، فلا تخرجوا منها) متفق عليه، وهذا التوجيه النبوي في حال وجود الأوبئة يُعلّم المؤمن المسؤولية في المحافظة على نفسه من الضرر ومنعه من إيقاع الضرر بغيره؛ وقد جاء في الحديث النبوي قوله عليه الصلاة والسلام الذي يضع قاعدة عامة للأحكام الشرعيّة:(لا ضرر ولا ضرار) رواه مالك في الموطأ، وقد جاء في شرح الحديث في “المنتقى شرح موطأ مالك”: (الضرر هو ما لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة، والضّرار ما ليس فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة، ومعنى ذلك ـ والله علم ـ أن الضرر ما قصد الإنسان به منفعة نفسه وكان فيه ضرر على غيره، وأنّ الضرار ما قصد به الإضرار لغيره).

* ومن وظائف الدين في التصدي لوباء “كورونا” أيضًا: حثّ المؤمنين على أن يلتزموا بالتعليمات الصحية التي تصدرها الجهات الرسميّة، حفاظًا على أنفسهم وعلى نفوس الآخرين؛ وهو ما جاء الدين يدعو إليه بترسيخ مفهوم المسؤولية الجماعية، الذي أكّده حديث السفينة؛ وهو قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا ” أخرجه البخاري.

وكذلك الشعور بالواجب في درء هذا الوباء لكل من يملك قدرة على ذلك بمختلف الوسائل بحسب قدرات كل أحد، فعلى الطبيب والممرض أن يقوم بواجبه في علاج المرضى، وعلى الباحث أن يجتهد في الكشف عن الأدوية واللقاحات الواقية، وعلى كل إنسان أن يساعد العاجزين وكبار السن الذين يحتاجون إلى عون؛ وعلى صاحب المال أن يتبرع من أمواله للمساعدة في البحث العلمي والعلاج وسدّ حاجات الناس، وأن يستحضر كل إنسان أن سعيه في حوائج الناس من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله تعالى؛ وقد جاء في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام لمن سأله عن أحبّ الناس إلى الله تعالى فقال له: (أحبّ الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس.. الحديث) حديث حسن رواه ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما.

إن ما ينزل بالناس من كوارث وابتلاءات يجب أن يذكرهم بالله وأن يسوقهم إلى العودة إليه والإيمان به، والتضرع إليه أن يكشف عنهم ما نزل بهم قال الله تعالى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ (السجدة / 21)، وطريق الرجعة هو طريق التضرع إلى الله تعالى، قال تعالى : ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (الأنعام/ 43).

* لمطالعة البيان الختامي للدورة الطارئة الثلاثين للمجلس.. اضغط هنا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق