الفتاوى

الزكاة والتبرعات

رقم الفتوي: 3943

تاريخ النشر: 6 نوفمبر,2018

دفع الزكاة للمؤسسات الخيرية

السؤال

فتوى 44 (2/3) حكم دفع الزكاة للمؤسسات الخيرية واستقطاع تلك المؤسسات منها لمصاريفها السؤال: ما هو حكم جمع أموال الزكاة وتوزيعها في مصارفها الشرعية بواسطة المؤسسات الخيرية غير الحكومية؟ وهل يجوز لهذه المؤسسات أن تنفق جزءًا من هذا المال على المصروفات الإدارية التي يستلزمها توزيع أموال الزكاة؟ الجواب: الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي الركن المالي والاجتماعي، الذي يعالج أدواء الفقر والمسكنة والغرم والتشرد، ويساهم في إعلان كلمة الإسلام في سبيل الله، فهي لمن يحتاج من المسلمين، ومن يعاون المسلمين من العاملين عليها ومن المجتهدين في سبيل الله. والزكاة شقيقة الصلاة في القرآن والسنة، وقد قرنت بالصلاة في كتاب الله في ثمانية وعشرين موضعًا، كما قرنت بها في أحاديث شتى في السنة. ولذا قال أنس رضي الله عنه: “رحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه!”([1]). يعني حين لم يفرق بين الصلاة والزكاة([2]). وأنكر صنيع من فرق بينهما. فإذا كانت الصلاة فريضة واجبة الأداء في كل مكان وزمان، فإن الزكاة فريضة لازمة واجبة الأداء كذلك في كل زمان ومكان. فهناك ثلاثة حراس على هذه الفريضة: الأول: حارس السلطان، الذي يجب أن يأخذها من أغنيائهم ليردها على فقرائهم. والثاني: حارس الضمير الاجتماعي للأمة المسلمة الذي يتمثل في النصيحة في الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والثالث: حارس الإيمان في قلب …

الإجابة

فتوى 44 (2/3)

حكم دفع الزكاة للمؤسسات الخيرية

واستقطاع تلك المؤسسات منها لمصاريفها

السؤال: ما هو حكم جمع أموال الزكاة وتوزيعها في مصارفها الشرعية بواسطة المؤسسات الخيرية غير الحكومية؟ وهل يجوز لهذه المؤسسات أن تنفق جزءًا من هذا المال على المصروفات الإدارية التي يستلزمها توزيع أموال الزكاة؟

الجواب: الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي الركن المالي والاجتماعي، الذي يعالج أدواء الفقر والمسكنة والغرم والتشرد، ويساهم في إعلان كلمة الإسلام في سبيل الله، فهي لمن يحتاج من المسلمين، ومن يعاون المسلمين من العاملين عليها ومن المجتهدين في سبيل الله.

والزكاة شقيقة الصلاة في القرآن والسنة، وقد قرنت بالصلاة في كتاب الله في ثمانية وعشرين موضعًا، كما قرنت بها في أحاديث شتى في السنة.

ولذا قال أنس رضي الله عنه: “رحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه!”([1]). يعني حين لم يفرق بين الصلاة والزكاة([2]). وأنكر صنيع من فرق بينهما.

فإذا كانت الصلاة فريضة واجبة الأداء في كل مكان وزمان، فإن الزكاة فريضة لازمة واجبة الأداء كذلك في كل زمان ومكان.

فهناك ثلاثة حراس على هذه الفريضة:

الأول: حارس السلطان، الذي يجب أن يأخذها من أغنيائهم ليردها على فقرائهم.

والثاني: حارس الضمير الاجتماعي للأمة المسلمة الذي يتمثل في النصيحة في الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والثالث: حارس الإيمان في قلب المسلم.

فإذا لم يراعها الحارس الأول بقي الحارسان الآخران، وإذا يتحقق الحارسان الأول والثاني، بقى حارس الإيمان، الذي يدفع المؤمن إلى أداء الواجب، ولو لم يطالبه به أحد.

والأولى بالمجموعة المسلمة حيثما كانت أن تنظم ما استطاعت تحصيل الزكاة من أرباب المال، وتوزيعها على مستحقيها الثمانية، أو الموجودين منهم، فإذا لم يوجد مصرف (في الرقاب) تصرف على السبعة الباقيين، وإذا لم يوجد مصرف (العاملين عليها) أو مصرف (المؤلفة قلوبهم) تصرف على من بقي من المصارف، كلٌّ على حسب حجمه وحسب حاجته، كما هو رأي جمهور الفقهاء.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: “إذا خرج ثلاثة في سفر فليأمروا أحدهم”([3]). وهذا في السفر، إشارة إلى ضرورة التنظيم في كل الأمور، حتى لا تصبح الأمور فوضى.

وقد كان المسلمون في العهد المكي يؤتون الزكاة، التي وصف الله بها المؤمنين والمحسنين في كتابه في السور المكية، كما نقرأ في سورة النمل قوله تعالى: {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [النمل: 2-3]، وفي سورة لقمان: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [لقمان: 3-4]، والزكاة هنا هي الزكاة المطلقة، غير محددة بالنصاب والمقادير والحول، بل هي موكولة إلى إيمان المسلم وحاجة الدعوة والأفراد المسلمين.

بل وجدنا في القرآن المكي: التحذير الشديد من ترك إطعام المسكين، وترك الحض على إطعامه، واعتبار ذلك من خصال الكفار ومن موجبات دخول النار، كما قال تعالى على لسان المجرمين في سقر: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 43-44]، {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: 1-3]. وصورة أخرى يرسمها القرآن المكي لمن أوتي كتابه بشماله من أهل الشقاوة، وفيه صدر الحكم الإلهي يوم القيامة: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ. إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 30-34]، وقال تعالى في المجتمع الجاهلي: {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 17-18] أي: لا يحض بعضكم بعضًا على إطعامه ورعاية حاجته. قال الشيخ محمد عبده: في هذه الآية دليل على مشروعية الجمعيات الخيرية التي تعمل لصالح الفقراء والمساكين.

إذن وجود هذه المؤسسات الخيرية مشروع، وما تقوم به من أعمال لجمع الزكاة وتوزيعها مشروع.

بل يجوز لهذه المؤسسات أن تقتطع من الزكاة لصالحها على المصروفات الإدارية شريطة أن لا يتجاوز ذلك الثمن، على اعتبار أنها من العاملين عليها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])     هذا النص أورده القرطبي في “تفسيره” (8/74) من قول ابن عباس. كما أخرجه الطبري في “تفسيره” (10/87) من قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم.

([2])     متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1335 ومواضع أخرى)؛ ومسلم (رقم: 20)، من حديث أبي هريرة.

([3])     حديث صحيح. أخرجه أبو داود (رقم: 2608، 2609)، من حديثي أبي سعيد الخدري وأبي هريرة. وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب، عند البزار في “مسنده” (رقم: 329) بإسناد جيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق