قرارات المجلس

تحديد مفهوم الاندماج ومقتضياته

قرارات الدورة السابعة عشرة

سراييفو – البوسنة والهرسك

28 ربيع الآخر – 2 جمادى الأولى 1428هـ، الموافق لـ 15-19 أيار (مايو) 2007م


قرار 68 (2/17)

تحديد مفهوم الاندماج ومقتضياته

 

مما تحصَّل من الأبحاث والمناقشات التي تناولت موضوعات الدورة، قرر المجلس ما يلي:

إن سياسات “الاندماج” المتبعة في الدول الأوروبية تتراوح بين اتجاهين:

اتجاه يغلّب جانب الانصهار في المجتمع ولو أدّى ذلك إلى التخلي عن الخصوصيات الدينية والثقافية للفئات المندمجة.

واتجاه آخر يرى ضرورة الموازنة بين مقتضيات الاندماج ومقتضيات الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والدينية.

ويرى المجلس أن الاتجاه الثاني هو الذي يعبّر عن الاندماج الإيجابي، الذي يجب أن تحدد مقتضياته بوضوح: أن مقتضيات اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية مسؤولية مشتركة بين المسلمين أفرادًا ومؤسسات من جانب، وبقية المجتمع الأوروبي أفرادًا ومؤسسات من جانب آخر. وإن من أهم مقتضيات الاندماج التي تُطلب من المسلمين، التي لا حرج فيها عليهم، بل إن الإسلام يحث عليها، ما يلي:

أ – ضرورة معرفة لغة المجتمع الأوروبي وأعرافه ونظمه، والالتزام تبعًا لذلك بالقوانين العامة، في ضوء قوله تعالى: {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1].

ب – المشاركة في شؤون المجتمع والحرص على خدمة الصالح العام، عملًا بالتوجيه القرآني: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].

ج – العمل على الخروج من وضع البطالة؛ ليكون المسلم فاعلًا منتجًا يكفي نفسه وينفع غيره، عملًا بالهدي النبوي الشريف: “اليد العليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة”([1]).

وإن من أهم مقتضيات الاندماج التي نرجو أن يحققها المجتمع:

أ – العمل على إقامة العدل وتحقيق المساواة بين جميع المواطنين في سائر الحقوق والواجبات، وبالخصوص حماية حرية التعبير والممارسة الدينية، وكفالة الحقوق الاجتماعية وعلى رأسها حق العمل وضمان تكافؤ الفرص.

ب – مقاومة مظاهر العنصرية والحدّ من العوامل المغذية لمعاداة الإسلام، وخصوصًا في مجال الإعلام.

ج – تشجيع مبادرات التعارف الديني والثقافي بين المسلمين وغيرهم بما يحقق التفاعل بين أبناء المجتمع الواحد.

ولتحقيق الاندماج الإيجابي المتوازن:

  • يدعو المجلس المسلمين إلى العمل على حفظ شخصيتهم الإسلامية دون انغلاق وانعزال أو تحلل وذوبان في المجتمع، وإلى إقامة المؤسسات الدعوية والتربوية والاجتماعية اللازمة لذلك.
  • ويدعو المجتمعات الأوروبية، وخصوصًا الهيئات المعنية بقضية الاندماج، إلى الانفتاح على المسلمين والتواصل مع المؤسسات الإسلامية، كالمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، لدراسة مقتضيات الاندماج وتيسير السبل المحققة له، بما يفيد المجتمع ويدعم استقراره وازدهاره، وبما يمكّن المسلمين من الحفاظ على هويتهم الإسلامية الأوروبية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])     متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1362)؛ ومسلم (رقم: 1033)، من حديث عبدالله بن عمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق