المسلمون في الغرب

التنازل عن القدس خيانة

 

بيان من المجلس الاوروبي للإفتاء والبحوث

حول التنازل عن القدس خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين

 

      لا يجوز لأحد أن يتنازل عن أي جزء من أرض الإسلام، فأرض الإسلام ليست حقًا لرئيس ولا لأمير ولا لوزير ولا لجماعة من الناس، حتى تتنازل عنها تحت أي ضغط أو ظرف. وإنما الواجب على الأفراد والجماعات أن يسعوا بكل الوسائل لمقاومة الاحتلال وتحرير القدس الشريف، واستعادتها إلى دار الإسلام.

وإذا عجز جيل من أجيال الأمة أو تقاعس، فلا يجوز له أن يفرض عجزه أو تقاعسه على كل أجيال الأمة القادمة إلى يوم القيامة، فيتنازل عما لا يجوز له التنازل عنه.

 

      و لهذا يفتي المجلس بتحريم بيع الأرض للأعداء في القدس أو غيرها من أرض فلسطين أو قبول التعويض عنها بالنسبة للاجئين المشردين. لأن أوطان الإسلام لا تقبل التنازل أو التعويض عنها بحال من الأحوال، ومن فعل ذلك فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين.

     و إذا كان هذا الحكم في شأن أي أرض إسلامية، فكيف إذا كانت هذه الأرض في القدس الشريف، أولى القبلتين، وبلد المسجد الأقصى، وثالث المدن المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة، والأرض التي انتهى إليها الإسراء، وابتدأ  منها المعراج. وحسبنا في فضلها قول الله تعالى : (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا )) الإسراء :1.

     و لهذا كان للقدس مكان في قلب كل مسلم، في المشرق أو المغرب، تمس شغافه، وتتغلغل في أعماقه، حبّاً لها، وحرصا عليها، وغيرة على حرماتها، واهتماما بشأنها. ومن أجلها أصبحت قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، لها يفزعون، وعليها يحافظون، وفي سبيلها يدافعون ويقاتلون، ولا يضنون عليها بنفس ولا نفيس.

    إن القدس ليست للفلسطينيين وحدهم، إنها للمسلمين جميعا، عربهم وعجمهم، كما أنها للعرب كافة، مسلمهم ومسيحيهم.

     و لا يجوز للفلسطينيين وحدهم أن يتصرفوا في مصير القدس، ويفتئتوا على المسلمين في أنحاء الأرض. وهذا بالتالي يوجب على المسلمين – حيثما كانوا – أن يقوموا بواجبهم ويبذلوا ما في وسعهم في الدفاع عن بيت المقدس، والمسجد الأقصى، وهذا فرض عليهم جميعا، يتكافلون في الذود عنه بأنفسهم وأموالهم وكل ما ملكت أيديهم، وإلا حقت عليهم عقوبة الله  تعالى (( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم : انفروا في سبيل الله  اثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوماً غيركم، ولا تضروه شيئاً، والله على كل شيء قدير )) التوبة : 38،39.

    و حينما احتل الصليبيون القدس قديماً، كان الذين عملوا على تحريرها مسلمين من غير العرب، مثل عماد الدين زنكي التركي، وابنه نور الدين محمود الشهيد، وتلميذه صلاح الدين الأيوبي الكردي، الذي حرر الله القدس على يديه.

    و لا يزال المسلمون في كل مكان – أكثر من مليار وثلث – مستعدين للبذل والتضحية من اجل القدس العزيز، وهذا شيء يلمسه كل أحد لدى الشعوب الإسلامية، ابتداء من الفليبين وإندونيسيا في الشرق إلى موريتانيا في المغرب العربي، وإن لم ينعكس هذا بصورة قوية وواضحة لدى بعض حكام المسلمين للأسف.

     إن القدس جزء عزيز من دار الإسلام، وأرض الإسلام، ووطن الإسلام، وقد صار  للمسلمين فيها أربعة عشر قرناً من الزمان، ولم يأخذوها من اليهود، فقد انتهى الوجود اليهودي فيها منذ مئات السنين، كما انتهت دولتهم قبل ذلك بمئات السنين، فلم تقم لليهود دولة في فلسطين إلا بضع مئات من السنين، وكان العرب اليبوسيون وغيرهم فيها منذ آلاف السنين.

    لقد تسلم عمر بن الخطاب القدس من (بطريركها) النصراني صفرنيوس، وكان مما شارطه عليه عمر : ألا يساكنهم فيها يهود !

     إن السيادة على القدس يجب أن تكون إسلامية عربية فلسطينية وهذا لا يمنع المسيحي، كما لا يمنع اليهودي، أن يقيم شعائر دينه فيها بكل حرية وسماحة، عرف بها الإسلام على توالي العصور.

(( والله غالب على أمره ولكن  أكثر الناس لا يعلمون)).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق