البحوث

اندماج المسلمين في أمريكا الشمالية وآثاره

اندماج المسلمين في أمريكا الشمالية و آثاره

جمال بدوي

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من ولاه وبعد…

فقد اشتد الجدل السنوات الأخيرة عن قضايا المواطنة الولاء و المشاركة الحضارية للمسلمين في بلاد الغرب و يركز هذا البحث على جزئية معينة تتعلق بجانب من خبرة المسلمين في الولايات المتحدة و كندا (أمريكا الشمالية) في هذا المضمار، ويتكون البحث من ثلاثة فصول:

  1. الفصل الأول: مفهوم الاندماج بين الذوبان و العزلة
  2. الفصل الثاني: بعض صور الاندماج و ما دار حولها من جدل
  3. الفصل الثالث: بعض مزالق الاندماج و محاذيره

الفصل الأول: مفهوم الاندماج بين الذوبان و العزلة

إن مفهومنا للاندماج يعكس وسطيّة الإسلام و يشكّل تطبيقاً لها و لتوضيح ذلك نعقد مقارنة بينه و بين  مفهومي الذوبان و العزلة.

الذوبان: ليس الاندماج ذوبانا لشخصية المسلم و هويته في المجتمع الذي يعيش فيه بغضّ النظر عما يتطلبه هذا الذوبان من التخلي عن ثوابت عقيدته وسلوكه. وليست مؤثرات الذوبان ودواعيها قاصرة على الدول الغربية فقد تتواجد في بعض بلاد المسلمين وخاصة البلدان التي يضعف فيها الالتزام بالإسلام وبصفة خاصة البلاد التي فرضت عليها ايديولوجيات مناقضة بل ناقضة لتعاليم الإسلام كالشيوعية والمادية والعلمانية الطاغية التي تحارب الإسلام  وأهله.

ولكن مؤثرات الذوبان ودواعيه أكثر تواجداً وأبعد أثراً في الجاليات المسلمة المستوطنة في بلاد الغرب. ولعل  من أسباب ذلك هو الرغبة في الحصول على القبول من جانب المجتمع وهو أمر يشترك فيه سائر البشر لأن الإنسان كائن اجتماعي يحب أن يتواصل مع من حوله وأن يتجنب الشعور بالعزلة والرفض من جانب الآخرين.

وإنما يكون الاختلاف بين الناس في تقديرهم للثمن الذي لابد أن يدفع للوصول إلى هذه الغاية، فمن الناس من يشتري رضا الناس بغضب الله فيغضب اللهَ تعالى عليه، ويُغضِبُ الناس عليه. وقد رأينا من طول المقام في بلاد الغرب من يتفانى في الذوبان في المجتمع فيرتكب المحرمات ويهمل الواجبات، ومع هذا يظل يعامل من قبل غير المسلمين بشئ من الازدراء وإن ابتسمت في وجهه الثغور ونطقت بثنائه الألسنة، فإن غير المسلم حين يرى مسلما يحتسي الخمر قد لا يكِنّ له الاحترام الحقيقي لأنه يرى في هذا المسلم  اهتزازا في العقيدة وانحرافا في السلوك من منطلق الإسلام الذي يدعي الانتساب إليه. وقد رأينا كذلك المسلم الذي يشتري رضا الله بغضب الناس فيرضى الله عنه ويُرضِي عنه الناس وإن خالفوا عقيدته، بل إن فريقا منهم ليغبط المسلم على ذلك ويحترم تمسكه بمبادئه وقد يترجم هذا الاحترام بمراعاة مشاعره في التعامل معه.  نخلص من ذلك أن الذوبان صورة من صور الغلو الذي يتنافى مع وسطية الإٍسلام.

الانعزال: إن الانعزال عن المجتمع الذي يعيش فيه المسلم هو صورة  أخرى من صور الغلو الذي قد لا يقتصر على الانعزال الشعوري  بل يتعداه إلى الانعزال المعيشي إلا فيما اقتضته ضرورات الحياة. وقد يتخذ هذا الانعزال صورة جماعية حيث تكوٍّن بعض الأُسر دائرة ضيقة لمن تجمعهم أصول عرقية  أو لغوية تتفاعل وتتعايش في شبه عزلة عن المجتمع الذي يحيط بهم.

وقد يكون من دواعي هذه العزلة الشعور بالارتياح للتعايش مع من هم من بني جلدتهم ويتكلمون بألسنتهم. وقد يكون من دواعيها كذلك التخوف من الآثار السلبية للتفاعل مع المجتمع على أطفالهم وأسرهم.

وقد لاحظنا سبباً مهماً لعدم الاندماج في المجتمع من جانب من بقي من الجيل الأول للمهاجرين يمكن تسميته “بعقلية أحلام العودة” فقد جاء بعضهم إلى أمريكا الشمالية بنية العودة إلى بلادهم بعد قضاء مآربهم التعليمية أو المالية وبمضي الزمن ولأسباب متباينة استقروا في هذه البلاد وحصلوا على الإقامة الدائمة ثم الجنسية الأمريكية أو الكندية وأنجبوا الذراري، ومع هذا فقد ظلوا يفكرون ويتصرفون وكأنهم في حالة إقامة مؤقتة وان امتدت عقوداً طويلة من الزمن، فلا هم عادوا إلى البلاد جاءوا منها ولا هم تفاعلوا وتواصلوا مع مجتمعاتهم تواصلا إيجابيا وفعالا وكأنهم يعيشون على هامش المجتمع لا كجزء منه.

ولكن هذه الدواعي والمؤثرات التي أسهمت في العزلة كانت أكثر انطباقا على من هاجر طواعية واختيارا. ولم يكن هذا الانطباق كاملاً، فإن فريقاً منهم قد سلك طريق الذوبان حتى لم يعد هو وذراريه يعرف من الإسلام إلا اسمه ومن المصحف إلا رسمه.

أما المسلمون الأفارقة فقد أحضروا قسراً إلى أمريكا الشمالية (وغيرها) كمُسترقّّين قد سُلبوا هويتهم  وسموا بأسماء غير أسمائهم الأصلية بل وربما سلبوا دينهم وتراثهم إلا قليلا ممن  أنجى الله منهم ممن كانوا يتحينون الفرص لأداء الصلاة على حين غفلة من أعين الآخرين.

ولم يُتح لهؤلاء المسلمين الفرصة للاندماج الإيجابي في المجتمع بسبب حرمانهم من حريتهم وسوء معاملتهم، ولم يتح لهم الفرصة كذلك للانعزال عن المجتمع كما هو الحال مع بعض المهاجرين، وربما تكالبت عليهم بعض عوامل الذوبان من حيث فقدان هويتهم وعوامل التفاعل المفروضة عليهم  كرقيق، وعوامل العزلة بسبب التفرقة العنصرية التي استمرت بعد إلغاء الرق بل وحتى بعد صدور قوانين الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في منتصف الستينات من القرن الماضي ولكن ذراري المسلمين الأفارقة قد نشأوا أكثر اندماجا من أسلافهم وكذا ذراري المهاجرين، فكلا الفريقين ولد في هذه البلاد وتربىّ في مدارسها وتكلم بألسنتها ولم يعرفوا وطنا يحلمون  “بالعودة” إليه كما كان الحال مع أسلافهم. وبانتشار الإسلام بين الأجناس الأخرى في أمريكا الشمالية انضم إلى صفوف المسلمين من كانوا ولازالوا مندمجين في المجتمع، وقد أدى ذلك في تقديرنا إلى إثراء الجالية الإسلامية بخبرات هامة دعمت التوجه المتزايد نحو الاندماج في المجتمع.ونخلص من ذلك أن الانعزال صورة من صور الغلو كذلك وإن كان من دوافعها الحفاظ على الهوية الإسلامية والثقافية للذراري. فالإسلام لا يدعو إلى الانعزال بل يدعو إلى التواصل والتفاعل والتعارف: ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا….” الحجرات 49: 13 ، ” ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم…”الروم 22:30

وفي التواصل والتفاعل الإيجابي فرصة لإبلاغ دعوة الله والشهادة على الناس وتبادل المنافع المتبادلة المشروعة. وربما يسهم الانعزال في النظر بعين الريبة والشك إلى المسلمين، الأمر الذي يتزايد طرديا مع أحداث العنف التي تجري في أماكن عديدة من العالم والتي يؤثر بعضها تأثيرا سيئا على سمعة الإسلام والمسلمين وتكرس التفكير النمطي السلبي عن الإسلام والذي تحمل لواءه جهات معادية للإسلام وأهله بسبب التعصب الديني أو الاعتبارات السياسية المحلية والعالمية. كما الانعزال قد يؤدي إلى شعور عامة الناس (و إن كانوا خاطئين) بأن المسلمين قوم يأخذون و لا يعطون و يستفيدون و لا يُفيدون بالمقارنة بالجهود الكبيرة والبرامج العديدة التي تقوم بها جمعيات أخرى دينية ومدنية للعناية بالقضايا الاجتماعية والأعمال الخيرية.

الاندماج: لعل ما قيل عن صورتي الغلو، الذوبان والعزلة، يُسهم في تعريف الاندماج، والاندماج في مفهومنا هو التفاعل الإيجابي الحضاري مع المجتمع دون فقدان للهوية الإسلامية أو التنازل عن ثوابت الإسلام وقيمه أو المساومة عليها. أما فيما عدا الثوابت فقد يقتضي الأمر أحيانا غض النظر عن بعض سلبيات الاندماج استرشاداً بقواعد جلب المنفعة ودفع المضرة واعتبار شيوع البلوى واعتبار الذرائع والنظر في المآلات وأُطُر فقه الموازنات وفقه الأولويات و فقه الأقليات، مادام ذلك منضبط بالقواعد الأصولية تجنبا للغلو أو المغالاة والإفراط أو التفريط. وهذا ما عنيناه في بداية البحث أن الاندماج يعكس وسطية الإسلام ويشكل تطبيقا واقعيا لها.

ومن الجدير بالذكر أن هناك قدر من الغبش في استخدام  مصطلحات الذوبان والانعزال والاندماج مما دعانا إلى شئ من التفصيل فيها، فإن البعض يستخدم لفظة “الاندماج” ولكنه في واقع الأمر يعني بذلك “الذوبان”، مثال ذلك القول بأن ارتداء المرأة المسلمة للحجاب الشرعي يعوق “اندماجها” في المجتمع.

ولما كان الحجاب أمرا واجبا وشرعيا على المرأة المسلمة الملتزمة بدينها، وبما أن الدليل على فرضيته قد قام، فقد انتقل الأمر من منطقة “العفو” إلى مجال الثوابت التي تعتبر المساومة عليها و التخلي عنها “ذوباناً” وليس اندماجاً ايجابياً لا يتطلب التخلي عن الهوية فضلا عن الحرية.

وبالمثل، فقد يُتَّهم  المسلم “بالانعزال” عن المجتمع لعدم غشيانه للحفلات والموائد  التي تدار عليها الخمر، فليست مثل هذه المناشط الاجتماعية والثقافية من مقتضيات الاندماج  وشروطه، بل إن فريقا من غير المسلمين يعزفون عن مثل هذه الممارسات و المناشط.

الفصل الثاني: بعض صور الاندماج و ما دار حولها من جدل:

أولاً: الحوار والتواصل مع أهل الأديان الأخرى:

والمقصود بالحوار هنا تراجع الكلام ومراجعة المنطق بخلاف المناظرة التي تنطوي عادة على المخاصمة وإفحام المخالف والتي قد يكون لها مجال  في حالات محددة، إذ أنه لا فائدة من كسب المناظرة وخسارة قلوب المستمعين أو طائفة كبيرة منهم.

ولا نقصد بالحوار الديني التوصل إلى “دين مشترك” يقرب بين العقائد المختلفة ويوائم بينها، فهذا أمر يرفضه المسلم، كما يرفضه الآخرون إلا قليلا منهم.

فالحوار يعني أن يعرض كل طرف ما عنده و يسوق الأدلة عليه و يحاول تفهم ما يقوله الآخرون و يسأل أسئلة استفسارية أو توضيحية و يعلق على ما قيل في جو من الاحترام  المتبادل و هذا هو المنهج  القرآني في الحوار سواء استخدمت لفظة المحاورة كما في قوله تعالى “قال له صاحبه و هو يحاوره..” الكهف 34:18 ،      و لفظه و مشتقات الجدل كما في قوله تعالى: “و جادلهم بالتي هي أحسن…” النحل 125:16

ونحسب من خبرات طويلة أن الحوار الموضوعي الهادئ في إطار الاحترام المتبادل و تجنب الاحتقان و التوتر وإحراج الآخرين له أبعد الأثر في فتح مغاليق القلوب و العقول و خاصة بين المستمعين. و كثيرا ما نسمع من تعليقات إيجابية من جانب المستمعين من غير المسلمين و تعبير عن رغبتهم في التعلم عن الإسلام وقد ينتهي الأمر ببعضهم إلى اعتناق الإسلام عاجلاً أو آجلاً.

والحوار الهادئ الموضوعي الذي يتجنب التركيز على نقض معتقدات الغير بصورة تثير الحفيظة أو التهكم على معتقداتهم، يعين الجميع على اكتشاف ما يمكن أن يسمى “بالأرضية المشتركة” بين الأديان.

ولا يقصد بالأرضية المشتركة، كما يظن البعض  التطابق التام في أمور العقائد خاصة… فبالرغم من الاختلافات الجوهرية بخصوص مكانة القرآن الكريم بين الكتب السماوية.

 وبخصوص الفروق الكبرى بين مفهوم التوحيد وبين ما شاب ذلك من عقائد مخالفة كإلوهية المسيح عليه السلام أو بنوته لله تعالى، فإن القرآن الكريم يلفت نظرنا إلى وجود “أرضية مشتركة” حتى في مثل هذه الأمور العقدية المهمة: “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد  ونحن له مسلمون” العنكبوت 29: 46.

فبالرغم  مما طرأ على الكتب السماوية السابقة من ناحية المحتوى فإن قضية الوحي في ذاتها أمر يمكن للمسلمين وأهل الكتاب أن يتفقوا عليه.

كما أن وصف القرآن الكريم لنفسه: “مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه”  المائدة 48:5 إنما يشير إلى أن أثارة من الوحي السماوي ما زالت باقية في الكتب المقدسة عند اليهود و النصارى، فالتصديق في هذا السياق لا يكون إلا لأمر موجود، و الهيمنة إنما توجد حين يكون ثمة خلط بين الوحي الخالص و ما داخله أو شابه من آراء الكاتبين و المؤرخين و تمّ إدخاله وضمه إلى الوحي الخالص في كتاب واحد.

ونفس الشيء يقال في قضية التوحيد: ” وإلهنا وإلكم واحد” فهو تقرير بوحدانية الله تعالى رب كل شيء، ولكن لعل فيه إلماحة إلى أن أهل الكتاب لا يقولون بتعدد الآلهة فهم يقرون بوحدانية الله تعالى (بالرغم مما في عقيدة التثليث من مآخذ جوهرية) وضرورة الإيمان به والتوكل عليه وطاعته ومحبته.

وترجع أهمية هذه المسألة إلى ما رأيناه من عزوف بعض المسلمين عن الحوار مع أهل الكتاب  (دع عنك أصحاب العقائد الأخرى) بحجة أنه ليس هناك ثمة أرضية مشتركة بين التوحيد والتثليث بل إن فريقا منهم ليدّعون أن ” أهل الكتاب” اليوم ليسوا في حقيقة الأمر من أهل الكتاب لأن منهم من يؤمن ببنوة المسيح لله تعالى.

وقد لا يدرك هؤلاء أن مثل هذه العقائد سبقت مولد رسول الهدى بنحو  قرنين ونصف قرن وكان في  عهده من اعتنق هذه العقائد ومع ذلك فقد خاطبهم القرآن الكريم بوصفهم “أهل كتاب”، وتعامل معهم بهذه الصفة من تلقّى القرآن من لدن حكيم حميد.

ولاشك أن هناك بعض السلبيات في الحوار مع أهل الكتاب وخاصة أن كان المحاورون غير مؤهلين لذلك ولكن الخبرة العملية في أمريكا الشمالية (وأحسب ذلك في غيرها كذلك) تشير إلى منافع عديدة لهذا الحوار إن أُحسن القيام به فهو.

 تعريف بالإسلام وإتاحة الفرصة للمسلمين وغير المسلمين على السواء أن يقارنوا بين المفاهيم الإسلامية في نقائها وصفائها وبين معتقدات ومفاهيم الآخرين في جو من الموضوعية والاحترام.

والحوار ليس مجرد اجتماعات تعقد وتنفض إنما هو نتج لقنوات الاتصال بين المسلمين وجيرانهم وأصدقائهم وزملائهم مما يؤدي إلى التواصل الإيجابي الذي ينتج عنه في حالات كثيرة أن انبرى بعض قادة النصارى واليهود للدفاع عن المسلمين لمعرفتهم الشخصية بهم وبأخلاقهم كما حدث  في أعقاب تفجير المبنى الفدرالي في مدينة أوكلاهوما والذي أُتُّهِِم المسلمون فيه ظلما في البداية وكذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

بل إن من هؤلاء من شهد أمام القضاء الأمريكي لصالح المسجونين ظلما، ومنهم من شارك في المسيرات للمطالبة بوقف العدوان  والغزو والاحتلال وغير ذلك من المظالم التي وقعت وما تزال تقع على المسلمين  وغيرهم.

ثانياً: الحوار والتواصل مع المنظمات المدنية:

بالرغم من أهمية الحوار الديني وخاصة في بلد فيه بقية من التدين كأمريكا بالمقارنة ببعض بلدان أوربا فإن مد الحوار والتواصل إلى المنظمات المدنية الأخرى لا يقل عن  ذلك أهمية، وهناك العديد من المبررات لذلك تنطبق على التواصل مع الفريقين المتداخلين أحيانا، المنظمات الدينية والمنظمات المدنية.

ومن هذه المبررات ما يلي:

  • أن الله تعالى يدعو الخلق إلى التعاون على البر والتقوى.
  • أن رسول r قد امتدح “حلف الفضول” وبيّن أنه لو دعي في الإسلام لأجاب رغم أنه حلف تم في الجاهلية وجل أطرافه من مشركي العرب.
  • أن التفاعل مع غير المسلمين قد يؤدي لاكتشاف من يصدق عليهم وصف الرسول r “خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا”.
  • أن هناك الكثير من المواطنين ممن يشارك المسلمين في آلامهم و آمالهم بحكم فطرتهم و نبذهم للظلم و العدوان و العنف. و حين تُضم أصواتهم إلى أصوات المسلمين فإن ذلك يعطي مصداقية و قوة لعناصر الخير التي لا يخلو منها مجتمع إنساني.
  • أن التعاون مع المنظمات التي تدعوا إلى الفضيلة و تقف ضد انتشار المحذرات و تدعوا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية و حماية البيئة و غير ذلك، إنما يعود أثره كذلك على المسلمين و ذراريهم.
  • أن المشاركة الإيجابية في المنظمات المعنية بالتربية و التعليم قد تمكّن المسلمين من تنقية المناهج الدراسية من المعلومات الخاطئة و المغلوطة فيما يتعلق بالإسلام و تقديم البديل المناسب، كما أنها تتيح المجال للدعاة لإلقاء المحاضرات عن الإسلام في المدارس و الجامعات, تتيح المجال للطلاب لزيارة المساجد ومراقبة صلاة الجمعة، مثلاً، و الاستفسار عن الكثير من الأمور و قد لمسنا أثراً طيباً وبعيداً لمثل هذه الزيارات.
  • أن في هذه المشاركة مجال لتدريب شباب المسلمين على الاندماج الإيجابي في المجتمع دون التضحية بهُويتهم الإسلامية.
  • أن الاندماج و ظهور المسلمين على الساحة تلفت أنظار صانعي القرارات و السياسيين الذين يطعمون في أصواتهم مما يفتح مجال الحوار معهم و قد لمسنا لذلك آثارا طيبة كذلك، كما كان الحال قضية ماهر عرار الشهيرة.
  • أن عزوف المسلمين الملتزمين عن المشاركة و الاندماج سيفتح المجال لغير الملتزمين منهم أن يتصدّروا للحديث باسم المسلمين.

الفصل الثالث: بعض المحاذير:

  • الإنهاك الزائد في هذه النشاطات على حساب القضايا و المهام الأخرى.
  • التدرج في التنازلات دون أن تقابلها مصلحة راجحة.
  • أن بعض النشاطات قد تتضمن ما لا يرضى المسلم عنه مما يُحتمّ دراسة و فهم الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها.
  • أن “المصلحة” أو “المنفعة” أو “المضرّة” في قضايا الاندماج أمور ظنية ما لم تتضارب مع الثوابت و بالتالي فإن تقدير هذه المصالح قد لا يكون محل اتفاق كامل بين الجالية المسلمة فلا بد من تفعيل و تعميق الشورى ثم احترام رأي الأغلبية حرصا على وحدة المسلمين و أُخوّتهم.
  • مراعاة التنسيق بين المنظمات الإسلامية المختلفة بحيث تصب نشاطاتها و تحقيقاتها في إطار الأهداف العليا وبإستراتيجية واضحة يتفق عليها.
  • و أهم من ذلك كله إخلاص النية لله تعالى و الثقة الكاملة فيما شرع لنا من الدين و محبة الخير للبشر أجمعين تحقيقا لقول الله تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” الأنبياء 107:21.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحبه و يرضاه،،،

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق