البيانات الختامية

البيان الختامي للدورة الثالثة

البيان الختامي

 

 

للدورة العادية الثالثة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث

 

 

المنعقدة في مدينة كولون بألمانيا

 

 

 في الفترة 4-7صفر1420هـ الموفق19-22 مايو1999م

 

 

 

 

      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

اتعقدت الدورة العادية الثالثة للمجلس الأوروبي ففإفتاء والبحوث بدعوة رسمية من جمعيات ملي جوروش التركية في مدينة كولون بألمانيا في الفترة 4-7صفر1420هـ الموافق19-22مايو1999م برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي وبحضور معظم الأعضاء.

 

 

وقد استعرض المجلس جملة من الأمور الإدارية والمالة المتعلقة بأعماله واتخذ بشأنها القرارات اللازمة. ثم تدارس مجموعة من الموضوعات المعروضة عليه واتخذ بشأنها القرارات المناسبة ومن أبرزها:

 

 

 

 

1- إثبات الشهور القمرية، وخصوصاً شهر رمضان للدخول في الصيام وشهر شوال للخروج منه، وهل للحساب الفلكي دخل فيه.

 

 

وقد خلص المجلس بعد استعراض الأبحاث المقدمة والمداولة المستفيضة بشأنها إلى القرار التالي:

 

 

يثبت دخول شهر رمضان أو الخروج منه بالرؤية البصرية، سواء كانت بالعين المجردة لأم بواسطة المراصد، إذا ثبتت في أي بلد إسلامي بطريق شرعي معتبر، عملاً بالامر النبوي الكريم الذي جاء به الحديث الصحيح:” إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا”، “وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”.

 

 

وهذا بشرط ألا ينفي الحساب الفلكي العلمي القطعي إمكان الرؤية في أي قطر من الأقطار. فإذا جزم هذا الحساب باستحالة الرؤية المعتبرة شرعاً في أي بلد، فلا عبرة بشهادة الشهود التي تفيذ القطع، وتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب، وذلك لأن شهادة الشهود ظنية، وجزم الحساب قطع، والظني لا يقاوم القطعي، فضلاً عن أن يقدم عليه، باتفاق العلماء.

 

 

ويؤكد المجلس هذا، أنه لا يعني بالحساب الفلكي: علم التنجيم المذموم والمرفوض شرعاً، كما لا يعني به المدون في( الرزنامات) المعروفة في البلاد الإسلامية، كما قد يتوهم بعض أهل العلم الشرعي. إنما نعني بالحساب: ثمرة علم الفلك المعاصر القائم على أسس رياصية علمية قاطعة، والذي بلغ في عصرنا مبلغاً عظيماً، استطاع به الإنسان أن يصل إلى القمر والكواكب الأخرى وبرز فيه كثير من علماء المسلمين في بلدان شتى.

 

 

 

 

2- الحكم الشرعي في لحوم الأنعام والدواجن المعروضة في الأسواق والمطاعم الأوروبية.

 

 

ناقش المجلس باستفاضة تامة هذا الموضوع الهام الذي أثار كثيراً من الجدل والخلاف حول مدى شرعيته، وتوصل إلى ضرورة حرص المسلمين على الالتزام بشروط التذكية كما جاءت بها الشريعة الغسلامية، إرضاءً للرب سبحانه، ومحافظة على شخصيتهم الدينية مما تتعرض له من أخطار، وصوناً لأنفسهم من تناول المحرمات.

 

 

وبعد استعراض طرائق الذبح المتبعة وما يتضمنه الكثير منها من مخالفات شرعية تؤدي إلى موت عدد غير قليل من الحيوانات، لا سيما الدجاج فقد قرر المجلس عدم جواز تناول لحوم الدواجن والأبقار، بخلاف الأغنام والعجول الصغيرة فإن طريقة ذبحها لا تتنافى مع شروط الذكاة الشرعية في بعض البلدان. هذا ويوصي المجلس أن يتخذ المسلمون في ديار الغرب مذابح خاصة بهم حتى ترتاح ضمائرهم ويحافظوا على شخصيتهم الدينية والحضارية. ويدعوا المجلس الدول الغربية إلى الأعتراف بالخصوصيات الدينية للمسلمين ومنها تمكنهم من الذبح حسب الشريعة الإسلامية أسوة بغيرهم من الجماعات الدينية الأخرى كاليهود. كما يدعو الدول الإسلامية إلى استيراد اللحوم الحلال التي تخضع لمراقبة شرعية من قبل المراكز الإسلامية الموثوق بها في ديار الغرب.

 

 

 

 

3- حكم الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء لتأخر وقت العشاء أو انعدام علامته الشرعية في بعض البلاد.

 

 

انتهى المجلس إلى جواز الجمع بين هاتين الصلاتين في اوروبا في فترة الصيف حين يتأخر وقت العشاء إلى منتصف الليل أو تنعدم علامته كلياً، دفعاً للحرج المرفوع عن الأمة بنص القرآن، ولما ثبت من حديث ابن عباس في صحيح مسلم:”أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته”. كما يجوز الجمع في تلك البلاد في فصل الشتاء أيضاً بين الظهر والعصر لقصر النهار وصعوبة أداء كل صلاة في وقتها للعاملين في مؤسساتهم إلا بمشقة وحرج. وينبه المجلس على أن لا يلجأ المسلم إلى الجمع من غير حاجة، وعلى أن لا يتخذه له عادة.

 

 

 

 

4- حكم صلاة الجمعة قبل الزوال وبعد العصر.

 

 

وقد خلص المجلس إلى أن وقت الجمعة المتفق عليه هو بعد الزوال إلى العصر وهو الأولى والأحوط والواجب على أئمة المسلمين أن يحرصوا دائماً على الخروج من المختلف فيه إلى المتفق عليه ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً. أما إذا تعارض ذلك مع ظروف المسلمين في بعض البلدان، أو في بعض الأوقات أو في بعض الأحوال فلا حرج في الأخذ بالمذهب الحنبلي بإقامة صلاة الجمعة قبل الزوال، وكذلك في الأخذ بالمذهب المالكي بجواز تأخير الصلاة إلى وقت صلاة العصر تقديراً للحاجة، وتحقيقاً لهذه المصلحة الدينية.

 

 

 

 

5- حكم جمع الزكاة وتوزيعها بواسطة المؤسسات الخيرية.

 

 

تدارس المجلس هذا الموضوع وانتهى إلى مشروعية تحصيل هذه المؤسسات للزكاة من أصحابها وصرفها في مصارفها الثمانية أو من وجد منهم، لا سيما أن المسلمين مأمورون بتنظيم حياتهم ولو كانوا ثلاثة كما جاء في الحديث النبوي: “إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا أحدكم” وأن ذلك من التعاون على البر والتقوى. كما أنه إحياء لركن الإسلام لا يتوقف على وجود الخليفة لقوله تعالى:” فاتقوا الله ما استطعتم” وقوله صلى الله عليه وسلم:” إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم”. فإذا لم نستطع إقامة الخلافة واستطعنا أداء ما يخصنا من فرائض وواجبات فعلينا أن نؤديها كما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. وسقوط بعض الواجبات عنا للعذر لا يكون سبباً فيغسقاط الكل. وقد كان المسلمون في العهد المكي يؤتون الزكاة التي وصف الله بها المؤمنين والمحسنسن في كتابه الكريم في السور المكية وذلك قبل قيام دولة المدينة (ونعني بها الزكاة المطلقة، قبل تحديد الأنصبة والمقادير).

 

 

 

 

 

ويغتنم المجلس هذه الفرصة ليؤكد  ما أوصى به المسلمين في دورته السابقة وما ارتآه في هذه الدورة من الأمور التالية:

 

 

1-  المحافظة على هويتهم الإسلامية، وشخصيتهم الدينية، وذلك بالتزام شرع ربهم في ما أمر ونهى وأحل وحرّم في عباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم ومآكلهم ومشاربهم وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية وحسن التعامل مع غيرهم.

 

 

2-  يوصي المجلس المسلمين المقيمين في أوروبا بالعمل الجاد للحصول على اعتراف الدول التي يقيمون فيها بالإسلام ديناً، وبالمسلمين أقلية دينية على غرار الأقليات الدينية الأخرى في التمتع بحقوقهم كاملة وفي تنظيم أحوالهم الشخصية كالزواج والطلاق والميراث. ويناشد الدول الأوروبية الاعتراف بالدين الإسلامي وحقوق المسلمين على غرار ما قامت به بعضها كبلجيكا وإسبانيا والنمسا والمجر. ومن أجل ذلك فإن المجلس يوصي المسلمين بتشكيل هيئات شرعية تتولى تنظيم أحوالهم الشخصية وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، مع مراعاة الالتزام بالقوانين السائدة.

 

 

3-  كما يوصي المجلس هؤلاء الإخوة المسلمين ويشدد في الوصية بالالتزام بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنّة وبما أجمع عليه فقهاء الإسلام من وجوب الوفاء بمقتضيات عهد الأمان وشروط الإقامة والمواطنة في البلاد الأوروبية التي يعيشون فيها، ومن أهم ما يجب عليهم:

 

 

أ – أن يعتقدوا أن أرواح غير المسلمين وأموالهم وأعراضهم معصومة بمقتضى ذلك العهد الذي دخلوا به هذه البلاد، والذي لولاه لما سمح لهم بدخولها أو استمرار الإقامة فيها، وقد قال الله تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا).

 

 

ب – أن يحترموا قوانين هذه البلاد التي آوتهم وحمتهم ومكنتهم من التمتع بكل ضمانات العيش الكريم، وقد قال تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).

 

 

ج – أن يجتنبوا كل أساليب الكسب الحرام على اختلاف أنواعها، ومنها سعي بعض المسلمين للحصول على معونة الضمان الاجتماعي مع أنهم يعملون أو يتاجرون.

 

 

د – أن يبذلوا أقصى الوسع في تنشئة الجيل الجديد – بنين وبنات – تنشئة إسلامية معاصرة، وذلك بتأسيس المدارس والمراكز التربوية والترفيهية لحمايتهم من الانحراف.

 

 

4- كما يوصي المجلس المسلمين عامة والمقيمين في ديار الغرب خاصة بالاعتصام بحبل الله والأخوّة والسماحة والاعتدال والتعاون على البر والتقوى والتزام الحوار الهادئ والأساليب السلمية في معالجة قضايا الخلاف، بعيداً عن مناهج التشدد ومسالك التطرف التي تشوّه صورة الإسلام وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين عامة وإلى الأقليات المسلمة خاصة فيتلقفها أعداء الإسلام والجاهلون به للتشنيع عليه والتخويف منه ومن أهله واستعداء الأمم عليهما، وقد قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).

 

 

 

 

ويطيب لرئيس المجلس وأعضائه أن يتوجهوا بخالص الشكر والامتنان لجمعيات ملّى جورش في ألمانيا والقائمين عليهما على استضافتهم لهذه الدورة وما بذلوه من كرم الضيافة وجميل الحفاوة وحسن الاستقبال ومن جهد تنظيمي مقدر ، كما يشكر اتحاد المنظمات الإسلامية في اوروبا على ما قام به من جهد في سبيل ذلك،  والحكومة الألمانية التي منحت تأشيرات السفر لأعضاء المجلس حتى يسّرت انعقاده على أراضيها على الوجه المرضي.

 

 

 

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

والحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق