البيانات الختامية

البيان الختامى للدورة السادسة عشر

البيان الختامي
للدورة العادية السادسة عشرة
للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث المنعقدة بمدينة استانبول في تركيا
في الفترة من: 7-13 جمادى الآخرة1427هـ الموافق لـ 3-9 تموز (يوليو) 2006م
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أمّا بعد.
فقد انعقدت بتيسير الله وتوفيقه الدّورة العادية السادسة عشرة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بمدينة استانبول بتركيا في الفترة من السابع حتى الثالث عشر من شهر جمادى الآخرة سنة 1427هـ، الموافق للثالث حتى التاسع من شهر تموز (يوليو) سنة 2006م، برئاسة سماحة الشيخ الدكتور العلاّمة يوسف القرضاوي رئيس المجلس وبحضور أغلبية أعضائه وعدد من الضيوف والمراقبين.
افتتحت أعمال هذه الدورة بحفل حضره جمع كبير من المسلمين في مدينة استانبول، ألقى فيه فضيلة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس كلمة، تعرَّض فيها إلى تاريخ المجلس ودوره في إيجاد حلول شرعية وسطية لمشكلات المسلمين في المجتمع الأوربي، تلتها كلمة سماحة رئيس المجلس فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، أبان فيها عن رسالة المجلس الأساسية ومنهجه، وحرصه على مدى دوراته الخمس عشرة الماضية على دفع المسلمين في أوروبا إلى تحقيق التعايش والاندماج الإيجابي الذي لا يعتمد على الترخص والذوبان، بل على الأصول والثوابت مع المرونة في الفروع، وأن منهج المجلس قام على مراعاة فقه التيسير في الفتوى، والذي هو منهج قرآني ونبوي. ثم تناول سماحته المأساة التي تجري اليوم في أرض فلسطين على يد الصهاينة المعتدين، تحت سمع وبصر العالم أجمعين، من قتل للأبرياء من النساء والأطفال وغيرهم، وأبانَ عن الواجب في الإنكار لهذا الاعتداء والظلم.
ثم توالت أعمال المجلس لهذه الدورة، حيث بدأت بندوة فقهية حول موضوع (الفقه السياسي للمسلمين في أوروبا)، تناولت المحاور التالية:
المحور الأول: الدين والسياسة بين الإسلام وأوروبا.
تم فيه استعراض البحوث التالية:
1 – الدين والسياسة في الإسلام تأصيلاً ورد شبهات. للدكتور يوسف القرضاوي.
2 – السياسة والدين بين المبادئ والتاريخ. للدكتور سعيد حارب.
3 – موقع الدين في النظم السياسية الأوربية. للدكتور جون بوبرو.
4 – السياسة والدين في ظل العلمانية في أوروبا. للدكتور رفيق عبدالسلام.
المحور الثاني: مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي.
تم فيه استعراض البحوث التالية:
1 – تقييم عام للفقه السياسي الإسلامي. للدكتور صلاح الدين أرقه دان.
2 – مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي. للدكتور عبدالستار أبو غدة.
3 – تجديد فقه السياسة الشرعية. للدكتور عبدالمجيد النجار.
4 – الشورى بين الأصول الإسلامية ومجريات الواقع. للدكتور أحمد علي الإمام.
5 – التعددية في الفقه السياسي الإسلامي. للشيخ راشد الغنوشي.
6 – المشاركة السياسية لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي (القضاء). للدكتور عصام البشير.
7 – الخلافة أو الديمقراطية. للدكتور صهيب حسن.
8 – الشورى والديمقراطية، الوفاق والفراق. للشيخ حسين حلاوة.
المحور الثالث: المسلمون والسياسة في أوروبا.
تم فيه استعراض البحوث التالية:
1 – تأصيل الموقف الشرعي للعمل السياسي للأقليات المسلمة بأوروبا. للشيخ فيصل مولوي.
1 – الآفاق المستقبلية للعمل السياسي للأقليات المسلمة بأوروبا. للأستاذ أحمد رمضان.
2 – حيثيات التغيير النوعي لإدارة المشروع الإسلامي في أوروبا. للدكتور خالد محمود.
المحور الرابع: العمل السياسي للأقليات المسلمة في أوروبا.
تم فيه استعراض البحوث التالية:
1 – أصول الفقه السياسي للأقليات المسلمة بأوروبا. للدكتورة نادية محمود مصطفى.
2 – العمل السياسي الإسلامي في تركيا بين مبادئ الإسلام ومقتضيات العلمانية. للأستاذ ياسين أكتاي.
3 – المشاركة السياسية للمسلمين في أوروبا من منظور أوربي. للدكتور أوليفي روا.
المحور الخامس: الضوابط الشرعية والأخلاقية للمشاركة السياسية للأقليات المسلمة.
تم فيه استعراض البحوث التالية:
1 – الأصول والقواعد الشرعية الضابطة للعمل السياسي بأروبا. للدكتور علي القره داغي.
2 – ضوابط الانتخابات للأقليات المسلمة بالغرب. للدكتور صلاح سلطان.
3 – العمل السياسي للأقليات المسلمة بأوروبا بين ضوابط الشريعة ومقتضيات العلمانية. للدكتور أحمد جابالله.
المحور السادس: التكييف الفقهي للمشاركة السياسية للمسلمين في أوروبا.
تم فيه استعراض البحوث التالية:
1 – الولاء السياسي للمسلمين في أوروبا بين المقتضيات العقدية والمقتضيات الوطنية. للشيخ عبدالله بن بية.
2 – تقسيم الدور في النظر الفقهي وأثره في الواقع. للشيخ عبدالله بن يوسف الجديع.
3 – المبادئ الأخلاقية الضابطة للعمل السياسي الإسلامي بأوروبا. للشيخ مصطفى أغلو.
4 – المسلمون في أوروبا ومناصرة قضايا المسلمين، أحكام وضوابط. للشيخ سالم الشيخي.
وقد ألقيت هذه البحوث العلمية، ودارت حولها نقاشات ثرية، وكان من مستخلصاتها الفكرية ما يلي:
أولاً: السياسة في الإسلام، هي: تحقيق مصالح الناس وفق الأحكام الشرعية التي تستنبط من النص أو الاجتهاد، وتشمل الفرد والمجتمع فيما يتصل بشأن الدنيا والآخرة.
ثانياً: السياسة جزء من الإسلام الذي يشمل كل جوانب الحياة عقيدة وأخلاقاً ومنهجاً وتشريعاً، في العبادات، أو المعاملات الدولية والدستورية، أو الإدارية والقضائية والاجتماعية والتعليمية. وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين السلطتين الدينية والدنيوية ورسالته صلى الله عليه وسلم مشروع شامل لإصلاح المجتمعات الإنسانية لتحقيق عبادة الله وعمارة الأرض؛ لذا يؤمن المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بأن هناك مزجاً بين الدين والسياسة لشمولية الإسلام الذي يرفض تجزئة أحكامه.
ثالثاً: الديمقراطية في المنظور الإسلامي جوهرها تأكيد للشورى مع التزام بالثوابت والقطعيات بما يحقق استقرار النظام السياسي الإسلامي، كما تحقق العدالة والمساواة بين كافة المواطنين، والرقابة على أعمال الدولة.
رابعاً: العمل السياسي في الإسلام فرض كفاية وقد يتعين أحياناً؛ لأنه داخل فيما أمر الله به من نشر الخير والدعوة إليه، ومعارضة ما يضر بالمجتمع، وهو يرتكز على قواعد ومبادئ أساسية.
وبناء على ما جرى استعراضه ومناقشته في هذه الندوة، فقد أصدر المجلس ما يلي:
 
أولاً: القرارات
قرار 1/16
المسلمون مواطنون ومقيمون في أوروبا
مما تحصَّل من بعض الأبحاث التي تناولت موضوع تقسيم العالم إلى (دار إسلام) و(دار حرب) و(دار عهد)، قرر المجلس ما يلي:
أولاً: إن تقسيم الدور في الفقه الإسلامي إلى (دار إسلام) و(دار حرب) و(دار عهد) يعود إلى الصدر الأول وفي سياق حالة الحرب، وهي حالة استثنائية، إذ أن الإسلام يقرر أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو التعايش السلمي.
ثانياً: جميع ما تضمنه الفقه الإسلامي من آثار ذلك التقسيم والأحكام الشرعية التي ترتبت عليه، كان تبعاً للحالة القائمة يومئذ بين الدولة الإسلامية وسائر العالم من حولها.
ثالثاً: واقع المسلمين اليوم في الدول الأوربية أنهم يعيشون في بلاد التعددية الدينية والثقافية والإثنية القائمة على السلم المحقق للأمن والكافل للحقوق المشتركة، وهم صنفان:
الأول: مواطنون، قد ضمنت لهم القوانين جميع حقوق المواطنة، ومنها حرية التدين والمحافظة عليه، والتمكين من التعريف به، فهؤلاء عليهم المحافظة على ما يقتضيه عقد المواطنة من التزام قوانين البلاد. وقد قال الله تعالى: )يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أوْفُوا بِالعُقُودِ( [المائدة: 1].
والثاني: مقيمون، وحيث إن طبيعة هذا الصنف أنه لا يمنح الإقامة إلا بتأشيرة الدخول، فهو يدخل في صيغة تعهد وتعاقد توجب التزام قوانين البلاد. وذلك وفاء بالعهد الذي قال الله تعالى فيه: )وَأوْفُوا بِالْعَهْدِ، إنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْئُولاً( [الإسراء: 34].
رابعاً: على المسلمين جميعاً الالتزام بأخلاقيات الإسلام، بما فيها أحكام الحلال والحرام، سواء كانت إقامتهم في بلاد المسلمين أو غيرها.
قرار 2/16
قرار في ولاء المسلم في البلاد الأوربية
بعد استعراض الأبحاث التي تناولت موضوع الولاء وأثره على المسلم المواطن أو المهاجر المقيم في أوروبا، قرر المجلس ما يلي:
أن الولاء رباط وثيق، يربط الإنسان بعلاقة خاصة ووشيجة حميمة، تنشأ عنها التزامات وحقوق وواجبات، وهذه العلاقة ذات أوجه مختلفة، وأبعاد متعددة: فالولاء قد يكون للعقيدة. وقد يكون للنسب والقوم. وقد يكون بالعهد والعقد. وقد أشار القرآن والسنة إلى هذه المعاني جميعاً.
وأعلى هذه الولاءات منزلة الولاء للعقيدة الذي يدخل فيه الإيمان بأركانه، وما يترتب على ذلك من ممارسة الشعائر، والالتزام بالأخلاق الفاضلة. وهذا الولاء لا يتناقض مع الولاء للوطن الذي يرتبط معه الإنسان بعقد المواطنة، فيدافع عن حوزته ضد أي اعتداء.
قرار 3/16
قرار في حكم الإقامة في غير البلاد الإسلامية
تناولت بعض الأبحاث حكم إقامة المسلم في بلاد غير إسلامية، وذلك في ضوء نصوص الكتاب والسنة ومذاهب فقهاء الإسلام، وخلص إلى توكيد فتوى سابقة له في مشروعية الإقامة في غير البلاد الإسلامية، مع إضافة ما يلي:
أولاً: متى وُجد الأمن للمسلم في نفسه ودينه في بقعة من الأرض، ينال فيها حقوقه التي تمكّنه من ممارسة شعائر دينه، دون إضرار به، فإقامته في تلك البقعة تتردد بين أحكام ثلاثة حسب مقتضيات الحال:
الأول: الجواز، وذلك في حالة تساوي إقامته فيها مع إقامته في غيرها.
الثاني: الاستحباب، وذلك في حالة تمكنه من المشاركة الإيجابية في المجتمع والتعريف بمحاسن دينه ومكارم الأخلاق والقيم الفاضلة، بأكثر مما يكون في غيرها.
والثالث: الوجوب، وذلك في حالة ما إذا ترتب على هجرته ضرر أو فساد محقق، وكان قادراً على رفعه ورده.
ثانياً: إن الهجرة من مكان إلى آخر بحسب مفهومها الشرعي ليست مطلوبة شرعاً إلا إذا خاف المسلم على دينه، وأوذي بسبب ممارسة شعائر دينه، وتضرر بذلك في نفسه أو أهله أو ماله.
قرار 4/16
قرار بشأن المواءمة بين التقيد بالثوابت وبين مقتضيات المواطنة
اطلع المجلس على القرار رقم 155 (4/17) المتصل بهذا الموضوع، والصادر عن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته السابعة عشرة، ومما جاء في نص القرار ويؤكد عليه المجلس ما يلي:
“يقصد بالمواطنة: الانتماء إلى دولة معينة أرضاً وواقعاً، وحمل جنسيتها. ويقصد بالثوابت الإسلامية: الأحكام الشرعية الاعتقادية والعملية والأخلاقية التي جاءت بها النصوص الشرعية القطعية، أو أجمعت عليها الأمة الإسلامية، ويشمل ذلك ما يتعلق بحفظ الضروريات الخمس، وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال”.
ومشروعية “إسهام المسلمين في غير الدول الإسلامية في الأنشطة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، التي لا تتعارض مع الثوابت المتقدمة، ولا سيما إذا اقتضت المواطنة ذلك، شريطة ألا تهدد هويتهم وشخصيتهم الإسلامية”.
وأن “لا يصار في الفتاوى إلى مبدأ الاستثناء بشأن المسلمين في غير الدول الإسلامية، إلا عند تحقق موجبات الضرورة، أو الحاجة، مع الالتزام بالتقدير بقدرهما”.
قرار 5/16
المشاركة السياسية أحكامها وضوابطها
بعد تدارس البحوث المقدمة المتعلقة بهذا الموضوع، قرر المجلس ما يلي:
أولاً: هدف المشاركة السياسية هو صيانة الحقوق والحريات والدفاع عن القيم الخلقية والروحية، وعن وجود المسلمين في ذلك البلد ومصالحهم المشروعة.
ثانياً: الأصل مشروعية المشاركة السياسية للمسلمين في أوروبا، وهي تتردد بين الإباحة والندب والوجوب، وهذا مما يدل عليه قوله تعالى: )وَتَعاوَنُوا على البِرِّ والتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا على الإثْمِ وَالعُدْوانِ( [المائدة: 2]، كما أنه يعتبر من مقتضيات المواطنة.
ثالثاً: المشاركة السياسية تشمل الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني والالتحاق بالأحزاب، وتكوين التوجهات، والمشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشيحاً.
رابعاً: من أهم ضوابط المشاركة السياسية الالتزام بالأخلاق الإسلامية، كالصدق والعدل والوفاء والأمانة، واحترام التعددية والرأي المخالف، والتنافس النزيه مع المعارضين، وتجنب العنف.
خامساً: من أهم ضوابط المشاركة السياسية: التصويت في الانتخابات، بشرط الالتزام بالقواعد الشرعية والأخلاقية والقانونية، ومنها وضوح المقاصد في خدمة مصالح المجتمع، والبعد عن التزوير أو التشهير، والتجرد من الهواء الشخصية.
سادساً: جواز بذل المال للحملة الانتخابية، حتى لو كان المرشح غير مسلم، ما دام أقدر على تحقيق الصالح العام.
سابعاً: مشروعية المشاركة تنطبق على المرأة المسلمة، كالرجل.
قرار 6/16
مناصرة القضايا العادلة للمظلومين
أولاً: المناصرة هي إعانة المظلومين في الوصول إلى حقوقهم، وتأييدهم على الخلاص والنجاة من الظلم باستعمال الوسائل القانونية والمشروعة، وإغاثتهم بكل ممكن يدفع عنهم الظلم.
ثانياً: مناصرة المسلم لأخيه المسلم واجبة، إمَّا وجوباً كفائياً عندما تتحقق الكفاية بغيره، أو وجوباً عينيًّا عندما لا يكفي غيره لأداء الواجب، ويكون هو قادراً عليها.
ثالثاً: الأصل مشروعية كل وسيلة للمناصرة تحقق المقاصد المشروعة، سواء كانت سياسيةً أو ماليةً أو إعلاميَّةً، وذلك بشروط ثلاثة:
الأول: أن تكون الوسيلة مشروعة في نفسها.
الثاني: أن لا يفضي استعمالها إلى فساد، فلا يحل أن تكون سبباً في الاعتداء على أنفس الأبرياء وأموالهم.
الثالث: أن تكون في إطار القوانين المعمول بها في البلاد الأوربية.
والرابع: أن لا تكون على حساب التفريط بواجبات آكد منها.
 
 
 
ثانياً: الفتاوى
فتوى 1/16
في معاملة مالية
السؤال: لديّ علاقة تجارية مع إحدى الشركات الأوروبية الواعدة التي نشاطها بيع الملابس النسائية الجاهزة، ويملكها شخصان أوربيان، ونحن ممثلون للشركة في منطقة الشرق الأوسط، ونقوم بتسويق منتجاتها في المنطقة، وذلك بإيجاد منافذ للبيع لها داخل السوق العربية. قد عرضت الشركة علينا أن تبيعنا حصة منها بنسبة 25%. ولا يخفى ما فيها من النفع الكبير، وبخاصة أن الشركة تتميز بخبرتها الجيدة في هذا المجال، وجودة صناعتها ومنافستها في السعر. فهل يجوز شراء هذه الحصة؟ علماً بأن شركائي الأوروبيين مصادر أموالهم مختلفة، قد يكون تمويلها بنكياً أو غير ذلك، ولكن بطرق مشروعة قانونياً، حيث يتمتع الشركاء بسمعة طيبة داخل البلد.
وفي حالة الدخول في الشركة، فإن علاقتها وطيدة مع البنوك من حيث التسهيلات البنكية من سيولة وغيرها، فهل في هذا حرج في الناحية العملية للشركة؟ علماً بأن نشاط الشركة تصميم وصناعة وبيع الملابس النسائية في هذه الشركة هو بطريقة الفرانشايز وهي كالتالي:
أ- أن تفتح اسم الشركة نظير رسم.
ب – يقدم ضمان بنكي بنصف قيمة البضاعة.
ج – تأجير مساحة مناسبة حسب طلب الشركة.
د – بمواصفات وخبرات محددة.
وبعد ذلك تقوم الشركة بتمويل المعرض بالبضاعة طوال فترة وجود المعرض بمقابل يتمثل بنسبة من المبيعات، وإذا تبقت بضاعة يمكن إرجاعها للشركة الأم، ثم ترسل بضاعة أخرى وهكذا.
علماً بأننا من خلال علاقتنا الجيدة بهم استطعنا تعديل بعض شروط العقد التي كانت تفرض نسبة زيادة في الرسوم في حال تأخر السداد من صاحب المعرض. كذلك كان لعلاقتنا التجارية من الناحية الثقافية أثر كبير في تغيير مفاهيم أصحاب الشركة وموظفيها عن الإسلام والثقافة الإسلامية، وإنا نرجو الله أن يكون ذلك بداية خير معهم.
 الجواب:
أولاً: لا مانع من الإسهام في شركة غرضها تجاري – كالشركة المشار إليها – ولو كانت مصادر أموال الشركاء مختلفة ما بين أموال مكتسبة بوجه حلال، أو مقترضة بالفائدة؛ لأن مسئولية الاقتراض الحرام هي على أولئك الشركاء، ولكن يشترط أن لا تكون تلك القروض موثقة برهن على محل المشاركة؛ لأنه بالدخول في الشركة يظل الرهن قائماً، ويكون المساهم الملتزم بالشريعة كفيلاً لذلك القرض المحرم، ومن المعلوم حرمة هذا الاقتراض وحرمة المعونة عليه ولو بالكتابة والشهادة، على أن الرهن والكفالة أشد في المعونة.
ثانياً: يجب أن يكون للشريك المسلم السلطة في إدارة الشركة أو ضبط تعاملاتها لتكون متفقة مع الشريعة الإسلامية، ومن ذلك تحويل التسهيلات البنكية بفائدة، إلى الحصول على تمويلات متفقة مع الشريعة، كالشراء بالأجل والسلم ونحوها.
ثالثاً: الدخول في عملية الفرنشايز (نقل الترخيص بالامتياز بمقابل) لا مانع منه شرعاً؛ لأنه من قبيل استئجار حق معنوي، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي بأن الحقوق المعنوية يجوز شراؤها واستئجارها. كما أن الالتزام باستخدام الأدوات والآليات والطرق المتبقية من الشركة المانحة للامتياز هو من قبيل التعهد الذي يجب الوفاء به، للمحافظة على مستوى إنتاج الشركة. أما شراء المواد الخام ونحوها من تلك الشركة فهو أيضاً للغرض نفسه، وهو تنفيذ للتعهد نفسه.
رابعاً: إن سعي الشريك الملتزم بتصحيح شروط تعامل الشركة بإلغاء فوائد التأخير ونحوها هو من تغيير المنكر، وهو مأمور به.
فتوى 2/16
في قضية زواج في العدة
السؤال: زوجة لها أبناء واختصمت مع زوجها فطلقها ثلاث تطليقات منفصلات، والزوج في كامل وعيه، وكان الطلاق شفوياً غير مكتوب. وبعد التطليقة الثالثة وقبل انقضاء العدة تزوجت المرأة من زوج آخر زواجاً عرفياً، ومكثت معه مدة ثم طلقها شفوياً أيضاً. ثم حفظاً لأبنائها اتصلت بزوجها الأول وتوافقا على الرجوع إلى بعضهما بزواج جديد، فهل يصح هذا الزواج الجديد، وكيف يكون إتمامه؟
الجواب:
قال تعالى: )الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحْسَانٍ(، حتَّى قال: )فَإنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، فَإنْ طَلَّقَها فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَرَاجَعا إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ( [البقرة: 229-230].
أما زواج المرأة برجل آخر زواجاً عرفياً وهي في عدتها، فإن هذا الزواج فاسد، حتى لو كان الطلاق ثلاثاً. وعلى هذه المرأة ومن تزوج بها في عدتها أن يستغفرا الله تعالى ويتوبا إليه من هذا الفعل الذي وقع منهما، ولعل ذلك سببه الجهل بالدين الذي يقتضي من أهل العلم والأئمة أن يفقهوا المسلمين في خطبهم ومحاضراتهم في مسائل فقه الأسرة كما هو الحال في فقه العبادات.
فهذه المرأة إذا أرادت أن ترجع إلى زوجها الذي طلقها ثلاثاً فلا بد من أن تتزوج غيره زواجاً صحيحاً، ويدخل بها الزوج الجديد دخولاً حقيقياً، ويكون ذلك بنية الزواج لا بقصد التحليل لزوجها الأول، فإن توفي أو طلقها فيجوز لها بعد ذلك أن تعود إلى زوجها الأول بعقد جديد بعد أن تنتهي عدتها من زوجها الثاني.
فتوى 3/16
حق النساء في حضور المساجد
السؤال: إننا في الجمعية الثقافية العربية في مدينة أرغوس في الدانمارك، لدينا مسجد ضيق، ونحن مقبلون على شهر رمضان، حيث رواد المسجد من الشيوخ والشباب والرجال والنساء، وهذا اضطرنا إلى أن نقيم خيمة ونستأجر حمامات خاصة للنساء مما يسهل مشاركة النساء مع الرجال، ولكن بعض الإخوة اعترض بأنه لا ينبغي أن نكلف أنفسنا ذلك؛ لأن المرأة ليس مطلوباً منها حضور الصلوات في المسجد، وصلاتها في بيتها خير لها. أفتونا بارك الله فيكم.
الجواب:
بل على الجمعية أن تقوم بتوفير مكان للنساء ما دام ذلك ممكناً؛ وذلك لحقهن في حضور صلاة الجماعة والجمعة وصلاة التراويح، والمشاركة في الدروس والمحاضرات التي تلقى في المسجد، وذلك لعدة اعتبارات، منها:
أولاً: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن منعهن من المسجد حيث قال: “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله” متفق عليه. وفيه إثبات حقهن في مشاركة الرجال في المساجد، والأصل في الأحكام التكليفية أن النساء شقائق الرجال، إلا ما استثناه الشارع مراعاة لخصائص كل من الجنسين.
ثانياً: ما جرى عليه العمل في حياته صلى الله عليه وسلم، ومن بعده من عمل المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين، فقد كان للنساء يخرجن إلى المساجد ويشهدنها للجماعة والجمعة، وغير ذلك.
ثالثاً: حاجة النساء في البيئة الأوربية إلى أن يكون لهن حقهن من الزاد الروحي والتربوي، وأن يشاركن في دور فاعل في المجتمع المسلم، الأمر الذي لا يتحقق في مكان كما يكون في المساجد. وشهر رمضان موسم عظيم لتحقيق ذلك.
فتوى 4/16
في الذبائح
السؤال: نحن في بلد غربي، ومما لاحظته أنه من المتعارف عليه في هذه البلاد أثناء ذبح الحيوانات في عيد الأضحى حتى من قبل المسلمين، أن الذابح بعد أن يذبح الأضحية بقليل، يدخل السكين ويقطع النخاع الشوكي لكي لا تعذبه الأضحية بحركتها بعد ذبحها، ومما لا شك فيه أن الحيوان تشل حركته تماماً بعد قطع النخاع الشوكي الرقبي منه، وهذه العملية تمنع من خروج الدم بأكبر كمية من جسم الأضحية، فمن الطبيعي أن حركة الحيوان بعد ذبحه تساعد على إخراج الدم من جسمه بأكبر كم ممكن، فما الحكم في ذلك؟
الجواب:
إذا تمّ الذبح مع مراعاة الشروط المطلوبة شرعاً، فلا حرج من أن يقوم الذابح بوخز الحيوان وقطع النخاع الشوكي لتخفيف أو إيقاف حركة المذبوح.
أما خروج الدم من الذبيحة فلا علاقة له بالنخاع الشوكي، وإنما يخرج بتأثير ضربات القلب الذي يستمر في نبضه بعد الذبح بتأثير الجملة العصبية الخاصة بالقلب، وهذه الصفة المميزة هي التي سمحت بنقل القلب من ميت إلى حيّ.
 
فتوى 5/16
في المكاسب
السؤال: طلبت مني أخت أن أقوم بتعليم النساء، وهي تأخذ منهن أجراً مقابل ذلك، وتدفع لي مبلغاً رمزياً قدره (100 €)، فهل يجوز لي أن أتقاضى منها ذلك مع عدم إعلام الدولة بالأمر؟ لأن الدولة لا تعترف بتعليم اللغة العربية، ولن تقبل ذلك كعمل، مع العلم أني لا أعمل، وأتقاضى راتباً من الدولة. وهل يؤثر في الحكم فيما لو أخذته، وأنفقته في سبيل الله؟
الجواب:
أولاً: لا نعلم دولة غربية تمنع تعليم اللغات، ومنها العربية، بل العكس هو الصحيح حيث يوجد تشجيع عام لتعلم اللغات، واليوم لا تستغني دولة عن ذلك في أجواء العولمة.
ثانياً: لا مانع من العمل لتعليم اللغة العربية، وإذا أخذت أجراً على ذلك فيجب إعلام الدولة، ولا يجوز ملء استمارات البطالة مع وجود عمل، ولو كان الأجر يسيراً. بل الأصل هو الشفافية في التعامل مع النظم في كل القضايا، ومنها المالية، ويوصي المجلس دائماً المسلمين بهذه الشفافية والوضوح، ويؤكد على حرمة الكذب في تقارير البطالة للحصول على المنح من الدولة.
لكن إذا كان المبلغ يسيراً في حدود ما تسمح به الدولة، فلك أخذه.
ثالثاً: إذا كان الأمر كما ذكرت، أنك تنفقين هذا المبلغ في سبيل الله، فلماذا لا تجعلين عملك تطوعاً، وتوجهين صاحبة العمل إلى بذل هذه الهدية أو المكافأة في أبواب الخير التي ترغبين فيها؟ فهذا أسلم لك من الناحيتين الشرعية والقانونية.
 
 
 
 
 
ثالثاً: التوصيات
يوصي المجلس بما يلي:
1 – أن يعمل المسلمون في أوروبا على إنشاء مراكز أبحاث متخصصة في الفقه السياسي.
2 – السعي إلى التعايش والاندماج في المجتمع الأوروبي اندماجاً سمته محافظة دون انغلاق، وانفتاح دون ذوبان، اندماج يسعى فيه المجتمع لمستقبل مشترك يحقق مصالح الجميع وتحترم فيه كل الأديان والثقافات.
3 – أن يتبنى المسلمون في كل بلد أوروبي أو غربي مشروعاً سياسياً تراعى فيه كل الضوابط الشرعية التي تسعى إلى مصلحة المجتمعات؛ لتحقيق عبادة الله، وعمارة الأرض.
4 – أن يقوم الأئمة وقادة المنظمات الإسلامية بحث المسلمين على المشاركة في الانتخابات التي تجري في الدول الأوربية، وتسجيل أنفسهم في كشوف الناخبين، والتجاوب مع الانتخابات المحلية والعامة.
5 – دعوة المسلمين المقيمين في أوروبا إلى التناصح والتشاور فيما بينهم في تقويم مؤهلات المرشحين والتوصية بانتخاب أصلحهم، وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الوحدة بينهم، وتجسيد معنى الشورى الذي أمر به الإسلام.
6 – دفع نوابغ الطلاب إلى دراسة القانون والعلوم السياسية حتى يكون منهم ممثلون للمسلمين ولمجتمعهم بشكل حرفي مميز.
كذلك يوصي المجلس المسلمين المقيمين في أوروبا بما اعتاد أن يوصي به ويؤكد عليه:
1 – أن يراعوا الحقوق كلها، وأن يعطوا الصورة الطيبة والقدوة الحسنة من خلال أقوالهم وتصرفاتهم وسلوكهم.
2 – أن يقوموا بدورهم بالإبداع والابتكار، وتشجيع ذلك على كافة المستويات.
3 – أن يبذلوا أقصى الوسع في تنشئة أبنائهم وبناتهم تنشئة إسلامية معاصرة، وذلك بتأسيس المدارس والمراكز التربوية والترفيهية لحمايتهم من الانحراف.
4 – أن يسعوا جادين لإنشاء شركات ومؤسسات مالية تخلو من المخالفات الشرعية.
5 – أن يعملوا على تشكيل هيئات شرعية تتولى تنظيم أحوالهم الشخصية وفق أحكام الشريعة الإسلامية، مع مراعاة الالتزام بالقوانين السائدة.
6 – أن يبذلوا وسعهم للحصول على اعتراف الدولة التي ينتمون إليها أو يقيمون فيها بالإسلام ديناً، وبالمسلمين أقلية دينية على غرار الأقليات الدينية الأخرى في التمتع بحقوقهم كاملة، وفي تنظيم أحوالهم الشخصية كالزواج والطلاق وفقاً لأحكام دينهم.
7 – أن يلتزموا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه فقهاء الإسلام، من وجوب الوفاء بمقتضيات المواطنة أو عقد الإقامة، والالتزام بالقانون والنظام العام في البلاد التي يعيشون فيها.
8 – أن يتجنبوا العنف بكل صوره ومظاهره، وأن يكون أسلوبهم الرفق والرحمة والحكمة في التعامل مع الناس جميعاً كما يأمرهم الإسلام، وأن ينكروا على كل من حاد عن هذا الطريق الإسلامي السوي.
كما يوصي المجلس المسلمين عامة والمقيمين في أوروبا خاصة بالاعتصام بحبل الله، والأخوّة، والسماحة، والوسطية، والتعاون على البر والتقوى، والتزام الحوار الهادئ والأساليب السليمة في معالجة قضايا الخلاف، بعيداً عن مناهج التشدد ومسالك التطرف التي تشوه صورة الإسلام، وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين عامة وإلى الأقليات المسلمة خاصة، فيتلقفها خصوم الإسلام والجاهلون به للتشنيع عليه والتخويف منه ومن أهله واستعداء الأمم عليهم، وقد قال الله تعالى: )ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَن( ]النحل: 125[.
وانطلاقاً مما قرره المجلس بخصوص نصرة القضايا العادلة، فإزاء ما يجري في فلسطين المحتلة من عدوان وحشي على السكان الأبرياء، وتدمير منظم لمقومات حياتهم، وهدر لكل القيم الإنسانية على يد سلطات الاحتلال، فإن المجلس يعبر باسم المسلمين الأوربيين عن بالغ القلق والاستنكار لهذا العدوان.
ومع ملاحظة التميز لمواقف دول ومؤسسات أوربية، إذ يقدرها المجلس، يرجو أن تكون أكثر حزماً في شجب العدوان وإيقافه ووضع حد للحصار الظالم. ويهيب المجلس بالمسلمين وكل الشعوب الحرة ودول العالم أن يبادروا إلى نصرة شعب فلسطين المنكوب، سياسياً ومالياً، وكسر الحصار الظالم المضروب عليه، وقد قال الله تعالى: )وَتَعاوَنُوا على البِرِّ والتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا على الإثْمِ وَالعُدْوان( [المائدة: 2].
وبعد انتهاء المداولات العلمية للمجلس فقد تقرّر أن يكون انعقاد الدورة القادمة في النصف الثاني من شهر مايو سنة 2007م.
والمجلس في ختام دورته يتقدّم بخالص الشكر الموصول بالدعاء لهيئة المكتوم الخيرية على دعمها المادّي والمعنوي المتواصل الذي تقدّمه للمجلس.
ويشكر للحكومة التركية دورها في تيسير انعقاد هذه الدورة على أرضها، متمثلاً في حسن تجاوبها مع الأمانة العامة للمجلس وتسهيل إجراءات الدخول لأراضيها لأعضاء المجلس.
كما يشكر الأمانة العامة للمجلس وجميع من قام من الإخوة والأخوات في العمل على إنجاح أعمال هذه الدورة من العاملين في جمعية الحكمة وشركة كريم وغيرهم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق