البيانات الختامية

البيان الختامى للدورة الخامسة

البيان الختامي

 

للدورة العادية الخامسة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث

 

المنعقدة في المركز الثقافي الإسلامي بدبلن

 

في الفترة 30 محرم ـ 3 صفر 1421هـ  الموافق 4 7 مايو 2000م

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد..

 

فقد انعقدت على بركة الله الدورة العادية الخامسة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في المركز الثقافي الإسلامي بدبلن (جمهورية أيرلندا) فيما بين30 محرم ـ 3 صفر 1421هـ  الموافق 4 7 مايو 2000م برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس المجلس حفظه الله، وبحضور غالبية الأعضاء.

 

وقد استعرض المجلس جدول أعماله المشتمل على التقرير الدوري للأمانة العامة، واتخذ القرارات اللازمة للأعمال الإدارية والمالية، ومن أهمها نقل مسؤولية الأمين العام من فضيلة الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع مع تثمين جهوده في تطوير المؤسسة إلى فضيلة الشيخ حسين محمد حلاوة، ونقل مقر الأمانة إلى أيرلندا. ثم تدارس مجموعة من الموضوعات المدرجة على جدول أعماله واتخذ بشأنها القرارات المناسبة، ومن أبرزها:

 

 

القرار 1/ 5

 

توريث المسلم من أقاربه غير المسلمين

 

يرى المجلس عدم حرمان المسلمين ميراثهم من أقاربهم غير المسلمين ومما يوصون لهم به. وأنه ليس في ذلك ما يعارض الحديث الصحيح: “لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم” الذي يتجه حمله على الكافر الحربي، مع التنبيه إلى أنه في أول الإسلام لم يحرم المسلمون من ميراث أقاربهم من غير المسلمين. وهو ما ذهب إليه من الصحابة معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ومن التابعين جماعة منهم سعيد بن المسيب ومحمد بن الحنفية وأبو جعفر الباقر ومسروق بن الأجدع، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

 

 

القرار 2/5

 

طلاق المرأة نفسها

 

وفي مسألة مدى جواز طلاق المرأة نفسها، فإن المجلس قد قرر بعد بحث مستفيض ما يلي:

 

أولاً: أن الطلاق من حيث الأساس حق أعطاه الإسلام للرجل.

 

ثانياً: يمكن أن تطلق المرأة نفسها إذا اشترطت ذلك في عقد الزواج أو إذا فوضها زوجها بذلك بعد العقد.

 

ثالثاً: يمكن للمرأة أن تخالع زوجها إذا رغبت في ذلك أمام القاضي الذي يجب عليه أن يبذل كل جهد ممكن للإصلاح بينهما، فإن يئس قضى بالخلع.

 

رابعاً: يمكن للمرأة أن تتفق مع زوجها على الطلاق ضمن أي شروط مشروعة يتراضيان عليها.

 

خامساً: يمكن للمرأة أن تطلب من القاضي التفريق بسبب الضرر المعتبر شرعاً، وله أن يحكم بذلك إذا أثبتت الزوجة ادعاءها، وبعد أن يبذل جهده في الإصلاح بين الزوجين كما أمر الله تعالى، وخاصة اختيار حكمين يساعدانه في هذه المهمة.

 

 

القرار 3/5

 

حكم تطليق القاضي غير المسلم

 

الأصل أن المسلم لا يرجع في قضائه إلا إلى قاض مسلم أو من يقوم مقامه، غير أنه بسبب غياب قضاء إسلامي حتى الآن يتحاكم إليه المسلمون في غير البلاد الإسلامية، فإنه يتعين على المسلم الذي أجرى عقد زواجه وفق قوانين هذه البلاد، تنفيذ قرار القاضي غير المسلم بالطلاق، لأن هذا المسلم لما عقد زواجه وفق هذا القانون غير الإسلامي، فقد رضي ضمناً بنتائجه، ومنها أن هذا العقد لا يحل عروته إلا القاضي. وهو ما يمكن اعتباره تفويضاً من الزوج جائزاً له شرعاً عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك. لأن القاعدة الفقهية تقول (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً). وتنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد وحسماً للفوضى، كما أفاده كلام غير واحد من حذاق العلماء كالعز بن عبدالسلام وابن تيمية والشاطبي.

 

 

القرار 4/5

 

حكم كشف المرأة المسلمة عورتها أمام غير المسلمة

 

أجاب المجلس عن سؤال حول عورة المسلمات أمام غير المسلمات واشتراكهن في مسبح آمن خاص بهن، بأنه لا مانع من هذا الاشتراك وأن عورة المسلمة تجاه غير المسلمة هي كعورة الرجل أمام الرجل، أي من السرة إلى الركبة، على ما هو المذهب المعتمد عند الحنابلة وقول صحيح في المذاهب الثلاثة. ويوصي المجلس الأخوات الصالحات بالحرص على غض البصر عما يظهر من العورات وعلى أن يتخذن من بينهن من تدربهن على السباحة، ونظراً لما بدا من حرص هؤلاء النسوة غير المسلمات على صورة من صور الحشمة في الابتعاد عن خلطة الرجال في هذا الموضع، فإن على المسلمات الاستفادة من ذلك في دعوتهن إلى الإسلام وقيمه.

 

 

القرار 5/5

 

مشاركة المرأة في العمل العام

 

نبه المجلس إلى المكانة المتميزة التي خولها الإسلام المرأة إذ جعلها شقيقة للرجل، مساوية له في الإنسانية وفي حمل أمانة الله في تكامل بين الحقوق والواجبات (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف). ولا ريب أن المرأة تعرضت قديماً وحديثاً لمظالم شتى إفراطاً وتفريطاً، وما أنصفها غير الإسلام.

 

وفيما يخص مشاركة المرأة في العمل العام، فإن المجلس قد أكد أن لها حقاً قد يرتفع أحياناً إلى درجة الواجب في أن تؤسس أو تشارك في تأسيس وإدارة المراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية فتنهض بدعوة المسلمين وغيرهم وتقدم الخدمات إليهم لا سيما لبنات جنسها. كما أن لها أن تشارك في الأعمال المنظمة بقصد استئناف الحياة الإسلامية، كما لها المشاركة في العمل السياسي انتخاباً وترشيحاً، وكل ذلك مشروط بأن يكون وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وآدابها في جميع الأحوال.

 

 

القرار 6/5

 

كما تداول المجلس القضايا التالية واستمع إلى الأبحاث المقدمة فيها وناقشها باستفاضة، وهي: موضوع التأمين وما يتعلق به، وموضوع البورصة، ومسألة المرأة تسلم وزوجها باق على دينه، فرأى تأجيل البت فيها لمزيد من البحث والاستقصاء.

 

 

التوصيات:

 

يؤكد المجلس ما سبق أن أوصى به المسلمين في الدورات السابقة وما ارتآه في هذه الدورة مما يلي:

 

 

1.        يطالب المجلس المسلمين في أوروبا وفي سائر البلاد غير الإسلامية بالسعي الجاد للاعتراف بهم كمجموعة دينية خاصة، وإتاحة المجال أمامهم للرجوع في أحوالهم الشخصية إلى أحكامهم الشرعية، خاصة وأن غير المسلمين في البلاد الإسلامية يتمتعون بحرية في تطبيق أحكامهم الدينية في هذا المجال منذ قيام الدولة الإسلامية وحتى اليوم.

 

كما يطالب السلطات الأوروبية بالاعتراف للمسلمين بهذا الحق، باعتباره يمثل أهم حقوق الإنسان كفرد، وأهم حقوق الجماعات الإنسانية المختلفة. وريثما يتم ذلك فإن المجلس يطالب المسلمين بالحرص على تطبيق أحكامهم الخاصة في أحوالهم الشخصية ما أمكنهم ذلك وفي حدود القوانين النافذة.

 

 

2.     كما يوصيهم بالمحافظة على هويتهم الإسلامية، وشخصيتهم الدينية، وذلك بالتزام شرع ربهم في ما أمر ونهى وأحل وحرّم في عباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم ومآكلهم ومشاربهم وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية وحسن التعامل مع غيرهم.

 

 

   3.             ويوصيهم – ويشدد في الوصية – بالالتزام بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنّة وبما أجمع عليه فقهاء الإسلام من وجوب الوفاء بمقتضيات عهد الأمان وشروط الإقامة والمواطنة في البلاد الأوروبية التي يعيشون فيها، ومن أهم ما يجب عليهم:

 

أ . أن يعتقدوا أن أرواح غير المسلمين وأموالهم وأعراضهم معصومة بمقتضى ذلك العهد الذي دخلوا به هذه البلاد، والذي لولاه لما سمح لهم بدخولها أو استمرار الإقامة فيها، وقد قال الله تعالى: )وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً).

 

ب . أن يحترموا قوانين هذه البلاد التي يقطنونها والتي مكنتهم من التمتع بكل ضمانات العيش الكريم، وقد قال الله تعالى: )هل جزاء الإحسان إلا الإحسان(.

 

ج . أن يجتنبوا كل أساليب الكسب الحرام على اختلاف أنواعها، ومنها سعيهم للحصول على معونة الضمان الاجتماعي مع أنهم يعملون أو يتاجرون.

 

د . أن يبذلوا أقصى الوسع في تنشئة الجيل الجديد ـ بنين وبنات ـ تنشئة إسلامية معاصرة، وذلك بتأسيس المدارس والمراكز التربوية والترفيهية لحمايتهم من الانحراف وحتى يكونوا عناصر صالحة ومؤثرة في المجتمع.

 

   4.             كما يوصي المجلس المسلمين عامة والمقيمين في ديار الغرب خاصة بالاعتصام بحبل الله والأخوّة والسماحة والاعتدال والتعاون على البر والتقوى والتزام الحوار الهادئ والأساليب السلمية في معالجة قضايا الخلاف، بعيداً عن مناهج التشدد ومسالك التطرف التي تشوّه صورة الإسلام وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين عامة وإلى الأقليات المسلمة خاصة فيتلقفها أعداء الإسلام والجاهلون به للتشنيع عليه والتخويف منه ومن أهله واستعداء الأمم عليهما، وقد قال الله تعالى: )ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن(.

 

 

ويطيب لرئيس المجلس وأعضائه أن يتوجهوا بخالص الشكر لهيئة المكتوم الخيرية وللمركز الثقافي الإسلامي في ايرلندا والقائمين عليهما على استضافتهم لهذه الدورة وما بذلوه من كرم الضيافة وجميل الحفاوة وحسن الاستقبال ومن جهد تنظيمي مقدر، كما يتقدم المجلس بالشكر للحكومة الأيرلندية التي منحت تأشيرات السفر لأعضاء المجلس حتى يسّرت انعقاده على أراضيها على الوجه المرضي.

 

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

والحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق