الأخبار

برنامج الدورة السادسة والعشرون

هدي الإسلام في إقرار السلام والأمان ودفع الظلم والعدوان

03-07 المحرم 1438 هـ – الموافق 04 – 08 أكتوبر 2016م

لقد جاء الإسلام بمبادئ وتشريعات تهدف إلى المحافظة على السلام والتعايش بين الناس في ظل المجتمع الواحد، وكذلك بين سائر الأمم والشعوب على اختلاف عقائدها ومبادئها.

ومع دعوة الإسلام للناسَ حتى يعيشوا فيما بينهم في سلام وأمان، فإنه أقرّ بما هم عليه من الاختلاف والتنوع؛ ودعا ليكون ذلك الاختلاف مصدر إثراء وتكامل وتعاون عن طريق التعارف والتواصل، لكنه قد يتحول أحيانا إلى مصدر تدافع وصراع؛ قال تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير” ـ الحجرات 13 ـ وقال تعالى: “لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم” ـ المائدة 48 ـ، وقال تعالى: “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين” ـ هود 118 ـ

إن تاريخ البشرية وواقعها لم يَخل من صفحاتٍ من التدافع والصراع على الرغم من أن جميع العقلاء والحكماء يُسلّمون بأن التعايش والسلام هو الأصلح لبني الإنسان؛ ولذلك دعا الإسلام إلى نبذ كل ما يؤدي التنافر والصدام فقرّر مبدأ الحرية التي يجب أن ينعم بها كل إنسان في اختيار ما يريد لنفسه، ومنع الإكراه ولو كان على الحق: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي” ـ البقرة 256 ـ، “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” ـ الكهف 29 ـ؛ و دعا الإسلام من أجل التعامل مع واقع الاختلاف بين الناس إلى الحوار الهادف من أجل الالتقاء على الحق، فإذا تعذّر ذلك فليس للإنسان إلا أن يحترم غيره فيما يخالفه فيه، وأن يَدَع الفصل في الخلاف لله عز وجل “إن ربك يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون” ـ السجدة 25 ـ

وأما إذا أخلّ الإنسان بقواعد التعايش السلمي مع غيره وبدر منه الظلم والعدوان، فإن الله قد أذن للمظلوم بأن يدرأ الظلم عن نفسه بالتي هي أحسن؛ ولكن دفع الظلم يجب أن يلتزم قواعد وضوابط صارمة حتى لا يتحول إلى اعتداء وتجاوز. قال تعالى: “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين” ـ البقرة 251 ـ وقال تعالى: “الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز” ـ الحج 40 ـ

إن عالمنا اليوم يعرف أوضاعا عديدة من التوتر والصراع، سواء على المستوى الداخلي لبعض المجتمعات، أو على مستوى العلاقات بين دول وشعوب مختلفة؛ وإن ما يجري من حروب في عدّة مناطق من العالم، وأحداث إرهابية تضرب العديد من المجتمعات أمر يحتاج إلى تَدارس ونظر للوقاية من كل ذلك.

إن البشرية اليوم تحتاج إلى أن تعلو فيها أصوات العقلاء والحكماء وأن تتضافر جهودهم من أجل معالجة المشاكل والخلافات في إطار من العدل والإنصاف، إذ أن العدل هو أساس الاستقرار والتعايش، والظلم هو المؤدي إلى الصراع والخراب.

إن الكثير من الدارسين والمحللين يُجمعون على أن ما يعيشه العالم اليوم من حالات التوتر والصدام يعود إلى أسباب متعددة ومتداخلة يجب النظر إليها وفهمها ومحاولة معالجتها من جذورها علاجا جادّا، بدل الاكتفاء بمجرد الإدانة والشجب مع عدم الالتفات إلى تلك الأسباب الحقيقية التي تهيأ الأجواء الصدامية، ومن أهمّ هذه الأسباب:

أ ـ انخرام موازين العدل في العديد من المجتمعات، والذي من شأنه أن يؤدّي إلى شعور بعض الأفراد من الفئات المحرومة بحالة من الإحباط واليأس لأنها لا تتمتع بنفس حقوق المواطنة من التقدير والاحترام، وتكافؤ الفرص، والمساواة في الحقوق والواجبات؛ إلى جانب شعورها بالعجز على تغيير أحوالها؛ وهذا الوضع يولّد لدى البعض حالةً من الاحتقان والغيظ، تجعلهم أمام المعاناة والتهميش يصلون إلى قطيعة مع المجتمع ربما تؤدي بهم إلى النقمة والانتقام؛ ومن هنا يطرح السؤال التالي: ما هو دور المجتمع في الوقاية من حالات اليأس والقطيعة وكيف يمكن أن يعالج بفاعلية حالات الظلم الاجتماعي، سؤال مهمّ يحتاج إلى تحليل ودراسة وحلول؟

ب ـ اختلال موازين العدل في التعامل بين الدول والأمم، وتعاطي أصحاب القوة والنفوذ مع مشكلات العالم من منطلقات يَغلب عليها منطق المصالح والنفوذ مع ما يصحب ذلك من إخلالٍ بقيم العدل وحقوق الإنسان، واحترام حقوق الشعوب في الحرية والكرامة وتقرير المصير. إن مشكلات العالم لا يمكن أن تُحلّ بمنطق القوة والهيمنة ولكن سيكون حلها أفضل بالاتفاق على تبادل المصالح والمنافع في كنف الاحترام المشترك والتعايش السلمي.

ج ـ نزوع بعض الأفراد والجماعات إلى استخدام القوة وما ينشأ عنه من العدوان بمبرر دفع ظلم وقع عليهم في أنفسهم، أو الانتصار لحق مهضوم آمنوا به؛ ومن ثمّ يلجئون إلى تبرير أفعالهم العدوانية باسم الدين فيؤوّلون النصوص ويَحملونها على فهوم بعيدة في استباحة الدماء والقتل بما ينافي أحكام الدين ومقاصده.

إن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وهو يشعر بمسؤوليته في بيان موقف الإسلام فيما يَعرض للمسلمين في أوروبا من قضايا، اختار أن يتدارس في دورته السادسة والعشرين ما تعرفه مجتمعاتنا الأوروبية من صعوبات داخلية تتمثل في اتجاهات تدفع إلى إيجاد فجوة بين أبناء المجتمع الواحد، وفي مواقف وتصرفات تَتسم بالعنف المدمّر؛ ولا يمكن أن تُدرس ظاهرة الغلوّ والعنف والإرهاب الذي يصدر من البعض دون النظر إلى الظاهرة نظرة شمولية، لذا فإن المجلس يتناول هذا الموضوع في محورين  متكاملين ومتتاليتين:

أولا: محور فكري تحليلي يحاول فهم ظاهرة العنف والإرهاب بالوقوف على أسبابها التربوية والنفسية والاجتماعية والسياسية، مع تلمس الحلول والعلاج المطلوب لهذه الظاهرة، وذلك من خلال مقاربة شمولية يشترك فيها لفيف من المختصين في العلوم الإنسانية من الباحثين والدارسين لهذه القضية.

ثانيا: محور فقهي يتناول القضايا الشرعية التي تُثار بخصوص مسألة الغلو والإرهاب وتقديم ردود إسلامية مؤصلة في هذا الجانب.

المحور الفكري:

الانحراف نحو الإرهاب، فهم الأسباب وطرق التصدي والوقاية

1 ـ الإشكالات التربوية والعوامل النفسية وأثرها في التطرف:

ـ دور الأسرة في بناء الشخصية المتوازنة وتحصين الفرد من الغلو بين الواقع الحاصل والمثال المأمول.

ـ المدرسة ومسؤوليتها في التربية وترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية بين الواقع والمأمول.

ـ ثقافة العنف في مجتمعاتنا المعاصرة وأثرها على شخصية الأجيال الجديدة وكيفية الوقاية من سلبياتها.

2 ـ واقع المسلمين في المجتمعات الأوروبية بين المواطنة والتهميش:

ـ التوجهات العامة لسياسات الدول الأوروبية في التعاطي مع الشأن الإسلامي سياسيا واجتماعيا ودينيا

ـ ظاهرة “الإسلام فوبيا” بين الحقيقة والتهويل

ـ دور المؤسسات الإسلامية في المساعدة على تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمع

3 ـ تعاطي المجتمع الدولي مع قضايا العالم:

ـ بُؤر التوتر في عالمنا المعاصر: نظرة شاملة للأسباب والمُعالجات

ـ العلاقات بين الدول القوية والدول الضعيفة بين المبادئ والواقع

ـ الربيع العربي والتعاطي الغربي مع قضايا الشعوب في سعيها للحرية والديمقراطية

ـ دور المؤسسات الدولية في حلّ مشكلات العالم.

المحور الفقهي:

ظاهرة الغلو والتطرف ومنهج الإسلام في معالجتها

الباب الأول ـ مدخل تمهيدي:

1 ـ حرمة النفس الإنسانية في الإسلام.

2 ـ موقف الإسلام من حماية حرية الاعتقاد.

3 ـ سنة التدافع ودفع الظلم.

4 ـ حول ظاهرة الغلو والتطرف في تاريخ المسلمين.

الباب الثاني: في تحرير المفاهيم الإسلامية:

المطلوب في هذا الباب أن يتم التعرض لكل مفهوم من المفاهيم التالية وذلك:

ـ بالتعريف به

ـ ذكر أدلته

ـ بيان الآراء الواردة بشأنه

ـ تحرير المفهوم في صياغة مختصرة ودقيقة:

1 ـ مصطلح الجاهلية وفهمه في السياق المعاصر.

2 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقواعده في مجتمع غير إسلامي.

3 ـ مفهوم الحاكمية، والحكم بما أنزل الله، والإمامة والخلافة والدولة الإسلامية.

4 ـ مفهوم الخروج على الحاكم.

5 ـ مفهوم الولاء والبراء.

6 ـ مفهوم “الهجرة” الشرعية.

7 ـ التكفير والردة .

8 ـ مفهوم الجهاد والقتال: العلّة، الأسباب، الشروط والضوابط،

9 ـ النصوص القرآنية والحديثية الواردة في الجهاد ومنهج فهمها:

نظرات فى آيات وأحاديث الجهاد كحديث جئتكم بالذبح، وأمرت أن أقاتل الناس، وجعل رزقى تحت ظل رمحى….الخ

10 ـ مفهوم الشهادة والشهيد في الإسلام وأثره في تصورات البعض عن الحياة.

الباب الثالث: في سبل الوقاية والعلاج:

1 ـ الخطاب الإسلامي ودوره في تأصيل الوسطية ومناهضة الغلو.

2 ـ استخلاصات من تجارب الحوار مع المُغالين والمُتشددين في السجون وخارجها.

3 ـ تحديد مواصفات المرجعية الدينية في الواقع الإسلامي في أوروبا: الصعوبات والحلول.

4 ـ التواصل مع المؤسسات المدنية في المجتمع والتعاون معها في علاج الغلو والوقاية منه .

5 ـ تعزيز التواصل بين المجموعات المسلمة في الغرب على مستوى البلد أو المنطقة، والتفاهم فيما بينها في سياق المشتركات على وفق القاعدة الذهبية: نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.

وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق